3 آلاف عامل بلا دخل منذ ثورة يناير والسياحة الأجنبية تبخرت الآثار: ننفذ مشروعًا عاجلًا برصف الطرق ووضع علامات استرشادية لسهولة جولة السائح "نزلة السمان" اسم له وقع خاص على مخيلة الكثيرين؛ لكونه مرتبطًا بثورة تاريخية اندلعت في أواخر يناير عام 2011، فقد استأجر بعض مؤيدي الرئيس الأسبق عددًا كبيرًا من الخيل والجمال القادمة من المنطقة السياحية بغرض مهاجمة المعتصمين بميدان التحرير ودفعهم للانصراف، لكن ذلك الحدث كتب نهاية مبارك في ملحمة شاهدها العالم أجمع. شهر يونيو مرتبط بالزيارات الكثيفة لنزلة السمان لدى أصحاب الذاكرة القوية بالمنطقة، فقد كان كذلك الحال قبل ثورة يناير، لكن الأمر الآن مختلف فمن النادر رؤية سياح أجانب، واستبدل ذلك بالسياحة الداخلية التي تدر دخلًا ضعيفًا يقتات عليه سكان المنطقة. وفي ذلك السياق أشار خالد عبد السميع صاحب ال16عامًا إلى أنه ورث تلك المهنة عن أبيه وعائلته ويعشقها جدًّا قائلًا: "هي باب رزق العيلة الوحيد"، مضيفًا أن المعاناة الحقيقة كانت في أزمة حصول أصحاب الخيول بالنزلة على "علف الذرة" لإطعام الخيول التي تقدر أعدادها ب1500 حصان. الحل جاء حسب "عبد السميع"عن طريق إحدى المنظمات الدولية بتوزيعها على الخيالة "العلف" بشكل متواصل منذ ثورة يناير، لكن ذلك الأمر انقطع منذ 6 أشهر مضيفًا: "دلوقتي بنعتمد على نفسنا في تأكيل الحصان والجمال، والحصان بياكل 6 كجم من يوميًّا والكيلو ب3 جنيهات". عم عبد الله أحد خيالة نزلة السمان، يخرج من منزله في السابعة يستعد بتجهيز الجمل وتنظيفه في انتظار فتح أبواب منطقة الأهرامات، منتظرًا "زبون" على حد تعبيره بعدما كان السائحون منتظرين لركوب الجمال، "شغالين على الزبائن المصرية"، بعد ما المرشدين بوظولنا شغلنا مع السياح"، هكذا تحدث عم عبد الله جالسًا بجوار جمله داخل منطقة الأهرمات، متهمًا المرشدين السائحين بسحب أرزاقهم من خلال شركات السياحة وتكليف أشخاص بعينهم يعرفونهم حتى يتقاسموا غنيمه السائح بينهم، مؤكدًا ظهور بعض السائحين القادمين من الهند وألمانيا وروسيا خلال الأشهر الأخيرة بعد الاستقرار الأمني. "كارته يا باشا، تعالى استفتح بيك"، هكذا نادى لي أبو مريم صاحب الخمسين عامًا والذي فضفض ل"البديل" حول الحياة الصعبة التي يعيشها أهالي نزلة السمان منذ قيام الثورة، وبسؤاله عن فترة انقطاع الزيارات عن المنطقة بعد ثورة يناير، رد الخمسيني: "كل واحد فينا مربي في بيته فراخ وطيور، بنفطر بالبيض اللى ربنا بيرزقنا بيه من الطيور، ونذبح حاجه نتغدى بيها، وهي دي حياتنا منذ الثورة، ربنا يهدّي الدنيا والسياحة ترجع تاني زي زمان ونشتغل والناس تشتغل وكفاية بقى لحد كده". خالد خطاب الذي لم يتجاوز عمره ال40 عامًا، ويعمل "خيّالًا"، أوضح أن عدم تنظيم عمل "الخيالة" والباعة الجائلين بالمنطقة جعلها سيئة، مشيرًا إلى ضرورة تنظيم العمل داخل منطقة الأهرامات، ومنع الغرباء عن نزلة السمان ممن يزاولون مهنة الخيل، والذين جاءوا للعمل بالأهرمات من المناطق المجاورة مثل الفيوم وبني سويف وأبو صير والزاوية. وأكد "خطاب" تسبب العمالة الوافدة في عزوف السائحين عن المنطقة؛ بسبب هجومهم على العربات والتاكسي بشارع الهرم من أجل أصطحاب السياح للمنطقة وابتزازهم ماليًّا. وأشار "خطاب" إلى أن وزارة السياحة ومحافظة الجيزة اتخذت بالفعل خطوة تجاه تنظيم العمل داخل الأهرمات، حيث طلبت من العاملين تقديم الأوراق الشخصية؛ لتسجيل العمال داخل نطاق الأهرامات وتسليمهم ملصقًا يوضح الاسم والرقم والوظيفة وصورة حامله، إلَّا أن ذلك لم يحدث حتى الآن على الرغم من مرور أكثر من شهرين على إعلان التوجه؛ نظرًا لقيام وزارة الداخلية بالفحص الجنائي والتحري عن المتقدمين، أملًا في سرعة الانتهاء من تلك التصاريح. من جانبها اتخذت الحكومة المصرية برئاسة المهندس إبراهيم محلب عدة قرارت لتنظيم العمل داخل منطقة الأهرامات ونزلة السمان، حيث تم إنشاء طريق خاص للباعة الجائلين، ونقلهم من ساحة أبو الهول التي اتخذوها سوقًا لهم. "ناشدنا المسؤلين والشرطة طيلة السنوات الماضية بمنع الغرباء من بائعي الذرة المشوية وعرق السوس وغيره من دخول المنطقة، إلَّا أن أفراد الشرطة قالوا احنا في ثورة"، هكذا بدأ أحمد سليمان بائع "انتيكات" داخل المنطقة، مضيفًا أنه بعد زيارة المهندس إبراهيم محلب منطقة الأهرامات أمر بنقل الباعة الجائلين إلى مكان مخصص لهم. وطالب سليمان شرطة السياحة بالمنطقة بفرض النظام علي الجميع، والتعامل بأسلوب جيد مع العاملين والبائعين قائلًا: "أنا عايز الشرطة ترجع وتشد وتحافظ على منطقة الهرم ولكن لا تظلمني ولا تيجي عليا، واللى غلط يتعاقب". وزارة الآثار طبقت خطة عاجلة لمدة شهرين بدءًا من يونيو الحالي؛ لتطوير المنطقة وتنظيمها؛ لجذب السائحين دون التعدي عليهم أو التعامل معهم بشكل سيء من قِبَل الخيالة والعاملين بالمنطقة. وصرح محمد شيحة مدير عام منطقة آثار الأهرمات، بأن وزارة الآثار لم تتقاعس في تطوير المنطقة، وتنظيم سبل زيارة السائحين لمنطقة الأهرامات. وأضاف شيحة ل«لبديل» أن الخطة التي تشرف عليها كل من وزارة الآثار وهيئة تأمين السياحة والهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة ومحافظة القاهرة، تختص بتمهيد الطرق وبناء الأسوار ووضع الإسفلت داخل الأهرمات؛ لتسهيل جولة السائحين داخل المنطقة، ووضع علامات استرشادية معلوماتية، لافتًا إلى انتهاء تلك الخطة بنهاية شهر أغسطس المقبل، مشيرًا إلى قيام وزارة الآثار بالتعاون مع وزارة السياحة بتدشين مشروع قومي لتطوير منطقة الأهرامات من بداية طريق الفيوم، حيث سيربط الأهرامات بالمتحف المصري الكبير.