منذ أسابيع كررت بعض البيانات والإعلانات السياسية في المنطقة والعالم بشأن العراق كلاما عن الشراكة مع الولاياتالمتحدة والغرب في مكافحة الإرهاب ولو كان بعض الكلام أقرب إلى عرض الشراكة بعدما بات هم الغرب والولاياتالمتحدة منع ارتداد الإرهاب إلى تلك الدول التي استثمرت منذ أكثر من ثلاثين عاما في تقوية ودعم وتوظيف جماعات التكفير ونشاطها الإرهابي. أولاً: جميع الوقائع المعروفة دوليا تفيد بأن الولاياتالمتحدة هي من قرر استقدام القاعدة وفصائل التكفير إلى سورية من جميع انحاء العالم وكان الجنرال ديفيد بيترايوس صاحب نظرية الحرب بالواسطة هو من اطلق العنان لشبكات التكفير العالمي في حشد وتجنيد الإرهابيين وتقديم التسهيلات لهم تحت يافطة "دعم الثورة السورية " التي فبرك الأميركيون لها صفة السلمية الكاذبة وحشدوا في سياقها التكفيريين والمتطرفين من جميع الجنسيات واستخدموا شركات المرتزقة لتجنيد قتلة محترفين على الأرض السورية وبيترايوس نفسه هو الذي فرض على الملك السعودي قرار إعادة بندر بن سلطان الشريك المؤسس لشبكة القاعدة إلى رئاسة المخابرات السعودية . أما داعش فهو سليل شبكة القاعدة الزرقاوية التي ظهرت في العراق مع الغزو الأميركي وكان مخترقا من المخابرات الأميركية وارثا هذا التشوه الخلقي من القاعدة الأم وهو لم يحظ بشرف مقاتلة المحتل بل انصرف بكليته إلى جرائم القتل الجماعي ضد الشعب العراقي دون تمييز فسقط من ضحاياه رجال دين سنة وشيعة ودمرت دور عبادة مسلمة ومسيحية على السواء وقد تواجد في المقاومة العراقية ضد الاحتلال بعثيون وإسلاميون من السنة والشيعة وهم ليسوا من صفوف داعش أوفي جذورها. ثانياً: حكومات تركيا والسعودية وقطر هي حلف دموي تابع للولايات المتحدة وهي شريكة في تكوين عصابات الإرهاب في العراق وفي سورية وهذه الحكومات تابعة للغرب والولاياتالمتحدة وهي لا تجرؤ على عصيان الأمر الأميركي وكل ظن آخر تكذبه الوقائع والشواهد والدعم الذي تقدمه هذه الحكومات لتنظيم داعش معلوم ومعلن منذ سنوات وما تزال بعض الوقائع مستمرة كبيع النفط المنهوب عبر تركيا وهو مصدر تمويل كبير او مع وجود كمية من الشخصيات السعودية والقطرية في عداد "المتبرعين" بالمال لداعش أما تركيا ففيها تتواجد بصفة رسمية وتحت الحماية الأمنية معسكرات التدريب ومخازن السلاح ومنتجعات استشفاء جرحى القتال والممثليات الإعلامية لجميع فصائل التكفير في سورية والعراق. إن هذه الحكومات تقوم بمهام ناتجة عن تكليف اميركي مباشر من خلال دعمها للإرهاب التكفيري بجميع مسمياته ووجود آلاف السعوديين والأتراك وعدد من القطريين في صفوف داعش ليس مصادفة بل هو نتيجة تورط تلك الحكومات في الحشد والتسهيل وليس مفاجئا حين يقتل بعضهم في القتال ان تنكشف صفة انتمائه لتشكيلات نظامية في بلاده كما حصل مؤخرا في العراق . ثالثاً: يتكامل الموقف السياسي لإدارة اوباما مما يجري في العراق مع الاستثمار الوقح الذي تقوم به الدوحة والرياض واسطنبول من خلال التعويل على تقسيم العراق طريقا للرد على الهزيمة القاسية التي تلقاها حلف العدوان على سورية وليس من المصادفة توقيت عملية داعش في أعقاب إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية السورية وقد تركزت المواقف الداعمة لداعش على طرح وحدة العراق للنقاش والتدخل في تكوين السلطة السياسية العراقية على نحو يحول دون التواصل العراقي القائم مع كل من سورية وإيران في ظل حكومة الرئيس المالكي. ليس قلب إدارة أوباما وآل سعود وحكام قطروتركيا من زمرة الأخوان على ما يسمونه حقوق السنة بل إنهم يريدون محاصرة النهوض السوري بمنع التواصل بين دمشق وبغداد وطهران وهو مبدأ ثابت في السياسات الاستعمارية منذ قرون لأن هذا الخط الواصل بين العواصم الثلاث لم يقم يوما إلا ونهضت قوة مشرقية عظمى تهتز لها التوازنات العالمية الكبرى. الممثلون السياسيون لهذا المخطط في العراق هم المراد تعويمهم باستثمار القتال الدائر بين القوات العراقية الحكومية وخليط الفصائل التي اجتاحت نينوى وليست قوات داعش والنفشبندية وغيرها سوى حطب الحريق الذي يريد به الأميركيون العودة للتحكم بمصير العراق كله وقطع الطريق على نشوء منظومة إقليمية مقاومة ومستقلة متمردة على الهيمنة وحيث للإرهاب وظيفة الاستنزاف وخلط الأوراق في سورية والعراق ومن شاء التعرف على المغزى فليسأل عن سر توقيت مباشرة شحن النفط من كركوك إلى الكيان الصهيوني عبر تركيا!.