تصاعدت الدعوة الأميركية إلى مكافحة الإرهاب منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول التي شكلت أعنف ارتداد عالمي للإرهاب التكفيري في عقر الدار الأميركي بعد عقدين من الرعاية والتمويل والتسليح بالشراكة مع المملكة السعودية وحكومات باكستان ودول الناتو ولاسيما فرنسا وبريطانيا. أولاً: ينطوي الكلام الأميركي منذ ثلاثين عاما على تضليل كبير ومستمر بطمس مسؤولية الولاياتالمتحدة وحلفائها الدوليين والإقليميين عن رعاية الإرهاب وعن توظيفه وتنمية قدراته والتضليل الأكبر والأخطر هو ان مكافحة الإرهاب بذاتها باتت تغطية لخطط هيمنة وغزو عسكري غايتها الهيمنة على النفط وخطوط نقله والتدخل في شؤون الدول والسعي لضرب الخصوم المناهضين لمنظومة الهيمنة الاستعمارية. الخطاب الأميركي الراهن عن مكافحة الإرهاب هو الأكثر استعمالا للتضليل والكذب فالعالم بأسره يعرف أن قوى التكفير الإرهابية الناشطة في العراق وسورية هي فصائل القاعدة التي استحضرت تحت رعاية الإدارة الأميركية وحكومات الناتو وكل من السعودية وقطر وتركيا لتشكيلات مسلحة تضم لصوصا وقطاع طرق وإرهابيين محترفين متعددي الجنسيات تم تنشيطهم وجرى استقدام عشرات الآلاف منهم منذ الغزو الأميركي للعراق لخدمة مخطط تقسيم العراق وقد توسعت عمليات الرعاية والتسليح والتمويل لتلك التشكيلات بصورة أوضح وأوقح منذ انطلاق العدوان الاستعماري على سورية بهدف تدميرها والقضاء على دورها المحوري في منظومة المقاومة. ثانيا: إن في سورية القوة الأهم في العالم التي تمكنت من مجابهة الإرهاب التفكيري وهي مجسدة في الدولة الوطنية السورية والجيش العربي السوري وهذه القوة محتضنة من غالبية شعبية ساحقة وعابرة للطوائف حرمت الإرهاب التكفيري من أي احتضان وجعلته عاريا على حقيقته رغم التضليل الأميركي المبني على كذبة الثورة المزعومة التي ما تزال ترددها حكومات العدوان على سورية وفي مقدمتها كل من فرنسا وتركيا والسعودية وقطر التي ما تزال متورطة في دعم الإرهاب. معيار الجدية في مكافحة الإرهاب هو تفكيك منصة العدوان على سورية فتلك المنصة شكلت حاضنة الإرهاب الذي يضرب المنطقة ويهدد العالم كما يقول الملك السعودي الذي غرقت حكومته حتى أذنيها وما تزال في دعم التكفيريين بدافع الحقد على سورية وللانتقام من قيادتها الشريفة المقاومة وإن تسامح الدولة الوطنية السورية مع المتورطين في استهدافها بقبول الشراكة معهم إذا قرروا الانخراط الجدي في محاربة الإرهاب التكفيري مبني على هذه الأولوية التي تشكل المعنى العملي لتنفيذ القرار 2170 الصادر عن مجلس الأمن الدولي فالدولة الوطنية السورية تحارب الإرهاب التكفيري عن العالم بأسره وتستعجل ما يوفر على شعبها المزيد من التضحيات. ثالثا: الحقيقة التي لا تسترها أكاذيب الغرب وعملائه في المنطقة والعالم هي أن الولاياتالمتحدة تحاول توظيف شعار مكافحة الإرهاب في تلميع صورتها وتجديد هيمنتها ولذلك تتجاهل الدور التركي المباشر في تمويل داعش وفي احتضان مخيماتها ومكاتبها وتهريب مسلحيها إلى الجوار العراقي والسوري والولاياتالمتحدة تضبط انخراطها العسكري في حدود الضربات الجوية لرسم خطوط ضبط انفلاش داعش دون المس بركائزها الميدانية التي تستدعي دعما لقدرات الحكومتين السورية والعراقية وفتحا لخطوط التنسيق اٌلإقليمي بين بغداد ودمشق وبيروت وعمان وإلزاما بتدابير صارمة ضد كل من الرياض والدوحة واسطنبول تحت طائلة العقوبات الدولية التي يستعملها الأميركيون لمحاصرة إيران وروسيا الحليفين الطبيعيين لشعوب المشرق العربي في صد التكفير وإرهابه. إن بلورة مقاومة عربية مشرقية للإرهاب التكفيري هو الخيار الوطني المناهض للاستعمار الذي تتبناه سورية وتقدم به نموذجها في الصمود والمجابهة ومن دونه سوف تستوطن آفة الإرهاب والتكفير وتستنزف المنطقة وشعوبها لسنوات وربما لعقود قادمة يراقص فيها الحاوي الأميركي ثعبان التكفير بما يناسب مصالح وهواه الصهيوني أولا وأخيرا.