ليست الوهابية مصدراً وحيداً لنزعة التكفير الإرهابية بل إن تاريخ التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في المنطقة وخصوصا في سوريا ومصر يشير بكل وضوح إلى الدور المحوري لهذا التنظيم السلطوي المرتبط بالاستعمار الغربي في إنتاج التكفير الإرهابي واحتضانه. أولاً: يمثل تاريخ الجهاز الخاص داخل حركة الإخوان المسلمين وخصوصا في مصر نموذجا حيا لمنظمة إرهابية تكفيرية قتلت العديد من قادة التنظيم وكوادره بعد تكفيرهم وتخصصت بجرائم الاغتيال والتصفيات منذ نشأتها وخصوصا خلال العهد الناصري الذي خاصمه الإخوان من موقع ارتباطهم بالاستعمار الغربي وعند لجوئهم إلى حضن آل سعود قدموا لهم الدعم والمساندة بلا حدود خلال حربهم على الناصرية وكان تنظيم الإخوان المسلمين من أدوات التآمر السعودي على مصر الناصرية وقد توزعت مذاك أوكار زعماء الإخوان بين بريطانيا وألمانيا والحجاز ومؤخرا أضيفت تركياوقطر. انبثقت مجددا فكرة التكفير والهجرة في السبيعينات من القرن الماضي داخل تنظيم الإخوان المسلمين المصري وانتشرت الجماعات الإرهابية التي تتبنى هذه العقيدة في العديد من الدول العربية والإسلامية وقد توسعت بالشراكة بين التنظيم العالمي للإخوان وآل سعود خلال الحشد العالمي الذي جاء تنفيذا للأوامر الأميركية بخوض حرب جهادية في أفغانستان وقد تجندت فروع التنظيم العالمي يومها لهذه الغاية وبالمال السعودي أنشئت معسكرات التدريب في الأردن ووضعت في تصرف هذه الحملة شبكات محلية وعالمية تضم وسائل إعلامية ممولة من المملكة السعودية جندت كتابا وإعلاميين بالمئات في خدمة المشروع الأميركي. ثانياً: تميز فرع الإخوان المسلمين في سوريا بطابع دموي تكفيري برز بقوة خلال السبعينيات من القرن الماضي وقد كان محتضنا من مملكة آل سعود الذين قدموا له التمويل بسخاء ودعموه بالشراكة مع نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وتحت الرعاية الأميركية الغربية جند الإخوان في سوريا جميع قدراتهم للنيل من الدولة الوطنية السورية التي رفضت اتفاقيات كامب ديفيد واحتضنت قوى المقاومة اللبنانيةوالفلسطينية وفي تلك الفترة قدمت الميليشيات اللبنانية المدعومة من الحكومة السعودية وإسرائيل معا أوكارا ومقرات وغرف عمليات ومراكز تدريب لتنظيم الإخوان المسلمين في بعض المناطق التي كانت تسيطر عليها القوات اللبنانية خلال الحرب الأهلية ومنها فرن الشباك والأشرفية وجونية وقد انطلقت عمليات إرهابية عديدة من لبنان إلى الداخل السوري برعاية سعودية إسرائيلية خلال تلك الفترة بل إن المخابرات السعودية ورطت قيادات فلسطينية من حركة فتح في تسهيلات عسكرية ولوجستية قدمت لمجموعات تكفيرية مقاتلة من الإخوان المسلمين السوريين وأدى اكتشافها إلى تأزم شديد في العلاقات الفلسطينية السورية خصوصا عندما سعت قيادة فتح بدعم سعودي وساداتي إلى اقتطاع مدينة طرابلساللبنانية لتحويلها إلى قاعدة لمساندة تنظيم الإخوان والجماعات الإرهابية في سوريا بالتزامن مع الاجتياح الإسرائيلي للبنان والذي استهدف إحداث تغيير شامل في البيئة الاستراتيجية الإقليمية لفرض الهيمنة الإسرائيلية وتصفية قضية فلسطين بمضمون ملحقات كامب ديفيد عن الحكم الذاتي في الضفة والقطاع وانطلاقا من ضرب مكانة سوريا وقوتها. ثالثاً: من أخطر تعبيرات الانتهازية الإخوانية ادعاء التمايز عن تيارات التكفير واعتماد باطنية مفضوحة في هذا المجال بحيث يقدم التنظيم الحاضنة المعنوية والمادية للجماعات التكفيرية ويسعى لاستعمالها بانتظار النتائج والتفاعلات ليقرر زعماء الإخوان في ضوء النتائج موعد إشهار تلك الحضانة وإقامة المنظومة الإخوانية الرسمية التي يشكل التكفيريون عصبها الفعلي. إن دور تنظيم الإخوان المسلمين في العدوان الاستعماري على سوريا كان محوريا في الميدان وفي الواجهات السياسية العميلة التي تصدرت الحرب الكونية بإمرة الولاياتالمتحدة وسائر دول الناتو وكل من قطروتركيا والسعودية. العداء المستحكم راهنا بين آل سعود والتنظيم العالمي موضعي ومحدود وهو ناتج عن وجود خلايا إخوانية في الحجاز ونجد وهو ما حرك مخاوف آل سعود من نجاح قطروتركيا في إقناع الإدارة الأميركية بتبني بديل إخواني عن آل سعود فالمملكة تشترط على أدواتها الإجرامية عدم التدخل في شؤونها الداخلية وعدم اتخاذ الجزيرة العربية ساحة للتنظيم وهذا ما يطال كلا من القاعدة والإخوان معا ولا تمانع المملكة تجنيد مواطنين من الحجاز ونجد ولكن لحشدهم في ساحات القتال في الخارج وبالتنسيق مع المخابرات السعودية وهذا المبدأ يفسر دعم المملكة السعودية للجبهة الإسلامية التي أنشاتها قطروتركيا وعصبها الإخوان المسلمون وفرعهم السوري الذي يتجاور مع جماعات القاعدة داخل الجبهة ومن بين المقاتلين حشود من أبناء الحجاز ونجد الذين جندتهم المخابرات السعودية ومنها خصوصا ما يسمى كتائب أحرار الشام المنتمية لما يدعى بالجهاد العالمي وبعض الفصائل القاعدية الأخرى.