تلاحقت فصول العويل والنحيب بعد الانتخابات الرئاسية السورية وتبارى الأميركيون وعملاؤهم في اختراع التعابير والتوصيفات في حركة هستيرية كان منها كلام جون كيري الصفري من بيروت وكذلك ما صدر عن سعد الحريري ووليد جنبلاط وأضرابهما من شتائم بحق الشعب العربي السوري. أولاً: هذه الهستيريا مفهومة لأن الشعب السوري أسقط المتاجرين به في شر أعمالهم بعدما أمضوا سنوات في الضجيج والصراخ عن سورية وشعبها وحصدوا ثروات طائلة من ممالك الاستبداد العربي عبر تلك التجارة وغطوا حرب التدمير والإبادة التي تقودها الولاياتالمتحدة بفرضيات أسقطها زحف السوريين إلى مراكز الاقتراع للتعبير عن إرادة الشعب الحقيقية وهي إرادة وطنية مقاومة تعبر عن وعي وخبرات راكمها السوريون العاديون في خضم المحنة القاسية بعدما اكتشفوا حقيقة البدائل التي يقدمها لهم المشروع الغربي الاستعماري ومجموعة حلف العدوان على سورية وهي بدائل موزعة بين واجهات سياسية تافهة متهتكة وعميلة تتعفن فيها فضائح السرقات وخفايا العمالة الاستخباراتية للغرب وإسرائيل وتفاهة الارتزاق والتنفع "الديمقراطي" عند حكام السعودية وقطر و"أخوان أردوغان" أما في الميدان فهي خليط من التكفيريين والقتلة المتحدرين من ثمانين جنسية أجنبية ومن المرتزقة الدوليين والمعتدلون من مسلحي واشنطن ليسوا سوى نواة الجيش العميل لإسرائيل الجاري تدريبه في الأردن وفلسطين المحتلة لإقامة شريط حدودي سيسقطه السوريون المقاومون ويجعلون التهديد فرصة جديدة لحلف المقاومة. صفع السوريون حلف العدوان والقوى التي تورطت في خطة تدمير الدولة الوطنية السورية وراهنت على تفكيك سورية وتقسيمها وبقدر بشاعة المتآمرين وأدواتهم كان الرد السوري ساحقا ماحقا وحضاريا سلميا عبر صناديق الاقتراع وبالديمقراطية التي أرادها المتآمرون غطاء لخطتهم الجهنمية فقلب السوريون الطيبون بوعيهم جميع المعادلات. ثانياً: برهنت الأحداث للشعب العربي السوري على قوة ومتانة دولته الوطنية الراعية التي استمرت في النهوض بمسؤولياتها بكل الوسائل المتاحة تحت الحصار والضغوط وفي ظل عدوان استعماري غير مسبوق بينما ظهرت زعامة الرئيس بشار الأسد برصيدها الشعبي الكبير قوية وساطعة في حصيلة الانتخابات وتلك هي النتيجة السياسية التي يقابلها الخائبون بالإنكار المعتاد بينما لخص قائد المقاومة السيد حسن نصرالله الحصيلة الفعلية للانتخابات الرئاسية بتغيير جذري لقواعد الصراع بعبارة ان "الحل السياسي يبدأ وينتهي عند الرئيس بشار الأسد ونقطة على السطر" مشددا على انتهاء جنيف 1 وجنيف 2 وغيرهما من قواعد التفاوض الافتراضية السابقة فالقاعدة الجديدة الحاسمة بعد الانتخابات الرئاسية السورية هي أن الرئيس الأسد الذي يحظى بتفويض غالبية شعبية موصوفة هو محور الحل السياسي الذي أسقط السوريون عبر الانتخابات جميع محاولات جعله طريقا لزحزحة بلدهم من موقعه الاستراتيجي كمحور لمنظومة المقاومة والاستقلال في المنطقة وهو المعنى الرئيسي الذي عبرت عنه الملايين في الساحات والشوارع بعد إيداع أصواتها الفاصلة في الصناديق. الرفض والإنكار هو ما اظهرته أطراف حلف العدوان بقيادة الولاياتالمتحدة التي سلمت أسلحة جديدة للجماعات الإرهابية العميلة التي يتم تدريبها وإرسالها عبر المنطقة الفاصلة في الجولان بالتعاون مع إسرائيل بينما تواصل الجهات الأخرى الدولية والإقليمية مكابرتها السياسية وتورطها الميداني. ثالثا: الطريق الوطني السوري إلى الحسم الميداني والحوار والمصالحات تقوده الدولة الوطنية السورية بقدراتها وبإمكاناتها الذاتية التي يضاعفها الزخم الشعبي الذي تجسد في انتفاضة سلمية حضارية خلال الانتخابات الرئاسية التي كرست فشل الحرب على سورية على حد وصف السيد نصرالله الذي لم يكن بحاجة للقول مؤكدا ما برهنت عليه الانتخابات وهو ان حزب الله يقف إلى جانب الغالبية الساحقة من السوريين التي اختارت التمسك بدولتها الوطنية وبمقاومة مشاريع الهيمنة الاستعمارية فجددت تمسكها بزعامة الرئيس بشار الأسد على نحو اوسع نطاقا وأعمق دلالة من أي وقت مضى. الانفصال عن الواقع وإنكار الحقائق الصارخة هو أقل ما يمكن ان توصف به مواقف الغرب الاستعماري التي صدرت بعد الانتخابات وسط الذهول الذي أصيب به جميع عملاء الغرب في المنطقة وكذلك بعض الترسبات المتحولة من عبدة الشعارات الإيديولوجية العالقين في حقب تاريخية أفلت داخل سورية وخارجها ممن يديرون أسطواناتهم المشروخة ويعلقون في تكرار ممل لنغمات بالية وممجوجة. كلمة ملايين السوريين هي الحدث وهي القوة الهادرة والحاسمة وهي المضمون الفعلي لثمار مجابهة ضروس بين دولة وطنية صامدة وحلف استعماري تقوده الإمبراطورية الأميركية وهي نتيجة ملحمة صمود شعب مزق أسطورة الثورة التي انفضح امرها وتكشفت عن عمالة وعفن وإرهاب وتكفير وارتزاق تورط في تدبيره جميع المتآمرين الذين لم يجدوا غير الشتائم والسموم الكريهة كوجوههم الكالحة في التعامل مع الطوفان الشعبي العظيم الذي وضع نقطة النهاية لأطنان الكذب والخداع.