بعد انهيار سعر الدولار.. الجنيه يحقق مكاسب جديدة اليوم    سعر كرتونه البيض اليوم الأربعاء 1اكتوبر 2025فى المنيا    ارتفاع توقع البقاء على قيد الحياة في مصر عام 2025    الإصدار السادس والأربعين لسندات التوريق يرفع إجمالي إصدارات شركة ثروة للتوريق إلى 35.3 مليار جنيه، بضمان محافظ متنوعة وتصنيفات ائتمانية متميزة    ميدو يفتح النار: فيريرا لازم يمشي .. أقل من الزمالك    تعرف على أسماء 11 عامل مصابي حادث انقلاب سيارة ربع نقل علي طريق المعصرة بلقاس في الدقهلية    بدء المدارس في تنفيذ أول تقييمات الفصل الدراسي الأول لصفوف النقل    ظهور فيروس اليد والفم والقدم (HFMD) بين طلاب مدرسة في الجيزة.. تفاصيل وإجراءات عاجلة لطمأنة الأهالي    في اليوم العالمي للمسنين.. أهم الإرشادات للتغذية السليمة وحماية صحة كبار السن    أرقام من مواجهة برشلونة وباريس قبل المواجهة الأوروبية    بالتزامن مع جلسة النواب لمناقشة قانون الإجراءات الجنائية.. تعرف على المواد التي اعترض عليها رئيس الجمهورية    بدء صرف معاشات شهر أكتوبر 2025 بالزيادة الجديدة    الإدارة العامة للمرور: ضبط (112) سائقًا تحت تأثير المخدرات خلال 24 ساعة    نقابة المهندسين: البدء في تنفيذ لائحة ممارسة المهنة الجديدة    خالد بيومي يهاجم اتحاد الكرة بعد سقوط شباب مصر أمام نيوزيلندا    فوز مصر ممثلة في هيئة الرعاية الصحية بالجائزة البلاتينية في المبادرة الذهبية فئة الرعاية المتمركزة حول المريض    تعزيز الشراكة الصحية بين مصر ولبنان على هامش القمة العالمية للصحة النفسية بالدوحة    الأخبار المتوقعة اليوم الأربعاء الموافق الأول من أكتوبر 2025    الاثنين أم الخميس؟.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للموظفين بعد قرار مجلس الوزراء    محمد كامل: أمانة العمال بالجبهة الوطنية صوت جديد للطبقة العاملة في الجيزة    بالصور.. البابا تواضروس الثاني يدشن كاتدرائية مارمرقس بدير المحرق في أسيوط    «الإحصاء»: 45.32 مليار دولار صادرات مصر خلال عام 2024    «مدمن حشيش».. السجن 3 سنوات ل"طفل المرور" بتهمة تعاطى المخدرات    إصابة 14 عاملًا في انقلاب سيارة ربع نقل على طريق الفيوم الصحراوي    أمن المنوفية يكثف جهوده لكشف غموض حادث مقتل سيدة داخل منزلها بالمنوفية    تعاون بين «بحوث الصحراء» و«الأكاديمية الصينية للعلوم» لدعم التنمية المستدامة    «الدفاع المدني بغزة»: إصابة 7 ضباط إنقاذ بقصف للاحتلال    كتابان من وزارة الخارجية بشأن زيارات رئيس الجمهورية وإنجازات الدبلوماسية المصرية    بث مباشر| انعقاد الجلسة الافتتاحية لمجلس النواب لدور الانعقاد العادي السادس    «وزير الصحة»: مصر تترجم التزامات الأمم المتحدة إلى إجراءات وطنية ملموسة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 1-10-2025 في محافظة قنا    عاجل| الدفاع المدني بغزة: الاحتلال استهدف طاقمنا بمدرسة الفلاح بحي الزيتون بشكل متعمد    ما حكم ظهور ابنة الزوجة دون حجاب أمام زوج أمها؟.. دار الإفتاء توضح    في بداية الشهر.. أسعار الفراخ اليوم تحلق عاليًا    روسيا تتولى رئاسة مجلس الأمن الدولي    مغامرة وحماس واستكشاف .. تعرف على أكثر 5 أبراج مفعمة بالشغف    طقس اليوم الأربعاء.. بداية محدودة لتقلبات جوية    وزير الخارجية يترأس اجتماع مجلس إدارة الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية    مع اقترابه من سواحل غزة.. رفع حالة التأهب ب"أسطول الصمود"    الحوثيون: استهداف سفينة بصاروخ مجنح في خليج عدن    بالأسماء.. إصابة 5 أشخاص إثر اصطدام سيارتين ملاكى بصحراوى البحيرة    كرة يد - موعد مباراة الأهلي ضد ماجديبورج على برونزية كأس العالم للأندية    ماجد الكدواني وغادة عادل وحميد الشاعري في عرض "فيها إيه يعني"    انهيار "الروصيرص" السوداني خلال أيام، خبير يحذر من استمرار الفيضان العالي لسد النهضة    «محدش وقف جنبي.. وخدت 6000 صوت بدراعي».. رد غاضب من مجدي عبدالغني بسبب مقولة ولاد الأهلي    أيمن منصور: الزمالك قدم شوطا جيدا أمام الأهلي والخسارة محزنة بعد التقدم    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 1-10-2025 في بني سويف    المحكمة الدولية تطلع على حيثيات بيراميدز في قضية سحب الدوري من الأهلي    موعد معرض القاهرة الدولي للكتاب 2026.. انطلاق الدورة ال57 بمشاركة واسعة    د.حماد عبدالله يكتب: الإدارة الإقتصادية فى المحروسة (1) !!    محمد منير: الأغنية زي الصيد.. لازم أبقى صياد ماهر عشان أوصل للناس    محمد منير: «خايف من المستقبل.. ومهموم بأن تعيش مصر في أمان وسلام»    ماذا يحدث داخل الزمالك بعد القمة؟.. تمرد اللاعبين ومستقبل فيريرا    ضياء رشوان: نتنياهو سيحاول الترويج بأن خطة ترامب انتصار له    ضياء رشوان: أي مبادرة إنسانية في غزة يجب قراءتها سياسيًا وحق العودة جوهر القضية الفلسطينية    باسم يوسف يعود إلى الشاشة المصرية عبر برنامج "كلمة أخيرة" على ON    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى نور الدين : مأزق الحوار الوطني
نشر في البديل يوم 19 - 11 - 2011

لابد من التفرقة بين قراءة الواقع و”فانتزم” القراءة أي القراءة التصورية. فالبعض يطمح ويطمع ويتمنى ويحلم بأن تكون الثورة مازالت مستمرة. والغير يصرخ ويولول : “سرقت الثورة” و “تم الالتفاف حول الثورة” و “نجحت الثورة المضادة”.. فكيف نقيم التوافق بين قراءتين لذات المشهد ؟ من يرى ومن يقول الحقيقة ؟
من الوهم تصور أن المجلس العسكري سينفذ مطالب الثورة أو حتى بعضها على “طبق من الذهب”.. ربما يقدم تنازلات شكلية بعد جريان بحار دماء لو كان هناك صراع مسلح في الأفق وهو ما نعرف أنه غير مطروح في الثورة المصرية.
ومن اليسير أن تكون ثوريا وتتجاوز بثوريتك كل المتواجدين على الساحة من المشاركين والمستمعين. فمن يقول الكلمة الأكثر حدة ويرفع الشعار الأبعد مرمى ويسفه في رأي الآخر هو دائما الذي يتصور أن الجمهور يصفق له. والمشكلة أنه يتصور هو نفسه أنه الوحيد الذي يقول قولا صائبا وغيره جانبهم الصواب. فنحن أمام “سلفية رجعية” يقابلها “سلفية تقدمية” كلاهما أحادي النظرة. كل هذا متاح بكثرة في الحوار الوطني ولكن ... ولكن ما هو غير متاح هو التفكير العقلاني ليس ليكون رأي (أنا) هو الصحيح دائما وأبدا ولكن (التوصل معا) للرأي الأقرب للصواب في عالم معرفي نسبي دائما لأنه يتوافق مع واقع يشبه الرمال المتحركة. هذا النوع العقلاني من التفكير نادر. والفشل في التوصل إلى هذا الجهد الجماعي هو ما أنتج بدوره الفشل في التوصل في قيادة جماعية للثورة. قيادة جماعية ليست “توفيقية” ولكن “توافقية”. والمدهش أننا نطالب بتشكيل “مجلس مدني” يحكم بدلا من العسكر ولا نتمكن على صعيد حركة من ذات التوجه السياسي الواحد الاتفاق على برنامج حد أدنى مشترك وتنسيق واحد في الممارسة.
إن هناك ثوابت مبدئية رفعتها الثورة في شعاراتها وهي الدفاع عن المواطنين وحقوقهم في كل مجال من الحريات الشخصية إلى حقوق المواطنة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ولا يوجد طريق واحد لانجاز كل مطالب الثورة ولكن كل الوسائل ضرورية على أن يطرح الشعار الصحيح في الوقت الأكثر مناسبة لتحققه. فكل إجهاض في انجاز شعار تم رفعه في غير لحظته المواتية هو إضعاف للثورة وباعث للإحباط لدي مواطنين يخطون خطوات أولى في طريق نضال ثوري يجسد محصلة نضالاتهم طوال سنين.
وعلينا أن نطرح سؤلا دون حرج: لو كانت الحالة الثورية بخير، فلما الخوف من الانتخابات فالثوريون سوف يسيطرون إذن على مجلسي الشعب والشورى طالما أن المد الثوري في أوجه ؟
بجانب أنه لو كان الحال تحت السيطرة وتوحد الحركة محقق لكان حدث الاستفادة من أكثر من مناسبة مأسوية لمعاودة تفجير الثورة في كل بقاع مصر وإجبار “السلطة المؤقتة الحاكمة” على التراجع عن إتمام الانتخابات وتنفيذ كل مطالب الثورة أولا من التطهير إلى الدستور. وأهم هذه اللحظات كان مأساة ماسبيرو التي شكلت قمة العدوانية الفاشية واللحظة التي لم تعي قيادات الثورة أهميتها كنقطة فاصلة في العلاقة بين الشعب والسلطة.
فالذين يشككون في أهمية البرلمان يستندون إلي المرحلة التاريخية الماضية بكل مساوئها ويعممون بالقول بأنه لا فائدة من هذا “البتاع” (باستخدام توصيف الجنرال ديجول لمجلس الأمن) بدلا من تعبئة الجهد ليكون برلمانا ثوريا. فالحالة الثورية التي تمكنت من إسقاط رأس نظام عتيد من المفترض أن يكون لديها المقدرة علي السيطرة على برلمان إذا كانت في حالة مد ثوري مستمر.
فالشكل السياسي البديل بسيطرة شعبية على كل المؤسسات السياسية كان سيغير من موقف المطالبين بالمقاطعة والذين يرون في البرلمان مجرد صفر على الشمال في حين أن البرلمان يمكن أن يكون القوة السياسية التي تقيم التوازن بين السلطات بتحجيم سلطات رئيس الجمهورية. فحتى الآن لم يتبلور بديل سياسي يستند على الإدارة الذاتية أو اللجان الشعبية وهي أشكال تستدعي وعيا سياسيا رفيعا على صعيد الجماهير نعلم أنه لم يكتمل بعد وغيابه نتيجة الأمية السياسية والأمية بشكل عام ولا يمكن أن تعني مجرد رغبتنا في تحققه أنه في سبيله للتحقق اليوم. فنحن أمام عملية إعادة تشكيل للتاريخ وللوعي السياسي طويلة المدى والقناعة بنقيض ذلك زراعة للأوهام ومثبطة للروح الثورية.
لو كنا نريد اختيارا حقيقيا ومتسقا مع الحالة الثورية فإننا لسنا بحاجة لمقاطعة الانتخابات ولا المشاركة فيها ولكن بحاجة لثورة.. ثورة ثانية لكي لا تقع الانتخابات هذا هو المطلوب.. فإن كان بالإمكان تفجير ثورة فليتم تفجيرها وإن لم يكن بالإمكان فلنستخدم ما هو متاح من الوسائل ونبدع كل شكل جديد من وسائل الممارسة السياسية وليس الاعتماد على وسيلة وحيدة (المقاطعة).
والوسائل المتاحة، طالما هناك مد ثوري، هو أن تقوم الجماهير بأحد أمرين : أما باختيار القوى السياسية التي تدافع عن مطالبها أو إبطال الانتخابات بتصويت كاسح “ببطاقات بيضاء” لا تمنح للمجلس وجوده الشرعي لعدم اكتمال عدد الناجحين أي بعدم اختيار من أفسدوا الحياة السياسية والاقتصادية والفكرية وبرفض التيارات السياسية ذات الطابع الفاشي.
والشجاعة التي نحن بحاجة إليها تتجسد في إنه على الثوريين الذين يرون أن هناك مد ثوري فعلي ومستمر، عبر الإضرابات والمظاهرات والاعتصام، تحديد أين توجد المشكلة في تعبئة تلك الجماهير معها وحولها ليكون البرلمان القادم برلمان ثورة.
إن مخاوفنا وقلقنا تجسيد لإدراكنا بضرورة الوعي بطبيعة اللحظة التاريخية والمهام الممكنة كخطوة لحلم دون حدود في عدالته حتى ولو كان مثاليا. فكل خطوة صائبة اليوم تحقق تراكمات لخطوات أبعد في السنوات القادمة. أتحسس الكلمات ولا يصيبني من شيء بالقلق قدر ما يصيبني شعار ليس الشعار المناسب اليوم فعاقبة عدم تحققه أخطر من عدم رفعه منذ البداية. يرفع الشعار الممكن في اللحظة المناسبة ليتحقق كله أو بعض منه فهو خير من العودة بعد جهد “بخفي حنين”.
لم أكف عن ترديد الدعوة لتوحد الحركة التقدمية والوطنية منذ انطلاق الثورة. هذا التوحد حتمي وعدم إنجازه “جريمة تاريخية”. لا أجد كلمة أخرى إلا كلمة “خيانة للثورة”. فاللحظة هي لحظة نسيان كل مطمح فردي نتيجة نضال بعض القيادات التي لا ينكرها أحد.. واللحظة يجب فيها تأسيس ما أسميته “إيديولوجية مطالب الجماهير”.. فهذه هي الإيديولوجية الصحيحة لكي تتجمع الغالبية من المواطنين حولها وتدافع عنها وتتبناها.
إن قراءة الواقع مهمة عسيرة لأنه واقع متحرك وبسرعة تفوق كل نظرية مسبقة ويلزم تكوين فكر في نفس سرعة تحرك الواقع حتى لا تحدث فجوة وطلاق بين الفكر والواقع.
أختم بكلمات راودتني وكتبتها على صفحتي في الفيس بوك يوم : “27 يناير 2011 :” لا تتسرعوا بإلصاق لافتة على حركة عصيان 25 يناير التي فاقت في عظمتها كل خيال سياسي عبقري. التعبئة التلقائية الواسعة هي إشارة لتوجه مجتمعي جديد وبديل. من دراسة ما جمع بين هؤلاء الثوار ومن شعاراتهم يمكن طرح أفق مستقبلي يلتفون حوله في شكل سياسي منظم يعبر عنهم ويفرز قادته الطبيعيين. ربما يشكلون التيار السياسي الذي بحث عنه الكثير وفشلوا بسبب تنازعهم على كرسي الزعامة”.
وفي 11 فبراير 2011 كتبت: “شباب الثورة في مصر مطالبون بتكوين حزب سياسي (25 يناير) بسرعة يحمل قيمهم ليشاركوا بشكل فعلي في صنع القرار للغد.. حزب ينضم إليه ملايين الشباب من كل التوجهات ويضع الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية والإخاء والحرية في كل المجالات والتخلص من كل المؤسسات التي مارست القمع ضد المصريين. يا شباب مصر أنتم صناع مستقبل مصر لا تتفرقوا وظلوا معا في إطار حزبي جديد.. جديد.. جديد. وعاشت الثورة.”
ما حدث في الواقع خيب آمال ولكن التاريخ لا نهاية له ومازالت الثورة في بداية خطواتها فلا يأس ولا تقهقر ممكن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.