بعد خروج القوات الأمريكية وقوات حلف "الناتو" من دولة أفغانستانالمحتلة منذ أكثر من عشر سنوات، وافقت الهند على تزويد الدولة بمعدات عسكرية، وقد أشار الكاتب "أحمد رشاد" إلى أنها خطوة تخاطر بزيادة التوترات على الصعيد الآسيوي؛ لأن قرار الهند الأسبوع الماضي بدفع ثمن أسلحة ومعدات روسية؛ لتعزيز قوة الجيش الوطني الأفغاني يعد تغيرا دراميا للعبة في المنطقة، فضلا على أنها خطوة محفوفة بمخاطر التصعيد نحو منافسات إقليمية. وتنظر باكستان للصفقة بنظرة حاسمة متهمة الهند بمحاولة الالتفاف عليها، خاصة بعد رفضها بلباقة لمناشدات "حامد كرزاي" المتكررة لتوريد الهند لأسلحة ثقيلة مثل المدفعية بعيدة المدى ودبابات وطائرات من أجل الجيش الأفغاني. وكانت أمريكا قد أنفقت المليارات من الدولارات خلال العقد الماضي؛ لإعادة بناء الجيش الوطني الأفغاني، لكن أصرت على التأكد من بقائه خفيف التسليح يضم فقط أسلحة دفاعية بدلا من أسلحة هجومية، فمن الواضح أن أمريكاوالهند كانا حذرين جدا حول عدم إغضاب باكستان التي تنتقد الجيش الوطني الأفغاني باستمرار، وغالبا سيكون لها رد فعل قوي إذا حصل على أسلحة هجومية، بسبب التوترات المستمرة بين الجيش الباكستاني والجيش الوطني الأفغاني على طول الحدود بين البلدين. وتلقت إسلام أباد رفض الهند الأول بشكل جيد، فقد كانت الهندوباكستان يظهران أفضل سلوك لديهما عندما يتعلق الأمر بعدم إظهار تصريحات استفزازية حول التنافس المتبادل مع أفغانستان، حيث تم اختبار العلاقة بين الهندوأفغانستان، بعد إطلاق شبكة "حقاني" وحركة "طالبان" الأفغانية لهجمات منذ عدة سنوات على السفارة الهندية وموظفيها في كابل، لكن الهندوأمريكا لاما مرارا وتكرارا المخابرات الباكستانية التي عملت بشكل وثيق مع الشبكة منذ السبعينيات. ومنذ توقف تلك الهجمات، أبقت الدولتان خطاباتهما في الخفاء، رغم الوخز المستمر من قبل "كرزاي" وجنرالات الجيش الأفغاني وروسيا وإيران؛ الذي طالب الهند ببذل المزيد من الدعم للجيش الوطني، لكنها رفضت قائلة إنها لا تريد التورط في حرب أهلية بأفغانستان رغم دعمها القوي للحكومة. ومن الواضح أن الهند بدأت في تغيير موقفها ولهجتها مع مغادرة الجيش الأمريكي بنهاية هذا العام، ويأتي الاتفاق مع روسيا حول أن الهند ستدفع ثمن الأسلحة الروسية مثل المدفعية الخفيفة وقذائف الهاون ويتم تسليمها لأفغانستان، مع وجود إمكانية تسليم أسلحة ثقيلة في المستقبل. ووفقا لوكالة "رويترز"، فمن المتوقع مساعدة الهندلأفغانستان لإعادة تشغيل مصنع الأسلحة السوفيتي القديم الذي يقع بالقرب من كابل، من أجل تدريب الضباط والقوات وإعادة تجهيز الأسلحة، فبسبب حروب الأفغان مع روسيا أو الاتحاد السوفيتي سابقا، أصبحوا يفضلون الأسلحة السوفيتية عن الأسلحة الغربية. وقد تؤدي صفقة الأسلحة هذه إلى تكرار الحرب الأهلية الدامية في التسعينيات عندما أيدت باكستان حركة "طالبان"، ودعمت الهند وإيران وروسيا وجمهوريات آسيا الوسطى "تحالف الشمال" آنذاك. وكانت الصين أيضا ضمن مناشدات "كرزاي" بتمويل أسلحة الجيش الأفغاني، لكنها رفضت هي الأخرى الانخراط في مناطق صراع، وهكذا فالسؤال الملح الذي لم يتم الإجابة عليه: من سيدفع الأربعة مليارات دولار سنويا التي يحتاجها الجيش الوطني للمواصلة والاستمرار ودفع الرواتب؟. ومن الواضح أن أفغانستان تحتاج إلى السلام قبل احتياجها لمزيد من الأسلحة، بل وتحتاج أيضا إلى جرعات كبيرة من الدبلوماسية والحوار السياسي مع توقف "طالبان" عن القتال؛ فإذا حدث هذا بدلا من إغراقها بالأسلحة قد تصبح أفغانستان مكانا أكثر أمانا.