في شقة صغيرة في ضاحية كريكلوود شمال لندن يميزها وقوعها أعلى مطعم للكباب يجتمع عدد من كبار قيادات جماعة الاخوان في لندن بعد خسارتهم حكم مصر لتدارس مواقف جماعتهم وخطواتها المقبلة معتقدين أن ضباب لندن هو الأمان لمن فر من مصر لكن في جانب آخر من لندن وفي تقاطع فوكسهول حيث يقع مقر جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني (ام.اي.6) كانت التحضيرات جارية لما يمثل حتى الآن زلزالا هز أركان الجماعة عندما أعلنت الحكومة البريطانية عن فتح تحقيق في أفكارها وتوجهاتها ما أصابها بصدمة قد تقود إلى ما يعرف في أدبياتها ب(محنة جديدة) ربما تكون مساوية لخسارتهم حكم مصر أو تزيد. ربما كان كشف صحيفة تليجراف البريطانية عن اجتماعات الاخوان في شقة لندن تاليا أو سابقا لبدء تفكير الاستخبارات البريطانية الإيعاز لحكومتها بإجراء هذا التحقيق لكنه أيضا جاء مع حقيقة لا تخطئها عين مفادها أن لندن كانت هي الجنة التي يعرج إليها كل من اتهم وحتى أدين في بلاده بالارهاب قبل أن تقوم بعمليات ترحيل مثلما حدث مع شخصيات مثل أبوحمزة الذي تم تسليمه إلى الولاياتالمتحدة وأبوقتادة الذي تم تسليمه إلى الأردن مثلما كانت في مصادفة عجيبة وجهة معروفة لكل رجل أعمال من عصر الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك وملاحق في بلاده في قضايا تخص قروض البنوك تحديدا. ومؤخرا تواترت الانباء عن اعتزام الاخوان ومناصريهم بجعل لندن منصة رئيسية لانطلاق فضائيات وصحف شغلها الشاغل ظاهره التحريض على السلطات المصرية عموما وباطنه يستهدف الجيش المصري بصفة خاصة. بل في سبيل التحريض على الجيش المصري رصدت جماعة الإخوان 10 ملايين جنيه استرليني من أجل استصدار أي قرار من المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة مسئولين مصريين وعلى رأسهم قيادات بالجيش لكن الأمر الذي عطل هذه الخطوة هو أن الخبير الذي لجأوا اليه أفادهم بأن مصر ليست من الموقعين على الاتفاقية الخاصة بالمحكمة ولذلك فالأمر يتطلب تقدم احدى الدول بالقضية لمجلس الأمن. وفي خضم ذلك جاء القرار البريطاني بإجراء التحقيق الذي كلف به السفير البريطاني في السعودية السير جون جينكنز وبدور بارز من سير جون سويرز رئيس الاستخبارات البريطانية الذي كان أيضا سفيرا للملكة المتحدة في مصر في الفترة من 2001 الى 2003. وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية عن هذا التحقيق إن دور جماعة الإخوان تزايد بشكل كبير خلال السنوات الماضية، ولكن فهم بريطانيا لها ولتنظيمها وفلسفتها وقيمها لم يتطور بشكل يتناسب مع ذلك. وأضاف "في ضوء القلق المعبر عنه حيال مزاعم ارتباط الجماعة بالعنف المتشدد، فمن المشروع لنا أن نحاول التعرف بشكل أفضل على ماهية جماعة الإخوان والطريقة التى تعتزم عبرها تحقيق أهدافها وكيفية تأثير ذلك على بريطانيا". كما أشارت تقارير من هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سي"، الى أن جماعة الإخوان قد تستخدم لندن كمركز لعملياتها الدولية، ومكانا للقاءات قادتها. لكن ما تسرب عن أسباب هذا الاتجاه كان أحدها أن تحقيقات بريطانية مع ارهابيين عائدين من القتال في سوريا كشفت أن هؤلاء الارهابيين يستمدون أفكارهم ومعتقداتهم من فكر جماعة الاخوان. وتظهر المقارنة بين رد فعل الجماعة على قرار اعتبارها ارهابية في المملكة العربية السعودية وحتى مصر وبين اعتزام بريطانيا التحقيق في انشطتها حالة من الصدمة والاهتزاز. فعلى النقيض من إصدار الجماعة بيانات اتسمت بالشراسة تكيل فيها الاتهامات للسلطات المصرية ومن بعدها السعودية وكانت اللهجة شديدة الحدة جاء البيان الصادر من الجماعة بشأن الخطوة البريطانيا أليفا مستأنسا ومستجديا السلطات البريطانية بالعدول عن هذا القرار ساردا ما يراه الإخوان من مناقب وحسنات لجماعتهم وأشد لهجات البيان كانت التلويح باللجوء للقضاء. حتى الآن لا نعلم ما ستفضي إليه هذه التحقيقات وهل ستمنع جماعة الاخوان من جعل بريطانيا مركزا لمخططاتها وهل ستتدفق أموال على مؤسسات وأشخاص في بريطانيا للتأثير على التحقيق خاصة وأن شخصيات بريطانية بدأت تلوك على ألسنتها التبرير المعتاد بأن التضييق على الإخوان أو بالأحرى على مخططاتهم سيجعلهم ينضمون إلى الجهات الأكثر تطرفا.. لكن ما هو بات ظاهرا أن قطاعات واسعة في بريطانيا باتت تخشى الاستيقاظ في يوم من الأيام على فاجعة قطارات جديدة مثلما حدث في السابع من يوليو 2005. [email protected]