لم تكن الإدارة المصرية لأزمة سد النهضة على النحو المأمول منذ إعلان إثيوبيا عن إنشائه، رغم المخاطر الكامنة المرتبطة بإنشاء السد، والتي ترقى إلى مستوى التهديد الحقيقي لمصلحة مصيرية تهدد وجود الدولة المصرية ذاتها بقاءً وعدمًا؛ الأمر الذي يتوجب معه كشف حقيقة التهديدات المرتبطة بإنشاء السد، وكيفيه إدارة مصر للأزمة، وبحث أنسب السبل لمواجهة هذا التهديد في ضوء المعطيات والظروف الراهنة. أولا: ماهية سد النهضة ومخاطره المحتملة سد النهضة هو مشروع كبير تسعى إثيوبيا إلى إقامته على النيل الأزرق، بهدف توليد الطاقة الكهربائية، بقدرة 5.250 ميجاوات. ويقع المشروع في منطقة (بني شنقول، جوموز)، على بعد 20-40 كلم من الحدود السودانية، وبارتفاع يبلغ نحو 500-600 متر فوق سطح البحر. وقد برر الجانب الإثيوبي إقامة هذا السد بأن إثيوبيا تعد واحدة من أدنى دول العالم في معدل التغطية الكهربائية؛ حيث تصل جملة ما تنتجه من كهرباء أقل من 2000 ميجاوات، وهو ما يجعل 80% من الإثيوبيين يعيشون بدون تغطية كهربائية. أما في ظل سد النهضة، فسوف يزيد إنتاج الطاقة الكهربائية بمقدار ثلاثة أضعاف الطاقة المستخدمة حاليًّا. لكن الدراسات الفنية أكدت أن مشروعًا بهذا الحجم لا بد أن تسبقه دراسات مستفيضة، حتى لا يصبح السد خطرًا داهمًا على الجميع، خاصة مصر، باعتبارها دولة المصب الأدنى. فمساحة التخزين الهائلة أمام السد، التي تبلغ 74 مليار م3، سوف تؤثر بالقطع على نصيب مصر من المياه، بما يعنيه ذلك من بوار مساحة من الأرض الزراعية، تقدر بمليون فدان على الأقل، وتشريد زهاء خمسة ملايين مواطن، وتقليل قدرة مصر على توليد الطاقة الكهربائية بنسبة تصل إلى 20%. وثمة مخاوف أخرى متعلقة باحتمالات انهيار السد نتيجة عدة عوامل منها: إسناد إنشاء السد بالأمر المباشر إلى شركة إيطالية مغمورة هي (ساليني Salini)، والتي سبق وأخفقت في تنفيذ بعض المشروعات الأخرى مثل سد تيكيزي، بالإضافة إلى طبيعة التربة البازلتية التي يقام عليها المشروع، وانخفاض معامل الأمان في تنفيذ السد؛ الأمر الذي ينذر بانهياره كليًّا. وهنا يبدو الخطر الأكبر؛ إذ سوف تغرق العاصمة السودانية "الخرطوم" تحت المياه المتدفقة التي يحتمل أن تصل إليها بعد أربعة أيام تقريبًا، بارتفاع عشرة أمتار ونصف. كما يحتمل أن تصل المياه إلى أسوان في مصر بعد ثمانية عشر يومًا تقريبًا، ومع الحجم الكبير للمياه المتدفقة، ربما ينهار السد العالي ومشروعات الري الأخرى من قناطر وأهوسة وغيرها. ثانيًا: إدارة أزمة سد النهضة تميز أداء الجانب الإثيوبي بشأن أزمة سد النهضة بنوع هائل من المراوغة تتضح من خلال تتبع الممارسات والتصريحات الإثيوبية، سواء فيما يتعلق باسم السد، وتوقيت إنشائه، أو فيما يتعلق بإمكانياته، وجهات تمويله. فقد عمدت أديس أبابا إلى التضليل لدى الإعلان عن مشروع سد باسم "مشروع إكس Project-X"، وعندما تم وضع حجر الأساس للمشروع فعليًّا في إبريل 2011، قررت تغيير اسمه إلى سد الألفية الكبير، ثم تغير الاسم للمرة الثالثة في الشهر نفسه ليصبح "سد النهضة الإثيوبي الكبير". أما توقيت الإعلان عن السد، فقد أعلنت حكومة ميلس زيناوي عن إنشاء سد النهضة كمشروع قومي تلتف حوله جموع الشعب الإثيوبي، ويحشد الجماهير خلف الحكومة في مواجهة دعوات المعارضة السياسية إلى استحضار "الربيع العربي" في الإطاحة بنظام زيناوي. وهنا يبدو أن أديس أبابا قد استغلت الفرصة التاريخية التي واتتها، عندما انشغلت الدولة المصرية بمواجهة تداعيات ثورة 25 يناير 2011، كما استفادت أيضًا من وجود مناخ دولي داعم لها في اتجاه الضغط على مصر عبر ورقة المياه. وفيما يتعلق بإمكانيات السد، خاصة سعته التخزينية، فقد عمدت إثيوبيا إلى تقديم معلومات متضاربة بشأنها، إذ أعلنت عن سعة تبلغ 14 مليار م3، ثم واصلت المراوغة تدريجيًّا حتى وصلت السعة إلى 74 مليار م3. وهنا يبدو أن الأمر يتخطى حاجة إثيوبيا للاكتفاء الذاتي من الطاقة إلى وجود مخطط تشارك فيه إثيوبيا لتصدير الكهرباء، وخنق مصر مائيًّا، وتحجيمها كقوة إقليمية، بالتعاون مع جهات خارجية، خاصة أن سد النهضة سوف يصاحبه إنشاء ثلاثة سدود أخرى بسعة تخزينية قدرها 200 مليار م3. وبالنسبة لمصادر تمويل السد، والتي قدرتها إثيوبيا مبدئيًّا ب4.8 مليارات دولار، فإنه يكتنفها الغموض أيضًا؛ حيث أكدت إثيوبيا أن السد يمول ذاتيًّا عبر الاكتتاب الشعبي في سندات قامت الحكومة بطرحها، وأنه لا توجد جهات أجنبية تشارك في التمويل. لكن هذا الأمر لا يمكن قبوله في ظل تواضع القدرات الاقتصادية الإثيوبية؛ إذ لم تتمكن إثيوبيا من تحمل تكاليف سد جيبي 3 في عام 2006، فكيف يمكنها تحمل تكاليف إنشاء سد النهضة خلال أربع سنوات فقط، خاصة أن السدود الإثيوبية تتطلب تكاليف مرتفعة في بنائها، وصيانتها، نظرًا للظروف الجيولوجية للمنطقة. وفي مقابل هذه السياسة الإثيوبية الغامضة؛ كان بطء التحرك والتسويف والاعتماد على ردود الأفعال وتداخل الاختصاصات هو العنوان العام للإدارة المصرية لملف سد النهضة. فالمشروع لم يظهر على السطح بشكل مفاجئ، وإنما بدأت الدراسات بشأنه منذ عام 1946، بواسطة مكتب الاستصلاح الأمريكي، الذي أعد دراسة تضمنت نحو 26 موقعًا لإنشاء السدود، أهمها أربعة سدود على النيل الأزرق؛ حيث حمل السد محل الدراسة اسم سد الحدود (Border Dam)، وقد عرضت إثيوبيا هذا المشروع على مصر في عهد مبارك، فرفضته مصر بشكل قاطع. ولوحت بإمكانية توجيه ضربة عسكرية تدميرية للسد في حال الإصرار على إقامته. لكن مصر لم تفعل أكثر من ذلك، وإنما استمرت في تأجيل القضية دون محاولة اتخاذ إجراءات تضمن تأمين مصر مائيًّا؛ ولذلك تجددت الأزمة بعد ثورة 25 يناير 2011، بما يهدد مصر حاليًّا بثمن فادح لإهمالها القارة الإفريقية طوال العقود الثلاثة الماضية. من جهة أخرى، وقعت مصر في خطأ كبير عندما وافقت على المشاركة في "لجنة ثلاثية" اقترحت إثيوبيا تشكيلها، من خبراء من مصر والسودان وإثيوبيا، لإعداد دراسة جدوى للمشروع، وبيان إيجابياته وسلبياته، وذلك دون اشتراط توقف تنفيذ المشروع حتى تنتهي اللجنة من إعداد تقريرها النهائي، ودون أن يكون لتلك اللجنة الحق في إصدار قرارات ملزمة؛ حيث إن رأيها استشاري غير ملزم للجانب الإثيوبي، لتصبح اللجنة ذاتها هي العنصر الأهم في خطة "الخداع الاستراتيجي" التي مارستها إثيوبيا ضد مصر. فهذه اللجنة أوحت للمجتمع الدولي أن مشروع السد يجري تنفيذه بالتنسيق مع مصر والسودان؛ مما أتاح لإثيوبيا فرصة كسب الوقت، وفرض سياسة الأمر الواقع على مصر. بل إنها تُظهر مصر بمظهر الدولة المعتدية فيما لو أقدمت على توجيه ضربة عسكرية للمشروع. وقد اتضح ذلك خلال جولات التفاوض الثلاث بين مصر وإثيوبيا والسودان، التي أجريت في الخرطوم، وكان آخرها في يناير 2014، عندما رفضت إثيوبيا مشاركة خبراء دوليين في اللجنة، أو منحها سلطة إصدار توصيات ملزمة. وعلاوةً على الخطأ السابق، فقد ركزت الإدارة المصرية على الداخل في التعامل مع الأزمة، فاتجهت إلى التصعيد الإعلامي، وتوجيه الاتهامات إلى إثيوبيا، بعد أن أصبح السد مادةً خصبةً لكل وسائل الإعلام التي تناولته بشكل غير علمي، وفقًا للولاءات السياسية المختلفة. والأدهى أن نظام الإخوان المسلمين سعى إلى توظيف الأزمة في خدمة مصالحه الضيقة في مواجهة المعارضة السياسية قبل تظاهرات 30 يونيو 2013. في هذا السياق جاءت اجتماعات الرئيس السابق د. محمد مرسي مع قيادات الأحزاب الموالية لنظامه، والمتحالفة معه، وهي الاجتماعات التي خلت من المختصين، وشهدت سقطات كارثية من المشاركين، وتصعيدًا غير مبرر من جانب الرئيس السابق ذاته، عندما صرح قائلا: "إذا نقصت مياه النيل.. فدماؤنا هي البديل"، وهو ما اعتبرته إثيوبيا بمثابة إعلان حرب، جرى استثماره بشكل جيد، عندما تم حشد البرلمان الإثيوبي للموافقة بالإجماع على التصديق على اتفاق عنتيبي، واستكمال مشروع سد النهضة، باعتباره خيارًا استراتيجيًّا. في المقابل، سعت إثيوبيا إلى الترويج لمشروعها على مستوى العالم أجمع، مؤكدة حاجتها الماسة إليه، في ظل افتقارها الشديد للطاقة، واعتماد مواطنيها على الأساليب البدائية، مثل قطع الأشجار وحرقها. كما اتهمت مصر باتباع سياسة أنانية تستهدف الاستحواذ على نصيب الأسد من المياه، وإهدارها في الاستهلاك الترفي، وحرمان الفقراء وسكان العشوائيات منها، وكذا حرمان شركائها في حوض النيل من إقامة المشروعات التنموية. ومن أخطاء الإدارة المصرية أيضًا، عدم التحديد الدقيق لجهات مواجهة الأزمة، فقد ظل الملف حائرًا بين مؤسسة الرئاسة، والأمن القومي، ومجلس الوزراء، ووزارتي الري والخارجية، والمجالس القومية المتخصصة، في ظل غيبة مجلس النواب. بل إن الأحزاب السياسية والمؤسسات غير الرسمية والشخصيات العامة تفاعلت مع الأزمة، فصدر عنها بعض التصريحات والحلول غير المحسوبة، مثل: ضرورة توجيه ضربة عسكرية لإثيوبيا، ومنع مرور سفن الدول الداعمة لإثيوبيا عبر قناة السويس، والإقرار بأن سد النهضة سوف يجلب الرخاء لإثيوبيا والسودان ومصر. ثالثًا: المسارات المتاحة لمواجهة الأزمة يمكن لمصر أن تصون أمنها المائي في مواجهة أزمة سد النهضة بالتحرك على عدة مسارات متوازية هي: المسار التفاوضي، والمسار السياسي، والمسار الاقتصادي، والمسار القانوني. بالنسبة للمسار التفاوضي، تبدو أهمية استمرار المفاوضات مع إثيوبيا لأجل إقناعها بضرورة الإقلاع عن سياسة فرض الأمر الواقع، والالتزام بالحجم الأول للسعة التخزينية للسد (14 مليار م3). لكن نجاح المفاوضات يتطلب عدم النظر إلى القضية باعتبارها مسألة فنية بحتة، والتعامل معها باعتبارها قضية "مصير". بالإضافة إلى توافر إرادة سياسية حقيقية تتحرك بمستوى استراتيجي، وليس عبر تكتيكات مؤقتة، أو من خلال ردود الأفعال، مع رفع مستوى التفاوض ليصبح على مستوى رؤساء الدول والحكومات، وليس على مستوى مسئولي وزارء الري فحسب. وكذا طرح مبادرة حقيقية تقوم على مبدأ (المياه في مقابل الطاقة)، ودراسة إمكانية التعاون مع إثيوبيا في مجال إنتاج طاقة الرياح والطاقة الشمسية. أما مسألة توجيه ضربة عسكرية للسد، فهذا يعني دخول مصر في حرب خاسرة أيًّا كانت نتيجتها. فالمجتمع الدولي لن يسمح بذلك، وربما تُفرَض عقوبات ضد مصر. كما أن دول المنابع سوف تتجه للتحالف ضد مصر. وهي أيضًا لن تقبل التعاون معها في المستقبل، خاصة في مشروعات استقطاب الفواقد المائية، وهو ما يعني الاستمرار في خنق مصر مائيًّا. وعلى المسار السياسي، ينبغي على مصر تعميق العلاقات السياسية مع إثيوبيا. وهنا يمكن استثمار دور الكنيسة القبطية، وتصحيح المدركات السلبية التي ارتبطت تاريخيًّا بالصورة الذهنية لمصر لدى الشعب الإثيوبي، مع فتح جبهة مستمرة للحوار المجتمعي والشعبي مع إثيوبيا، والحفاظ في الوقت ذاته على توازن العلاقات مع إريتريا، التي تطل على البحر الأحمر بجبهة تقدر ب1200 كلم، وكذا مع جيبوتي، التي تعتمد عليها إثيوبيا حاليًّا كمنفذ لصادراتها، والانخراط في ملف المصالحة الوطنية في الصومال. ومن المهم أيضًا أن تتواصل مصر مع المجتمعات المحلية في إثيوبيا، وتوضح المخاطر المتعلقة بالسد، خاصة في ظل وجود رفض مجتمعي لإنشاء السد من جانب المعارضة السياسية في منطقة بني شنقول؛ وهو ما يعني انتفاء أحد أهم شروط الحصول على الدعم المالي الخارجي، وهو شرط القبول المجتمعي للمشروع. ويجب على مصر أيضًا أن تضغط على الدول المحرضة لإثيوبيا مثل إسرائيل وقطر، وذلك بالتهديد بخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي، ومراجعة الاتفاقيات الاقتصادية، وإعادة فتح التحقيق في ملفات من قبيل دفن الأسرى المصريين أحياء، واغتيال عناصر الأمن المصري في المناطق الحدودية. كما يتعين على مصر أن تكسب تأييد المجتمع الدولي، وإقناعه بعدالة موقفها. وهنا يمكن لمصر استثمار علاقاتها المتميزة مع فرنسا في خلق توازن مع السياسات الأمريكية الداعمة لدول المنابع، وإقناع دول الاتحاد الأوروبي بسلامة الموقف المصري، لا سيما أن فرنسا تتمسك بمبادئ القانون الدولي بشأن قضايا المياه؛ حيث سبق لها أن تحفظت على اتفاقية قانون الأممالمتحدة لعام 1997، بشأن استخدام المجاري المائية الدولية في غير الأغراض الملاحية، بسبب تمسكها بحقوقها المكتسبة تجاه هولندا، طبقًا لاتفاقيات مائية سابقة بين البلدين. وعلى المسار الاقتصادي، من المهم تنمية العلاقات المصرية الإثيوبية في مجالات التجارة البينية، والمساعدات الاقتصادية، والمنح والقروض، والاستثمارات المشتركة، خاصة في مجال الطاقة والبنية الأساسية، وذلك لخلق مشاركة اقتصادية حقيقية مع إثيوبيا، بما يجعلها تفكر مليًّا قبل الإقدام على أي تصرفات غير محسوبة ضد المصالح المصرية. كما تبدو أهمية التنسيق المصري مع الصين التي تدعم إنشاء السد ماليًّا، وإيطاليا التي تتبعها شركة ساليني المنفذة، وكذا السعودية والإمارات والكويت، التي تعتبر من أهم الشركاء التجاريين لإثيوبيا، وأكبر المستثمرين الأجانب فيها، مع استمرار الضغط على قطر لكي توقف دعمها السياسي والاقتصادي لمشروع السد. وعلى المسار القانوني؛ يجب على مصر أن تتمسك بسلامة موقفها القانوني بشأن سريان الاتفاقيات الدولية التي تحدد حصة مصر المائية، والتي تحظر على الجانب الإثيوبي إقامة أي مشروعات على مجرى النيل الرئيسي وروافده، إلا بالرجوع إلى مصر وغيرها من الشركاء في حوض النيل، استنادًا إلى السوابق القضائية لمحكمة العدل الدولية، وقواعد هلسنكي لعام 1966 بشأن الأنهار الملاحية وغير الملاحية، ومعاهدة فيينا الخاصة بخلافة الدولة، أو التوارث الدولي لعام 1978. كما يجب على مصر أن تتمسك باتفاقية 1902، التي وقعها الإمبراطور منليك الثاني ملك إثيوبيا (المستقلة آنذاك) مع بريطانيا، نيابة عن مصر وحكومة السودان، والتي تنص المادة الثالثة منها على "التزام ملك ملوك إثيوبيا بعدم إقامة أية أعمال على النيل الأزرق، أو بحيرة تانا، أو نهر السوباط، يكون من شأنها التأثير على انسياب المياه إلى النيل إلا بعد الاتفاق مع الحكومة البريطانية". وعليه فليس هناك مبرر لرفض إثيوبيا الاعتراف بهذه المعاهدة، فهي ليست اتفاقية استعمارية. كما أنها تحدد أجزاء من الحدود بين إثيوبيا والسودان من جهة ثانية. وقد اعترفت إثيوبيا ذاتها بصحة هذه المعاهدة بموجب مذاكرات تم تبادلها بينها وبين السودان في 18 يوليو 1972 لتسوية نزاع الحدود بين البلدين، كما أنها لم تطعن في صحة المعاهدة أمام لجنة الحدود بينها وبين إريتريا عام 2002، عند تحديد نقطة النهاية الغربية للحدود الإثيوبية-الإريترية، وهذه النقطة ثلاثية، إذ تلتقي عندها حدود السودان وإثيوبيا وإريتريا. فضلا عما تقدم، فإن اتفاقية قانون الأممالمتحدة بشأن استخدام المجاري المائية الدولية في غير الأغراض الملاحية لعام 1997، تفرض التزامًا أساسيًّا على الدول الأطراف فيها بالتعاون من أجل تحقيق الاستخدام الأمثل والعادل لمياه الأنهار الدولية، والالتزام بالتسوية السلمية للمنازعات بين الدول المتشاطئة. وبالنسبة لإمكانية عرض النزاع على التحكيم الدولي ومحكمة العدل الدولية، فهو أمر يتطلب موافقة طرفي النزاع. لكن ذلك لا يمنع مصر من التقدم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي، تتهم فيها إثيوبيا بخرق القانون الدولي، وممارسة الإبادة الجماعية ضد المصريين؛ الأمر الذي يهدد السلم والأمن الدوليين. وهنا يمكن للمجلس إصدار توصيات تلزم الجانبين بتسوية النزاع قانونيًّا، وفي حال تعذر ذلك، يكون للمجلس اتخاذ القرار المناسب، بما في ذلك عرض القضية على محكمة العدل الدولية . المصدر: المركز الاقليمى للدراسات الاستراتيجية