أبرز تصريحات رئيس الوزراء: لا أعباء جديدة على المواطن حتى نهاية البرنامج مع صندوق النقد    إيران توقف سفينة محملة ب 4 ملايين لتر من الوقود المهرب وتعتقل كامل أفراد الطاقم    أحمد عبد الرؤوف يعلن قائمة الزمالك لمواجهة سموحة في كأس عاصمة مصر    حيثيات رفض دعوى عفاف شعيب ضد محمد سامي بتعويض 5 ملايين جنيه    هو إحنا هناكل طرق وكباري، مستشار رئيس الوزراء يجيب (فيديو)    محافظ القليوبية: انتهاء توريد الأجهزة الطبية لمستشفى طوخ المركزي    بعد إخلاء سبيله.. دفاع شاكر محظور تسديد نص مليون جنيه وإنهاء خروجه غدا    أسرة طارق الأمير تتلقى العزاء الجمعة فى مسجد آل رشدان بمدينة نصر    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    10 آلاف متسابق ومتسابقة يحصلون على جوائز مالية في النسخة العاشرة من سباق زايد الخيري في مصر    رحمة وسلام    "التضامن": 54 مليار جنيه دعم تكافل وكرامة.. و4.7 مليون أسرة مستفيدة    لجنة الدراما بالمجلس الأعلى للإعلام تستضيف السيناريست أيمن سلامة    اشتياق.. تحذير.. شكر وتقدير    شاهد، قداس الأقباط الكاثوليك احتفالًا بعيد الميلاد في المنيا    وسرحوهن سراحا جميلا.. صور مضيئة للتعامل مع النساء في ضوء الإسلام    مسؤول روسي: موسكو تصبح مركزا رئيسيا لإنتاج المسيرات للجيش الروسي    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. تنظيم اليوم السنوي الأول لقسم الباطنة العامة بطب عين شمس    رئيس جامعة الأزهر: لدينا 107 كليات بجميع المحافظات و30 ألف طالب وافد من 120 دولة    كوت ديفوار ضد موزمبيق.. شوط سلبي في كأس أمم إفريقيا    رئيس الكنيسة الأسقفية يدعو المؤمنين لصلاة الاستعداد ضمن طقوس قداس الميلاد    أمين مساعد حماة الوطن بالجيزة: استمرار قوافل زاد العزة يؤكد ثبات الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية    رئيس الوزراء: مصر كانت بتتعاير بأزمة الإسكان قبل 2014.. وكابوس كل أسرة هتجيب شقة لابنها منين    رئيس جامعة المنصورة ونائب وزير الصحة يوقِّعان بروتوكولًا لتعزيز التطوير والابتكار    القبض على المتهم بإنهاء حياة والدته بسبب مشغولات ذهبية بالمنيا    بالأسماء.. مصرع شخص وإصابة 18 آخرين إثر انقلاب ميكروباص في أسوان    مدرب بنين: قدمنا أفضل مباراة لنا رغم الخسارة أمام الكونغو    ليفربول يجتمع مع وكيل محمد صلاح لحسم مستقبله    بعد الاعتداءات.. ماذا فعل وزير التعليم لحماية الطلاب داخل المدارس؟    محافظ قنا يعقد اجتماعًا موسعًا للاستعداد لانطلاق الموجة ال28 لإزالة التعديات    الكنيست الإسرائيلي يصدق بقراءة تمهيدية على تشكيل لجنة تحقيق سياسية في أحداث 7 أكتوبر    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :شكرا توتو وتوتى ..!؟    السكة الحديد: تسيير الرحلة ال41 لنقل الأشقاء السودانيين ضمن مشروع العودة الطوعية    تقارير: نيكولاس أوتاميندي على رادار برشلونة في الشتاء    اليمن يدعو مجلس الأمن للضغط على الحوثيين للإفراج عن موظفين أمميين    الصحة تواصل العمل على تقليل ساعات الانتظار في الرعايات والحضانات والطوارئ وخدمات 137    جامعة قناة السويس تعلن أسماء الفائزين بجائزة الأبحاث العلمية الموجهة لخدمة المجتمع    أمم أفريقيا 2025| شوط أول سلبي بين بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية    غدا.. استكمال محاكمة والد المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته فى الإسماعيلية    ڤاليو تعتمد الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة العملاء    النائب محمد رزق: "حياة كريمة" نموذج للتنمية الشاملة والتحول الرقمي في مصر    كوت ديفوار تواجه موزمبيق في الجولة الأولى من كأس أمم إفريقيا 2025.. التوقيت والتشكيل والقنوات الناقلة    محافظ قنا يستقبل وفد وزارة العدل لمتابعة مشروعات تطوير مكاتب الشهر العقاري    ميناء دمياط يستقبل 76 ألف طن واردات متنوعة    عفت محمد عبد الوهاب: جنازة شقيقى شيعت ولا يوجد عزاء عملا بوصيته    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    190 عامًا من التشريع لرعاية الأطفال.. كيف تصدرت مصر حماية الطفولة عالميا؟    تأجيل محاكمة عامل بتهمة قتل صديقه طعنًا في شبرا الخيمة للفحص النفسي    الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3 آلاف ماكينة صراف آلى    قرار جمهوري بتجديد ندب قضاة للجنة التحفظ على أموال الجماعات الإرهابية    محافظ الجيزة يتابع الاستعدادات النهائية لإطلاق القافلة الطبية المجانية إلى الواحات البحرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    "البحوث الزراعية" يحصد المركز الثاني في تصنيف «سيماجو» لعام 2025    ضياء السيد: إمام عاشور غير جاهز فنيا ومهند لاشين الأفضل أمام جنوب إفريقيا    وزيرا التعليم العالى والشباب يكرمان الطلاب الفائزين فى بطولة برشلونة    وزير الخارجية يتسلم وثائق ومستندات وخرائط تاريخية بعد ترميمها بالهيئة العامة لدار الكتب    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    رئيس شعبة المصورين: ما حدث في جنازة سمية الألفي إساءة إنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى نور الدين يكتب عن مرشح اليسار: ديمقراطية اختيار مرشح الرئاسة على الطريقة الفرنسية
نشر في البديل يوم 17 - 10 - 2011

أبتدع اليسار الفرنسي سبيلا جديدا لاختيار من يمثله كمرشح في انتخابات رئاسة الجمهورية، في 6 مايو 2012، بتنظيم 3 ندوات علنية في التلفزيون وعلى الشبكة العنكبوتية تبارى فيها 5 من قيادات الحزب بالإضافة لمرشح من اليسار الراديكالي. وتلك المناظرة هي الثانية في تاريخ الحزب وكانت الأولى للانتخابات الرئاسية في 2007. والتجديد الفعلي كان باللجوء “لانتخابات” على الشخصيات الست ليختار الشعب من بينهم أفضلهم وشارك ما يزيد عن مليونين ونصف المليون فرنسي، في 9 أكتوبر، في الدورة الأولى من هذه الانتخابات في 9600 مركز تصويت في صناديق شفافة وفي ظل مراقبة من مندوبي المرشحين أثناء التصويت وفحص النتائج وتم استخدام “أقلام الكترونية” تسجل عدد الذين أدلوا بأصواتهم في كل مكتب. وحق لأي مواطن أن يشارك في الاقتراع بأن يسهم بدفع( يورو واحد) لتمويل عملية الاقتراع بجانب توقيعه على إقرار بأن توجهه يساري. أي أن الاقتراع ليس محصورا في داخل أسرة الحزب الاشتراكي ويمكن لأي مواطن الإدلاء بصوته سواء كان من الحزب الشيوعي أو أحزاب أقصى اليسار أو من الخضر.
وجاءت نتيجة الاختيار لتضع السيدة “مارتين أوبري”، سكرتير عام الحزب الاشتراكي (31%) في مواجهة منافسها الذي حصل على (39%) “فرنسوا هولاند”، سكرتير عام الحزب سابقا (1997 – 2008) ثم جرت التصفية بين المرشحين في 16 أكتوبر وشارك فيها نحو 2 مليون و700 ألف يساري وفضلت الأغلبية “فرنسوا هولاند” ليكون المرشح في انتخابات الرئاسة حيث حصل على أكثر من 56 % من الأصوات.
تلك الممارسة الجديدة للديمقراطية على الطريقة الفرنسية تستلهم الطريقة الأمريكية بشكل ما. فالحزب الاشتراكي له برنامج متفق عليه ولكن يظل باب الاختلاف مفتوحا لمن لا يتفق على كل ما في البرنامج الذي تم التصويت عليه بأغلبية وتبنيه. أي يظل هامش لرؤية مختلفة داخل الحزب تتراوح بين التوجه أكثر نحو المزيد من اليسارية أو على النقيض نحو الليبرالية ويمارس صراع الأفكار وتصبح اللحظة الحاسمة هي وقت الانتخابات الرئاسية وخاصة في دورة الإعادة إن لم يحصل أحد المرشحين على الأغلبية. ففي هذه اللحظة يعمل المرشح على استمالة المواطنين من أحزاب أخرى بالتحالف مع قياداتها وتبني قسما من أفكارها وعليه أن يحسم أمره في التحالف فإما باستمالة الأحزاب الأكثر يسارية منه أو تلك التي تحتل يمين الوسط.
ويمكن إرجاع إدخال هذا النمط الجديد في الممارسة السياسية للفشل المروع الذي حدث في انتخابات رئاسة 2002 لمرشح الحزب “ليونيل جوسبان” في الدورة الأولى وأصبحت المنافسة في الدورة الثانية بين الديجولي “جاك شيراك” و”جان – ماري لوبن”، اليمين المتطرف العنصري، حيث كانت أول مرة في التاريخ بعد الحرب العالمية الثانية يحتل اليمين المتطرف مركز الصدارة ويهدد بالوصول للحكم.
كانت هزيمة “جوسبان” صدمة ولكن الصدمة الأكبر كانت العودة المحتملة لليمين المتطرف وهي عودة تذكر بتاريخ أسود لفرنسا إبان الحرب العالمية الثانية لاستسلام اليمين حينها للاحتلال النازي والتعاون معه. وأمام هذا الخطر تكتلت كل الأحزاب اليمنية التقليدية وكل الأحزاب اليسارية حتى أكثرها جذرية لكي لا يصل اليمين المتطرف للسلطة وفاز جاك شيراك بأغلبية كاسحة شكلت حدثا تاريخيا بفضل هذا التكتل.
من المؤكد أن هذا الحدث شكل نقطة فاصلة في تاريخ فرنسا وأحدث اضطرابا سياسيا إذ نتج عنه اليقين ان عودة لليمين المتطرف ممكنة. وهي ممكنة لأسباب متعددة فليست فقط نتاج فشل الليبرالية المتواصل في حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وخاصة مشكلة البطالة التي تلقي في الطريق أعدادا متزايدة من العاملين. يضاف زيادة نسبة الذين يعيشون تحت حد الفقر ليصل عددهم لنحو 7 ملايين مواطن من عدد سكان يبلغ نحو 65 مليون.
فلم تكن المشكلة فقط منحصرة في اليمين التقليدي والليبرالية وإنما خصت الحزب الاشتراكي الذي لم يقدم طوال 14 سنة في الحكم الحل لمساوئ الليبرالية وتحول هو ذاته إلى حزب ليبرالي بوجه إنساني وإتباع إستراتيجية ما أسميته “إستراتيجية زواج المتعة”. أي تلك الإستراتيجية التي استبعدت تحالفه مع أحزاب اليسار الأخرى وتفضيله التحالف مع يمين الوسط.
فلم تكن الفترة التي وصل فيها الحزب الاشتراكي للحكم بالفترة “الوردية” كشعار حزبه إلا لمدة عامين بالكاد تحالف فيها مع الحزب الشيوعي عندما وصل رئيس الحزب حينئذ “فرنسوا ميتران” إلى كرسي الرئاسة في 1981 ثم بعد ذلك بدأ العد التنازلي للسياسة التي قامت حينها على برنامج “اشتراكي ديمقراطي” وتم استبدالها بسياسة ليبرالية تسكن مواجع الفقراء والعاطلين عن العمل بمنحهم معونة حد أدنى للمعيشة كانت بمثابة “تفريغ للغضب ولصراع الطبقات”. وتجسدت هذه السياسة فيما سمي بفترات التعايش حيث كان رئيس الجمهورية اشتراكيا ورئيس الوزراء من اليمين الديجولي نتيجة خسارة الحزب الاشتراكي للانتخابات البرلمانية. ثم أعقبه فترة أصبح في الرئاسة ديجوليا ورئيس الوزراء اشتراكيا. ولم يسفر هذا التعايش عن تغيرات كيفية في الواقع الفرنسي وكانت عاقبته هي فشل “جوسبان” في 2002 في عودة الحزب الاشتراكي للسلطة وتلا ذلك عدم فوز “سوجلين رويال” في انتخابات 2007 أمام منافسها اليميني “ساركوزي”.
هذه التجربة التاريخية أفرزت فكرة أن تبني برنامج الحزب وحده غير كافية للمرشح ولكن يجب أن يضاف إليها الرؤية الشخصية للمرشح وتأويله “للاشتراكية – الديمقراطية”. فالحزب لا يقدم رئيسه كمرشح رسمي كما حدث في 1981 ولكن يفتح المناظرة بين قادته ويتنافسون ويحكم جمهور اليسار أيهم أقرب لمصالحه.
فالفوارق في نظرة “الاشتراكيين- الديمقراطيين” بالنسبة للقضايا تظهر التنوع فيما بينهم ليقترب البعض من فلسفة ضرورة تدخل للدولة والغير يعارضها ويعتبرها عودة للخلف تاريخيا.
وبشأن “فرنسوا هولاند” فليس بخفي أنه بقيادته للحزب طوال سنوات لم يقدم تجديدا كيفيا في الفكر الاشتراكي الديمقراطي. وربما ما يميزه هو أن وجوده على المسرح السياسي كرئيس للحزب سابقا منحه علاقات تاريخية مع القاعدة. ولا يكاد يوجد اختلاف بين “هولاند” ورئيسة الحزب “أوبري” على الصعيد الفكري إذ أنهما لم يختلفا حول أي قرار حزبي بشأن أي قضية وكليهما من ذات المدرسة الفكرية. وبالتالي فالذي لعب في صالحة هو هذا التواجد على المسرح السياسي.
وبإيجاز يمكن رؤية أفكار “هولاند” عبر مواقفه المعروفة من الأحزاب التي تشكل “جبهة اليسار” أي الأحزاب الأكثر يسارية فمواقفه تتسم بالتجاهل بل ويصفها بأنها “اليسار الرافض”. وعدم ذهابه للمشاركة في العيد السنوي للحزب الشيوعي الفرنسي له دلالة سياسية أيضا إذ عادة هو احتفال يلتقي فيها اليسار بكل تياراته.
ولا يعارض “هولاند” الخصخصة وهي السياسة التي طبقها الحزب في فترة احتلال “جوسبان” لمنصب رئيس الوزارة وكان في حكومته “أوبري” كوزيرة. ولا يعارض التواجد في الاتحاد الأوربي الذي كان الشعب قد رفضه في استفتاء 2005 ثم استخدم الرئيس ساركوزي آلية تتجاوز إرادة الشعب وهذا الرفض الشعبي لتلحق فرنسا بالاتحاد.
وسوف تكشف الأسابيع القادمة عن الإستراتيجية التي سيتبعها “هولاند” فإما أن تكون عودة للتحالف مع الأحزاب اليسارية الأخرى أو عقد “زواج متعة” مع يمين الوسط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.