تحتفل مصر خلال أيام بتأبين ثورة 25 يناير، ومرور عامين على انطلاق صرخة الشباب الثائر لأجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية؛ تنديدًا بظلم نظام استمر أكثر من 30 عاما، ارتفعت خلاله مستويات الفقر والبطالة إلى 8%، فيما توغل الفساد الإداري داخل مؤسسات الدولة ب« الواسطة والمحسوبية»، لتفاجئنا الأرقام اليوم بأن أحلام الثورة على حافة الهاوية، فالدين العام ارتفع إلى 1.42 تريليون جنيه، وفقًا لإحصائيات يونيو 2013، مقارنة ب 932.5 مليار خلال نفس الفترة من 2011، كما ارتفعت معدلات البطالة إلى نحو 13.5% وتفاقم عجز الموازنة ليصل إلى 240 مليار جنيه، ولايزال نزيف الثورة مستمر.. قالت الدكتورة ماجدة شلبي، استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن تردي الأوضاع الاقتصادية وغياب التنمية الحقيقية قبيل 25 يناير كانت سبباً رئيسياً في خروج الشعب للثورة علي تلك الأوضاع، فمعدلات النمو تراجعت إلي 5.1% خلال العام المالي 2009/2010، بعد ان سجلت ارتفاعا بحلول العام المالي 2007/2008 بنسبة 7.2%، إلي أن تدنت حاليا ووصلت إلي 2.2% خلال العام المالي الماضي وحتي الآن. وأشارت شلبي إلي ارتفاع معدلات البطالة بعد ثورة 25 يناير، إلي أكثر من 13.5% بعد أن كانت نحو8% خلال الفترة ما قبل 25 يناير؛ بالاضافة لتراجع القطاعات الاقتصادية كالسياحة والتشييد والبناء والزراعة والنشاط الصناعي، نظراً للتوترات السياسية الراهنة. وأرجعت شلبي اندلاع الثورة إلى ما شهدته مصر خلال فترة ما قبل الثورة من انتشار للفساد والظلم الاجتماعي للطبقات الفقيرة والمحسوبية في الحصول علي الوظائف والحقوق، وامتداد الظاهرة لما بعد الثورة وتعد سبباً في تقييد حركة الاستثمار المحلي والأجنبي بالإضافة إلي زيادة معدلات الفقر التي بلغت حاليا نحو 26% ووجود فجوة في قيمة الدخل البالغة ما يقرب من 0.31% من الناتج المحلي، لافتةً إلي أن متوسط الدخل الشهري للفرد بلغ 256 جنيه شهريا. وأضافت شلبي ان ذلك الأجر لا يلبي الاحتياجات الاساسية للعامل، فمعدلات الفقر وصلت إلي 25% علي مستوي الجمهورية، و69% في محافظتي سوهاج وأسيوط، ووصول معدلات البطالة بنسبة 13.5%، بالاضافة إلي الإختلالات الموجودة بسوق العمل، نظراً لأن معظم قوي العمل تنحصر في الشباب وبنسبة وصلت إلي 60%. وتابعت شلبي أن ترك معدلات البطالة ترتفع دون تدخل الحكومة للسيطرة عليها واتاحة مناخ العمل ينذر بكارثة، نظراً لأن تلك القوي العاطلة محركة للصراع وتؤدي لحدوث كوارث اقتصادية واجتماعية كبيرة، مشددة علي ضرورة استثمار تلك الطاقات لتنمية الدولة. وشددت على أن مصر دولة لا تنقصها أية مقومات اقتصادية تجعلها في مصاف الدول المتقدمة، سواء بالنسبة للموقع الاستراتيجي و قناة السويس باعتبارها أحد الفرص الاستثمارية الواعدة لمشروعات عملاقة في مجال( النقل، اللوجيستيات، الصناعة، السياحة، الطاقة)، مشددة علي أن الدولة أمامها تحدياً في تنفيذ تلك الخطوات وفقا لقواعد الافصاح والمساءلة. وطالبت شلبي بإعداد استراتيجية اقتصادية محددة المعالم لتقليل معدلات البطالة وزيادة فرص الاستثمار لرفع معدلات النمو لتقليل الفجوة التمويلية، والتطلع للمستقبل وخلق مجتمع حديث متطور بحلول عام 2030،من خلال العمل علي تشجيع الموارد البشرية وزيادة قدرتها الانتاجية المتوافقة مع سوق العمل ودعم قدرتها التنافسية واعطاء حوافز للاستثمارات الاجنبية، وكذلك النهوض بالصادرات المصرية بانواعها و الارتقاء بمستويات المشاركة السياسية والحوكمة والعمل علي تحسين الخدمات الاجتماعية واصلاح منظومتي التعليم والصحة باعتبارهما بداية طريق التنمية. وعلي نفس السياق أكد الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية، ان الشعب المصري ثار علي الظلم الموجود خلال الفترة ما قبل 25 يناير، ولكن بعد مرور 3 سنوات منها لم يتحقق أية شئ فالعيش والحرية والكرامة الانسانية التي نادت بها 25 يناير لم تتحق سواء علي الصعيد السياسي أو الاجتماعي حتي الاقتصادي فالمواطنين لم يشعروا بتحسن الأحوال ولو بقدر ضئيل، فالأمور زادت سوءًا. وأشار عبده إلي أن معدلات البطالة ارتفعت وكذلك الأسعار خاصة فيما يتعلق بالسلع الاستراتيجية التي تمس الطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل، في غياب من قبل الحكومات التي تعاقبت علي ثورة يناير وحتي بعد 30 يونيو. ولفت عبده إلي قرار الحكومة بتفعيل الحدين الأدني والأقصي للأجور، مشيرا إلي أن تلك الخطوات لم تكن مدروسة ومن المتوقع أن تؤدي لسلبيات أبرزها زيادة الأسعار وارتفاع تكلفة الانتاج بالنسبة للسلع المحلية لعدم وجود منافسة للشركات الأجنبية وضبط الأسواق، لافتاً أن كل ذلك ينذر بارتفاع معدلات التضخم وارتفاع مستويات الفقر والبطالة بصورة أكبر مما عليه الآن. وأضاف عبده أن الاستثناءات الواردة علي تطبيق الحد الأقصي للأجور تفرغه من محتواه، خاصة و أنه لن يطبق علي عدد من القطاعات الحكومية كالبنوك وشركات البترول والتأمين والمستشارين، وبالتالي لن يحقق أية عوائد او فوائض تسمح بتقليل عجز الموازنة العامة، مشيراً إلي أن الحكومة لا تملك قرارات صارمة لمحاربة الفساد والقضاء عليه. من جهته قال الدكتور ايهاب الدسوقي رئيس قسم الاقتصاد بإكاديمية السادات، إن السياسات الاقتصادية والاجتماعية وحتي السياسية عقب ثورة 25 يناير، لم تتغير بشكل جذري حتي الآن، مشيراً إلي أن التغييرات فقط كانت في سلوكيات الشعب المصري وأصبح مهتما بالشأن السياسي بصورة أكبر. واضاف الدسوقي ان الحكومة وعدت بتطبيق العدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية، الا انها لم تلتزم بما وعدت به، خاصة فيما يتعلق بتطبيق الحد الادني للاجور ورفع مستوي المعيشة، مشيرا الي وجود توقعات بزيادة معدلات التضخم والاسعار خلال الفترات المقبلة. ولفت الدسوقي الي انه تفاقم عجز الموازنة العامة خلال العام المالي الماضي 2012/2013 بما لا يقل عن 186 مليار جنيه، بالاضافة الي الموازنة الحالية، فان قيمة العجز وصلت 240 مليار جنيه، مشيرا الي ذلك يعد امرا طبيعيا نتيجة عدم وجود سياسات واضحة لتقليل ذلك العجز والسيطرة عليه. وكشفت تقارير صادرة عن وزارة المالية عن وصول اجمالي الدين العام المحلي خلال يونيو 2011 وبعد 5 شهور من اندلاع ثورة 25 يناير ورحيل نظام مبارك إلي 932.5 مليار جنيه، مقابل 1.13 تريليون جنيه خلال نفس الفترة من العام التالي له، ليصل اجمالي الدين حتي يونيو الماضي إلي 1.42 تريليون وبزيادة قدرها 438 مليار جنيه منذ اندلاع الثورة، بينما سجل الدين الخارجي خلال يونيو 2010 نحو 33.69 مليار دولار، مقابل 34.91 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام 2011، إلا أنه انخفض بمقدار 52مليار دولار خلال يونيو 2012، وارتفع إلي 43.233 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي. كما وصل عجز الموازنة العامة خلال العام المالي2010/2011 إلي 134.1 مليار جنيه، مقابل 165.7 مليار جنيه خلال العام 2011/2012، لتتفاقم خلال العام المالي الماضي بزيادة قدرها 74.02مليار جنيه، مقابل عجزا قدره 240 مليار جنيه بموازنة العام المالي الجاري بزيادة قدرها 74.308 مليار جنيه منذ ثورة 25يناير، بالاضافة إلي وصول حجم الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي بنهاية سبتمبر 2010 وقبل اندلاع الثورة ب4 أشهر إلي 35.5مليار دولار، مقابل 24.009 مليار دولار خلال سبتمبر2011، لينخفض ذلك الاحتياطي خلال سبتمبر 2012 إلي 15.043 مليار دولار بتراجع قدره8.97 مليار دولار، بينما سجل الاحتياطي النقدي خلال عام 2013 من تلك الفترة ارتفاعا قدره 18.709 مليار دولار بعد وصول المنحة العربية بقيمة 8.8 مليار دولار، لينخفض بشكل طفيف إلي نحو 17 مليار دولار بعد رد الشريحة الأخيرة لقطر بقيمة 2 مليار دولار.