من يستحق الأسف هن سيدات وبنات مصر اللاتي رسموا بطوابيرهن وزغاريدهن ورقصهن فرحا وتوسما للخير من الدستور تارة وتأكيدا على تخلصهم من جماعة الإخوان تارة ثانية واستهلالا للنظام القادم تارة أخرى. الحقيقة أن مشاركتهن لم تكن الأولى من نوعها في استفتاءات أو انتخابات تشريعية أو رئاسية بعد ثورة 25 يناير، فقد شكلوا أداة الحسم فيها جميعا، فقد زادت نسبة مشاركتهن عقب الثورة بنسبة 64%، حيث شاركت المرأة في انتخابات الرئاسة بنسبة 83%، وبلغت نسبة مشاركة المرأة المتعلمة في الحضر نحو 74%، بينما شاركت الفتيات بنسبة 30% في الاعتصامات، وجاءت نسبة مشاركة المرأة الجامعية بنسبة 10.2%. ومما لاشك فيه أن ثورة يناير استطاعت أن تجذب اهتمام المرأة بالأحوال السياسية للدولة، خاصة أنها الأكثر تأثرا بالسياسة التي تلقى بظلالها على الحياة الأمنية والأوضاع الاقتصادية لها ولأسرتها، فضلا عن إيمانها بضرورة رحيل النظام السابق بفساده ومحسوبيته ولذا اهتمت المرأة بالحياة السياسية وترجمت اهتمامها هذا في صورة المشاركة بالتصويت. وعلى الرغم مما أكدته المرأة المصرية من قدرة على المشاركة في الحياة السياسية إلا أن وجودها في مجالات العمل المختلفة لا توازي تعدادها في نسبة السكان والبالغ حوالي 51%، ومن هنا يجب التنويه إلى عدد من الحقائق منها: - وفقا لاحصاء صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعامي 2010 و2011 حول "نسب تولي المرأة المناصب القيادية" تبين أنها بلغت 31.2 % مقابل 68.8% من الرجال مقسمة علي النحو التالي: 3.6% في منصب وزير و0.6% نائب وزير و13.1% وظائف الدرجة الممتازة و22.6% الدرجة العالية و32.7% مدير عام، وهي نسب تبدو في بعض الوظائف القيادية العليا ضعيفة. - كشفت دراسة أخرى صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن المرأة المصرية في مواقع القيادة عام 2008 أن نسبة تمثيل النساء في هيئة النيابة الإدارية بلغت 34% مما يعني أن ثلث أعضاء الهيئة فقط سيدات. - أكدت الدراسة نفسها أن نسبة النساء في السلك الدبلوماسي ممن يشغلن منصب سفير ممتاز وصلت عام 2008 إلى 32% فقط. وكسكرتير أول إلي 19% وسكرتير ثان إلى 22% وسكرتير ثالث إلى 43% وكملحق دبلوماسي إلي 29%، كما لم تصل سيدة إلى منصب وزير الخارجية حتى الآن. - ذكر تقرير أعده المركز المصري لحقوق المرأة بعنوان "2012 عام الخروج الكبير للمرأة المصرية"، أن مصر احتلت المركز الأول على مستوى تراجع الدول في مكانة المرأة السياسية، حيث وصلت إلى المركز 126 لهذا العام، كما احتلت المركز 95 من بين 125 دولة من حيث وصول النساء للمناصب الوزارية، نظرا للتمثيل الضعيف بنسبة 10% فقط فى الوزارة، كما احتلت مصر المركز الأخير من حيث تقلد المرأة لمنصب المحافظ بواقع (صفر). وقال التقرير "احتلت المركز الأول في قائمة الدول التي سجلت انحدارا في إتاحة الفرص الاقتصادية للنساء، مقارنة بتقارير السنوات السابقة، حيث احتلت مصر المركز 80 من بين 128 دولة، والمرتبة 124 من 132 من حيث الفرص والمشاركة الاقتصادية للمرأة". -لم ينص قانون الانتخاب الذي أقره مجلس الشورى المنحل، على نسبة محددة للمرأة بالقوائم الانتخابية، وهو الأمر الذي لو طُبق لاستمر الوضع المتردي لمصر في التقارير الدولية، حيث أصبحت مصر في ذيل قائمة الدول العربية فيما يتعلق بتمثيل المرأة في البرلمان حيث وصلت نسبة تمثيل المرأة في البرلمان إلى 2%، لتحتل بذلك المرتبة رقم 134 من إجمالي 188 دولة. ومن ثم فإن وجودها في المناصب القيادية والسياسية لا يضاهي تعدادها ودورها في الحياة السياسية وقدرتها على حسم المعارك، وكذلك غير كافي على تشجيعها على الاستمرار في المشاركة السياسية بهذا الزخم، وبالتالي فإن سعى النظام القادم إلى رفع نسبة وجودها في الحياة السياسية من خلال إقرار كوتا لا تقل عن 30% لها في البرلمان القادم، وكذلك رفع العقبات التي تحول دون وصولها للمناصب القيادية في كافي المجالات بات مطلبا ملحا الآن. فرجوع السلبية السياسية للمرأة المصرية سيعد خسارة فادحة للنظام القادم، كما أن تشبث البعض بأن وضع المرأة في الحياة العملية يتعلق بمنظومة القيم والثقافة السائدة في المجتمع لم يعد مقبولا، فالمرأة أثبتت ولم تعد بحاجة لمزيد من الإثبات قدرتها وكفاءتها في تولى المسئولية. وبالتالي سوف يعد نسبة وجود المرأة في المناصب القيادية مؤشرا على التطور والإصلاح الديمقراطي بوصفها شريك أصيل في المجتمع، ومحفزا لاستمرار دورها في المشاركة في الحياة السياسية، لذلك فإن المرأة المصرية اليوم وقبل غدا تنتظر نوعا من الأسف على تهميشها المتعمد من الأنظمة المتعاقبة في الحكم بكافة أيديولوجياتها، بمزيد من القوانين والآليات التي تمكنها من الولوج إلى كافة المناصب القيادية في كافة المجالات.