لا اعتقد أن منح المرأة نسبة من المقاعد في البرلمان هو العلاج السحري لزيادة المشاركة السياسية للمرأة, فهو في رأيي مجرد مسكن مؤقت. فالعبرة ليست في الكم بل في الكيف وفي قدرة النائبات علي التعبير عن قضايا وهموم المجتمع. لقد ألغت التعديلات الأخيرة في قوانين مباشرة الحقوق السياسية كوتة المرأة التي حصلت عليها بمقتضي القانون رقم149 لسنة2009 والتي منحتها64 مقعدا في البرلمان, وخيرا فعلت فالكوتة تمنح للفئات الأكثر ضعفا وتهميشا والأقل قدرة علي خوض الانتخابات مثل المعاقين والمرأة ليست بالمعاقة, فلقد اثبتت المرأة جدارة واقتدارا في مناصب مهمة كقاضية وكوزيرة, وفي المناصب القيادية الاكاديمية, وهناك نائبات في البرلمان قد لعبن دورا متميزا كالراحلة نوال عامر وشغلت المرأة مواقع وكيل مجلس الشعب ورئيس ووكيل وأمين سر عدد غير قليل من اللجان البرلمانية, كما أن هناك اسماء لامعة في مجال العمل الحزبي ومنهن القديرة أمينة شفيق. لا شك في أن مفهوم المشاركة السياسية للمرأة المصرية يتأثر بالظروف الاجتماعية والثقافية والسياسية السائدة ولكن الواقع أيضا يؤكد أنها نصف المجتمع وان عليها دورا لا يمكن اغفاله في مجال الانتاج والتنمية,, وطبقا لأحدث احصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء فان المشاركة السياسية للمرأة مازالت ضعيفة فتمثيل المرأة في مجلس الشوري في الفترة من1980 2007 هو3.3% وتمثيلها في المجالس المحلية1.8%, كما ان نسبة تمثيلها في النقابات المهنية في الفترة من1996 2008 هي32%, اما نسبتهن في وظائف الادارة العليا فهي15.3% وإذا كانت نسبة مشاركة المرأة النيابية قد ارتفعت الي9% بعد تطبيق نظام الكوتة وتخصيص30 مقعدا نيابيا لها بمقتضي القانون رقم21 لسنة1979 فما لبثت ان انهارت هذه النسبة بعد الغائها1986 لعدم دستوريتها لما تنطوي عليه من تمييز علي أساس الجنس. لقد شاركت المرأة في الثورة ومن حقها أن تكون شريكة في صنع القرار, ونحن الآن في مرحلة انتقالية تتحول فيها مصر الي دولة ديمقراطية تحترم فيها حقوق الانسان علي أساس المساواة وعدم التمييز, ولابد للمرأة ان تسعي للمشاركة في العمل الحزبي والنقابي والحياة السياسية بالرأي وبالعمل, وهناك منظومة كبيرة من الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بأعداد كوادر نسائية تشارك في العملية السياسية, وفي هذا الصدد لابد من التأكيد علي: أهمية الدور السياسي للمرأة ابتداء من عملية التصويت في الانتخابات وصولا الي الترشح في الانتخابات النيابية علي جميع المستويات( المحلية والقومية). ضرورة تبني ضمانات دستورية تكفل حقوق المرأة السياسية والاجتماعية والمساواة مع الرجل بمعني المناصفة في جميع الحقوق في الدستور القادم. لابد من انشاء كيان نسائي جديد يعبر عن أهداف الثورة بديلا عن الكيان المرتبط بالنظام السابق ليشكل قوة ضغط في القضايا الخاصة بالمرأة. يجب ألا تقل نسبة ترشيح النساء علي القوائم الحزبية عن30% ونظام القائمة هو الأفضل للمرأة, فالقائمة يساندها الحزب ويقع عبء جهود الحملة الانتخابية عليه. ان إقدام المرأة علي المشاركة السياسية في المرحلة المقبلة هو استكمال لمسيرة نضال طويلة بدأتها رائدات العمل النسائي امثال هدي شعراوي وسميرة موسي وملك حفني الناشطة في مجال حقوق الانسان والمرأة, وإن معيار الكفاءة والقدرة علي العطاء وحده هو القادر علي بناء وجه مصر الحضاري ودعم توجهها نحو الديمقراطية.