" السيسى رئيس البلاد "جملة ترددت مؤخرا على المستوى الإقليمى والمحلى والعالمى، وقد شغلت هذه العبارة الشارع المصرى، إلى الحد الذى جعل المصريين يتصورون بالفعل أنه اعتلى كرسى الرئاسة، ولم يصبح تصورًا فقط، بل أصبح لدى البعض واقعًا ينامون به ويستيقظون عليه. "البديل" استعرضت آراء بعض الخبراء السياسيين، حول مدى إيجابيات ترشح السيسى للرئاسة، وذلك فى ظل تهميش الحركات الثورية، وتجنيد الإعلام بكل قواه للتسويق للسيسى، وهل ترشحه سيحقق الهدف من استقرار البلاد المنشود؟ وما هى توابع ترشحه؟. يقول هانى الأعصر-الباحث فى الملف الأمنى بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية:"المتأمل للمشهد السياسى يدرك مأساوية الموقف الذى يمر به الشعب المصرى خاصة مع اختفاء واضح لكل الحركات السياسية المنوط بها تحريك الشارع المصرى بجانب تلاشى أسماء لزعماء يصلحون لإدارة البلاد خلال الفترة المقبلة وما يترتب عليه من غياب واضح لأجندات وطنية تسعى لرأب الصدع الذى تركه جماعة الإخوان الملقبة مؤخرا" بالمحظورة الإرهابية". وأضاف"ما يزيد الأمر صعوبة هو مسلسل سقوط الأقنعة وانكشاف الحقائق لبعض رموز ثورة 25 يناير، وهو الأمر الذى أربك العملية السياسية بعد ظهور تسجيلات التمويلات واقتحام الأجهزة السيادية ثم محاولات ابتزازهم زملاءهم مما يضعف موقف أى سياسي حاول الالتصاق بهم ورفع رايتهم والتنادى بشعاراتهم". المقلق فى الأمر- بحسب ما يقوله الأعصر- هو علو نجم القائد العام للقوات المسلحة عبدالفتاح السيسى فى الوقت الذى يتبارى فيه المرشحون للرئاسة لإظهار قوتهم على أرض المعركة بلا فائدة، مما يجعلنا نجزم بأن أصوات السيسى، إذا ترشح للرئاسة- ستكتسح كل الأصوات التى ستمنح لكل المرشحين للرئاسة، لكن لا يمكن أن نغفل خطورة الشوك الذى يسير عليه السيسى إذا صدقت مزاعم ترشحه. وأكد أن الألغام التى تنتظر السيسى لا تخرج عن المعطيات الواردة بالساحة الدولية والداخلية، حيث وجدنا المبعوث الأمريكى "ريتشارد بلاك" يصل إلى القاهرة الأسبوع الماضى ليحمل رسالة من البيت الأبيض، مفادها "حث السيسى على الترشح فى الانتخابات الرئاسية. وتابع:"لكن"الجنرال الداهية" كما وصفته الصحف العالمية – يجهض هذه المحاولة ويرسل مع المبعوث نفسه رسالة يقول فيها إن الشعب المصرى هو المسئول عن تحديد مصيره، ولن يسمح الجيش بتدخل أمريكا فى الشأن المصرى مجددًا". هذا الرد النارى الذى فوجئ به "ريتشارد بلاك" نقل إلى الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى هرول باللجوء إلى بعض الدول العربية -التى وقفت بجانب مصر- ليحرضهم على التدخل فى إبداء النصح والإرشاد للسيسى. لكن الموقف العربى بات واضحا من سيناريوهات الربيع العربى، وعليه أعلنوا تأييدهم لكل مطالب المصريين تاركين " كرة اللهب" تشعل جلسات الكونجرس الأمريكى بعد التلويح بوقف صفقات الأسلحة بين الجانبين. ويؤكد "الأعصر" أن الضغوط الداخلية التى ينتظرها السيسى تتركز فى شِباك تنصب له، إذا أقدم على قرار الترشح والتى تتضمن قيام النشطاء السياسيين الذين نصبوا أنفسهم حامين للثورة المصرية فى تنفيذ سياسة "الهجوم الناعم" بإطلاق دعوات رفض السيسى رئيسًا خوفا على مكانته، من تأكيد فكرة الانقلاب الذى بدأ بحماية أصوات الشعب المصرى وانتهى بتقلد السيسى لكرسى الرئاسة. وأكد أحمد الأمين -باحث اقتصادى- أن اللغم الثانى الذى ينتظر السيسى هو المشاكل المتراكمة فى مصر منذ 30 عامًا، والتى لا يقوى أى رئيس مهما كانت كفاءته على إصلاحها فى فترة رئاسة واحدة، بالإضافة إلى أحزابها المتهالكة، والتى تركت الشارع المصرى وحيدا يعانى من جهله السياسي؛ الأمر الذى مكن المخربين وأصحاب المصالح والأجندات من إحداث ثورة عارمة. كما أن أسطول الموظفين التابع لجماعة الإخوان المحظورة والمنتشرة فى كل الوزارات سيشكل عبئًا ثقيلًا على تركة الجهاز الإدارى للدولة، لأنهم سيقومون بدورهم على إفشال كل المشاريع التى ستنفذ فى حال بدء عجلة العمل فيها، إضافة إلى أكوام الأموال التى سيغدقها بقايا تنظيم الإخوان عليهم لشراء ذممهم والتحكم فيما سمى"بالدولة العميقة " وتتعالى هنا الصيحات بأن السيسى لا يصلح رئيسا ونبدأ فى مرحلة تمرد شعبى جديدة. وأوضح أن العشوائيات ومخاطرها الاجتماعية لغم قائم بذاته؛ لأن تعدادهم كفيل بهدم مصر وبنائها من جديد، وعليه يجب وضع خطة عاجلة لترميم مشاكل إهمالهم طوال الفترة الماضية والعمل على الاستفادة من قدراتهم. وبدأ كريم جاد -الباحث فى الملف الأمنى- حديثه ل"البديل" بعبارة"الظرف الأمنى سيحرج القوات المسلحة"،معلقا على كيفية تأمين مواكب السيسى التى يمكن أن يستغلها غرماؤه من الساسة والمعارضين للتمكن منه، فمن الناحية الأمنية فوزارة الداخلية أضعف من أن تقوم بهذا الإجراء ويصعب عليها تأمينه، ومن ناحية أخرى فالقوات المسلحة ستكون فى مأزق لأنها إذا قامت بذلك مع الفريق السيسى ستضع نفسها فى كفة مقارنه مع باقى المرشحين". واستطرد:"على فرضية نجاح عملية تأمين شوادر التجمعات الجماهيرية للسيسى المرتقب أن يكون تعداد المتواجدين فيها بالملايين فكيف سنضمن ألا يقوم شخص بإلقاء قنبلة أو القيام بعملية استشهادية تحصد آلاف الأرواح البرئية". كما أن الاكتواء بنار ابتزازات السياسيين والأحزاب، سيكون أحد الألغام التى سيواجهها الفريق إذا خاض معركة الانتخابات الرئاسية، خاصة وقد ظهرت بعض الحركات المتحالفة مع مرشحين سابقين فى الرئاسة تهاجم فكرة "السيسى رئيسًا". وقال:"لم نتطرق إلى اشتعال الموقف فى سيناء وفى بعض المحافظات الحدودية التى يستهدفها بعض المسلحين ممن اختبئوا وراء العباءة الدينية واستغلال فرصة خوض السيسى للانتخابات الرئاسية لإشعال لهيب الفتن واستهداف المواقع الحيوية فى هذه المدن بجانب محافظات الدلتا والساحلية. الطامة الكبرى كما يوردها، المحامى مصطفى شعبان، هى ملاحقة الإخوان للفريق أول السيسى، وعدد من قادة القوات المسلحة قضائيا من خلال رفع قضايا فى عدد من المحاكم الدولية والإفريقية باعتباره مجرم حرب مثلما حدث مع حسن البشير فى السودان قبل تقسيمها. وأكد أن هذا أمر لا يمكن تداركه بسهولة لأنه فى حال صدور حكم قضائي يدين الفريق فسيكون ملاحقًا دوليا خاصة أن هذا الحكم سيخدم أجندة أمريكا فى تقسيم الشرق الأوسط، والتى أفسدها السيسى وأعاد الأمور لنصابها بمساعدة المصريين الذين جابوا ميادين مصر فى 30 يونيو الماضى. وقال: «"الوقت مقابل الإصلاحات "جملة تبدو فضفاضة وتوظيفها ليس له محل من الإعراب السياسي المصرى؛ لأن الشتات السياسي الذى تعيشه البلاد يحتم على متخذى قرار خوض الانتخابات الرئاسية تقييم الوضع بموضوعية"»، مع طرح عدد من الأسئلة منها: (هل الوقت مناسب لخوض معركة رئاسية ؟ ماهو مصير الفوضى بعد قرار الترشح ؟ من سيحمى إرادة المصريين اذا تكررت أخطاء الحكومة؟، من سيقف بوجه الحاكم إذا تخاذل عن دوره الوطنى؟، من بيديه تحريك شعب مثل المصريين بمجرد خطاب؟ وإلى أى مدى ستكون المواجهة الإخوانية؟ وماهى طبيعة الضغوط الغربية؟ وماهى المساومات التى ستدخل فيها مصر لتخرج من مأزق التقسيم؟ وأكد أن الحلول التى تخرجنا من هذه المشاكل المزمنة هى وصول رئيس "محايد " غير طامع فى السلطة على رأس السلطة فترة رئاسة واحدة، بعدها يخوض الفريق الانتخابات مثله كباقى المواطنين، مشيرًا إلى أنه لا يمكن لأحد أن يملى على المصريين رغباتهم، خصوصا أن حضارتهم الفرعونية تؤكد ذلك.