قدم رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان في الفترة الأخيرة نموذجا للتدخل الفج غير الدبلوماسى في شئون مصر الداخلية فما بين تصريحات مثيرة للجدل وتصدير صورة مسيئة عن القاهرة للعالم الخارجي بشأن التطورات الأخيرة التي أبعدت الرئيس السابق محمد مرسى عن الحكم، واستقبال الغالبية من الشعب المصري هذا التدخل بالنقد، مما أصاب العلاقة المصرية التركية التاريخية بالفتور. وفى هجوم على الدولة المصرية فى أعقاب 30 يونيو أدعى أردوغان فى أغسطس الماضى أن لديه من الوثائق ما يثبت أن "إسرائيل وراء الانقلاب العسكري في مصر"، بعد ما نقلت وسائل إعلام تركية عن أردوغان القول : "إسرائيل تقف وراء الانقلاب العسكري في مصر، ولدينا الوثائق التي تؤكد ذلك". وفى نفس الشهر طالب أردوغان بتدخل مجلس الأمن في الشأن المصري حيث انتقد رئيس الوزراء التركي بشدة مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي، ومنظمة التعاون الإسلامي لعدم قيامهم بإدانة الحكومة المصرية بشأن التعامل مع المتظاهرين، وذلك في إصرار منه علي التدخل في الشئون المصرية، رغم الإدانات التي وجهها المسئولون في مصر لتدخله في شئونها. وفى فاصل جديد من الهجوم قدم أردوغان تصريحا آخر مهاجمًا شيخ الأزهر أحمد الطيب وإدانته معظم القوى السياسية وجموع الشعب المصري والتي وصفوه بالموقف المساند للجماعة فقط وليس الدولة المصرية، حيث نقلت صحيفة "زمان" التركية عن أردوغان قوله إنه "شعر بالإحباط عندما رأى شيخ الأزهر يؤيّد ما سماه "الانقلاب العسكري" في مصر، وتساءل "كيف يمكنك القيام بذلك؟"، مضيفاً إن "ذلك العالِم قد انتهى، وأن التاريخ سيلعن الرجال أمثاله كما لعن التاريخ علماء أشباهه في تركيا من قبل". وفى تصريح آخر لأردوغان حسبما نقلت عنه وكالة أنباء الأناضول التركية، "إن قضية مصر هي قضية لا تخص "إخواننا المصريين" فقط لكنها تتعلق أيضا بالإنسانية، مؤكدًا "علامة رابعة ليست فقط رمزًا للقضية العادلة للمصريين، لكنها أيضا علامة لقول لا للظلم والكبت والقمع والمذابح والانقلاب في جميع أنحاء العالم"، مضيفًا " أن تركيا ستستمر في دعم "من هم على حق فقط في جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن العقيدة والعرق واللغة واللون والدين". "انتقاد المعارضة التركية لتصريحات أردوغان" وعلى إثر هذا التدخل انتقدت المعارضة التركية تصريحات أردوغان التى وصفوها بأنها أفسدت العلاقات بين تركيا ومصر، حيث قال زعيم حزب الشعب الجمهورى المعارض جمال كليجدار إنه "لا يوجد مكان لحقد أو غضب في السياسة الخارجية، ويجب أن تكون مبنية على مصالح البلاد وأضاف: "السياسة الخارجية الخاطئة تتسبب في شرخ خطير في تاريخ البلدان"، مشيرًا إلى أن جيران تركيا لن يعودوا أو يرحبوا بالتعاون مع "أردوغان" ، كما انتقد بحدة استدعاء السفير التركي في مصر "حسين عوني بوستالي" في 15 أغسطس. تحسن العلاقة بين أحزاب مصرية والمعارضة التركية وبدأت العلاقة بين القوى السياسية المصرية المساندة لثورة"30 يونيو" وأحزاب المعارضة التركية تتحسن حيث التقت أحزاب مصرية بالوفد التركي الذى زار مصر مؤخرًا والتى جاءت لتعزيز العلاقات بين الشعبين وتأكد أن ما حدث هو خلاف بين حكومات وليس بين شعوب. وقالت صحيفة المونتيور إن المعارضة التركية، التي زارت مصر في 9 سبتمبر، عملت على بناء جسور جديدة من التواصل بين البلدين، حيث يعمل الحزب المعارض على خلق سياسة واقعية متوازنة، بدلا من سياسة "العزلة الثمينة" التي اختلقها "أردوغان". ورأت الصحيفة أن الزيارة فتحت مكانة واسعة لحزب الشعب الجمهوري بمصر، في محاولة لضمان العلاقات التركية المصرية، التي لها تاريخ طويل، موضحة أن تركيا أعادت سفيرها إلى القاهرة، رغم الانتقادات اللاذعة للحكومة المصرية الحالية من قبل المسئولين بحزب العدالة والتنمية، مما يدل على أن حكومة "أردوغان" لا يمكنها المجازفة بقطع العلاقات مع دولة عربية رئيسية كمصر. إدانة الحكومة المصرية بالتدخل فى شئون مصر الداخلية وردًا على انتقادات أردوغان المتكررة التى سببت فى سحب السفير المصرى فى تركيا أدانت الخارجية المصرية واعتبرته تطاولا، حيث قالت فى وقت سابق : "إننا نلمس عن قرب وجود تجاوز من الجانب التركى ويتم الرد عليه، مضيفة أنها أدانت واستنكرت تصريحات أردوغان ، التي تطاول فيها على شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وأكد عدم عودة السفير المصرى إلى تركيا. ورفض مجلس الوزراء، برئاسة الدكتور حازم الببلاوي، خلال اجتماعه الأسبوعي الأخير، التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي، واعتبرها تدخلا سافرا فى الشأن الداخلي المصري واعتداءا على اختيارات الشعب المصري بموجب ثورته فى الثلاثين من يونيو. كما نبه المجلس إلى أن تلك التصريحات تسيء إلى العلاقات المصرية التركية، وأن استمرارها يعني اتخاذ الدولة المصرية لموقف قد يستدعي إعادة النظر في استمرار تلك العلاقات على ما هي عليه. انخفاض الصادرات التركية لمصر بسبب غضب المصريين من تصريحات أردوغان وتسبب سوء العلاقة بين مصر وتركيا فى انخفاض الصادرات التركية لمصرل 30% منذ الإطاحة ب"مرسي" حيث ذكرت صحيفة "ديزرت نيوز" الأمريكية أن " أردوغان" واحد من أكبر النقاد الدوليين لما حدث في مصر في 3 يوليو، مما أدى إلى غضب المصريين، فقد تبنوا حملة مقاطعة شعبية للمنتجات التركية، مما يهدد خنق حركة التجارة المزدهرة بين البلدين. وفى نفس السياق طالبت الجمعية الوطنية للتغيير بضرورة مقاطعة المنتجات التركية، كرد فعل من الشعب المصري على أردوغان والخطأ في حق ثورتهم العظيمة بأن ورائها إسرائيل. دعم أردوغان لجماعة "الإخوان" وضعه فى خلاف مع دول الخليج العربي وتسبب دعم أردوغان الصريح لجماعة الإخوان المسلمين في مصر فى وضعه فى خلاف مع دول الخليج العربي، حيث قالت صحيفة "جلف بيزنس" الإماراتية، الناطقة بالإنجليزية إن إصرار "أردوغان" على مساندته للرئيس المصري المعزول "محمد مرسي"، يضعانه وحيدًا وبشكل متزايد في المنطقة، التي يأمل أن يعيد تشكيلها في المستقبل. ورأت أن "أردوغان" يخاطر مع المستثمرين الخليجيين في تركيا، لعدائه الواضح للحكومة المصرية الجديدة والجيش المصري، ودعمه لجماعة الإخوان المسلمين.