كثيرا ما نتباهى بأننا أول حضارة عرفتها البشرية، وأننا أقدم دولة في التاريخ، ونتغنى بتراث أجدادنا دون أن نضيف عليه شيئا، بل إن هذا التباهي يكون قولا فقط، دون حتى أن نستطيع المحافظة عليه أو حمايته، تاركين غيرنا يجري الأبحاث والتجارب والتنقيب والتأريخ، ونكتفي نحن بدور المتفرج في معظم الأحيان. ولكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل إنه تطور إلى أن أصبح تاريخ مصر يغتصب بفعل الإهمال والجهل بقيمة ما أنتجه المصريين القدماء، ليصل إلى قيام مجموعة من الهواة لا ينتمون لأي مؤسسة بحثية أو علمية، باختراق هرم خوفو والحصول على عينات منه، دون تصريح، والكارثة أنه لم يعلم أحد بهذا التسلل إلا بعد نشر عدة مقاطع فيديو تشرح هذه الرحلة المريبة التي قام بها هؤلاء اللصوص، خاصة أن أحدهم معروف عنه العداء للحضارة الفرعونية، وحاول إثبات ان الفراعنه ليسوا هم بناة الأهرامات ولكن من بناها العبرانيون "بني إسرائيل". حققت "البديل" في هذه الجريمة لتتعرف على كيفية حدوثها وأسبابها، وكيف ستتعامل الدولة مع هؤلاء المخربون الذين اخترقوا الهرم دون أي رجوع للدولة المصرية ومؤسساتها. قالت "سالي سليمان" المرشدة السياحية وعضوالحملة المجتمعية للرقابة على التراث والآثار، إننا أمام كارثة أثرية مكتملة الأركان، فالآثار المصرية أصبحت مشاعا لكل عابث، ويستطيع الحصول منها على كل ما يريد، وقد علمت بهذه الكارثة من خلال مقاطع الفيديو الذي نشرها الأثري الألماني "دومنيك جارلينز"، وهو يشرح فيه عندما عاد إلى بلاده كيف قام بالمغامرة في هرم خوفو. اضافت سليمان أنه يتضح من الفيديو أن هذا العابث اخترق الهرم الأكبر الذي يضم خمس حجرات سرية، ويوجد في آخر غرفة اسم الملك "خوفو"، مكتوبة باللون اللأحمر، وقام بأخذ عينات من هذا اللون لتحليلها حسب حديثه في الفيديو. وتوضح سليمان أن هذا الأثري صاحب تاريخ سيء السمعة في تأليف كتب تتبنى نظرية أن الفراعنة لم يبنوا الأهرامات، وذلك خلال كتابيين هما، كذبة الألفية، وكذبة الهرم الأكبر أو أكذوبة خوفو، ومن ثم يريد ومجموعته إثبات أن هذا اللون الاحمر المكتوب به اسم خوفو، لم يكتب في عهد الملك نفسه، وانه كتب بعد ذلك، ليثبتوا وجهة نظرهم الموجهة بأن المصريين نقشوا اسم "خوفو" على الهرم بالكذب. وأبدت عدم معرفتها بتوقيت التسلل وهل كان قبل أم بعد الثورة، وكل ما نريده التحقيق في كيفية السماح لهذه المجموعة البحثية المشبوهة التي لا تنتمي لأي معهد علمي موثوق باختراق غرف سرية ممنوع الدخول والاقتراب منها إلا بتصريحات، فضلا عن منع أي زائر يدخل الهرم من اصطحاب كاميرا للتصوير، مطالبة بمحاسبة كل من تسبب في هذه الجريمة سواء زاهي حواس أو الوزير الحالي محمد إبراهيم. كما انفردت "البديل" بترجمة ذلك الفيديو الذي بثه الأثري الالماني " جالينز"، حيث أعطته المرشدة السياحية سالي إلى مركز بحثي متخصص ليتم ترجمته من الألمانية إلى العربية دون أي تحريف أو صياغة. وجاءت الترجمة للفيديو حرفيا كالتالي: من اجل العلم أخذ جارلينز مهمة خطيرة على عاتقه، فصعد على سلم خشبي داخل الهرم في جزء لم يره العديد من الناس على عكس غرفه الدم والجاليري (الطريق الصاعد المؤدي إلى غرفه الدفن)، وامام غرفة الدفن يوجد فتحة 50 سم في 50 سم توصل إلى الغرف الموجوده فوق غرفة الدفن، وهي خاصة بتخفيف الأحمال فوق سطح غرفة الدفن وهذا المطلع في منتهى الخطورة. سنه 1837 اكتشف العالم الإنجليزي "هوارد فايس" أن هناك غرف أخرى موجوده فوق غرفة الدفن، وفي أعلى غرفه منهم اكتشف هذا (العالم) أن خوفو هو باني الهرم الأكبر لانه بين العديد من الجرافيتي الموجودة بهذه الغرفة وبالحائط الخلفي بها خرطوشة باللون الاحمر تحمل (نقش) الملك خوفو، وقبل أن نعرف حقيقة الخرطوش والتي اكتشفها فايس، علينا أن نعرف أكثر عن اكتشاف الهرم الأكبر لأن أول من اكتشف هذه الغرفة العلويه لم يكن فايس ولكن كان العالم ديفيز الأثري سنه 1790 وكانت بدون نقوش!!! وبعدها بحوالي 30 سنة أو اكثر جاء فايس بهدف العثور على الشهرة وبكثير من مواد التفجير وأيضا الكثير من الحماسة اكتشف 4 غرف أخرى بها خطوط حمراء ولكن الغرفة الخامسة أي أعلى الغرف الأربعة، يوجد بها خرطوش باللون الأحمر للملك خوفو وحوله كتابات أخرى واتهم جارلينز فايس بأنه حاول تخليد اسمه في هذه الغرفة. يكمل جارلينز: لفت نظري أنه لم تتم دراسة تلك الكتابات بشكل علمي يتيح لنا معرفة الزمن التي تمت فيه الكتابة، وهل هي قديمة أم حديثة، ومن أجل الإجابة على هذا السؤال قرر دومنيك جارلينز القيام بأخذ عينات من هذا اللون الأحمر. المعلق سائلا جارلينز: هل من الممكن أن يكشف لنا الجزء الملون بالأحمر عن أسرار الهرم؟ لو أن اللون الأحمر مصنوع من أكسيد الحديد كما المستخدم على جدران المعابد فيكون هذا دليل على أن خوفو هو الذي بني الهرم الأكبر، أخذ جارلينز العينات وجمع أغراضه وعاد من مصر إلى درسدن وهناك قابل دكتور برند ميليج وهو يعمل في معهد sgsفي مدينه فيرسينيوس وهو أيضا من المبهورين الأهرامات. قال د.ميلينج يجب أن نعرف مكونات هذا اللون هل هو مواد عضوية أم لا، ولو أن اللون من مواد عضوية سيكون عندنا امكانية استخدام الكربون المشع لمعرفه الوقت الذي يعود إليه، أم إن كان غير عضوي فعلينا التعرف على مكوناته لمعرفة تاريخ صناعته. المعلق: لو تريدون ان تعرفوا معلومات اكثر عليكم بالعودة الي فيلم هل جاء كولومبوس متأخرا 15000 سنة. بينما قالت الدكتورة "مونيكا حنا" أستاذة علم المصريات بجامعة برلين، إن هذه الكارثة التي طالت الحضارة المصرية؛ بل الإنسانية كافة، كانت نتيجة لإهمال وتراخي وزارة الآثار في الحفاظ على الآثار، وهو ما جعل هذا الأثري الألماني يتجرأ ويتلف خرطوشة الملك "خوفو" من خلال كسرة للجدار ب"أزميل" حتى تمكن من الدخول إلى غرفة التهوية المتصلة بغرفة دفن الملك ويحصل على ثلاث عينات من اسم الملك خوفو المكتوب على الخرطوش. وطالبت مونيكا بضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية القوية من ملاحقة الإنتربول لهذا السارق، وأنها سوف تبدأ تحركاتها بتقديم بلاغ للنائب العام المصري والألماني للتحقيق في هذه الجريمة. أما عن الرد الرسمي لوزارة الآثار والخطوات التي اتخذتها في هذه القضية يقول الدكتور "محمد عبد المقصود" رئيس قطاع الآثار المصرية، إن الوزارة قدمت بلاغا للنائب العام المستشار هشام بركات لمخاطبة الإنتربول الدولي، للقبض على الخبير الألماني والتحقيق معه في تهمة ائتلاف أثر كهرم الملك خوفو المسجل ضمن قائمة التراث العالمي ويعتبر أحد عجائب الدنيا السبع. أضاف أن من الخطوات الأخرى ستقوم الوزارة بإخطار اليونسكو بما حدث لتتدخل في القضية وتساهم في الضغط على الحكومة الألمانية في الحصول على حق مصر كتعويض لهذا الإتلاف الذي تم للأثر، فضلا عن التنسيق مع وزارة الخارجية المصرية لتقوم بدورها الدبلوماسي عبر سفارتنا في ألمانيا. وأكد أن هذا الاختراق للهرم قد حدث في العام الجاري، ولكنه لا يعلم ما إذا كان قبل 30 يونيو أم بعدها، ولكن هذا ما سوف تثبته التحقيقات من خلال تواريخ دخوله وخروجه عبر مطار القاهرة، وأن وزارة الآثار لا يمكن أن تمنح مثل هذه التصريحات بالدخول إلى القاعات الخاصة بالملك خوفو، لأنها ليست بالمسألة السهلة وتحتاج إلى موافقة من أجهزة الأمن القومي نفسها، وهو ما يوضح دخول بالتواطؤ مع بعض العاملين في الآثار الذي ستجرى التحقيقات معهم. اختتم عبد المقصود تصريحاته بأن تاريخنا لن نتهاون عنه، وسوف نحصل على حقنا القانوني في الدفاع عنه وسيتم محاسبة هذا الأثري الالماني في وقت قريب.