أثارت ظاهرة عدم تلون الطماطم من الداخل باللون الأحمر، وإعلان احد الخبراء الزراعيين عن تسببها في إصابة الإنسان بالسرطان الذعر لدى المواطنين. وكان السبب الرئيسي وراء الذعر الذي أصاب المواطنين عقب انتشار تلك الشائعة، أن المصدر وراء التقاوي الجديدة هي إسرائيل، حيث إن تلك التقاوي جاءت مهربة عبر سيناء، وأن تلك الطماطم المعدلة وراثيا، تحتوي على مواد سامة تؤدي إلى الإصابة بالأمراض، ، فما كان ل"البديل" سوى التوجه للمختصين لمعرفة الحقيقة العلمية لهذه الظاهرة. قال الدكتور "مجدي عبد الظاهر" أستاذ كيمياء وسمية المبيدات بزراعة سابا باشا بالإسكندرية جامعة دمنهور، إن ما أثير حول الطماطم المعدلة وراثيا والتي تم طرحها في الأسواق خلال الأيام القليلة الماضية، ما هي إلا محاولة للإساءة للحكومة الحالية وإثارة الذعر بين المواطنين، وهي مجرد أقاويل ليس لها أي أساس من الصحة ومخالفة للدلائل العلمية والمنطق، ولا توجد أي شركة مصرية تقوم باستيراد بذور طماطم من إسرائيل، لأن هناك أكثر من 150 صنفا في السوق مسجلة سواء محلية أو مستوردة من شركات عالمية عالية الجودة ومرتفعة الإنتاج وسعرها منخفض، مؤكدا بأنه لا يوجد مبرر لتهريبها. وأشار إلى أن مادة السولانين "السامة" المسئولة عن ظهور اللون الأخضر في بعض المحاصيل كالبطاطس والباذنجان والتي تعطي طعم المرارة للثمرة، هي مادة كيماوية تفرز طبيعيا نتيجة تعرض الثمار للشمس، ولكنها لا توجد في ثمار الطماطم ولكن توجد في الساق والأوراق فقط ولذلك ليس هناك ضررا منها. وأوضح أن تلون ثمار الطماطم من الخارج باللون الأحمر ومن الداخل باللون الأخضر يرجع إلى أن هذا الصنف من الطماطم يكون من الأنواع اللحمية التي تم حصادها مبكرا ونضجت جزئيا أثناء النقل والتسويق، أما أن تكون هذه الثمار أصيبت بمرض فطري يسمى "الندوة المبكرة أو المتأخرة" ينتج عنه قصور في التمثيل الضوئي ومن ثم انخفاض تخزين المواد الغذائية في الثمرة وعدم نضجها ما ينتج عنه ذلك اللون الأخضر داخل الثمرة، أو تم تعطيش النباتات أثناء الزراعة، أو أن بعض الثمار خدشت من الخارج مما يحفز على إفراز غاز الإيثلين الذي يساعد على النضج. ونفى الدكتور "أحمد عبد المنعم" أستاذ الخضر بزراعة القاهرة، أن يكون هناك تواجد لتقاوي مسرطنة، وأن العالم بأكمله يعيش على الزراعات المحورة وراثيا والتي تخضع لاختبارات كثيرة قبل زراعتها بشكل تجاري، وما يؤكد ذلك أن الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي تنتج 50% من إجمالي الناتج من فول الصويا على مستوى العالم والذي يدخل في العديد في الصناعات الغذائية تستخدم تقاوي محوره وراثيا، مؤكدا أن السرطانات تنتج من التلوث البيئي "التربة – المياه – الغذاء" الناتج عن الاستخدام الخاطئ للمبيدات وغير الخاضع للرقابة. وأوضح أن الأعراض التي ظهرت على الطماطم المتداولة في الأسواق تنطبق على ظاهرتين تصيب الطماطم، الأولى يطلق عليها "النضج المتلطخ" والناتج عن إصابة الثمرة بحوريات الذبابة البيضاء والتي تفرز سم داخل الثمرة يمنع النضوج الطبيعي، ويترتب على ذلك عدم تلون الأجزاء المصابة باللون الأحمر وتبقى خضراء أو مائلة للإصفرار، وإذا تم عمل قطع بالثمرة نجدها بيضاء من الداخل وهذه الظاهرة بدأت تظهر في مصر منذ عام 1990 وهو نفس العام الذي بدأت فيه سلاله جديدة من الذبابة البيضاء في الظهور وهي المسئولة عن ظهور هذه الأعراض ، بينما السلالة القديمة غير قادرة على إفراز هذا السم. ولفت إلى أن هذه الذبابة تظهر بأعداد فلكية في مصر كل عام بدءا من شهر سبتمبر وحتى نهاية ديسمبر، ولهذا فإن نسبة كبيرة من الطماطم التي تعرض في الأسواق في هذه الفترة تظهر عليها هذه الأعراض من عدم تلون تمرة الطماطم من الداخل. أما الظاهرة الثانية فهي أن عنق الثمرة أحيانا يمتد داخل الثمرة لمسافة 2 – 3 سم ويكون النسيج في هذه الحالة أبيض اللون وهذه الظاهرة ليست مرضية، ولكن ترجع إلى أن إنتاج التقاوي في مصر لا يخضع للإشراف العلمي، وأحيانا يقوم الفلاح بإنتاج تقاويه بنفسه، غير منتبها إلى أن إنتاج التقاوي علم قائم بذاته، يتم خلاله استبعاد لبذور تحمل صفات وراثية غير مرغوب فيها مثل ما يحدث في هذه الظاهرة، ولذلك أؤكد على أن عدم تلون الطماطم من الداخل ليس له علاقة باستيراد التقاوي من الخارج وهي غير مسرطنة. ويقول الدكتور "سعيد سليمان" أستاذ الهندسة الوراثية بزراعة الزقازيق، إن أغلب تقاوي الطماطم المطروحة في الأسواق مستوردة لأن ما يوجد منها في مصر لا يكفي لاحتياجات الزراعة، ولذلك نلجأ للاستيراد ولا ننكر أن هناك أصنافا إسرائيلية يتم زراعتها في مصر، وهي صنف "أوريت" و"أوريت المطور"، ولكن هناك بجانب هذا الصنف تقاوي يتم استيرادها من أمريكاوهولندا وإسبانيا. وأوضح أن الهندسة الوراثية في الطماطم الغرض منها هو إدخال جين يؤخر من إفراز مادة "الإيثلين" المسئولة عن عملية النضج للثمرة، وبالتالي يزيد من فترة التخزين، والتي يمكن أن تصل لشهر، والحفاظ عليها من الفساد لسهولة التصدير، ولذلك فيتم تعريض الثمار لغاز الإيثلين لتلوين الثمار من الخارج فقط دون اكتمال عملية النضج، مشيرا إلى أن الفلاح المصري على دراية كاملة بأن البوتاسيوم يسرع من عملية التلوين، وهو سماد متوافر وأسعاره في متناول الجميع. وأكد أن هناك 58 مليون هكتار يتم زراعتها بتقاوي مهندسة وراثيا منذ عام 2005 "فول الصويا – الذرة بأنواعها – القطن –الأرز" ولم يتم الإعلان عن أي إصابات بالسرطان نتيجة تناولهم لهده المنتجات الزراعية، مشددا على أن عملية تهريب التقاوي تتم عن طريق سيناء، ولذلك لابد من تشديد الرقابة من قبل حرس الحدود على الثغرات التي يتم من خلالها عمليات التهريب. وأكدت الدكتور "أميمة صوان" رئيس شعبة الخضر بالمركز القومي للبحوث سابقا، أن التقاوي المتواجدة داخل البلاد يتم تسجيلها بطريقة رسمية عن طريق وزارة الزراعة، والتقاوي المستوردة يتم فحصها عن طريق إدارة الحجر الزراعي بالوزارة للتأكد من صلاحيتها ومطابقتها للمواصفات قبل زراعتها. أضافت أنه بالنسبة للمبيد الهرموني فهناك لجنة مبيدات من المفترض أن بها رقابة مشددة ولا تسمح بتداول أية مبيدات لا تطابق المواصفات، لكن هناك بعض المبيدات المهربة يتم استخدامها في بعض المزارع. وطالبت بضرورة تشديد الرقابة على الأماكن الحدودية لمنع تسرب تلك المبيدات ودخولها إلى البلاد. فيما أوضح الدكتور "عبد الحميد شحاتة" رئيس قطاع الخدمات والمتابعة بوزارة الزراعة أنه لا توجد أية مشاكل خاصة بمحصول الطماطم والدليل على ذلك حجم الصادرات لهذا المحصول خلال الفترة من من أول يناير للعام الحالي وحتى نهاية سبتمبر بلغ 54790 ألف طن لأربعين دولة منها الدانمارك – إنجلترا – هولندا – بلجيكا والعراق، ومن المعروف أن لهذه الدول ضوابط استيرادية مشددة وخاصة على متبقيات المبيدات. وأوضح أن سعر الطماطم خلال هذه الفترة مرتفع مما يدفع الفلاح لتعفير محصوله بالكبريت الزراعي الذي يعمل على نضوج الثمرة ظاهرا أي تكون حمراء من الخارج وصفراء من الداخل، مشيرا إلى أنه لا توجد أصناف معدله وراثيا يتم زراعتها في مصر. وناشد رئيس قطاع الخدمات كل من يتحدث في وجود طماطم مسرطنة ومهندسة وراثيا بالإبلاغ عن أماكن زراعتها وأن تكون هناك دلائل ملموسة بهذا الشأن وليس كلاما مرسلا يثير البلبلة.