خصصت صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية مقالًا مطولًا لها اليوم حول الربيع العربي وتأثيره على النظام التركي، تحت عنوان: "هل سيكون الربيع العربي من الآن فصاعدًا مسمار النعش للنموذج التركي التنموي؟" وأشارت إلى أنه منذ انطلاق الثورة التونسية في 2011 نوه رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى أنه سيستقي نظام الحكم والديمقراطية من النظام التركي، لكن منذ أيام قليلة حينما تم سؤاله عن المستقبل الديمقراطي في تونس، لم يشير الغنوشي إلى تركيا نهائيًّا. وتابعت أن عدم تطرق الغنوشي إلى ذكر النموذج التركي يأتي في الوقت الذي تقوم الحكومة التركية بقمع التظاهرات أمام العالم ككل، فما الذي جعل الغنوشي يغير من وجهة نظره؟ وبينت أنه منذ سقوط الاتحاد السوفيتي في عام 1991 والدول الغربية قلقة من الجمهوريات الإسلامية التي ظهرت بعد ذلك، وتابعت: لكن جاء الربيع العربي ليغير المعادلة تمامًا، فالقادة العرب بدأوا يتجهون إلى النظام التركي كنموذج يحتذون به، كما أن التحقيقات التي إجريت في الفترة بين 2010 و2012 أوضحت أن 60% من الرأي العام العربي يرى في النموذج التركي هو النموذج الإيجابي الذي ينبغي تطبيقه في بلادهم. وأشارت إلى أن الشهرة التي حققها النظام التركي تأتي نتيجة النجاح الاقتصادي الذي جاء ضمن أفضل عشرين اقتصاد في البلاد، يضاف إلى ذلك الإصلاحات الديمقراطية التي لفتت أنظار دول الجوار إليه، حيث حزب العدالة والتنمية "الذي يتولى الحكم تخلى عن المبادئ الأصولية؛ لإقامة نظام ديمقراطي ومؤسسي، وكذلك العلاقات القوية بين أوربا وتركيا والسياسة الخارجية التي يتبعها القائمة على " اللا- عدو". غير أن هذا المناخ من التعاطف لم يمتد طويلًا، حدثان رئيسان جعلا من النموذج التركي ضعيفًا، أولهما وعود الديمقراطية التي قدمها أردوغان تلاشت، كما أن الدور المحايد للحكومة التركية تلاشى هو الآخر، فتدعيم رئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان المعارضة في سوريا قاد البلاد على حرب أهلية سقط فيها أكثر من 100 آلف شخص، إضافة إلى تغذية النظام التركي الحرب الأهلية والصراع الديني في سوريا، فبعد أن كان النظام يلعب دور الوسيط فقط من قبل أصبح طرف أساسي في الحرب، نتج ذلك بالسلب على الاقتصاد التركي، حيث تم إيقاف اتفاقية التبادل الحر بين سوريا تركيا كما أن لبنان هي الأخرى اتخذت نفس الموقف. ثاني الأسباب التي جعلت من النموذج التركي ليس في طموحات الشعوب العربية، عمليات القمع المتوحشة للتظاهرات السلمية في تركيا منذ يونيه 2013، هذا القمع جعل الدول العربية يعيدون النظر في السياسة التي يتبعها إردوغان. واختتمت الصحيفة بالقول: إن الثورات العربية كانت المسمار الأخير في نعش النموذج التركي، حيث خرجت تركيا التي كانت تحلم مع بداية هذه التظاهرات بعودة الحقبة العثمانية، هي الخاسر الأكبر، حيث فقدت جميع حلفائها ولم تستطع حل المشكلة الكردية وكذلك غير قادرة في الوقت الحالي على الحفاظ على النمو الاقتصادي، كما أن الحرب الأهلية في سوريا شكلت ضربة مهمة للسياحة التركية، فالبديل الوحيد أمام حزب العدالة والتنمية بأن يعود إلى عهده القديم بدلًا من الاستمرار في هذه الفوضى داخليًّا والاستقطاب المستمر تجاه الثورات العربية.