قد يكون للبعض من وجهه نظري العذر في الجهل بالقانون إلا أن الشخص الوحيد في مصر الذي لا التمس له العذر المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية لعددة أسباب اخصها أنة الشخص المناط بة الرقابة على دستورية القانون سلفاً,ولذلك بمطالعتي القرار الجمهوري والذي يتضمن اصدار تعديلا تشريعيا في قانون الإجراءات الجنائية يقضى بتحرير محكمتي النقض والجنايات من قيود مدة الحبس الاحتياطى للمتهم إذا كانت العقوبة، الإعدام أو المؤبد دون التقييد بنص المادة 143 من قانون الإجراءات وجودتة مشوباً بعوار عدم الدستورية في أنة من وجه نظري يذهب أخرى الى مواضع تشريعية ليس المجال لسردة الان .لا شك أن لتنظيم الإجراءات الجنائية مفترضات ومرتكزات لا يتسنى دونها وصف الهيكل القانوني للدولة بالمشروعية،إذ هو يهوي حال إنكارها أو حال عدم تفعيلها نحو دكتاتورية الدولة والنيل من سيادة القانون. ويأتي احترام الشرعية الإجرائية Légalité procédurale التي تقابل في أهميتها قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات ,كأحد أهم ما يجب أن تحرص عليه الدولة حال تنظيمها للإجراءات الجنائية.ولا يعلل هذا الأمر,على حد قول البعض ,إلا لكون الشرعية الإجرائية أداة تنظيم الحريات وحماية حقوق الإنسان ، ولكونها ضمان للتوفيق بين فاعلية العدالة الجنائية واحترام الحرية الشخصية ، الأمر الذي يمكن من صياغة قانون إجرائي لحقوق الإٌنسان يمثل نموذجاً لما يجب أن يكون عليه قانون الإجراءات الجنائية في دولة القانون. J.-P. Delmet Saint-Hilaire, La crise du principe de la légalité des délits et des peines, Cours de doctorat, Le Caire, 1967, p. 38 ; J. Léauté, Le changement de fonction de la règle nullité crime sine lège, Mélanges Hamel, Dalloz, 1961, p. 61 et s ; S. Saler, La formation actuelle du principe Nullité crime, RSC. 1952, p. 11 et s ; R. Poplawski, La loi pénale et le principe de la légalité des délits et des peines en droit français, 1941, p. 92 et s.ورغم أن الشرعية الإجرائية أحد حلقات ثلاث تكون معاً مبدأ الشرعية الذي يسود القانون الجنائي عامة ، وهى بالأحرى حلقة تتوسط شرعية الجرائم والعقوبات Légalité des délits et des peines ،وشرعية التنفيذ العقابي أو شرعية تنفيذ الجزاء الجنائي Légalité de l'exécution des sanctions pénales ،إلا أنها تظل الترمومتر الذي يكشف عما إذا كان نشاط السلطة العامة إزاء حقوق وحريات الأفراد يباعد أم لا بينها وبين مفهوم الدولة البوليسية L'Etat de police . Bogdan Zlataric, L'évolution des idées et de pratique dans le domaine de l'exécution des sanctions criminelles, Université de Caire, 1954, p. s4 et s ; Sliwowski, Caractère judiciaire ou administratif de l'exécution de la peine au regard du problème de son contrôle, RIDP. 1965, p. 82.وتبنى الشرعية الإجرائية على افترض براءة المتهم Présomption d'innocence في كل إجراء من الإجراءات التي تتخذ قبله منذ البدء في جمع الاستدلالات وحتى استنفاذ طرق الطعن في الأحكام ، وذلك من أجل ضمان الحرية الشخصية . ولم يكن هذا المعني ليغيب عن المشرع الدستوري المصري الذي نص في المادة 67 من الدستور الحالي لعام 1971 على أن " المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه". وهكذا فإنه إذا كانت الشرعية الإجرائية هى عماد البنيان الإجرائي على المستوى الجنائي ، فإن أصل البراءة المقرر للإنسان هو الركن الركين لتلك الشرعية,حتى لو كان المتهم محبوس احتياطياً فمازال يتمتع بقرينة البراءه ولذلك واجه المشرع الفرنسى عام 2000 الحبس الحتياطى بخلق ( قاضى الحريات) كون الحبس الاحتياطى اجراء استثنائى على أنه لا تتكشف لنا حقيقة الصلة بين الإجراءات الجنائية وحقوق الإنسان إلا عند تحليل الضمانات القانونية المقررة للأفراد حال اتخاذ إجراءات جنائية ماسة أو مقيدة للحرية قبلهم. وهنا يتجلى لنا مقوم آخر من مقومات الشرعية الجنائية والمتمثل في ضرورة استناد الإجراءات الجنائية إلى نص قانون. فإذا كانت المصلحة الاجتماعية تقتضي الحد من حريات الأفراد من أجل المساهمة في كشف الحقيقة بشأن جريمة ما من الجرائم ، ومن أجل تسهيل ممارسة الدولة لحقها في العقاب ، إلا أن خطر المساس بتلك الحريات يجب أن يتعين له سياج من الضوابط ، يتاح للفرد العلم بها من خلال نصوص قانونية تقوم على سنها الهيئة التشريعية وليست التنفيذية حتى ولو كنت تقوم بدور الهيئة التشريعية صاحبة الحق في التعبير عن إرادة المجموع. فالمشرع وحده على حد قول محكمة النقض الفرنسية هو الذي يملك تحديد الأحوال والشروط التي يجوز فيها المساس بالحريات الشخصية للأفراد . Cass. Crim. 1er janv. 1956, D. 1956, p. 365.وهذا الخطاب التشريعي الذي تعبر عنه نصوص قانون الإجراءات الجنائية لا شك يخاطب كافة سلطات الدولة ، على أنه عند الحديث عن ضمانات الحرية الشخصية يأتي مرفق الضبط القضائي على رأس المخاطبين باحترام الشرعية الإجرائية ، بما يوجب عليه التيقن من أن الإجراء الجنائي الماس بحريات الأفراد – والمزمع اتخاذه قبل أحدهم – قد توافرت بشأنه الشروط والضوابط التي تقررها القواعد القانونية. وهكذا يمكننا القول أن التنظيم الدقيق لعمل مرفق الضبط القضائي – وعلى رأسهم رجال الشرطة - في علاقته بالحريات الشخصية للأفراد هو استكمال لهيكل دولة القانون التي ينظر فيها للإجراءات الجنائية كأحد آليات حماية حقوق الإنسان ، ويلتزم فيها مرفق الشرطة حال ممارسته لمهمة الضبط القضائي بكافة عناصر وأركان الشرعية الإجرائية ، وعلى رأسها أصل البراءة في الإنسان ولو كان متهما ، وقاعدة أن القانون مصدر للإجراءات الجنائية[email protected]