أصدر المركز القومي للترجمة، 5 عناوين جديدة ضمن ترجماته، خلال شهر سبتمبر الجاري، كان أخرها كتاب «رحلة لمصر: رحلة في عالم الجماعات الإسلامية المتشددة.. صورة جديدة لأسامة بن لادن»، تأليف الكاتبة الصحفية ماري آن ويفر، الباحثة المتخصصة في شئون جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط، وترجمة نشأت باخوم، ومراجعة نسيم مجلي. تصدرت صورة «بن لادن» غلاف الكتاب الذي قدمه محمد عفيفي،وتبنت المؤلفة وجهة نظر معظم المحللين الغربيين القائلة إن نشوء ظاهرة الإسلام السياسي يرجع إلى المستوى الاقتصادي المتدني لمعظم دول الشرق الأوسط. وتكمن أهمية الكتاب أن الكاتبة توقعت أن يصل الإخوان إلى السلطة عبر الطرق السياسية البطيئة، وهو ما حدث في مصر وتونس وفلسطين،كما تنبأت بثورة 25 يناير، بل وتوقعت أن الشرطة لن تستطيع الوقوف أمام هذه الثورة، وأن مبارك سيطلب تدخل الجيش، وينحاز الجيش إلى الشعب. كما أجرت الكاتبة حوارات مع شخصيات عامة، وتناولت بالتفاصيل خطط الإخوان للوصول للحكم. في سياق آخر، تحدثت المؤلفة في فصل كامل من الكتاب عن أسامة بن لادن، ونشأته الارستقراطية، وكيف عمل مع المخابرات السعودية لتمويل الجماعات المسلحة، قبل ان ياتي إلى بيشاور كمجاهد بنفسة، أيضًا وضعه لثروته الشخصية التى تقدر الآن بنحو 250 مليون دولار تحت تصرف الجماعات الإسلامية المتطرفة، ثم تحدثت عن نصر أبو زيد ودعوى الحسبة.ويعد الكتاب محاولة من الكاتبة أن تروى قصص وحكايات المصريين بنفس أصواتهم ومن خلال عيونهم أيضًا. كما أصدر قومي الترجمة كتاب بعنوان «شكسبير لكل العصور»، من تأليف ستانلي ويلز،وترجمة عصام عبد الرؤوف بديع،ومراجعة عصام عبد العزيز،وتقديم محمد عناني. تناول تطور صور شكسبير في القرون الأربعة الأخيرة، فبعد الحديث عن عصر شكسبير وفنه الأدبي، ودراسة تطور الصورة ومعناها، رصد تطور نظرة القراء ومشاهدي المسرح لأعمال شكسبير الدرامية، ولشعره بطبيعة الحال، وهو ما ينتمي في الدراسة الأدبية إلى ما يسمى التلقي، وهو مبحث راسخ نسبيًا، وإن لم ينشأ إلا في القرن العشرين. وتوسل في صورته الحديثة على ما يسمى نقد استجابة القارئ، الذي ازدهر في القرن الحادى والعشرين، واستند ممارسيه على مذاهب النقد الثقافي، والدراسات الثقافية عمومًا، وتوسل البعض الآخر بمداخل لغوية لا تنفصل عن تلك المذاهب والدراسات، وإن كانت تتخذ من اللغة ساحة للتحليل الثقافس. أما اختلاف صورة الكاتب عبر العصور، وهو موضوع هذا الكتاب، فهي قضية لها أهميتها في ذاتها ولما يترتب عليها بالنسبة لنا نحن العرب بصفة خاصة، فصورة الكاتب بلغته الأصلية لابد أن تختلف عن صورته حين يترجم إلى لغة أخرى، فاللغة نتاج ثقافي، تراث ومعاصر معًا، وتحويل الأدب من لغة إلى لغة يتضمن تحويلات ثقافية محتومة، مادام الأديب يخاطب قارئه، وهو يخاطبه بما يفهمه، وتحويل ما يفهمه الإنجليزى إلى ما يفهمه العربي أمر شاق. وكان ضمن إصدارات الشهر الجاري بمركز الترجمة، كتاب بعنوان «السير فوق الماء: القراءة والكتابة والثورة»،الذي قدم لنا نظرة استثنائية ومذهلة للتعليم والكتابة والإبداع والحياة، وهي نظرة يقدمها كاتب لطالما عُرف عنه النقد المحموم لمظاهر الحضارة الغربية، ديريك جنسن،وترجمه للعربية سمير عبد ربه. أخذنا ديريك جنسن، في هذا الكتاب إلى الفصل الدراسي الخاص به، حيث يعرفنا كيف أن المدارس تحاول أن توهمنا بأن السعادة تكمن خارج ذواتنا؛ إذ تعمل هذه المدارس على إبقائنا خاضعين لمن هم في السلطة، فالمدرسة تقوم بطريقة بطيئة وتدريجية بغرس ثقافة الخوف من الفشل داخل النفس والذهن، والعمل على تكريس الثقافة الكاملة لكل الأشياء السخيفة المنافية للعقل. كذلك ترجم أحمد محمود، كتاب «التكالب على نفط إفريقيا»، الصادر بداية سبتمبر الجاري، عن المركز القومي للترجمة، للمؤلف چون جازفنيان. بحث هذا الكتاب صعود وهبوط وسقوط برنامج إدارة عائدات النفط في دولة تشاد، الذي كان مقصودًا به التعاون مع البنك الدولي، لضمان أن أموال النفط ستفيد الشعب التشادي، لكن هذه الأموال استخدمت في شراء السلاح والولاء، وفي النهاية أدت الحرب الأهلية إلى انهيار الاتفاق، وأصبح بمقدور الحكومة استخدام تلك الأموال لخوض حروبها الأهلية، والواقع أن تحذيرات تطوير النفط من جانب العديد من المنظمات غير الحكومية تحققت. وتناول بين دفتيه أثر الاستثمار الصيني على القارة الأفريقية بشكل عام، ولا يستنتج چون جازفنيان أن الاستثمار الجديد أسوء الاستثمار الغربى، لكنه يتبنى وجهة نظر أكثر حيادية وموضوعية، مفادها أن تلك العلاقات تكافلية، ولا تختلف كثيرًا عن جهود الغرب لضمان النفط الإفريقي، وله كذلك رؤى متعمقة لافته للإنتباه بشأن كيفية تأثير نموذج الاستثمار الصيني على مقاربة البلدان الأخرى للنفط الإفريقي، كالهند وكوريا الجنوبية وجنوب إفريقيا. «السلام المستحيل: إسرائيل/ فلسطين منذ 1989»، كان أول وأبرز إصدارت الشهر، من تأليف مارك ليفين، الأستاذ في جامعة كاليفورنيا، والمتخصص في التاريخ الحديث للشرق الأوسط. صدر في نسخته العربية من ترجمة وتقديم أنوار عبد الخالق، من مراجعة طلعت الشايب. 323 صفحة قدمت في 6 فصول دراسة جادة وموضوعية تشرح وتوضح للقارئ كيف أن عملية السلام فكرة زائفة، وأن تحقيق السلام في الأراضى المحتلة يعتبر ضربًا من المستحيل، لعدم وجود مطالب مادية وملموسة يمكن تحقيقها بالنسبة للشعب الفلسطيني، أما بالنسبة لإسرائيل فإن فكرة السلام قد تم استغلالها وتوظيفها على يد حكومات الليكود والعمل المتعاقبة، من أجل احكام قبضة اسرائيل على باقى الاراضى المحتلة. وأكد المؤلف أن إسرائيل قد اجهضت وببراعة فائقة عملية قيام الدولة الفلسطينية عن طريق مصفوفة التحكم التي صممها ونفذها العلماء والقادة العسكريون في إسرائيل، بغرض التوسع في الاستيطان وليس من أجل السلام. ومنذ حرب لبنان 1983، وخروج منظمة التحرير منها، وحتى قبيل انتفاضة 1987، تم إهمال وتجاهل القضية الفلسطيينية التي تراجعت على جداول أعمال الدول العربية والأجنبية، ومن ثم لم يكن غريبًا أن تأتي الانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987 باعتبارها تعبيرًا عن غضب الشعب الفلسطيني بسبب ما لحق به من تجاهل وإهمال عالميين، بالإضافة إلى تأثير اللوبي الصهيوني في سياسات الولاياتالمتحدة، الذي وظف بالفعل كل القوى السياسية والاقتصادية وأحيانًا العسكرية من أجل اليهود. وأوضح الكاتب كيف أن مباحثات أوسلو لم تكن لديها أي فرصة لتحقيق السلام، لعدم وجود ضمانات حول القضايا المهمه، مثل: المستوطنات والقدس وحق تقرير المصير بالنسبة للشعب الفلسطيني، وعن الجانب الإسرائيلي فهناك خططًا استعمارية طويلة الأمد، ونجحت إسرائيل بالفعل في تنفيذها عن طريق تخطيط منظم لبناء المستعمرات، وكيف أن حكومات الليكود والعمل، كانت متفقة على أن توسيع المستوطنات هو ضمان البقاء الأكيد لدولة إسرائيل، وإحكام قبضتها تمامًا على الأرض المحتلة.