بعد مرور 60 يوما على تولي حكومة "الببلاوي" مناصبهم، أجمع الكثيرون على أن هذه المدة غير كافية، ومن الظلم تقييم أداء الوزراء ولابد من إعطاؤهم بعض الوقت قبل الحكم، فإن كان من يجلسون في مكاتبهم ويتحدثون عبر الشاشات يرون ذلك، فالشارع له وجهة نظر أخرى، وللمواطنين معاناة تستحق أن تنتهي؛ فهم دائما بين شقي الرحى بين رئيس ومسئولين، يستمعون لخطب ووعود ويظل الحال كما هو عليه بل يزداد سوءا، وقد أجمعوا على أنهم يئسوا من الاستماع إلى كل من يتاجر بفقرهم، ويعدهم ويمنيهم بأن بتيسير ظروف المعيشة، ثم ينتهي كل شيء بمجرد الوصول إلى الكرسي. وقد رصدت "البديل" عدد من آراء المواطنين، بمختلف الطبقات الاجتماعية، للتعرف على حقيقة ما أنجزته حكومة الببلاوي "المؤقتة" للشارع المصري، بالإضافة إلى مطالب المستضعفين من الدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية . قال "محمود شعبان" 58 عاما، يعمل في مصنع أقمشة بمنطقة شبرا الخيمة، أنه لم يشعر بأي تغير أو تحسن منذ تولي "الببلاوي" لرئاسة الوزراء، واتفق معه زملاؤه في ذلك، حيث أكد أن الراتب مازال كما هو، في حين شهدت كل السلع والمواد الغذائية وغيرها زيادة كبيرة في الأسعار، وهو ما يتطلب زيادة الرواتب إلى الضعف، ليس لتحقيق نوعا من الرفاهية، وإنما لمجرد توفير لقمة العيش بعد أن أصبحت أغلى أمانينا. وتابع شعبان، كنا نصمت على أمل أن تتحسن الأمور، نشعر بآدميتنا في بلد نحن أرخص ما فيه، فقد قالوا أن مبارك صاحب البيت و"سيبوه يحكم كمان شوية"، وكأنه يحتاج ثلاثون عاما آخرين لينظر إلى المواطن الفقير، وتحدثوا عن خط الفقر وقد أصبحنا نتمنى أن نصل إليه، فمصر أصبحت مليئة بالمعدمين، وعن مرسي صرخوا فينا وقالوا لا تقيموه الآن وأعطوه فرصة لكي يكمل دورته، ولم يعلموا أنه قد طفح الكيل ولن ننتظر أن تضيع سنوات أخرى ليأتي من يسرق قوتنا. وطالب الوزراء ومعهم رئيس الحكومة، بعمل مشاريع تهم المواطن وتخصه، بدلا من الإنفاق على بناء السجون وترك الناس يناموا في الشوارع، وتساءل: "هل نسي الببلاوي أن حكومته مؤقتة، وأن كل المطلوب منه إنجاز خطوات يشعر المواطن البسيط بأثرها في حياته؟". بينما ترى "أم ياسر" 45 عاما صاحبة "نصبة شاي"، أن كل الحكومات التي عاصرتها منذ مبارك وحتى "منصور" لم تحقق لهم أي فائدة، بالعكس فإن الفقر يزيد والأسعار تتضاعف، والمسئولين "نايمين في الخط"، فلا يوجد بينهم وزير يعجز عن دفع مصاريف المدارس لأبنائه، أو ينهض من نومه ولا يملك طعام يومه له ولأسرته، وبالتالي من المستحيل أن يرفعوا من مستوى معيشة الطبقات المعدمة، لأنهم ببساطة لا يرونها ولا يعرفون عنها شيء إلا من خلال ممثل في فيلم، فيقوم بعمل دور الشحات والموظف، وبعد نهاية الفيلم يتقاضى الملايين على شعوره ب"الغلابة"، متساءلة: "فهل هذا هو العدل يا ريس؟". وأضافت، ليست لنا مطالب كبيرة على الوزراء، ولكن نتوسل إليهم بأن يحفظون لنا رغيف العيش بعيدا عن الغلاء، فنحن لا نستطيع شراء رغيف ب50 قرش أو جنيه، ونتمنى أن تنخفض أسعار اللحوم والخضروات والفاكهة، وأن نعيش في أمن بدلا من البلطجة والفوضى التي تشهدها مصر، وأن تكون قبضة يد الحكومة على الأغنياء ورجال الأعمال الذين يسرقون البلد، ولكن لا نرى منهم سوى مطاردة من يملك كشك أو "نصبة شاي" وهو كل ثروته، وبدونها لا يستطيع الإنفاق على أبنائه. وفي سياق متصل قال "مينا أسعد" 33 سنة "موظف"، أن هذه الفترة لا تختلف عن ما سبقها، فهو نفس حالة "الغباء السياسي" التي تحكم مصر منذ عصور، فلا تأتي حكومة لديها خطة تنموية جاهزة لتقدمها وتعمل عليها، بينما تسيطر العشوائية والهمجية على معظم القرارات، وما يعيب حكومة الببلاوي، هو أنهم مشغولون بإعداد خطط والتفكير في مشاريع تستغرق أعوام كاملة، ويتجاهلون أنهم موجودون لعدة أشهر فقط، وأنها حكومة انتقالية جاءت بعد ثورتين، أي أن المواطن يحتاج ليشعر بتحسن في ظروف معيشته، حتى لو كان محدودا، وما يحدث هو مهزلة وجريمة في حق الفقراء، ولن ننتظر حتى تقوم ثورة جياع في مصر، ليدرك الجميع أن هناك من يستحق أن يعيش حياة كريمة. واستطرد، لن أتحدث عن مطالب الأقباط أو أحلامهم، لأن حال المصريين "بقا يصعب ع الكافر"، ولا مجال لإعلاء مصالح فيصل أو طائفة عن غيرها، ولكننا لن نتهاون في حقوقنا بعد اليوم، ومن الطبيعي أن يكون الحق في الغذاء هو أقل ما تقدمه أي دولة لمواطنيها، فمازال بيننا ما يأكل من القمامة، ومن ينام على أرصفة الشوارع وسلالم المترو.