اللواء سمير فرج: مصر تعمل على تثبيت الهدنة ودعم جهود إعادة الإعمار وترفض تهجير الفلسطينيين من غزة    محمد علي السيد يكتب: التجريدة المغربية الثانية.. مصر73    قرار عاجل من «التعليم» بشأن معلمي الحصة خريجي الشريعة وأصول الدين (تفاصيل)    موعد صرف المعاشات لشهر نوفمبر فى أسيوط    ترامب: كوريا الجنوبية ستدفع 350 مليار دولار مقابل خفض الرسوم الجمركية    ليس لهم أي انتماء سياسي، حماس ترسل إلى مصر قائمة من 45 شخصية مستقلة لتولي إدارة غزة    الخارجية البريطانية: سنحاسب قيادة قوات الدعم السريع على جرائمهم    نتنياهو: غزة لن تشكل تهديدًا على إسرائيل بعد الآن    أمريكا.. إدانة نائب قائد شرطة بولاية إلينوي بقتل امرأة من ذوي البشرة السمراء    مواجهتان قويتان في قرعة ربع نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    وكيل لاعبين: النظام المتبع فى الزمالك يسهل فسخ العقود من طرف واحد    تشالهان أوجلو يقود إنتر للانتصار بثلاثية زيادة جراح فيورنتينا    موناكو يقلب الطاولة على نانت في مهرجان أهداف في الدوري الفرنسي    التحفظ على جثة المصور كيرلس صلاح بمستشفى القنطرة شرق العام ب الإسماعيلية    أشعل النار في مسكنه بسبب المخدرات.. تفاصيل نجاة زوجة وأبناءها من حريق مروع في الفيوم    محامي شهود الإثبات: الأيام القادمة ستكشف مفاجآت أكبر في القضية التي هزت الإسماعيلية    فاهمة الحياة كويس.. أهم 3 أبراج حكيمة وعاقلة ترى ما بعد الحدث    «كارثة طبيعية».. محمد سلام في ورطة بسبب 5 توائم    7 كتب مصرية تتنافس على جائزة أدب الطفل العربي بقيمة 1.2 مليون درهم    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد عيادات التأمين الصحي بالعريش    هيئة الغذاء والدواء الأمريكية تأمر بتسريع تطوير أدوية حيوية أرخص    آرسنال يهزم برايتون ويتأهل للدور الخامس في كأس الرابطة    نبيل فهمي: لا أحمل حماس كل تداعيات أحداث 7 أكتوبر.. الاحتلال مستمر منذ أكثر من 70 عاما    تصاعد اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية.. وهجوم على قرية "برقا"    تحرير 977 مخالفة مرورية في حملات أمنية على شوارع قنا لاعادة الانضباط    كواليس العثور على جثة شاب مشنوقا داخل شقته بأوسيم    الحبس شهر وغرامة 100 ألف جنيه عقوبة دخول المناطق الأثرية بدون ترخيص    ترامب: تصريحات بيل جيتس تظهر أننا انتصرنا على "خدعة المناخ"    نيوكاسل يونايتد ضد توتنهام.. السبيرز يودع كأس الرابطة    قبل ساعات من افتتاحه، اختصاصات مجلس إدارة هيئة المتحف المصري الكبير    أبراج وشها مكشوف.. 5 أبراج مبتعرفش تمسك لسانها    علي صوتك بالغنا، افتتاحية نارية لمدربي "The Voice" في موسمه السادس (فيديو)    بيراميدز يواجه التأمين الإثيوبي في مهمة حسم التأهل لدور المجموعات الإفريقي    بايرن ميونخ يهزم كولن في كأس ألمانيا ويحطم رقم ميلان القياسي    ارتفاع الأخضر عالميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الخميس بغد قرار الفيدرالي    بالصور.. تكريم أبطال جودة الخدمة الصحية بسوهاج بعد اعتماد وحدات الرعاية الأولية من GAHAR    5 ساعات حذِرة.. بيان مهم ل الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم: ترقبوا الطرق    من تأمين المصنع إلى الإتجار بالمخدرات.. 10 سنوات خلف القضبان لاتجاره في السموم والسلاح بشبرا    النيابة الإدارية تُعاين موقع حريق مخبز بمنطقة الشيخ هارون بمدينة أسوان    متهمين جدد.. تطور جديد في واقعة قتل أطفال اللبيني ووالدتهم    رسميًا.. أسعار استخراج جواز سفر مستعجل 2025 بعد قرار زيادة الرسوم الأخير (تفاصيل)    مطروح تستعد ل فصل الشتاء ب 86 مخرا للسيول    جامعة المنيا: فوز فريق بحثي بكلية الصيدلة بمشروع بحثي ممول من الاتحاد الأوروبي    أسعار الذهب فى أسيوط الخميس 30102025    موعد تطبيق التوقيت الشتوي في أسيوط    حارس بتروجت: كنا نطمع في الفوز على الأهلي    المالية: حققنا 20 إصلاحا فى مجال التسهيلات الضريبية    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الخميس 30102025    أخبار × 24 ساعة.. مدبولى: افتتاح المتحف المصرى الكبير يناسب مكانة مصر    الشرقية تتزين بالأعلام واللافتات استعدادًا لافتتاح المتحف المصري الكبير    ختام البرنامج التدريبي بجامعة المنيا لتعزيز معايير الرعاية المتمركزة حول المريض    سوهاج تكرّم 400 من الكوادر الطبية والإدارية تقديرًا لجهودهم    جولة تفقدية لمتابعة انتظام الخدمات بالقومسيون مستشفى العريش العام    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندي: الغني الحقيقي هو من يملك الرضا لا المال    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    محاكمة صحفية لوزير الحربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد نور الدين يكتب عن : تكاليف ثورة 25 يناير
نشر في البديل يوم 08 - 07 - 2011

نقول دائما أن حياة الإنسان قصيرة .. وهي بالفعل قصيرة مهما امتدت . ولأن الحياة قصيرة فان هناك من الظواهر والأحداث ما قد لا تمر بالإنسان سوى مرة واحدة طوال عمره، أو طوال عمره الواعي. من هذه الأحداث ” الثورات”. فنحن لا نشهد ثورة كل يوم أو كل سنة، لنستفيد من أحداثها ونتائجها، ونستخلص منها الدروس لنواجه المستقبل. لكننا في الواقع نفعل ذلك استنادا إلى ما نقله إلينا آخرون عاشوا هذه الفترات وتفاعلوا معها وكتبوا عن أحداثها وقدموا لنا رؤاهم عنها . وأيا كانت تصوراتنا بالتالي عن كل ما يتعلق بهذه الثورات ، فإنها تكون قاصرة وبعيدة عن الواقع الذي تم فعلا.. فليس من عاش الفترة ” الثورة ” كمن قرأ عنها.
وتطرح هذه الفكرة مجموعه هامة من الأسئلة بخصوص ثورة 25 يناير. حقا إنها ثورة لم تكتمل بعد. وحقا أن الثوار لم يصلوا للحكم وما زالوا يتقدمون بمطالبهم ويرفعون شعاراتهم ويتحاورون فيما بينهم ومع الآخرين عن أسباب الثورة ومطالبها وشعاراتها والقوى التي قامت بها، وكيف تمت وعن مراحلها ونتائجها.. وعمن يقف معها وعمن يعاديها، وعن مصيرها وغير ذلك من الأسئلة الضرورية والهامة.
ولأن مصالح الناس مختلفة وكذا قدراتهم وتصوراتهم خاصة لمصر ولما ينبغي أن تكون عليه ، وللثورة وما أدت إليه، فانه من الطبيعي أن يختلف الناس حول الكثير من القضايا الخاصة بالثورة وخاصة القضايا الاقتصادية . فالشعب – وحتى الثوار أنفسهم – ليسوا في موقف واحد ولا ينظرون دائما من نفس الزاوية. لذلك جزع الكثيرون وخافوا وكثرت شكواهم مما أسموه تردي الأوضاع الاقتصادية بالتحديد. وفي حين كان البعض محقا في تخوفاته حسنة النية، فان البعض الآخر لم يكن كذلك وقام برفع نفس الكلمات والتخوفات بهدف إنهاء الثورة أو الاكتفاء بما تم من نتائج.
طبيعي أن الثورة تغير أوضاعا وتستهدف تغيير المزيد، وتكشف عن العديد من المظاهر التي كانت خافية وتبرزها إلى السطح. وطبيعي أن الثورة يصاحبها قدر من عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمني.. وإلا لما كانت تستحق هذا الاسم ” ثورة “. لكن هناك فارق كبير بين هذا كله وبين ما شهدناه وما زلنا نشهده من استخدام الكثيرين ” لفزاعة ” تدهور الاقتصاد المصري وانخفاض معدل النمو وتراجع بعض مؤشرات الأداء، وإثارة تساؤلات وبث إشاعات حول انهيار الاقتصاد المصري بسبب الثورة وبسبب استمرار رفع مطالبها التي لم تتحقق بعد. ولأن الإنسان عادة لا يشهد طوال عمره أكثر من ثورة كما قلنا ، فقد يكون مقبولا من الناحية المنطقية أن يصيبه بعض القلق والتخوف لأن هناك مجهولا لا يعلمه ولا يدرك أبعاده، إلا أن هناك فرق كبير بين ذلك القلق المشروع وبين استخدام أسلوب ” الفزاعة” لإثارة الذعر والتخويف والمطالبة بتوقف الثورة في منتصف الطريق. لقد تم التحدث عن أمور تافهة ( كانخفاض الأسعار في البورصة ) على أنها مؤشر خطير يعكس تردي الاقتصاد المصري، ولم يقولوا للناس أن البورصة أشبه ما تكون بنادي للقمار وليس بينها وبين الاقتصاد الحقيقي إلا روابط واهية ،وان عدد الشركات المقيدة بالبورصة لا تمثل أكثر من 2% من إجمالي الشركات القابلة نظريا للتسجيل فيها ، وأن الأجانب هم أكثر المتعاملين في البورصة المصرية وأنهم يملكون الجزء الأكبر من الأوراق المقيدة بها، وأن نشاط البورصة نفسه ليس سوى إجراء عمليات لنقل الملكية على الأسهم والسندات من شخص إلى آخر . وتشمل ” الفزاعات ” أمر آخر شديد السخف ، حيث يخبرنا عنوان احد التقارير بارتفاع أحكام الإفلاس النهائية بنسبة 235 % خلال الشهور الخمسة الأولى من 2011 ، على حين توضح التفاصيل أن عدد هذه الأحكام على مستوى الجمهورية بلغ 57 حكما؟؟؟ نعلم بالفعل أن هناك تكاليف اقتصادية للثورة دفعتها فئات عديدة خاصة من العاملين بقطاع السياحة والأنشطة المرتبطة به، ومن العاملين بقطاع البناء والمقاولات، وبعض الأنشطة الأخرى كالنقل والتجارة الداخلية، والعاملين باليومية في مختلف القطاعات، إلا أننا لا نعلم حقيقة ما يتم ترويجه عن المصانع التي توقفت عن الإنتاج كما يقولون ,ولا نعلم هل كان توقفها بسبب إضرابات العمال أم إضرابات أصحاب المصانع أنفسهم أم بسبب الغياب الأمني.
لكل ثورة تكاليف، ولا يمكن اعتبار هذه التكاليف من بين الخسائر. فتاريخ الثورات يبين أن هذه التكاليف قد تشمل تدمير جزء كبير الهياكل الإنتاجية والبنية الأساسية، وهذا ما لم يحدث في ثورة 25 يناير أو بسببها. كما أن المتشائمون والمهولون لا ينظرون إلى بعض النقاط الواضحة عن الآثار الاقتصادية الايجابية للثورة في حد ذاتها. فقد أسقطت الثورة دولة الفساد المؤسسي. وهو فساد كان يحول دون توسع الاستثمار وزيادة الإنتاج والتشغيل ، وقد ظل مناخ الاستثمار في مصر غائما وطاردا للاستثمارات الحقيقية والجيدة لسنوات طويلة كان المستثمرون يضيفون فيها إلى تكاليف مشروعاتهم ما نسبته 15 % لدفع تكاليف الفساد الذي عشش في كل مكان بدرجة لم يتخيلها أحد.
من العيب أن نتحدث عن الخسائر المادية أو التكاليف المالية للثورة ، في الوقت ألذي خسر فيه الكثيرون من ثوار 25 يناير أرواحهم وحياتهم وأجزاء غالية من أجسامهم ، ومن العيب أن تنشط الأجهزة التي كانت تصدر بياناتها وإحصاءاتها متأخرة لشهور طويلة ، لتنشر لنا بيانات عن الخسائر بصورة أسبوعية أو شبه أسبوعية. وأخيرا لكل هؤلاء نقول : هل حاول أحدكم إجراء مقارنة عادلة بين ما تحمله الاقتصاد المصري من تكاليف بسبب ثورته التي سوف تفتح لشعبها آفاقا للحرية والعدالة ، وبين ما خسره الاقتصاد المصري بسبب الأزمة الاقتصادية التي يشهدها العالم منذ 2008 ولم يكن لنا في أسبابها لا ناقة ولا جمل؟ وأخيرا ، فكيف يمكن في رأيكم أن نحسب المكاسب التي سوف تعود إلينا من إقامة مجتمع الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، وهل يمكن مقارنة هذه المكاسب بأية تكاليف؟؟
[email protected]
2 يوليو 2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.