أعلن العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، قبل يومين من انطلاق الحوار الوطني، تشكيل لجنة مستقلة تضم حقوقيين دوليين للتحقيق في الأحداث التي رافقت الحركة الاحتجاجية التي شهدتها البحرين في فبراير ومارس وأنهتها السلطات بالقوة. ووعد الملك حمد بأنه لن يتم التساهل مع أي شخص يثبت تورطه في انتهاكات كما أعلن وضع حد لعمل المحاكم الاستثنائية في خطوات لمواجهة حالة “انعدام الثقة” التي تعم المملكة على حد قوله. ونص مرسوم ملكي نشرته وكالة أنباء البحرين على إنشاء “لجنة ملكية مستقلة للقيام بالتحقيق في مجريات الأحداث التي وقعت في مملكة البحرين خلال شهري فبراير ومارس 2011 وما نجم عنها من تداعيات لاحقة، وتقديم تقرير حولها متضمنا ما تراه مناسبا من توصيات في هذا الشأن”. ويرأس اللجنة محمود شريف بسيوني أستاذ القانون بكلية دي بول في شيكاغو والأمين العام للرابطة الدولية للقانون الجنائي ورئيس المعهد الدولي للعلوم الجنائية. وتضم اللجنة أيضا القاضي الكندي الدولي فيليب كيرش الذي كان عضوا في المحكمة الجنائية الدولية والبريطاني السير نايجل رودلي العضو في لجنة حقوق الإنسان في الأممالمتحدة. وتضم اللجنة ايضا ماهنوش أرسنجاني وبدرية العوضي. ونص المرسوم الملكي على أن تتمتع لجنة التحقيق باستقلال تام عن حكومة مملكة البحرين أو أي حكومة أخرى ويعمل أعضاؤها بصفتهم الشخصية على أن تكون مهمتها “تقصي الحقائق” عبر الاتصال بجميع الجهات الحكومية المعنية والمسؤولين الحكوميين وكذلك الاطلاع على الملفات والسجلات الحكومية، كما تحظى “بمطلق الحرية في مقابلة أي شخص تراه مفيدا لها” من الجمعيات السياسية ومنظمات المجتمع المدني. ويفترض أن تنهي اللجنة مهمتها قبل نهاية أكتوبر عبر تقديم تقرير للملك، كما يحق للجنة التوصية بمحاكمة أشخاص. ويأتي تشكيل هذه اللجنة قبل أيام من انطلاق الحوار الوطني الذي دعا اليه الملك في الثاني من يوليو. ولم تعلن المعارضة الشيعية حتى الآن موافقتها على المشاركة في الحوار. وكان 24 شخصا بينهم عدد من رجال الأمن قتلوا خلال تعامل السلطات مع الحركة الاحتجاجية التي قادها الشيعة والتي رفع خلالها شعار “إصلاح النظام”. كما قتل أربعة أشخاص في الاعتقال بعد أن وضعت السلطات في منتصف مارس حدا بالقوة للحركة الاحتجاجية، وسط فرز طائفي قوي في المملكة وفي ظل تدخل عسكري خليجي مباشر للمساهمة في إعادة الاستقرار. وفي سياق إعلانه عن تشكيل اللجنة، قال الملك حمد في كلمة ألقاها أمام مجلس الوزراء “ما زلنا في حاجة إلى النظر فيما جرى لمعرفة كافة تفاصيل أحداث فبراير ومارس، وأن نقيم تلك الأحداث على حقيقتها فهناك ضحايا للعنف لا يمكن لنا أن ننساهم”. وأشار الملك إلى وجود “اتهامات واتهامات مضادة حول أسباب ونوعية وكيفية حدوث ذلك العنف” فيما “أصبحت حالة عدم الثقة هي السائدة” بحسب تعبيره. وأكد الملك حمد أن “أي شخص سواء أكان يعمل باسم حكومة مملكة البحرين أو في أي موقع آخر لا بد أن يدرك أننا لم نتخل عن مبادئنا ولن يتم التهاون أو التساهل حيال ثبوت أية انتهاكات لحقوق الإنسان من أي كان، فهذه الأفعال لا تساعد أحدا بل تؤذي الجميع”. وفي خطوة أخرى للتطبيع والمساهمة في تسهيل الحوار، أصدر ملك البحرين مرسوما آخر ينص على أن تحال إلى المحاكم العادية جميع القضايا والطعون التي لم تفصل فيها محاكم السلامة الوطنية، وهي المحاكم الاستثنائية التي انشئت بموجب إعلان حالة الطوارئ التي رفعت مطلع يونيو. ونص المرسوم على السماح بالطعن في الأحكام الصادرة من محكمة السلامة الوطنية الاستئنافية أمام محكمة التمييز. وحكمت محكمة السلامة الوطنية قبل أسبوع على ثمانية معارضين بارزين بالسجن المؤبد وعلى 13 آخرين بالسجن بين سنتين و15 سنة بتهمة التآمر على النظام، فيما لم تصدر بعد أحكام بحق معارضين آخرين بينهم نائبان من جمعية الوفاق الوطني الإسلامية المعارضة التي تمثل التيار الشيعي الرئيسي في البلاد. ويرى المراقبون أن مشاركة جمعية الوفاق أساسية لنجاح الحوار إذ أنها أكبر تيار شيعي في المملكة وهي لم تتجاوز في خطابها السياسي سقف الملك بل كانت تطالب بملكية دستورية وعدم “احتكار” الأسرة الحاكمة للسلطة. وكان مسؤول سعودي رفيع المستوى أكد الثلاثاء ان قوة درع الجزيرة التي دخلت البحرين للمساعدة في ضبط الأمن “تعيد تموضعها” في المملكة و”لن تنسحب منها بشكل كامل”. وكان دخول القوات الخليجية إلى البحرين أسفر عن ارتفاع حدة التوتر الطائفي في منطقة الخليج إلى درجة كبيرة إضافة إلى تفاقم التوتر مع إيران.