وزيرة التخطيط تبحث مع «هواوي» التوسع في الاستثمارات وتعزيز التحول الرقمي    الرقابة المالية تلغي تراخيص 258 جمعية ومؤسسة أهلية    الهلال الأحمر: قافلة «زاد العزة» ال73 تحمل نحو 9300 طن مساعدات للفلسطينيين    بينهم طالب بكلية الطب.. مقتل 3 مسجلين خطر وإصابة ضابط شرطة داخل سيارة ملاكى بسوهاج    كاملة ابو ذكري: خالد النبوي فنان كبير ومحظوظة بالعمل معه في «واحة الغروب»    اليوم.. افتتاح أكاديمية الفنون فى الإسكندرية    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    السكة الحديد: 10 آلاف كيلومتر طول الشبكة.. ومتوسط الرحلات اليومية ألف قطار    بني سويف: زراعة 33 ألفا و267 فدانا بمحصول بنجر السكر بالمحافظة    محافظ الفيوم يوجه بسرعة التعامل مع الانهيار الجزئي بطريق كفر محفوظ طامية    وكيل تعليم كفر الشيخ يتفقد مدارس إدارة شرق.. ويؤكد استمرار المتابعة    توتر شديد وغضب، اجتماع درامي لحكومة الاحتلال ونتنياهو يقرر معاقبة وزرائه    حماس: المقاومة تسلمت قائمة بأسماء 1468 أسيرا من قطاع غزة    القاهرة الإخبارية: اشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع بغرب كردفان    ليفربول يزاحم مانشستر سيتي على ضم سيمينيو    أشرف صبحي يشهد النسخة الثانية من أولمبياد الصحفيين    الكونغ فو يضمن 5 ميداليات في دورة ألعاب التضامن الإسلامي بالرياض    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    القبض على متهمين بالاعتداء على فتاتين في كرداسة    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    «الإسماعيلية الأهلية» تهنئ بطل العالم في سباحة الزعانف    10 مبادئ قضائية لمن له حق الحضانة للصغير بحكم القانون    النبوي: شخصية "السادات" في مسرحية كامب ديفيد "وترتني".. وكدت انسحب لهذا السبب    المتحف المصري الكبير يعتمد نظام حجز المواعيد المسبقة إلكترونيا بالكامل ابتداء من ديسمبر    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    جامعة قناة السويس تُطلق مؤتمر الجودة العالمي تحت شعار «اتحضّر للأخضر»    حقه يكمل مشواره| شوبير يدافع عن حسام حسن قبل مباراة مصر وكاب فيردي    إعتماد المخطط العام لأرض مشروع «عربية للتنمية والتطوير العمراني» بالشيخ زايد    مصر وتشاد يبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" يواصل تنظيم فعاليات المبادرة القومية "أسرتي قوتي" في الإسكندرية    عظيم ومبهر.. الفنانة التشيكية كارينا كوتوفا تشيد بالمتحف المصري الكبير    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    سماء الأقصر تشهد عودة تحليق البالون الطائر بخروج 65 رحلة على متنها 1800 سائح    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    برنامج بطب قصر العينى يجمع بين المستجدات الجراحية الحديثة والتطبيقات العملية    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    حالة الطقس في السعودية اليوم الأحد.. أمطار رعدية غزيرة وتحذيرات من السيول    الفسطاط من تلال القمامة إلى قمم الجمال    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    كفاية دهسا للمواطن، خبير غذاء يحذر الحكومة من ارتفاع الأسعار بعد انخفاض استهلاك المصريين للحوم    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    مصر ترحب باتفاق الدوحة الإطاري للسلام بين جمهورية الكونجو الديموقراطية وحركة M23    الرياضية: أهلي جدة يفتح ملف تجديد عقد حارس الفريق إدوارد ميندي    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    إصابة العشرات بعد اندلاع اشتباكات في المكسيك وسط احتجاجات الجيل زد    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    محمد فراج يشعل تريند جوجل بعد انفجار أحداث "ورد وشيكولاتة".. وتفاعل واسع مع أدائه المربك للأعصاب    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    بريطانيا تجرى أكبر تغيير فى سياستها المتعلقة بطالبى اللجوء فى العصر الحديث    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    كمال درويش يروي قصة مؤثرة عن محمد صبري قبل رحيله بساعات    محمود حسن تريزيجيه: الانضباط والاحترام أساس تكوين شخصية لاعب الأهلي    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد منير مجاهد : حملة ظالمة وافتقاد للحس الإنساني
نشر في البديل يوم 16 - 04 - 2011

في الأيام التالية ليوم 25 يناير 2011 وبعد أن عجز رموز النظام البائد عن تفنيد مطالب المتظاهرين لجأوا لمحاولة تشويه صورة المتظاهرين لتبرير قتلهم بدم بارد، فشاهدنا الممثل طلعت زكريا يصف الاعتصام في ميدان التحرير بأنه “طبل وزمر ورقص وبنات وشباب ومخدرات وعلاقات جنسية كاملة”، ورأينا على قناة المحور الشابة شيماء (والتي تبين أنها الصحفية نجاة عبد الرحمن) تمثل صحوة ضمير مفاجئة واعترفت “أنها تلقت تدريبها مكثفاً وشباب آخرون على يد إسرائيليين فى الولايات المتحدة الأمريكية وقطر، لقلب نظام الحكم وإسقاط النظام المصري، وأن منظمة مقرها واشنطن هي التي مولت تدريبهم”، وظهر علينا الشاب تامر من غمرة (تبين أنه هاني بيبرس محرر في قناة النيل للأخبار التي تلقت مكالمته) وهو يبكي قائلا “البلد اتبهدلت وها يتكتب في التاريخ إن احنا اللي بهدلنا البلد .. لا والله ما احنا” ثم يحدثنا عن المعتصمين “كلهم بيتكلموا إنجلش كويس وما فيش حد بيتكلم غير الإنجليزية في ميدان التحرير”.
تذكرت هذه الحملة التي حاول بها النظام البائد إيقاف عجلة التغيير وحركة التاريخ وأنا أطالع كتابات استخدمت نفس هذه الأساليب ضد البرنامج النووي المصري، ومن هذا ما قاله الدكتور محمد المخزنجي في مقاله بجريدة الشروق في 31 مارس 2011 حيث قال “وبينما يراجع العلماء الدوليون ذوو النزاهة قناعاتهم فى موثوقية أمان هذه المفاعلات، يُصرُّ بعض من فى نفوسهم غرض لدينا على الترويج للكابوس النووي المصري وتوريط وزارة الدكتور شرف والمجلس العسكري فى اعتماد مُناقصاته”، وكان قد كتب قبل هذا بأسبوع في نفس الجريدة “إن ترويج مافيا الصناعات النووية لضعف الجدوى الاقتصادية لمشاريع الطاقات البديلة هو محل شك كبير”، وهو نفس التكتيك الذي اتبعه النظام السابق مع الثورة بتشويه الثوار، وهنا يقوم كاتبنا بتشويه علماء مصر النوويين فهم لا يتمتعوا بالنزاهة، و”في نفوسهم غرض”، وهم “مافيا الصناعات النووية”.
والحقيقة أن وثائق طرح مناقصة إنشاء المحطة النووية الأولى كان قد بدأ إعدادها منذ نحو عام وانتهت منذ بضعة أسابيع وليس من وظائف رئيس الوزراء اعتماد هذه المناقصة أو غيرها من المناقصات فهذا من الأمور الفنية التي تقوم بها الجهة التي ستطرح المناقصة، كما أن الجدوى الاقتصادية للطاقات البديلة (أي كان المقصود بهذا) أو غيرها ليس أمر يخضع لوجهات النظر ولكنه نتيجة لدراسات يقوم بها فريق متعدد التخصصات.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يلجأ فيها الدكتور المخزنجي لهذا الأسلوب في تشويه علماء الطاقة النووية في مصر، ففي 9 مارس 2010 نشر في مقال له رأي لطبيبة زميلة له قدمها باعتبارها “معنية بجدية وعمق بسلامة البيئة”، والتي تهجمت – على طريقة الممثل طلعت زكريا – على المدافعين عن البرنامج النووي وموقع مشروع المحطة النووية بقولها “أما في مصر فيقوم بعض أفراد هيئة الطاقة الذرية بعد أن وُعِدوا بكادر مالي تتراوح الرواتب فيه من 18000 جنيه إلى 75000 جنيه بالترويج لمنتجات هذه الشركات العالمية وبالاتصال بالصحافة لاستعجال المشروع النووي وجعلوا من موضوع الضبعة ذريعة لإعطاء الموضوع طابع المعركة الوطنية وكسب الأنصار”، وهو ما رددنا عليه وقتها بمقال أرسلته إلى رئيس التحرير راجيا نشره، ولكن أدهشني أن أتلقى مكالمة تليفونية من الدكتور المخزنجي، يخبرني أن الجريدة قد مررت المقال إليه وأخذ يساومني على نشر المقال وأرسل لي رسالة تختزل مقالي إلى نحو فقرتين معللا هذا بأنه “ما ارتأى أنه الجوهري في ردي” وأقترح أن “يضمّن هذا المحتوي في مقاله الخميس 1 إبريل 2010′′، وهو ما رفضته بالطبع ونشر ردي في جريدة الأهالي بعنوان “حكاوي القهاوي حول البرنامج النووي المصري” في 7 إبريل 2010.
ما هو الدافع وراء هذه الحملة الظالمة على علماء الطاقة النووية في مصر؟ سؤال ينبغي أن نجيب عليه حتى نتعرف على حقيقة الخطر الذي يواجهنا ليس فقط بالنسبة للبرنامج النووي المصري ولكن بالنسبة لمستقبل مصر، الهدف الأول لهذه الحملة هو إفقاد الشعب المصري الثقة في نفسه، فهاهم أبناءه الذين كانوا رأس حربة في الوقوف أمام مافيا الأراضي منذ عام 2004، ليسوا إلا أناس عديمي النزاهة، وفي نفوسهم غرض، ويروجون لمنتجات الشركات المنتجة للمحطات النووية لأنهم عملاء لها، وأنهم يدعون الوطنية لكسب الأنصار ... الخ، والهدف الثاني هو تشكيك الشركات العالمية المنتجة للتكنولوجيا النووية في نزاهة وكفاءة المسئولين عن البرنامج النووي ومن ثم يمنعون هذه التكنولوجيا عن مصر لأنه حسب القول السائد في المجتمع النووي العالمي “حادثة نووية في أي مكان هي حادثة نووية في كل مكان”، ومن ثم لن يتم تصدير أي محطات نووية لأي دولة إلا إذا كان المجتمع الدولي على ثقة من أن هذه الدولة تستطيع تشغيل هذه المحطات بأمان لأن أي حادثة ستؤثر على مستقبل الصناعة النووية.
“العناد يولد الكفر” حكمة قديمة يثبت صحتها تناول بعض الأقلام المعادية للطاقة النووية – كالدكتور المخزنجي – للكارثة التي تعرضت لها اليابان، والتي تميزت بالانتقائية وافتقاد الحس الإنساني البسيط، فقد تعرضت اليابان في الحادي عشر من مارس 2011 لكارثة طبيعية مروعة حيث ضربها زلزال لم يسجل مثله في تاريخها، نتج عنه موجات عاتية من المد الزلزالي المعروفة بسم “تسونامي”، وقد أدى الزلزال والتسونامي إلى مصرع نحو عشرة آلاف شخص وهو رقم مرشح للزيادة لأن عدد المفقودين يقرب من عشرين ألف شخص، ومسحت من على وجه الأرض مدن بأكملها بها آلاف المنازل، أدت الكارثة أيضا إلى وقوع حادثة في محطة فوكوشيما-1 النووية والتي تضم ستة مفاعلات نووية قدرتها الإجمالية 4700 ميجاوات وتعد واحدة من أكبر 15 محطة نووية في العالم، ورغم أن الحادثة النووية لم ينتج عنها أي وفيات فقد سارع أعداء البرنامج النووي المصري لتسليط الضوء عليها والمبالغة في آثارها متجاهلين الكارثة الإنسانية المروعة الناجمة عن الزلزال والتسونامي.
تنتمي مفاعلات فوكوشيما الست إلى تكنولوجيا الستينيات من القرن الماضي، بينما ستنتمي مفاعلات الضبعة إلى تكنولوجيا القرن الواحد والعشرين، ورغم هذا فتحليل ما هو متاح حتى الآن من أخبار حول الحادثة يوضح أمان المفاعلات النووية فقد ضرب زلزال بقوة 8.9 على مقياس ريختر (تعادل 1000 مرة زلزال 1992 في مصر) شرق اليابان وهي قوة تتجاوز أسس التصميم، ورغم هذا فقد توقف المفاعل تلقائيا طبقا للتصميم ولم تحدث أي شروخ أو انهيارات في مبنى المفاعل أو وعاء الضغط أو الأنابيب الواصلة إليه، وقد أدى الزلزال إلى تدمير الشبكة الكهربية بشرق اليابان وانقطاع التيار الكهربي الذي يغذي المنظومات المساعدة التي تحافظ على تبريد المفاعل عند إيقافه لأن تحلل نواتج الانشطار النووي داخل قضبان الوقود تنتج حرارة تعادل 1.5% من قدرة المفاعل، ونظرا لأن المفاعل مصمم للتعامل مع هذا الأمر (فقدان المصدر الخارجي للكهرباء) فقد بدأت ماكينات الديزل الاحتياطية في العمل لمدة ساعة وبعدها وصلت موجات التسونامي وهي عبارة عن حائط من المياه بارتفاع 14 متر (ارتفاع عمارة من ثلاثة أدوار) مما أدى لغرق الغرفة التي تضم ماكينات الديزل فأوقفتها، ولأن المفاعل مصمم أيضا لمواجهة هذا الاحتمال فقد بدأ تشغيل بطاريات الطوارئ والتي عملت لمدة 8 ساعات حتى انتهت شحنتها ثم توقفت، ونظرا لاستمرار انقطاع التيار الكهربي بسبب تدمير الشبكة الكهربية فقد توقفت المنظومات المساعدة وبدأت المشاكل التي يواجهها مشغلو محطة فوكوشيما ببسالة نادرة فهم لا زالوا موجودين في أماكنهم داخل المحطة النووية ولا يغادرونها إلا لفترة مؤقتة حينما ترتفع حدة الإشعاع في المحطة ويعودون بعد أن تنخفض، ورغم أن الوقت لا زال مبكرا لتقييم آثار الحادثة النووية بشكل كامل فإن الدلائل تشير إلى أن المشغلين في طريقهم للسيطرة على الحادثة والتقليل من آثارها.
لست ممن يضعون الطاقة النووية في مواجهة الطاقات المتجددة فلكل منها حدوده ومميزاته ولابد من تنويع مصادر الطاقة كما تفعل كل بلدان العالم المتقدمة، ولكن لو تم إيقاف استخدام المحطات النووية فلن يكون البديل هو طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، ولكن سيكون البديل محطات تعتمد على الطاقات الأحفورية (البترول – الغاز الطبيعي – الفحم)، وكلها مصادر ناضبة ولا نملك منها ما يوفي احتياجاتنا، كما أنها ملوثة للبيئة، وفي حالة اضطرار مصر لاستيراد فحم لتشغيل محطات بخارية تدار بالفحم (كبديل للبترول الذي ترتفع أسعاره يوميا) فإن خطوط النقل ستكون طويلة (جنوب إفريقيا – أستراليا – شمال أوروبا) ولتأمين إمدادات بملايين الأطنان سنويا فيجب إنشاء أماكن تخزين بالغة الضخامة، ومن ناحية أخرى فإن الآثار البيئية للفحم كبيرة ولتقليلها يجب استخدام تكنولوجيات مكلفة للغاية، مما سينعكس بالتالي على فاتورة استهلاك المواطن المصري البسيط.
أود في ختام هذا المقال أن أطمئن الشعب المصري وأقول له نعم نستطيع أن ننشئ محطات نووية لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر، وأن نشغلها بطريقة آمنة كي ننطلق ونحتل المكان الذي نستحقه بين الأمم، مهما حاول المشككون أن يهزوا ثقتنا بأنفسنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.