5 جنيهات لكيلو الطماطم.. انخفاض أسعار الخضروات اليوم بأسواق الإسكندرية    مياه الشرب بالقليوبية: انقطاع المياه 9 ساعات عن 4 قرى لإجراء أعمال ربط خطوط الصرف الصحي بمحطة عرب شركس    الأحد 22 يونيو 2025.. صعود جماعي لمؤشرات البورصة بمنتصف التعاملات    إيران تطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتحقيق في الهجوم الأمريكي على منشآتها النووية    عبد الحفيظ: الأهلي كان ممكن يرجع ب13 مليون دولار.. لا يليق أن نودع مونديال الأندية في المركز 27    وكيل تعليم الفيوم يتابع غرفة عمليات امتحانات الثانوية العامة في مادة اللغة العربية    الأولى بإغماء والثانية بحالة نفسية.. إصابة طالبتين داخل لجان امتحانات الثانوية العامة في الشرقية    مصرع تاجر مخدرات وضبط آخرين لحيازتهم مواد ب50 مليون جنيه في أسوان    محافظ أسيوط يبحث آليات دعم المنظومة الصحية وتحسين مستوى الخدمات الطبية    هيئة الرقابة النووية: مصر بعيدة عن أي تأثير لضرب المنشآت النووية الإيرانية    رئيس النواب الأمريكي: الهجوم على إيران يثبت جدية ترامب في تهديداته    إرهاصات أولى لحرب عالمية ثالثة.. محللة سياسية تكشف: الحرب مع إيران لم تكن مفاجئة    أطلق لأول مرة.. ماذا نعرف عن صاروخ خيبر الذي استخدمته إيران لضرب إسرائيل بعد قصف منشآتها النووية؟    بعد انخفاضه الأخير.. سعر الذهب اليوم الأحد 22 يونيو 2025 وعيار 21 بالمصنعية (آخر تحديث)    كرة يد.. مواعيد مباريات منتخب مصر في الدور الرئيسي ببطولة العالم للشباب    شوبير يكشف موقف الأهلي من عودة محمد شريف    الأهلي يرد على رسالة عبد القادر وُيبلغ زميله بالرحيل.. شوبير يكشف    بايرن ميونخ يتمسك بمحاولة التعاقد مع ويليامز رغم اقترابه من برشلونة    مصر الخير: المؤسسة شريك أساسي في تنفيذ مبادرات الدولة    وزير الإسكان: تخصيص قطع أراضي لمن تم توفيق أوضاعهم بقرعتين بالعبور الجديدة    كامل الوزير: تطبيق حلول جذرية لكافة المشكلات والتحديات المتعلقة بالترفيق    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو احتجاز فتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة في دمياط    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 6 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    صور.. المركز الكاثوليكي المصري للسينما يكرم صناع مسلسل "لام شمسية"    مسؤول بالبيت الأبيض: ترامب قال إن قصف إيران هو الشىء الصحيح الذي ينبغي فعله    شاهد.. نموذج تمثال مجدي يعقوب فى دار الأوبرا قبل تدشينه    250 جنيهًا مؤقتًا| مشروع قانون الإيجار القديم يقر قيمة إيجارية موحدة لحين انتهاء الحصر والتصنيف    «الرعاية الصحية»: إطلاق برنامج «عيشها بصحة» لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    رئيس حزب المصريين الأحرار ل«روزاليوسف»: عصام خليل: نستعد للانتخابات بكوادر جديدة    "الصحفيين" تطالب باجتماع عاجل مع "الأعلى للإعلام"    كريم سرور: أول معالجة لفيلم "في عز الضهر" كانت 2018 ولم أتوقع موافقة مينا مسعود    منهم أحمد عز.. 5 نجوم في بلاتوهات التصوير    الفن فى وسط الحطام: غزة تطلق أول مهرجان دولى لسينما المرأة    فى ذكرى رحيلها ال24: سعاد حسني بين المجد والغياب    هل يجوز إعطاء زكاة المال للأبناء؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "130"    السيطرة على حريق داخل جامعة عين شمس    بصحبة زوجته..إمام عاشور يغادر بعثة الاهلي في أمريكا ويعود إلى القاهرة    وزير التعليم العالي يشهد توقيع بروتوكول تعاون بين جامعة أسوان ومؤسسة مجدي يعقوب لأبحاث القلب    «البسوا الكمامات».. تحذير من حالة الطقس اليوم: نشاط للرياح المُحملة بالأتربة    مدرب العين: سنقدم كل ما لدينا ضد السيتي    قبل فتح أبواب اللجان.. طلاب الثانوية يراجعون اللغة العربية فى الدقائق الأخيرة    فتح باب التقديم لوظائف معلم مساعد مادة لغة إنجليزية    وزير الخارجية الإيراني: واشنطن انتهكت القانون الدولي وإيران تحتفظ بحق الرد    حبس وغرامة، عقوبة امتناع مقدم الخدمة عن تنفيذ قرار حجب المواقع    في بداية فصل الصيف، نصائح لضمان بقاء الجسم رطبا    منظمة الطاقة الذرية الإيرانية :لن نسمح بوقف التطوير النووي    إيران: " فوردو" النووية لا تحتوي على مواد مشعة    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟.. أمين الفتوى يجيب    مدرب يوفنتوس يحذر من قوة الوداد ويؤكد: المفاجآت واردة بمونديال الأندية    صديقة طبيبة طنطا الراحلة: خدمت مرضى كورونا وتوفيت أثناء عملها    محسن صالح يطالب بعدم إشراك زيزو في مباراة بورتو بكأس العالم للأندية    ترامب: موقع فوردو النووى انتهى تماما    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    30 يونيو.. تأكيد وحدة مصر    ب 1450 جنيهًا من البيت.. خطوات استخراج جواز سفر مستعجل إلكترونيًا (رابط مباشر)    التعجل في المواجهة يؤدي إلى نتائج عكسية.. حظ برج الدلو اليوم 22 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد فؤاد المغازي: الانعتاق من المعونات الخارجية شرطا لاستقلال مصر
نشر في البديل يوم 04 - 08 - 2013

عندما يجري الحديث عن المعونات الخارجية يتبادر للذهن أن هذه المعونات تمنح من أجل مساعدة مصر في التنمية الاقتصادية بما يفسح مجال لخلق فرص عمل جديدة للشباب والنهوض بالمجتمع.
لكن ما أن تمر سنين وتجري مراجعة للحصاد الذي تحقق .. تكون النتيجة صدمة لأصحاب الشأن من الذين جري طلب التسول باسمهم. فلا تطور اقتصادي انجز، ولا حجم المشكلات الاجتماعية تراجع. فيعاود الناس طرح السؤال إين ذهبت كل هذه المعونات؟ وتكون الاجابة ردود من قبل النظام الذي استقبل المعونات المالية والاقتصادية في جيوبه بسلسلة من الأكاذيب... لا يحصل السائلين على إجابة على السؤال المطروح، وهو أين ذهبت المعونات؟
والتنمية المستقلة ليست اجراءات تجد مصادرها والاقتناع بها من خلال جمل انشائية كخطب العرش قبل ثورة يوليو. فالتنمية لا تحتاج دعاية تؤكد على نجاحات تحققت. فالتنمية تعلن عن نفسها من خلال ما تحقق من المردود الاجتماعي في الداخل، والمردود السياسي في علاقة مصر بالإقليم وفي علاقاتها الدولية.
الدور المركزي للدولة في تحقيق التنمية الاقتصادية.. النموذج الناصري:
التمسك بالمشروع الناصري لا يمثل حالة من الرومانسية نشأت نتيجة لعلاقات خاصة ومتميزة بعبد الناصر وعصره، وإنما يمثل ارتباطا بمشروع حقق إلي حد كبير وفي مرحلة تاريخية قصيرة للملايين من العرب داخل مصر وخارجها شعورا بالعزة الوطنية والقومية، ومازال هذا المشروع من وجهة نظر المؤمنين به صالحا للحاضر، ويمثل استجابة موضوعية للواقع، وحلا للكثير من المشكلات الراهنة للواقع المصري والعربي.
ففي الحقبة الناصرية حقق المشروع الناصري قدرا كبيرا من استقلالية القرار السياسي لمصر من خلال ما أنجز في مجال التنمية المستقلة، ومن استقرار داخلي بفضل انحياز عبد الناصر ونظامه إلى الطبقات الفقيرة التي بدأت تأخذ فرصتها في الصعود الاجتماعي، فالمشروع الناصري تحت قيادة جمال عبد الناصر "...ينطوي على كم هائل من التحولات، وبكيفية واضحة في تحيزها لمصلحة شرائح اجتماعية معينة، في فترة زمنية قصيرة نسبيا في حياة الشعوب...تخطت بتأثيرها حدود مصر الجغرافية لتصل إلى الوطن العربي الذي استلهمت أقطاره من المشروع الناصري قضايا التغيير مثل: الإصلاح الزراعي، إنشاء قطاع عام، التخطيط الوطني الشامل، تأميم المصالح الأجنبية ومصالح البرجوازية الكبيرة، التوسع في الخدمات وبخاصة التعليم، ومنح المرأة مزيدا من الحقوق السياسية والاجتماعية.
مما ساهم في خلق حراك اجتماعي أمام أبناء الطبقة الوسطي والدنيا، إزاحة الطبقات القديمة المسيطرة سياسيا واقتصاديا، حتى البلدان التي لم تشهد ثورة وطنية وجدت نفسها تحت وطأة ضغوط شعبية للسير في الاتجاه نفسه، وإن كان بدرجات أقل، تبنى مجانية التعليم والتوسع في تقديم الخدمات للمواطنين كحق لهم على حساب الدولة."
ومن بين القضايا الرئيسية التي طرحها المشروع الناصري على الوعي العربي هي قضية التنمية المستقلة، فمفهوم التنمية في الفكر الناصري، يعني توافق وتكامل مجموعة من العناصر يربط بينها علاقة تبادلية، فالحرية السياسية لا وجود لها إلا بتوفر شرطها الرئيسي وهو العدالة الاجتماعية، والعدالة الاجتماعية لا تتحقق برفع شعارها، وإنما بتحقيق شرطها الرئيسي وهو الكفاية، أي بالإنتاج، والإنتاج ليس هدفا في حد ذاته، وإنما هو مطلب يؤدي دوره إذا ما تم توزيعه توزيعا عادلا وبغير استغلال.
والناصريون يعتقدون أنهم متميزون _ بغير تعالى _عن غيرهم من التيارات السياسية، فحزب الوفد أو الحزب الوطني لم يكن لهم مشروعا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وإنما تبني الحزبين المشروع الغربي. أما التيار الإسلامي السياسي كانت أطروحاته الفكرية حول قضية التنمية المستقلة يلفها الغموض المتعمد، والذي تعرى تماما بعد وصول جماعة الإخوان الارهابية إلي السلطة.
في الوقت الذي أنجزت فيه الناصرية نموذجا تنمويا، تميزت به عن باقي التجارب التنموية في العالم الثالث:"...لقد أصبح لدينا الآن قطاع عام في الاقتصاد قوى، يملكه الشعب بمجموعه وهو فوق أثره الاجتماعي طليعة قادرة على فتح الطريق أمام التنمية الاقتصادية، في جميع المجالات.
وأننا نفخر أن النواة الأولى لهذا القطاع العام كانت جميع المؤسسات الاحتكارية البريطانية والفرنسية والبلجيكية ثم أضفنا إلى هذا القطاع ما قمنا نحن بإنشائه طبقا لبرامج التنمية. ثم استكمل هذا القطاع قوته بما تم تأميمه أخيرا بمقتضى مجموعة القوانين الاشتراكية التي صدرت في شهر يوليو من هذا العام (1961).
وبهذا أصبحت القوة العاملة لهذا القطاع تمثل رأس مال لا يقل عن ألف مليون جنيه. بينما الطاقة المتحركة لرأس المال هذا القطاع تزيد عن هذا المبلغ عدة مرات، بقوة اندفاع متزايد قادرة علي تحريك عجلات التطوير في الزراعة وفي الصناعة بوجه خاص."
هذا ما كان منذ أكثر من أربعة عقود، أما الآن فقد عادت القوي المحلية والإقليمية والدولية التي فقدت امتيازاتها لتستردها، يشاركها في تلك الامتيازات والنهب شرائح اجتماعية مصرية تعرف ( بالمماليك المصريين الجدد )، وهو تشبيه بمرحلة النهب التي تولاها الحكم المملوكي لمصر.
فلم يعد قائما ذلك الترابط الحيوي بين الناحية الاقتصادية والناحية الاجتماعية، في الصيغة الجديدة للملكية الزراعية وتطبيقات تجربة الانفتاح الاقتصادي، قياسا على تطبيقات التجربة الناصرية في الربط بين جوهر الملكية الزراعية، ومرددوها الاجتماعي استناد على ما طرحه عبد الناصر " إن الحل الاشتراكي لمشكلة الزراعة يعتمد علي أساسين:
الأساس الأول: زيادة عدد الملاك للأرض الزراعية، وإتاحة حق ملكية الأرض لملايين الفلاحين الذين حرموا من هذا الحق منذ نشأة الزراعة على ضفاف النيل وذلك بطريقين:
1_ وضع حد أعلا لملكية الأرض الزراعية الموجودة فعلا، وتوزيع ما تبقي على الفلاحين. 2_ استصلاح كل ما يمكن استصلاحه من الأرض الجديدة بواسطة مشروعات الري الضخمة وتوزيع هذه الأرض بنفس الطريقة.
الأساس الثاني: تدعيم ملكية الأرض بالتعاون." ()
هذا الطرح المختصر لقضية التنمية المستقلة، ومن خلال عرض تاريخي يستعرض حالة التخلف التي كانت عليها وما زالت مجتمعات العالم الثالث، ونماذج من المحاولات التنموية للخروج من دائرة التخلف، خاصة بعد أن استنزف الاستعمار الغربي الجزء الأكبر من ثرواته، وربطه بعلاقات التبعية الاقتصادية والتجارية التي تأتي على المتبقي لديه، تحت دعاوى تحرير التبادل التجاري الدولي، وبأن تقسيم العمل يوصل إلى كفاءة ويحقق فرصة للتخصص .. الخ من ذرائع.
ففي عصر السيطرة للدول الصناعية الكبرى على الصناعات المتطورة والجهاز المصرفي المالي الدولي، ودورها الرئيسي في تحديد أسعار المواد الخام ثم المصنع منها، الأمر الذي حرم العالم الثالث من أي فرصة حقيقية لتنمية اقتصادية جادة، فلا يتبقى أمامه غير إنتاج المواد الأولية، واستمرار الواقع الاجتماعي الذي يزداد سوءا وبغير أمل في تغييره.
والمجتمع المصري واحدا من مجتمعات العالم الثالث، ويعيش نفس أزمته سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية وهذه حقيقة لا ينكرها المتخصصون من الباحثين رغم اختلاف مدارسهم الفكرية، فهم يؤكدون على أن هناك تدهور في الإنتاج كما ونوعا، ارتفاع في الأسعار، وتدهور في قيمة الجنيه المصري، انخفاض في الصادرات وزيادة متصاعدة في الواردات، والنتيجة المترتبة على ذلك هي ازدياد الخلل في ميزان المدفوعات، واستمرار العجز الدائم في ميزانية الدولة، وارتفاع في مديونية مصر للخارج.
كل هذا، وغيره انعكس سلبا على حياة الغالبية العظمى من الفلاحين والعمال والحرفيين وصغار الموظفين ومحدودي الدخل. فتفاقمت أزمة الغذاء والمواصلات والسكن، في الوقت الذي ظهرت على السطح شريحة اجتماعية أثرت ثراء فاحشا وبسرعة مذهلة، مستخدمة في ذلك كل الوسائل المشروعة والغير مشروعة.
ولان المشكلة عامة، لهذا نجد أن هناك إجماع بين مفكرين العالم الثالث الوطنيون على أن الخروج من هذا المأزق المدمر، لا يمكن بغير التنمية المستقلة التي تقطع أوصال تبعية هذا العالم الفقير إلى الرأسمالية العالمية، وتضع دول تلك العالم على الطريق الصحيح، ولتضع حدا للنزيف المستمر لموارد دول العالم الثالث إلى الدول الصناعية المستغلة.
والنموذج الناصري يقدم لمصر والعالم الثالث الحل، ليس من خلال أطروحات نظرية، وإنما من خلال تجارب جرت وتجسدت في الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. وبهذا يكن العودة إلي النموذج الناصري في التنمية ليست اختيارا مرجعه اعتزازا وتقديرا لشخص قائد التجربة النموذج جمال عبد الناصر، وإنما إلي النتائج التي تحققت وهذا في حد ذاته المصدر الثابت لذي يمنح عبد الناصر أسباب الاعتزاز والارتباط به.
وهناك العديد من الكتاب والباحثين يتفقون على أن الهدف من وراء عدوان إسرائيل ومن ساهموا في العدوان على مصر عام 1967، قد استهدف وبشكل محدد تحطيم النموذج الناصري للتنمية المستقلة حتى لا تتحول التنمية تحت قيادة عبد الناصر إلي قاعدة مادية تدعم موقفه المقاوم لمخططات إسرائيل العدوانية، وقد أكد صحة هذا التحليل ما قال به بن جوريون نفسه عندما أبلغه النائب البريطاني ريتشارد كروسمان أن عبد الناصر يركز اهتماماته حول قضايا التنمية الاقتصادية فكان رد فعل بن جوريون "هذا أسوأ ما سمعته. إنني لا أريد رجلا في القاهرة يهتم بالتنمية قبل أن يعقد صلحا مع إسرائيل."
إذا فالعودة إلي التنمية المستقلة يقود إلي حرية شعب، وهو أمر لا تقبل به منظومة دول التحالف الدول الاستعمارية / إسرائيل/ الرجعية العربية لتي صاغها الخطاب الناصري. والغريب أن هذا التحالف ما زال قائما وحول نفس الهدف منع مصر من أن تنجح في تحقيق تنمية مستقلة.
والسبب أن تحقيق تنمية مستقلة يعني العودة إلى سيطرة قوى الشعب المصري على استقلالية القرار الاقتصادي والاجتماعي ومن ثم على القرار السياسي، كي تتوفر للمصريين حرية تحديد الأهداف، وحرية اختيار واستخدام الوسائل التي تنتهجها من أجل تحقيق تلك الأهداف دون أن يبقى الشعب أسير للقيود التي تفرضها الرأسمالية العالمية على النظام الاقتصادي العالمي.
والتنمية المستقلة من منظور ناصري تعتمد مبدأ الاعتماد على النفس، وليس اعتمادا على الدعم الخارجي، ولا يجب أن يفسر هذا بأنه انغلاقا وقطعا للعلاقات مع العالم الخارجي " فالتنمية المستقلة لا تعنى انغلاقا عن العالم الخارجي أو انعزالا عن حركته وحضارته ومعارفه، وهى بداهة لا تعنى الخروج من السوق العالمي. فهذا مستحيل ولم تعرفه أي تجربة للتنمية في عالمنا المعاصر، ولكنها تعنى ببساطة إخضاع علاقات الاقتصاد المصري بالسوق العالمي لمقتضيات التنمية الوطنية، وليس العكس أي إخضاع مسار الاقتصاد الوطني لمقتضيات السوق العالمي."
فالتجارب المتباينة أثبتت أن أي اقتصاد يسعى للنمو دون أن يبنى قاعدته الإنتاجية الذاتية يتحول في نهاية المطاف إلى اقتصاد تابع يعتمد في تلبية احتياجاته من مستلزمات الإنتاج على العالم الخارجي، ويخضع بذلك للاحتكارات الرأسمالية العالمية. فلا سبيل إلى التنمية المستقلة لبلد إلا بالسيطرة التامة على موارده الذاتية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.