تضاربت تصريحات المهندس أحمد إمام، وزير الكهرباء والطاقة، قبل وبعد أحداث 30 يونيو، بشأن البدء في تنفيذ مشروع محطة الضبعة، بمدينة مطروح. رغم أنها من أفضل المواقع المصرية الصالحة لبناء تلك المحطات، وفقًا لدراسات الشركة الفرنسية التي شيدت 6 مفاعلات نووية في فرنسا، واختارت الموقع ضمن 23 موقع آخر، بقدرات توليدية- على حسب ما أكدت الدراسات- 1000 ميجاوات أي ما يقرب من نصف إنتاج الطاقة الإجمالية بمصر حاليًا والتي لا تتعدى 25 ألف ميجاوات. وأكد المهندس أحمد إمام، أثناء توليه الوزارة في حكومة هشام قنديل على تشكيل لجنة من الوزارة لمتابعة الإجراءات، موضحًا أن الموضوع في طريقة للحل والتفاوض مع أهالي المنطقة والعمل بها في أقرب وقت. وبالفعل أعلنت الوزارة بعد رجوع المهندس إمام من زيارة روسيا، بصحبة الدكتور محمد مرسي الرئيس المعزول، شهر أبريل الماضي، عن مناقشات دارت بين الجانب المصرى والجانب الروسى لتفعيل إنشاء محطات إنتاج الطاقة النووية ودخولها فى الخدمة، وتشكيل لجنة مصغرة تكون نقطة الاتصال لتفعيل الاتفاقية الموقعة منذ 2008 فى مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية فى مصر، وبحث دراسة تنفيذ إنشاء المحطة النووية لتوليد الكهرباء بمنطقة الضبعة. ودخلت الرئاسة وقتها فى دراسة بحثية مع الوزارة ومحافظة مطروح، لإقامة أول محطة نووية عليها وكيفية العمل على استعادة الأرض من جديد لهيئة المحطات النووية المالكة لها وإزالة كافة التعديات التي عليها الآن بعد تدمير الموقع بكامل منشآته وهدم البنية التحتية. وهكذا بدأ الحلم ينفذ من جديد بعد دراسات، وبحوث قابلتها معيقات وصعوبات حالت دون تنفيذ المشروع لأكثر من 30 عام، إلا أن الموقف تغير فجأة بعد أحداث 30 يونيو بخروج الوزير مغيرًا تصريحاته ومواقفه تمامًا، ليوضح أنه لن يتم البدء أو التفاوض على إنشاء المحطة النووية بالضبعة، إلا مع استقرار أمن البلاد، لأن التفاوضات مع الأهالى المحتلين للمنطقة لم تصل لأى حلول ونخشى تدخل قوات الأمن خوفًا على التعدي على أحد أو إزهاق الأرواح. استطلعت "البديل" آراء خبراء الطاقة النووية حول مدى رؤيتهم للمشروع، وكيفية التعامل مع مشاكله، مؤكدين أن ملف إنشاء محطة الضبعة النووية، يحمل عدة سيناريوهات من بينها الموافقة على إقامة المشروع النووي، أو نقل المشروع إلى مكان آخر غير الضبعة، أو إلغاء المشروع نهائيا مما يؤدي إلى نتانج كارثية لأنه كلف الوزارة نحو 800 مليون دولار تكلفة استيراد الوقود، بواقع 10 مليارات دولار سنويًا، وخلال العجز الراهن بالشبكة القومية لكهرباء مصر، واحتياجها لأكثر من 8 مفاعلات نووية بقدرة 1600 ميجاوات للمفاعل الواحد. قال الدكتور محمد حسن، أستاذ الهندسة النووية بجامعة الإسكندرية، والخبير النووي، إن الطاقة النووية أصبحت واقعًا عالميًا وليست نوعًا من الرفاهية، والبرنامج النووي في مصر يعد برنامج مصر القومي، وليس مجرد مشروع لإنتاج الطاقة؛ لما له من أهمية في سد العجز المتزايد في مصادر الطاقة واكتساب الخبرة والتقنية النووية ومتطلبات البرامج النووية الحديثة. وأضاف حسن أن الخلافات على تعويضات الأهالي بالمناطق الواقعة داخل حزام الأمان حول محطة الضبعة، هي السبب الرئيسي حاليا في إيقاف استكمال بناء وتشغيل المحطة، بالإضافة إلى المخاوف السائدة من حدوث تسرب إشعاعي من محطة الضبعة النووية، تسببت في تأخر تشغيل المحطة؛ لنقص الوعي الشعبي في التعامل مع تلك النوعية من محطات توليد الكهرباء. كما لفت إلى متطلبات الأمان التي تحددها وكالة الطاقة الذرية، وأن البعد 8 كيلو بين المحطة المركزية والتجمعات السكنية، وهي معايير دولية يجب تطبيقها في تلك الحالات في مصر. وأوضح حسن أن موقع الضبعة هو أفضل الأماكن في مصر حاليًا لإنشاء وتشغيل محطة طاقة نووية، مشيرًا إلى اختياره بعد المفاضلة بين نحو 20 موقعًا في جميع أنحاء مصر، وخرج باختيار أفضل خمس مواقع في مصر لإنشاء محطة نووية، وفقًا لمعايير عديدة، أهمها المعايير الجيولوجية والبيئة والأمان، مؤكدًا أن موقع الضبعة حصل على أعلى تقييم؛ وبالتالي فإن نقله لمكان آخر يجعلنا نتنازل عن أفضل موقع يناسب المشروع، يليه موقع النجيلة غرب الضبعة، وحمام فرعون بسيناء، وجنوب سفاجا بالبحر الأحمر، وموقع آخر بمرسى علم. وقال الدكتور إبراهيم العسيري، الخبير النووي وكبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق، إن مصر تخسر مليارت شهريًا بسبب تأخر المشروع، الذي يسهم بنسبة كبيرة جدًا، تصل للنصف في توفير الطاقة الكهربائية لجمهورية مصر العربية، وهذا ما يساهم بطبيعته بزيادة المصانع والمشاريع النتاجية لتوفير الطاقة المناسبة. وأضاف العسيرى أن الخسائر ترجع أيضًا لاعتمادنا إلى الآن على الوقود التقليدي "الغاز والسولار" في توليد الطاقة مما يكلفنا الكثير. وتابع أنه لا صحة إطلاقًا لما يروجه البعض حول عدم صلاحية موقع الضبعة لإقامة البرنامج النووي المصري، وأن كل الدراسات العلمية التي أجريت في هذا الشأن تنفي صحة هذه المزاعم، وأن ترويجها سواء بقصد أو بغير قصد يتم لتحقيق مصالح محلية أو خارجية، كما أن عددًا من رجال أعمال النظام السابق حاولوا عرقلة الموضوع للحصول علي الأرض المخصصة للمشروع.