إقبال كبير على قمة مصر الدولية لوسائل التنقل الكهربائية |منصة الفرص    فولر ينصح شتيجن بمغادرة برشلونة حفاظا على فرصه في مونديال 2026    أمم أفريقيا 2025| محمد صلاح يسجل هدفه الثامن ويعادل رقم أحمد حسن    الأرصاد تحذر: ليالٍ شتوية شديدة البرودة وفرص أمطار خفيفة على أغلب المحافظات الساحلية    45 يوما داخل معدتها.. كيف أنقذ أطباء كفر الشيخ مريضة ابتلعت 34 مسمارا؟    مدرب جنوب أفريقيا: مواجهة مصر مختلفة تماما.. ونعرف كيف نستعد لها    شاشات عرض فى شوارع المنيا لمتابعة مباراة مصر وزيمبابوى فى بطولة أمم أفريقيا    ميرال الهريدي: تحركات الرئيس السيسي ترسم ملامح نظام عالمي متوازن    ستار بوست| أحمد الفيشاوى ينهار.. ومريم سعيد صالح تتعرض لوعكة صحية    دراما بوكس| «المتر سمير» ينافس في رمضان 2026.. وأيتن عامر تعتذر    زيلينسكي: أنجزنا كل ما يلزم لإعداد مسودات أولية لاتفاق سلام مع روسيا    وسط شائعات النقص.. الحكومة تطمئن المواطنين بشأن توافر الأدوية: لا أزمة في السوق    النيابة ترسل صورة من تحقيقات قضية وفاة السباح يوسف محمد لوزارة الرياضة    «الشيوخ» يدعم الشباب |الموافقة نهائيًا على تعديلات «نقابة المهن الرياضية»    «الهلال المصرى» يقاوم برد غزة |قافلة طبية لدعم الأشقاء فى السودان    مروة عبد المنعم: حزينة من كمية التطاول غير المهني على الفنان محمد صبحي.. بابا ونيس خط أحمر    وليد صلاح عبداللطيف: منتخب مصر مرشح للتتويج بأمم أفريقيا    برلماني يقترح إنشاء هيئة لتنظيم السوق العقاري وحماية المواطنين من النصب    متحدث الصحة: التشغيل التجريبي للتأمين الصحي الشامل يبدأ في المنيا بالربع الأول من 2026    مسؤول سابق بالناتو: احتجاجات مزارعين أوروبا تتصاعد بسبب تقليص الدعم    مصر و الأردن يؤكدان تعزيز التعاون في النقل البري خلال اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة بعمان    فضل صيام شهر رجب وأثره الروحي في تهيئة النفس لشهر رمضان    يلا شوت بث مباشر.. مشاهدة مصر × زيمبابوي Twitter بث مباشر دون "تشفير أو اشتراك" | كأس أمم إفريقيا    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين: الاحتلال لا يسمح سوى بدخول أقل من ثلث المساعدات المتفق عليها إلى غزة    زيلينسكي: أوكرانيا بدأت إنتاج أنظمة الدفاع الجوي محليًا    ميرال الطحاوي تفوز بجائزة سرد الذهب فرع السرود الشعبية    مصدر من الأهلي ل في الجول: لا نعرقل انتقال حمزة عبد الكريم ل برشلونة.. وهذا موقفنا    تعيينات جديدة بكلية التربية جامعة عين شمس    الكويت وروسيا تبحثان تعزيز التعاون في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية    البورصة تختتم تعاملاتها اليوم الإثنين بتباين كافة المؤشرات    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    خلال 24 ساعة.. رصد 153 مخالفة على الطرق في الغربية    محافظ بني سويف يوجه بتيسير عمل البعثة المصرية الروسية لترميم معبد بطليموس الثاني    "هعيش حزين".. أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد وفاة والدته    جنايات الإرهاب تقضى بالمؤبد والسجن المشدد ل5 متهمين بخلية التجمع    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    انتظام أعمال امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة قنا    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    برلمانية الشيوخ ب"الجبهة الوطنية" تؤكد أهمية الترابط بين لجان الحزب والأعضاء    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    تشكيل مجلس إدارة غرفة الرعاية الصحية فى اتحاد الصناعات    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    نائب محافظ القدس: التوسع الاستيطاني الإسرائيلي يستهدف تهجير العائلات    غرف دردشة الألعاب الإلكترونية.. بين التفاعل الرقمي وحماية الأطفال    ننشر مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول بمحافظة القاهرة    الحقيقة الكاملة لسحب الجنسية من البلوجر علي حسن    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    قمة منتظرة تشعل حسابات المجموعة الثانية.. بث مباشر جنوب إفريقيا وأنجولا في كأس أمم إفريقيا 2025    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر هبة النيل والدولة العميقة...
نشر في البديل يوم 26 - 07 - 2013

مصر هبة النيل. هو شريان حياتها ونمائها وبقائها. هكذا كان منذ الأزل وسيبقى الى الأبد.
لأن مياه النيل هي شريان حياة مصر ، فقد اقتضى التحكم بها وتوزيعها ، منذ فجر التاريخ، إقامةُ سلطة مركزية كانت ، وما زالت ، قوام الدولة المصرية ومحرّكها.
السلطة المركزية ، وبالتالي الدولة المصرية ، قامت بالقوة لا بالتراضي ، وتنامت واستمرت بالقوة عبر التاريخ .
قوة السلطة والدولة تجسّدت بجيش الحاكم سواء كان فرعوناً او سلطاناً او خديوياً او ملكاً او رئيساً جمهورياً.
مصر المعاصرة اسسها خلال العهد العثماني والٍ (محمد علي باشا) كان ضابطاً في الجيش العثماني من اصل ألباني. مصر الجمهورية اسسها ضابط (جمال عبد الناصر) في الجيش المصري كان اول حاكم للبلاد من اصل عربي.
منذ فجر التاريخ ، كان للسلطة المركزية وبالتالي للدولة دور مركزي في حياة مصر. مركزية الدولة في الحياة المصرية السياسية والإقتصادية والإجتماعية تجسدت في القوات المسلحة لدرجة ان باحثاً مصرياً مرموقاً ، انور عبد الملك ، ارّخ لمصر ووصفها بأنها مجتمع عسكري.
في مختلف عهود مصر الجمهورية ، كان الجيش محور السلطة . مع مركزية الجيش ودوره المحوري وفعاليته ، نشأت ظاهرة "الدولة العميقة". إنها ، بإختصار ، شبكة المؤسسات والانظمة وعلاقات القوة التي تشكّل بتكاملها كيان مصر السياسي وتسيّرُه .
ما من تحوّل ، سياسي او اقتصادي او اجتماعي ، حدث في مصر، مباشرةً او مداورةً ، إلاّ بفعل الدولة العميقة . مصر الجمهورية قامت بثورة شريحةٍ من الدولة العميقة هي مجموعة "الضباط الاحرار" على السلطات الهرمة والمهترئة في النظام السياسي سيطرت على مقاليد الحكم.
في عهدي انور السادات وحسني مبارك حَدَث امر مشابه ، بمعنى ان شريحةً من الدولة العميقة ، بقيادة كلٍ من الرئيسين العسكريين ، قامت بتصفية اجزاء اخرى داخلها ووطدت سلطتها فيها .
إسقاط مبارك بفعل ثورة 25 يناير 2011 ما كان ليتم لولا ان الجيش ، محور الدولة العميقة ، تخلّى عن حمايته . غير ان تدخل الجيش تمّ ، كما تبيّن في ما بعد، نتيجةَ تفاهم بين قيادته والولايات المتحدة الاميركية يقضي بالتضحية برأس النظام دون جسمه.
الإحتفاظ بالنظام ، ولا سيما بجانبه الإقتصادي والإجتماعي ، استوجب تفاهم المجلس العسكري مع جماعة "الاخوان المسلمين" على تأخير مطلب سنّ دستور جديد ، وبالتالي إمكانية قيام نظام جديد ، الى ما بعد انتخاب رئيس للجمهورية يسلّم وجماعته بإبقاء النظام الاقتصادي الاجتماعي على ما هو عليه.
بفوز محمد مرسي بمنصب الرئاسة وممارسته سياسةَ سلطويةً محافظةً ، وفىّ الاخوان المسلمون تجاه اميركا بإلتزام المحافظة على النظام الإقتصادي الإجتماعي .
غير ان مرسي والاخوان المسلمين تجرأوا ، بعدما انفردوا بالسلطة ، على إقصاء شريحة وازنة من الدولة العميقة ، هي المجلس العسكري ، بل امعنوا في نشر عناصرهم في مفاصل الادارات والمؤسسات والمرافق العامة ، كما حاولوا ضبط القضاء وتوظيفه في خدمة السلطة الحاكمة وذلك بغرض التغلغل في دواخل الدولة العميقة والسيطرة عليها . كل ذلك اثار حفيظة الجيش الذي كانت قيادته قد استشعرت تنامي معارضة شعبية واسعة لحكم مرسي و"الاخوان" تضم القوى الشابة التحررية من ثوار 25 يناير، والمعارضة الليبرالية والناصرية واليسارية ، كما اوساط "فلول" نظام مبارك.
يتضح من معلومات وتحليلات وتقويمات مصادر ووسائل اعلام واجهزة استخبارات مصرية وعربية واوروبية واميركية ان الولايات المتحدة كانت متجاوبة مع حكم مرسي و"الاخوان" ولاسيما بعد إلتزامهم مبدأين شديدي الاهمية الإستراتيجية بالنسبة اليها : معاهدة السلام (كامب دايفيد) بين مصر و"اسرائيل" ، والنظام الإقتصادي القائم على اساس اقتصاد السوق. ويذهب بعض المحللين والخبراء الإستراتيجيين الى أبعد من ذلك فيتحدثون عن استراتيجيا عليا تعتمدها الولايات المتحدة تقوم على اساس التعاون مع الإسلاميين عموماً والاخوان المسلمين خصوصاً على مستوى دول المنطقة جميعاً ، من المحيط الى الخليج.
تعاونُ الولايات المتحدة مع الاخوان المسلمين لم ينعكس سلباً على علاقاتها بقيادة الجيش المصري. ذلك ان القوات المسلحة كانت دائماً ، ومنذ عهد السادات ، موضع اهتمام خاص من واشنطن ، تدريباً وتسليحاً وتوجيهاً. الى ذلك ، فقد حافظت القوات المسلحة ، وخصوصاً اجهزة استخباراتها ، على تعاون مستمر مع نظيرتها الإسرائيلية فيما يخص تطبيق احكام "معاهدة السلام" وفي احتواء فصائل المقاومة في قطاع غزة .
صعود المعارضة الشعبية واتساعها وفعاليتها أسعد القيادة العسكرية المنخرطة في صراعٍ مع مرسي و"اخوانه" للسيطرة على مفاصل الدولة العميقة . وتردَدَ ان الجيش ، قيادةً وضباطاً ، وفّروا بوسائل متعددة الدعم والمساعدة للمعارضة الشعبية في سياق تحقيق هدف مشترك هو انهاء حكم مرسي و"الاخوان".
من هنا يمكن الإستنتاج أن ثورة 30 يونيو وإسقاط مرسي وجماعته في 3 يوليو/تموز ما كانا ليتمّا بنجاح لولا مشاركة الجيش. غير ان مشاركة الجيش ما كانت لتتم لولا رضى الولايات المتحدة . فقد وضعت واشنطن في حسبانها تعاظم المعارضة الشعبية لحكم "الاخوان" من جهة ، ومن جهة اخرى تخوّف حلفائها المحافظين ، ولاسيما السعودية والامارات العربية المتحدة والكويت، من تداعيات حكم الاخوان المسلمين على معظم دول المنطقة .
مع ترئيس المستشار عدلي منصور ، واعلان حكومة الدكتور حازم الببلاوي، ومباشرة مسؤولي اميركا واوروبا مساعيهم الحميدة للتوفيق بين الاخوان المسلمين واركان الحكم الجديد ، تستوقف المراقب ثلاث ظاهرات وازنة :
الاولى ، نجاح قيادة الجيش واركان المعارضة الشعبية في حشد مجموعة كفاءات في حكومة وطنية تمثل معظم ألوان الطيف المصري ، وتوحي بأشخاصها وببرنامجها بالعزم على مجابهة التحديات القاسية التي تواجه مصر في هذه الآونة، ولا سيما على الصعيدين الإقتصادي والإجتماعي . اما على الصعيد السياسي فقد رُصد نفورٌ ملحوظ من الولايات المتحدة وسياستها تجلّى في امتناع زعيم التيار الشعبي (الناصري) حمدين صباحي واركان حركة "تمرد" مقابلةَ وكيل وزارة الخارجية وليم بيرنز لرفضهم تدخل اي دولة في شؤون مصر الداخلية . اكثر من ذلك ، دعت حركة "تمرد" الى التنديد بالولايات المتحدة في التظاهرات والمسيرات الجارية دعماً للحكم الجديد.
الثانية ، مبادرة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الى ايفاد مسؤولين كبار (وليم بيرنز وكاثرين اشتون وبيرناندينو ليون) الى القاهرة لتسهيل قيام حوار بين الاخوان المسلمين والحكم الجديد. يبدو ان ليون نجح في انتزاع اقتراح من ممثل "الاخوان" جهاد حداد يقضي بإنشاء "اطار عمل" لفتح قناة حوار . الجيش لن يعرقل قيام الحوار المنشود بعدما نجح في إقصاء "الاخوان" عن السلطة كما عن مفاصل الدولة العميقة .
الثالثة ، ان "اسرائيل" ليس لها دور مؤثر في دعم او إضعاف ايٍّ من الاطراف المصريين المتصارعين. فهي تعادي القوى العروبية واليسارية في المعارضة (الناصريون وحركتا "تمرد" و"كفاية" وتجمع ثوار 30 يونيو) ، لكنها تتخوف ايضا من الكوادر المتطرفة في جماعة الاخوان المسلمين . لذلك فهي تفضل التعاطي مع الجيش المصري من حيث هو الجهة المسؤولة امنياً عن انفاذ احكام معاهدة السلام واحتواء فصائل المقاومة في قطاع غزة، ولكونه ايضاً محور الدولة العميقة والمستفيد الاكبر من المساعدات الاميركية البالغة نحو 1,3 مليار دولار ، والمسيطر على نحو 40 في المئة من الإقتصاد المصري.
هل من شك في ان مصر كانت وما زالت هبة النيل والدولة العميقة ؟ ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.