رأى عدد من المحللين والخبراء السياسيين والعسكريين أن دعوة الفريق أول "عبد الفتاح السيسي"، وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة المصرية، أمس الشعب المصري إلى تفويض الجيش في مواجهة الإرهاب تستهدف قطع الطريق على مخططات جماعة الإخوان المسلمين لنشر الفوضى في البلاد. وأكد الخبراء أن الغطاء الشعبي الذي يريده السيسي من تفويض المواطنين للجيش للتصدي للإرهاب، هو رسالة للخارج أكثر منها للداخل، للتأكيد على الدعم الشعبي لما يمكن أن تسفر عنها المواجهات المقبلة. ودعا السيسي في كلمة ألقاها خلال حفل تخريج دفعتين بكليتي البحرية والدفاع الجوي، "كل المصريين الشرفاء الأمناء، إلى النزول يوم الجمعة المقبل لتفويض الجيش والشرطة في مواجهة العنف والإرهاب المحتملين، والتعاون معهما، وإظهار صلابتهم وإراداتهم في مواجهة ما يحدث"، مشددا على أن هذا "ليس دعوة إلى العنف". وأضاف السيسي قائلا "موعدنا مع كل المصريين، ليس فقط في القاهرة والإسكندرية وإنما في كل محافظات مصر، وقوات الجيش والشرطة ستأمن بجدية هذه المظاهرات"، لافتا إلى أن الجيش "يؤمر فقط بإرادة المصريين". وأكد الدكتور "محمد السعيد إدريس"، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن دعوة السيسي تستهدف في المقام الأول قطع الطريق أمام مخططات جماعة الإخوان المسلمين لنشر الفوضى والانفلات الأمني في أنحاء البلاد. وقال إدريس لوكالة الأنباء "شينخوا" إن "الجيش طلب التفويض من الشعب لأنه كان سبق ووعد بعدم رفع السلاح ضد أي مصري، ووجد نفسه مضطرا لأن يواجه الوضع داخليا وعيا منه بوجود مخطط إرهابي للجماعة من شأنه تهديد الأمن القومي المصري"، مشيرا إلى أن الجيش كان بمقدوره القيام بهذا العمل دون تفويض من الشعب، لأن مهمته الأساسية هي حماية الأمن القومي". وأوضح إدريس أن جماعة الإخوان المسلمين اتجهت في الأيام الأخيرة على وجه الخصوص إلى العنف والإرهاب في إطار محاكاة للنموذج الجزائري بعد فشلهم في تحقيق النموذج السوري الذي استهدف تحقيق انشقاقات في الجيش وهو ما لم يحدث. وأشار إدريس إلى أن "الإخوان دخلوا معركة جنونية من أجل تحقيق مشروعهم، وهم إلى الآن غير مصدقين أن مشروعهم فشل"، موضحا أن القوات المسلحة لديها علم بأن الإخوان المسلمين يريدون إشعال الموقف للدعوة لتدخل خارجي، لذلك أراد أن يقطع الطريق عليهم بالدعوة لتفويضه بمواجهة العنف والإرهاب. وحول السيناريو المتوقع لدعوة السيسي وما يمكن أن يترتب عليها، أعرب إدريس عن توقعه بأن يملأ المواطنون الميادين يوم الجمعة استجابة للدعوة، وبشكل يفوق يوم 30 يونيو الماضي نتيجة المعاناة التي عاناها الشعب منذ سقوط مرسي، بعدها يعطي الجيش إنذارا أو أكثر للإخوان لفض الاعتصامات وإخلاء الميادين، فإن لم يستجيبوا يقوم الجيش بالتعامل مع البؤر التي يسيطر عليها الإخوان خاصة في ساحة رابعة العدوية وميدان النهضة بالقاهرةوالجيزة وكذلك بسيناء. ويعتصم مؤيدو الرئيس المعزول محمد مرسي بساحة رابعة العدوية بضاحية مدينة نصر شرق القاهرة، وميدان نهضة مصر بضاحية الدقي بمحافظة الجيزة، لليوم السابع والعشرين على التوالي للمطالبة بعودة مرسي باعتباره الرئيس الشرعي، وعودة العمل بالدستور المعطل، وعودة مجلس الشورى المنحل وأكد "أحمد بان"، الباحث بمركز النيل للدراسات السياسية والاقتصادية، أن دعوة السيسي رسالة موجهة للخارج كثر منها للداخل، للتأكيد على الدعم الشعبي لما يمكن أن تسفر عنها المواجهات المقبلة، مشيرا إلى أنه لا يحتاج لتفويض للتعامل مع الإرهاب. وأوضح بأن ل"شينخوا" أن دعوة السيسي تأتي في مواجهة الرأي العام الأجنبي الذي يبدو أن محاولات الإخوان أبدت ثمارها معه، ويسعى للحصول على دعم شعبي وغطاء للمواجهة المنتظرة بين الجيش والإخوان ومن حالفهم لاستعادة السيطرة على الأمور. وأشار إلى أن جماعة الإخوان المسلمين لجأت في الفترة الأخيرة إلى العنف، وبدت خطواتها يائسة، ومازالت الجماعة تعيش حالة إنكار لما حدث، وقياداتها تخشى على مصيرها بعدما حدث، ولذا فهي تقاوم بقوة وباستخدام كل الأوراق. ونوه بأن "ما يحدث بسيناء له صلة بمؤامرة كبيرة تقوم بها الجماعة تستخدم فيها كل الوسائل والأوراق للضغط على السلطة الحالية، أملا بالحصول على أية مكاسب تفاوضية، وسعيا للخروج الآمن من المأزق الحالي". وحول توقعاته لتعامل الجماعة مع دعوة السياسي وما يمكن أن يترتب عليها، قال: " الإخوان المسلمون طوال الوقت يتصرفون وفق مبدأ حافة الهاوية، ولكنهم للأسف يدفعون الأمور إلى حافة الهاوية ولا يستطيعون وقفها والتراجع في الوقت المناسب، ولذلك فإن أدائهم خلال الفترة الأخيرة يتجه بقوة لتحويلهم من فصيل سياسي إلى فصيل إرهابي". وأعرب عن أمله في أن ينجح الإخوان هذه المرة في التراجع في الوقت المناسب، حقنا للدماء ولكن وإن هذا حدث فستبقى بعض الجيوب المتطرفة المتأثرة بالخطاب العاطفي للجماعة، والتي سيكون على الأجهزة الأمنية التعامل معها. ومن جانبه، أكد اللواء سيد الجابري، الخبير الاستراتيجي، أن دعوة السيسي جاءت استجابة للقلق وعلامات الاستفهام العديدة التي طرحها الشارع المصري حول مغزى وسبب صمت القوات المسلحة والأجهزة الأمنية عما يحدث من انتهاكات واعتداءات واشتباكات في محافظات مصر المختلفة، وما تتعرض له قوات الجيش والشرطة بسيناء. وقال الجابري ل"شينخوا" إن التفويض الذي طلبه الجيش ليس موجها إلى فصيل بعينه، وإنما هو موجه للإرهاب والأعمال الإرهابية والإجرامية، بمعنى أنه لن يتعرض مطلقا للمظاهر الاحتجاجية السلمية، وهو ما يتفق على كل القوى السياسية في مصر. وأوضح الجابري إلى أن "الضحايا الأبرياء الذين يقتلون كل يوم في اشتباكات لايمكن وصفها بالسلمية، وكذلك التطور الكبير في مظاهر العنف من خلال التفجيرات التي وقعت بالمنصورة وبسيناء". في المقابل، يرى الدكتور عمرو هاشم ربيع، المحلل السياسي، أن دعوة السيسي ستؤدي إلى المزيد من العنف، معربا عن أمله في أن يستوعب الإخوان الدعوة، والاستجابة لها والتعامل معها بشكل إيجابي لقطع الطريق على استخدام الدعم الشعبي في التعرض لهم. وأكد ربيع للوكالة أن "الخطوة التي أقدم عليها السيسي وتهديده جاء مبكرا جدا، وأنه أراد من دعوت الشعب للنزول إيجاد غطاء شعبي لحربه المزمع شنها على الإخوان المسلمين". وأشار ربيع إلى أن "تلك الدعوة كان ينبغي أن تأتي من وزير الداخلية باعتباره المسئول الأول عن مواجهة الإرهاب في مصر، وأن تقوم وزارة الداخلية بالتصدي للإرهاب بعد تحديده بدقة على أن يتم ذلك بمساندة الجيش". اخبارمصر-البديل