من سنوات أسقطت القارة الأوروبية العجوز المساحة الافتراضية لاستقلالها عن الولاياتالمتحدة والحركة الصهيونية العالمية وهو استقلال متخيل في أذهان بعض العرب قام على الحنين إلى زمن شارل ديغول الذي انقضى وحل مكانه زمن المستعمرات الأوروبية التي تهمين عليها بيوت المال الأميركية التي تمسك بها مخالب الصهيونية في كل التفاصيل اليومية لحياة الأوروبيين ولمواقفهم وخيارات حكوماتهم على المسرح الدولي وخصوصا في ما يسمى بالشرق الأوسط. أولاً: إن القرار الأوروبي ضد حزب الله هو تلبية للمشيئة الأميركية الإسرائيلية وقد جاء سياسيا حاملا معه بصمات الأم المولدة لجميع مصائب الشرق بريطانيا صاحبة الإفتاء الدولي بافتراض وجود جناح سياسي وجناح عسكري لحزب الله بهدف التحايل على الهزائم الإستراتيجية وحالة العجز الكلي التي لحقت بالغرب الاستعماري وربيبته إسرائيل أمام المقاومة اللبنانية. الفتوى البريطانية هي ما تبناه الأوروبيون وهي على سبيل الذكر والتشبيه قد استولدت من التجربة الايرلندية عشية هزيمة الإمبراطورية البريطانية أمام الشعب الايرلندي وكان الكلام عن جناح سياسي وجناح عسكري في الجيش الجمهوري الإيرلندي المبرر الذي تلطت خلفه حكومة صاحبة الجلالة لتفاوض على شروط استسلامها أمام كفاح الايرلنديين لنيل الاستقلال. ثانياً: في حالة حزب الله يعرف الأوروبيون أكثر من غيرهم من دول العالم وعن قرب ما يمثله الحزب من قوة شعبية وما يحظى به من احتضان جماهيري لبناني عابر للطوائف والمناطق وهم يعرفون أكثر من غيرهم أن حزب الله قاد مقاومة وطنية ضد الاحتلال الصهيوني، وهو يمثل في لبنان قوة حماية ودفاع عن السيادة الوطنية وفقا لاعتقاد الغالبية اللبنانية الساحقة وأكثر من ذلك فان الأوروبيين يعرفون أيضا أن حكوماتهم لم تتجرأ على إرسال جنود إلى قوات اليونيفيل دون أخذ ضمانات مسبقة من قيادة حزب الله وهم يمارسون النفاق والدبلوماسية السرية في علاقتهم بالحزب لأنهم محكومون بالخنوع التام أمام المشيئة الأميركية الصهيونية ولذلك صاغوا القرار بالوصفة البريطانية التي تبقي الباب مفتوحا لدبلوماسيتهم السرية على صعيد العلاقة بالحزب الذي وسموه بالإرهاب منذ انطلاقته أسوة بجميع حركات المقاومة المناضلة في المنطقة العربية. ثالثاً: ليس من المفاجئ أن يأتي توقيت القرار ليوضع في خانة الرد على الدور القومي الطليعي الذي يقوم به حزب الله في مجابهة الغزوة الاستعمارية لسوريا وفي باب التدخل بالشؤون اللبنانية الداخلية حيث وضع التوقيت في خانة إعطاء دفع للضغوط التي تمارسها السعودية بالوكالة عن إسرائيل والغرب لمنع تمثيل حزب الله في الحكومة الجديدة وقد تكون وراء ذلك الدفع دفعة أو دفعات سعودية في جيوب بعض المسؤولين الأوروبيين والله أعلم! المخزي في هذا المشهد هو موقف حزب آل الحريري وشركاه ممن ناصبوا المقاومة العداء وتآمروا عليها منذ انطلاقها وقد ظهرت في الصحافة اللبنانية اليوم مقالات لبعض الجواسيس المرتبطين بالسفارات الغربية وبالمال السعودي والمقيمين في العلب الحريرية الليلية والنهارية المذهبة وهي تطالب الاتحاد الأوروبي بتشديد العقوبات وتستند لفكرة أن لا جناح عسكريا منفصلا عن الجناح السياسي، هذه الظاهرة المعيبة في الواقع السياسي اللبناني تؤكد بما لا يقبل الشك أن أدوات الغرب والسعودية في لبنان باتت أدوات إسرائيلية خالصة وهي أشد فجورا في احتفالها بالقرار العدواني الأوروبي من نتنياهو. الحقيقة التي تصفع المحتفلين وتقض مضاجعهم أن هذا القرار وما قد يليه ليس سوى قرار افتراضي يرتب نتائج افتراضية ولن يبدل شيئا في توازن القوى فإسرائيل خاسرة ومهزومة والغرب الاستعماري يندحر وبعد الانتصار في سوريا ستفتح حسابات في لبنان فصناديق الاقتراع في الانتخابات المقبلة في لبنان يجب أن تكون صناديق حساب تطلق شرعية لبنانية دستورية وطنية قادرة على إنتاج حكومة بمستوى ما تمثله المقاومة في تاريخ لبنان المعاصر بعيدا عن مواقف رفع العتب المتلعثمة التي اتخذها بعض المسؤولين.