منذ عقود وخصوصاً من سنوات تحركت الدوائر الاستعمارية والرجعية العربية لاستدراج فتنة مذهبية، وشكلت هذه المسألة محوراً رئيسياً في الغزوة الاستعمارية منذ احتلال العراق ومن ثم في الحرب العدوانية على سوريا وواكبتها محاولات مستميتة في لبنان منذ التحرير العظيم حتى اليوم وقد فشلت جميع تلك المحاولات في تحقيق الغاية المرسومة وهذا الفشل توج بسقوط حتمي للفتنة بعد التطورات الأخيرة في مصر حيث لامجال للمزاعم و الروايات المسمومة. أولاً: شكل تعميم العنف الطائفي والمذهبي غاية مركزية في العدوان الاستعماري على سوريا وقد انتج لهذه الغاية خطاب إعلامي مبرمج منذ بداية الأحداث عبر تعميم مصطلحات وتوصيفات واختلاقأكاذيب في الإعلام العالمي والإقليمي وقد واكبته مذابح وجرائم خطف وقتل على الهوية وأطلقت أعمال إبادة بربرية بشعة وتمثيل بالجثامين لاستدراج حلقة عنف طائفي ومذهبي على غرار الاختبار اللبناني قبل حوالي أربعين عاما والذي قادته دول الغرب الاستعماري وإسرائيل ومن ثم خبرة مجازر يوغسلافيا السابقة أواخر القرن الماضي التي قادها الناتو مباشرة لوراثة التركة السوفيتية. فشلت الفتنة المذهبية في سوريا كما في لبنان نتيجة تنبه القوى الوطنية وإرادتها الصارمة وبفعل مستوى الوعي الشعبي للمخاطر ولطبيعة الصراع الدائر بوصفه مقاومة لعدوان استعماري تنفذه عصابات التكفير والإرهاب المدعومة من الولاياتالمتحدة والناتو وإسرائيل ومعها الحكومات الرجعية في المنطقة وحيث ظلت حاضرة في وجدان الغالبية الشعبية المعنية مكونات الموقف الوطني والقومي وعقيدة حراسة الخيار المقاوم في سوريا ولبنان بناء على الحروب العالمية والمواجهات السياسية والعسكرية المستمرة منذ انتصار المقاومة في لبنان عام 2000 بدعم ومساندة سوريين بما فيها من انتصارات ومن أكلاف وإنجازات وبفضل تلك الخبرة وذلك الوعي استطاعت القوى الوطنية المقاومة في سوريا ولبنان صد الفتنة وتداعياتها. ثانيا: شكلت الانتفاضة المصرية ضد حكم الإخوان المسلمين نقطة النهاية في مؤامرة الفتنة حيث لامجال في مصر لأي التباس: الغالبية الشعبية السنية تتصدى لحكم الإخوان وتسقطه وبحماية القوات المسلحة المصرية، ويجدر التنويه بأن المجزرة التي ارتكبتها عصابات الإجرام ضد أسرة شيعية كانت على عكس ما أراد المخططون بها، فساهمت في تحفيز الهبة الشعبية العارمة وغير المسبوقة، وبذلك تتوج الانتفاضة المصرية صمود سوريا والفتنة التي فشلت في سوريا و لبنان سقطت في مصر كلياً. جاءت انتفاضة شعب مصر وجيشها امتدادا طبيعيا لصمود سوريا ولانكشاف طبيعة المخطط الاستعماري الذي شكلت هذه القوة أي التنظيم العالمي للإخوان، أداته التنفيذية لحماية الأمن الصهيوني بدءا بانخراطها الهجومي في مخطط تدمير الدولة الوطنية السورية وصولا لما قامت به في حكمها القصير للدولة العربية الأكبر حيث بنيت استراتيجيات قيادة الإخوان على أولوية الأمن الصهيوني وجندت كل إمكاناتها لتسخير الدعم الاستعماري الغربي للبطش بالقوى الاجتماعية الحية ولاحتكار السلطة كليا في مقايضة مفضوحة وساقطة اخلاقيا ووطنيا. ثالثا: منذ انتفاضة الشعب المصري الباهرة في 30 يونيو/حزيران يتردد خطاب وطني مصري واضح وهو يرجع بالذاكرة لمكونات الخطاب الذي أطلقته الدولة الوطنية السورية منذ بدء الأحداث وتظهر مؤخرا في مصر وقائع ومعلومات تحاكي ما يعيشه السوريون منذ أكثر من عامين حيث شرع تنظيم الإخوان ينتقل إلى العمل الإرهابي ويحضر لتكوين عصابة لشق الجيش المصري (يدعونها الجيش الحر كذلك ) في محاولة لتكرار حلقات مؤامرتهم المفضوحة التي سقطت في سوريا وثمة كلام كثير عن مشاركة مقاتلين من عصابات الإرهاب السورية - مرتزقة الناتو - وعناصر من حماس في الاعتداء على الشعب المنتفض وفي قتل المصريين. المخطط الاستعماري يتساقط والمعارك مستمرة في مصر وقد تطول لكنها تنطلق من حيث وصلت المقاومة السورية الوطنية التي يقودها الرئيس بشار الأسد ويخوضها الشعب العربي السوري بغالبيته الساحقة ومعه الجيش الوطني السوري رفيق سلاح الجيش المصري، عماد الدولة الوطنية المصرية. في كل ما تقدم تزايدت وتائر الارتباك والعجز الإمبريالي وظهرت علامات المسخرة بالارتباك والتلعثم في مواقف الولاياتالمتحدة وتركيا تجاه ما يدور في مصر بينما إسرائيل في حال ذهول أمام سقوط كل ما بنته من أوهام عن حقبة الإخوان الآفلة، وهي تسارع الخطى لفرض التهويد واستلحاق الزمن الفاصل الذي قد يحمل هبات فلسطينية جديدة وانشقاقات في حماس التي يسقط سوار تدجينها بسقوط حكم الإخوان في مصر بعد فشلهم المدوي في سوريا وقد سقط معهم مشروع الوهم العثماني السخيف فاختنق أردوغان بخيباته المرة وتعصى العروبة شوكة في حلق العثمنة ويا لسخرية القدر الذي يكرر الأحداث مرة ملهاة ومرة مأساة!.