للنساء قصص وحكايات في التراث المصري خاصة اللائي كن داخل القصور، وكعادة التاريخ دائما ما كن يحركن الأحداث من وراء حجبهن في القصور بل وأحيانا كن يقفزن الى كرسي الحكم نفسه. منذ أقدم امرأة مصرية في التاريخ إيزيس واعتاد الشعب المصري ان يحكي حكايات النساء ، نفرتاري زوجة رمسيس الثاني ونفرتيتي زوجة أخناتون عنخ إسن زوجة توت عنخ آمون وكليوباترا السابعة وقطر الندى وشجر الدر والملكة نازلي وغيرهن. نتطرق اليوم إلى سيدة لها باع في حكايات مصر غير ان الكثير في أيامنا هذه يجهلونها هذا ان تذكروا اسمها اساسا بالرغم من انها من الشخصيات النسائية التي تستحق فيلما سينمائيا ورواية أدبية على الأقل. انها ست الملك.. ست الملك تلك المرأة القوية المؤثرة التي كانت صاحبة القرار في مصر لعقود من الزمن. هي ابنة الخليفة الفاطمي العزيز بالله بن المعز لدين الله الفاطمي، المدللة التي حظيت بمكانة مرموقة عند أبيها ، والتي بنى لها ابوها القصر الغربي الشهير الذي كان حكاية الناس في زمانه. وهي ابنة السيدة العزيزية زوجة العزيز بالله المسيحية الديانة على مذهب القسطنطينية (الروم الأرثوذكس حاليا) والتي كان لها شأنا حتى أن الخليفة عين اخوها أوريستيس مطرانا على القدس ثم أخوها الآخر أرسانيوس بطريركا كرامة لها. وهي أيضا أخت الخليفة الشهير الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي دارت حوله الحكايات وعمة الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله. ولدت في المغرب ووصلت مصر مع ركب جدها المعز طفلة وتربت في القاهرة المعزية وعندما كبرت نالت ثقة أبيها حتى أنه كان يستشيرها في امور الدولة ويجلسها مجلسا مقربا من مجلسه. ولما مات ابوها تولى الحكم أخوها الحاكم بأمر الله الذي كان طفلا يخضع لسيطرة الوزير برجوان حتى كبر الطفل ودبر قتل برجوان واستأثر بالسلطة وبدأ عهده الغريب وسياساته التي أدت إلى القلاقل والإضطرابات، وكانت ست الملك تحاول دائما التدخل اما بالنصح والارشاد او بالزجر وعدم اللين خوفا منها على عرش الخلافة وكان ذلك نتيجته أنالخليفة الحاكم بدأ يضيق الخناق عليها ويحاصرها حتى اعتزلت في قصرها إلا انها كانت تتابع الأمر في عزلتها وتتدخل عن بعد فاتهمها اخيها بالعشق والفجور وكان يعلن دائما أنها ليست امرأة جيدة ويقلل من شأنها في المجالس العامة، والحق يقال كما يقول المقريزي انها كانت ابعد ما تكون عن اي تصرف مشين أو لا أخلاقي. وفي ليلة مازال يذكرها المصريين خرج الحاكم كعادته يطوف بفرسه جبل المقطم ولم يعد، اختفى تماما ولا يعرف أحد إلى يومنا هذا اين ذهب وألفت القصص والحكايات بل والعقائد الدينية عن هذا الإختفاء الغريب، حيث انه صرف خدمه المصاحبين له واتجه جنوبا ولم يعد. وكان احد هذه الحكايات ان ست الملك هي من دبرت قصة اختفائه وأنها في الحقيقة قامت بقتله، وقد يؤكد صحة هذه الحكاية انها سرعان ما توجهت إلى قصر الخلافة وهي من اختارت الفتى علي بن الحاكم بأمر الله ليكون الخليفة الجديد وهي من اختارت له لقب الظاهر لإعزاز الدين الله وهو لقب ينم عن توجهها وفكرتها في ان الحاكم قد اساء للخلافة والإمامة وهذا الخليفة الجديد الذي يظهر لإعادة العزة. ومكثت مع الخليفة الجديد ثلاث سنوات كانت فيها هي من يدير دفة الحكم فعليا حتى ماتت. يراها البعض امرأة طامعة وطامحة وذكية ويراها الكثير والأغلب امرأة عظيمة صالحة تهتم لصالح البلاد ويراها البعض امرأة كباقي النساء تغار وتحب السطوة وان كان لا يوجد مانع ان تكون كل هؤلاء في وقت واحد. وعلى كل حال كغيرها ذهبت وبقيت مصر وأصبحت حدوتة تحكى للأطفال قبل النوم قد يتعلم منها الناس الكثير ..