خبراء: عمالة الأطفال تجعل سلوكهم عدوانيا..ويتسائلون عن غياب دور وزارتي الشئون الاجتماعية والقوى العاملة يرى علماء النفس والاجتماع أن عمالة الأطفال تصيبهم بمشاكل نفسية تؤثر على علاقتهم بالمجتمع لإحساسهم بالحرمان من أشياء ينالها من هم في نفس عمرهم، ما يجعل سلوكهم عدوانيا تجاه مجتمعهم، كما حذروا من وقوع عقوبات دولية على مصر لأنها موقعة على اتفاقيات تجرم عمالة الأطفال، في الوقت الذي يوجد فيه أكثر مليون ونصف طفل يعملون طبقا لآخر إحصاء أجراه المركز القومي للتعبئة العامة والاحصاء. ويرى د.أحمد مجدي حجازي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة أن ظاهرة عمالة الأطفال ترتبط بالمجتمعات الأقل تطورا وتنعدم في المجتمعات المتقدمة حسب نسبة الفقر الذي تعانى منه، و تتراوح نسب هذه العمالة داخل المجتمع المحلى الواحد، فنجد مثلا ارتفاع نسب العمالة في الريف كما جاء في تقرير الجهاز المركز للتعبئة والإحصاء في الفئة العمرية من 15 إلى17 عاما لتصل إلى 83.3 % مقابل 16.2 % في الحضر. وتابع حجازي بأن المستوى التعليمي والثقافي وانتشار مساحات من الكتل السكانية للعشوائيات في قلب المدن نفسها والتي يتراكم فيها الملايين من الفقراء والمهمشين الذين يعملون بالأساس في مهن حرفية تجعلهم يفكرون في دفع أطفالهم إلى العمالة غير الرسمية لسد احتياجات الأسرة، ومن ثم لم تعد ظاهرة عمالة الأطفال مرتبطة فقط بالأرياف. وبسؤاله عن الخطورة من الأمراض الاجتماعية المترتبة على الإحصائية التي ذكرها التقرير بشان أن 82% من إجمالي الأطفال يعملون في ظروف سيئة، ويتعرض 4.7% منهم للإيذاء الجسدي، بينما يتعرض 0.5% للتحرش الجنسي مشيرا إلى أن أطفال تعانى من مشاكل نفسية وصحية، قد تصل بهم إلى " بلطجية". وأضاف أن الخطورة تكمن أيضا على المستوى الدولي وعلاقة مصر بغيرها من الدول ، لافتا إلى أن مصر بذلك تخالف القواعد التي وضعتها منظمات دولية كالأمم المتحدة لحماية حقوق الطفل ألزمت بها الدول الموقعة عليها، وعند مخالفة هذه الاتفاقيات ستعد مصر ضمن الدول التي لا تحترم حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق الأطفال بصفة خاصة، الأمر الذي قد تستغله الدول الكبرى بتوقيع عقوبات على مصر، فمثلا على جانب العقوبات الاقتصادية لا تسمح الدول الأوربية باستيراد بعض المزروعات من مصر لأنها تشترط عدم عمالة الأطفال بها. وعن آثار العمل على الصحة النفسية للطفل تقول الدكتورة ناهد رمزي، أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية إن هؤلاء الأطفال يشعرون بحالة من الإحباط والاكتئاب عند رؤيتهم لمن هم في نفي أعمارهم يذهبون إلى المدارس المحرمة عليهم بالإضافة إلى حرمانهم من الرعاية الأسرية الصحية، خاصة عندما يتعرضوا إلى أشكال من الإيذاء النفسي والجسدي من أصحاب العمل، ويتولد لديهم شعور من الكبت ويصبحوا أكثر عدوانية عن غيرهم، بالإضافة إلى إصابتهم بحالة من سوء التوافق النفسي والاجتماعي. وأشارت رمزي إلى أن الآثار النفسية والجسدية تصبح أكثر خطورة إذا كان الأطفال إناث، فبالإضافة لحرمانهم من الاستمتاع بطفولتهم وتحملهم مسئوليات أكبر من أعمارهم يتعرضن إلى ممارسات جنسية من تحرش واغتصاب تكمن خطورتها في عدم معرفتهم بما يمارس ضدهم، وعدم قدرتهم على الحكي أو الإفصاح عما وقع معهن، ما يشكل خطورة نفسية بالغة الأثر تظل مع هذه الفتيات عند الكبر. وحملت د.منى صادق، مدير مركز الطفل العامل والباحثة بالمركز القومي للبحوث التربوية مسئولية هؤلاء الأطفال إلى الدولة في المقام الأول، و منظمات المجتمع المدني ثانيا ، مشيرة إلى أن الدولة لابد أن تعدل السياسات التعليمية القاصرة التي تساهم في تسرب الأطفال من التعليم، بالإضافة لتوفير فصول دراسية للمتسربين من التعليم وإتاحة فرصة ثانية لهم ليستكملوا تعليمهم، مشيرا إلى أن الطفل المصري المتسرب من التعليم تنقطع علاقته بالدراسة بوصوله لسن 11 عاما، مشيرة إلى أن الطفل يصبح من سن 11الى 16 عام - السنة التي حددتها الدولة حتى تمنح الطالب شهادة محو أمية – بالشارع ،ليس لديه أية فرصة لاستكمال تعليمه أو تطوير قدراته. وطالبت صادق الدولة بتفعيل الدور الغائب للأخصائي الاجتماعي بالمدارس، و التواصل مع أسر الأطفال وزيارة منازلهم ومتابعة ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية التي تكشف له أسباب تسرب الطلبة من التعليم، و تقديم الدعم النفسي للأطفال ومساعدتهم على التغلب على ظروفهم السيئة، بالإضافة إلى تفعيل وزارة الشئون الاجتماعية لبرامج التربية الوالدية و توفير ما يسمى بالأسر البديلة في حال تواجد الأطفال داخل أسر لا تحترم طفولتهم . وأضافت أن وزارة القوى العاملة أيضا لها دور بإلزام مفتشي العمل والسلامة والصحية المهنية بالقيام بعملهم والتفتيش الدوري المستمر على كافة المنشآت والشركات والمزارع التي تستخدم الأطفال لتطبيق نصوص قانون العمل، وضرورة إحكام الرقابة على القطاع غير الرسمي الذي يستبيح عمالة الأطفال لرخصها، وتشديد الرقابة والمتابعة على موظفي القوى العاملة حتى لا يتم رشوتهم من قبل أصحاب العمل التي تجعلهم يتساهلوا ويتركوا الأطفال في أعمال شديدة الخطورة