أعد المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، ورقة بحثية بعنوان "التحديات التي تواجه المرأة في المهن المختلفة"، اشترك فيه الدكتورة منى قاسم، والدكتورة حنان يوسف، والدكتورة مروة فرحان. يهدف البحث لإيجاد حلول واقعية للمرأة، بعد أن دخلت جميع مجالات سوق العمل سواء التعليمية أو السياسية أو الاقتصادية أو الإدارية، وأثبتت كفاءة عالية وقدرة كبيرة في ما يُناط إليها من أعمال، ولكنها في المقابل تواجه صعوبات كثيرة، منها ما يرتبط بالحالة العامة للبلاد، أأو بكونها امرأة، أو ما هو خاص بطبيعة العمل الذي تعمل به. وهنا استعرض المركز جزء من هذه الصعوبات، في محاولة لوضع خطط واقعية لحلها، حتى تستطيع المرأة أن تؤدي دورها المنشود في نهضة الوطن. ومن التحديات التي تواجه المرأة بشكل عام، التي تناولها البحث، عدم إتاحة فرص للاختيار بشكل عادل عند التوظف، وذلك من خلال اختيار العمل المناسب لها، فبعض النساء تستمر في عمل أقل من إمكاناتها، ولا يحقق طموحها، إما لعدم وجود بديل، أو لقربه من مقر السكن؛ للحفاظ على الاستقرار الأسري، أو لضعف معاش التقاعد، والذي لا يكفي لعيش حياة كريمة، وتلك حالة شائعة، وبالتالي فإن المرأة العاملة المصرية تدفع دفعًا إلى الإلتحاق بأقل قطاعات العمل دخلًا وحقوقًا وإستقرارًا. بالإضافة إلى عدد أدوار المرأة العاملة، وعدم القدرة على تحقيق التوازن المطلوب ما بين العمل والأسرة وتربية الأبناء، وعدم تقديم مكان العمل أو المجتمع يد العون لتحقيق هذا التوازن. فنتيجة لتعدد دور المرأة بالإضافة إلى كونها ربه منزل وأم وزوجة، أضيف لها دور جديد بإرادتها وهو دور المرأة العاملة، الذي يفرض عليها أن تتواجد خارج المنزل لفترة طويلة، والنتيجة عدم تكيف المرأة مع أوضاعها الجديدة؛ لصعوبة في الموائمة بين الدور القديم التقليدي والدور والظروف الجديدة التي فرضها العمل، ومن هنا يؤدي ذلك إلى التفكك الأسري، غير القصور الشكلي والموضوعي في تربية الأولاد. كما أن تغير بنية سوق العمل أمام المرأة، والمتطلبات المهنية، فسوق العمل الحالية نامية تتجه إلى الاستثمارات الخاصة والنظام الرأسمالى الحر بكل معاييره الخاصة، التي تهدف في النهاية إلى الربحية العالية بكل ما له وبكل ما عليه، سوق عمل تضم جميع القطاعات الاقتصادية والاستثمارية، التي تنعكس عليها الحالة السياسية للدولة، والتحدي الكبير أمام المرأة في هذا الأطار، يكمن في المهنية والقدرة على التجاوب بكفاءة وفاعلية مع متطلبات السوق الجديدة، والذى يستلزم تغيرات واسعة في مناهج التعليم الجامعي، وربطها باحتياجات سوق العمل. أضف إلى ذلك ارتفاع مكانه المرأة في عملها ومواجهة بعض المشاكل الأسرية، والذي يؤدي في بعض الحالات ارتفاع دخل الزوجة عن دخل الزوج إلى شعور الزوج بالغيرة والمنافسة، وبخاصة إذا كانت في مركز وظيفي أعلى منه، ويشعر بالغيرة والضيق أكثر إذا كانت تعمل معه في نفس المكان، وتحاول المرأة أن تظهر كفاءتها، كل هذا يجعل الزوج ينظر إليها كمنافس له، مما يؤدي إلى اشتداد الخلاف، وذلك يضعف من تماسك الأسرة. تأثر تربية الأبناء بشكل سلبي نتيجة عمل المرأة، حيث أدى زيادة دخل المرأة وتحسين المستوى المعيشي للأسرة في بعض الأحيان إلى خلق رفاهة في تعليم الأولاد، ومستوى المعيشة لكنه من ناحية أخرى، تشابكت الأدوار وتباعد الانسجام الأسري مع اختلاط الأدوار في الأسرة، خاصة إذا كان دخل الزوجة هو الدخل الأعلى في الأسرة، وتراجعت السلطة الأبوية للأب ودوره في التأثير على النشأ. وكذلك عانت المرأة من مشكلات عديدة أثرت على دورها في المنزل، وبصفه خاصة في عمليه التنشئة الاجتماعية للأبناء، فعند خروج المرأة للعمل كان لزامًا عليها أن تجد من يرعى الأبناء في المنزل، وساهم ذلك في استفحال ظاهرة المربيات التي أثرت سلبًا على القيم التي يكتسبها الأبناء في المنزل، وهي قيم غريبة عن المجتمع المصري أو اللجوء إلى مدارس اليوم الكامل بديلًا عن دورها التربوي. اكما أن لموروثات الاجتماعية في النظرة للمرأة العاملة، وحدوث التغيير الاجتماع رافقه العديد من التغييرات كارتفاع المستوى التعليمي للمرأة، ورغبتها في الاستقلال الاقتصادي ولكن دون تغيير لبعض المعتقدات والموروثات السائدة في المجتمع، والذي مازال البعض يرى أن خروج المرأة للعمل ومزاحمتها الرجل في الوظائف ساعد في ارتفاع معدل البطالة في مصر، وحرمان العديد من الشباب من فرص العمل المتوفرة، ولكنهم أغفلوا حقيقة ضرورة توازن البناء الاجتماعي للمجتمع، حتى لا يحدث الخلل والذي يأتي على شكل تميز وتمييز، وبالتالي عدم العدل والمساواة اللذين يشكلان أصل الحياة الآمنة. فالنظرة للمرأة على أنها غير قادرة على إدارة المناصب العليا مازالت سائدة، ومعمولًا بها، على الرغم من التقدم الذي أحرزته المرأة في سوق العمل. كذلك غياب قاعدة بيانات الباحثين عن عمل أو الراغبين في تغيير عملهم، وغياب جهة منظمة لهذا الأمر، حيث لا توجد قاعدة بيانات للباحثات عن العمل مدرج بها كافة بياناتهم (المؤهل، سنه التخرج، التخصص، البيانات الشخصية، المهارات،.. إلخ)، تتيح فرص اختيار مكان العمل المناسب لمهارتهن وظروفهن أو الانتقال من عمل لآخر جغرافيًا ونوعيًا لمن تعمل في مكان غير مناسب لها ولظروفها الأسرية والحياتية. وعدم العدالة في الأجور في ظل ظاهرة المستشارين وأصحاب العقود الخاصة من الصناديق الخاصة، وأدى تفشي ظاهرة المستشاريين وأصحاب العقود الخاصة من الصناديق الخاصة، وعدم المساواة مع أبناء المكان في الوظائف والأجور والمعاملة والمزايا أكبر تحدي يواجه المرأة العاملة في القطاعات الاقتصادية المختلفة، لما يشوب تلك الأوضاع من عدم عدالة في الأجور والترقيات، والمزايا التي تحصل عليها تلك الفئة القليلة العدد، تحت مسمى مستشاريين مقابل بقية العاملين في منظومة العمل، وذلك ببعض القطاعات الاقتصادية، مما يثير قضايا مثل "الرضا الوظيفي، الولاء للمكان،.. إلخ"، وكان من المفترض أن ينتهي هذا الموضوع مع النظام السابق الذي ابتدعه لأغراض معينه. وتضمن البحث في قسمه الثاني تحديات مرتبطة بالمهن المختلفة،وفيه بحثت الدكتورة منى قاسم عن التحديات التى تواجه المرأه العامله بالمهن التجارية، ومن أبرز هذه التحديات: - ضعف فرص العمل المتاحة في القطاعات المنتظمة (الحكومة والقطاع العام): إنحسار وضعف فرص العمل أمام المرأة المصرية في قطاع المهن التجارية (بنوك، تأمين، ضرائب، جمارك، شركات طيران، شركات صناعية فى مختلف قطاعاتها)، وتفاوت الفرص في النواحي الاقتصادية في الإطار المهني الواحد (التجاري)، ما بين العمل في القطاع الحكومي أو العام، وبين القطاع الخاص. وذلك أن القطاع الحكومي والعام هو القطاع الذي فتح فيما سبق أبواباً واسعة للمرأة، وجعلها تنخرط وتعمل في مختلف المجالات، وهو القطاع الذي تعرض لعملية خصخصة واسعة منذ عام 1992، انخفضت العمالة به بوجه عام، ما بين معاش مبكر أو تغير نوعية الطلب على العمالة، والتى ليس بها إقبال على توظيف المرأة كما كان سابقًا، وبالتالي تراجع نسبة النساء المشتغلات فيه. وإذا أضفنا إلي ذلك أن القطاع الحكومي يحد من تعييناته، بحيث أصبح هو الآخر محدود الفاعلية أمام عمل المرأة، فيمكن القول أن المرأة فى هذا القطاع الاقتصادى المالى والتجارى والاستثمارى، بدأت تفقد مجالين مهمين من مجالات التوظف والعمل، وأن كلا من القطاع الحكومي والقطاع العام، هما أكثر القطاعات قرباً من طبيعة وواقع النساء المصريات، لأنهما عادة ما يكونان أكثر قبولا اجتماعيا لما يوفرانه من حماية ورعاية وحقوق للمرأة العاملة، خاصة في المناطق غير الحضرية، تفضل العائلات أن تعمل بناتها بالقطاع الحكومي أو العام، بدلاً من القطاع الخاص غير مضمون، بالإضافة إلى أن القطاعين معًا الحكومي والعام هما أكثر القطاعات الاقتصادية التي تسمح بالنمو وبالترقي المهني والأدبي للنساء العاملات، وبالتالي فهي أنشط القطاعات في إتاحة فرص بناء الكوادر والقيادات النسائية في المجتمع. - تغيير شروط سوق العمل: مزاحمة الأجيال الجديدة بما لها من إمكانيات مهنية وتعليمية وتدريب يتطلبه سوق العمل، الذي يعتمد الكفاءة والمهارات الخاصة خاصة التقنية منها، وبالتالي تجد المرأة العاملة نفسها مرؤوسة لمن هو أقل منها عمراً و أقل خبرة فى مجال العمل لما لديه من إتقان للغات الأجنبية أو مهارات الحاسب وغيرها من المهارات، الأمر الذى يستلزم ان تدرب جهات العمل قدامى العاملين بها حتى لا تهمل عنصر الخبرة، فالسيدة العاملة فى مكان ما لديها تراكم خبرة يحتاج الى صقله ببرامج تدريبية تكفل التطور الطبيعى فى بيئة الأعمال. - عدم توافر الحماية القانونية اللازمه للمرأة التي تعمل في القطاع الخاص غير الرسمى، أي القطاع الذي لا يقدم للمرأة الحقوق المكفولة لها في قوانين العمل المختلفة، بدءًا من الأجر والأجازات وساعات العمل، إلى عضوية النقابات إلى الحقوق التأمينية المتعارف عليها، أما القطاع الخاص الرسمي والذي كان في حالة نمو ونشاط فإن فرص عمل المرأة به محدودة بوجه عام لمتطلبات الكفاءة العالية فى اللغات ومهارات الحاسب والمهارات التقنية والمحاسبية، والمظهر وغيرها، لا يتيحها إلا نوعية مكلفة من التعليم الخاص. أما بالنسبة للمتاعب والتحديات التي تواجه المرأة العاملة بالمهن الزراعية، فتناولتها الدكتورة حنان يوسف، وهذه المتاعب هى: - يدفع تدني فرص العمل لخريجي تخصص الزراعة من كلا الجنسين، وبشكل خاص الإناث بعد أن اضناهم التعب على أمل الحصول على فرصة عمل، إلى تأسيس مشاريع خاصة بهم، إلا أنهم يصطدمون بعقبات من أهمها تمويل تلك المشاريع، فهناك صعوبة فى الوصول إلى قرض زراعي من مؤسسات ذات علاقة، وذلك لكثرة طلبات القروض. - عدم توافر فرص عمل تناسب المهندسات الزراعيات في التخصصات المختلفه، مثلها كالمهندس الزراعي، سواء فى العمل الخاص أو فى المشاركة فى العمل النقابى، مع التقليل من القدرة العقلية والإبداعية والعملية للفتيات بجانب احترام كونها أنثى. - ضعف مرتبات المهندسات الزراعيات الموظفات، وعدم وجود كادر للزراعيين وبدل المخاطر من أجل حياة كريمة. - التأخر في صرف المعاش لأصحاب سن الستين أو الورثه، والذى لا يتعدى المائة جنيه من جهة النقابة، وذلك لضعف الموارد المالية لنقابة المهن الزراعية، والتي يتعدى عدد أعضائها الستمائة ألف مهندسه ومهندس زراعس.