وسط الأصوات التي تنادي بالاكتفاء الذاتي من القمح، نجد أن المسئولين غير ملتفتين للحفاظ على ما يتم توريده سنويًا إلى الحكومة، وذلك لفشل المنظومة التخزينية في اتباع أساليب سليمة عند استقبال الأقماح بعد الحصاد، هذا بالإضافة إلى التقاعس عن إنشاء صوامع معدنية ذات سعة تخزينية كبيرة لاستيعاب إجمالي الناتج المحلي من القمح. ومن جانبه، حذر الدكتور إسماعيل رشيد -أستاذ بحوث أمراض ما بعد الحصاد بمعهد بحوث أمراض النبات بوزارة الزراعة-، من الطرق المتبعة في تخزين القمح، ومنها الشون الترابية المستخدمة ببنك التنمية والائتمان الزراعي والتى تعد بيئة مناسبة لنمو الفطريات مثل فطر "اسبرجلس فليبس"، والذي يفرز سموم "الإفلاتوكسين" الخطيرة التي تسبب التليف الكبدي والفشل الكلوي وسرطان الكبد. وأشار إلى أن البنك لا يلتزم باتباع الشروط اللازمة عند استلام المحصول، ومن أهمها زيادة الرطوبة التى تسبب الإصابات الفطرية التي تصيب القمح أثناء التخزين، كما أن البنك يقوم بتبخير القمح بمبيد فطري حشري"بروميد مثيل" ممنوع دوليًا ، فالبنك مسئول عن نسبة الفاقد حتى لا يتم تعويض القمح المهدر بالتراب لان التسليم والتسلم يكون على أساس الوزن. ولفت أستاذ بحوث أمراض ما بعد الحصاد، إلى الحفاظ على المحصول الاستراتيجي، فيجب أن يتم تعبئة القمح في أجولة من الخيش المعقمة قبل التعبئة خوفا من الفطريات، كما يجب ان توضع الأجولة في صفوف لا تقل المسافة بينها عن متر مربع للتهوية الجيدة، بالإضافة إلى تغطية العبوات جيدًا لحمايتها من الندى والأمطار منعا لنمو الفطريات. وأوضح، انه يجب على بنك التنمية بالإسراع بتطوير الشون الترابية إلى أسمنتية، حيث إن التراب يكون محملًا بالجراثيم، ، مضيفًا أن الفلاح يقع عليه مسئولية أيضا في الحفاظ على القمح من التلف، حيث يجب أن تتم عملية الحصاد بعد تمام النضج وأثناء الظهيرة، وأن يتم تنشيره في الشمس للتخلص من الرطوبة الزائدة. فيما قال المهندس عبد السلام جمعة والشهير باسم "أبو القمح"، أنه طبقا للدراسة التي قام بها مركز البحوث الزراعية، فإن نسبة الفاقد من القمح لا يتعدى ال11% ، فالتخزين وعمليات النقل شريكان في الفاقد، مؤكداً أن إهدار 600 ألف طن بمحافظة مرسى مطروح يأتى نتيجة تغذية الأغنام عليه. وأكد أنه لا يتم توريد إجمالي الناتج المحلي من القمح، والذي من المتوقع أن يصل هذا العام إلى 9 ملايين طن، لأن هناك تجارة بينية للقمح كتوريد القمح لمصانع "المكرونة والمخبوزات السياحية"، بالإضافة إلى الاستهلاك الشخصي للمزارعين، كما أن الدولة لا تتعاقد مع الفلاحين لشراء محاصيلهم مقدما بما يسمى بالزراعات التعاقدية. وأوضح "أبو القمح" أن بناء الصوامع هى الطريقة المثلى للتخزين وحماية المحصول الاستراتيجي من الطيور والتسوس، مؤكدًا أن هناك خطة لإنشاء 75 صومعة تابعة للسلع التموينية لاستيعاب القمح المحلي والحفاظ عليه من الضياع.