"الكارتة " وظيفة ترتبط ب"البلطجية " و" السوابق " في المناطق العشوائية، التي لا تتواجد بها شرطة المرور، ويتبع السائقون مبدأ "كلما زادت الكارتة حتى لو قيمة بسيطة، يلزم ذلك زيادة في الأجرة وربما بنفس القيمة أيضا"، دون إبداء أي أسباب للمواطن البسيط، وإن اعترضت فلا تسمع غير جملة واحدة اتفق عليها جميع السائقين وهي " لو مش عاجبك انزل"، فإما أن توافق على هذه البلطجة أو تصل إلى المكان الذي تريده سيرا على أقدامك. والحقيقة هي أن أغلب "المواقف" تحت سيطرة " الكارتاجية"، فلا توجد لغة لديهم غير استعراض العضلات، وترهيب السائق والراكب وفرض"إتاوة " هم من يحددونها، وعلى أي سائق السمع والطاعة، حتى يضمن سلامته هو والسيارة، وأصبحت الكارتة هي المهنة التي تتحكم بشكل كبير جدا في زيادة الأجرة، والكثير من المشاجرات وأحداث الشغب في شوارع العشوائيات، ولا أحد يدري أين تذهب هذه النقود التي يتم جمعها –بالإكراه- ، ومن الذي يتحكم في هذه " الميليشيات " – إن صح التعبير - ، ولذلك كان ل" البديل " جولة في بعض المناطق التي تفتقر وجود شرطة المرور، وبالتالي أصبحت إمارة تابعة ل" الكارتاجية ". كانت هذه الجولة في منطقة شبرا الخيمة، فالتقينا ب" أشرف " مسئول الكارتة عن "موقف المؤسسة " من ناحية المصانع، وهو أحد المسجلين خطر، وقد تم سجنه لحوالي 5 سنوات في قضيتين، وبعدها عمل بالكارتة لما له من هيبة بين السائقين، حيث شرح لنا طريقة عمله وهو باختصار أن يحصل على أجرة "نفر"، وبذلك يكون "الدور" ب" 2" جنيه لكل ميكروباص؛ مؤكدا أنه لا يستخدم البلطجة في التحصيل، ولكن هناك بعض السائقين لا يريدون الدفع ويماطلون؛ ولذلك لابد من أن يكون هناك وقفة، ولو رفض الدفع نستوقف السيارة ولا يسمح له بالمرور. وأوضح أشرف ل" البديل" أنه احتاج لاثنين آخرين للعمل معه؛ لأن سائقي الميكروباصات يتهربون منه، وبالفعل عمل معه زميلاه، حتى لا ينشغل هو مع أحد ويهرب الباقي منه دون أن يدفعوا، لافتا إلى أنه لا يؤذي أحدا ولا يطلب منهم أكثر من أجرة "النفر "، والجميع يعرفه في المنطقة ويعلمون أنه لم تعد له أي صلة بأعمال " الشقاوة "، التي تسببت في سجنه، وقرر ألا يعود لهذا الطريق مرة أخرى، قائلا " الحكومة مراقباني وعارفة إني سليم" ، وأنا أفعل ما يأمروني به حتى لا أسجن وأنا في هذا السن. وأضاف أنه لا يطلب من السائقين زيادة الأجرة، ولكنهم يتحججون بأزمة السولار وغلاء الأسعار، ويستغلون حاجة الناس لهم في اتفاقات السائقين مع بعضهم على تسعيرة ويخبرون الناس بها، ولا يجدون من يعارضهم أو يردهم غير بعض المشادات الكلامية في بداية الأمر، وفي النهاية بيثبتوا الأجرة التي أقروها مع بعضهم. فيما قال "ممدوح" سائق ميكروباص في نفس المنطقة، إن "الكارتاجية " كل فترة يطالبونا بإتاوة مختلفة، حيث إنهم يعلمون جيدا أن الأجرة هي جنيه، وبالتالي فمن المفترض أن يحصٌلوا 2 جنيه فقط للدور، ولكنهم بيطلبوا ثلاثة جنيهات وإذا رفضنا، يعترضون طريق الميكروباص ويسبونا حتى ندفع لهم ما يريدوه، مشيرا إلى أن الجميع يشتكي من أسلوب البلطجة الذي يتبعه هؤلاء، ولكن الحكومة تركت السائقين"تحت رحمتهم" ، ولا نعلم أين تذهب هذه الأموال!. وطالب أن يكون في المنطقة عسكري مرور واحد أو حتى أمين شرطة؛ حتى لا يكون هناك مجال للبلطجة ولغة "الدراع والفتونة "، مؤكدا أن المنطقة كلها أصبحت وكرا للبلطجية وتجار المخدرات، قائلا "رجع عصر الفتوات تاني" ، لأن " الكارتاجية " هما في الأساس مسجلين خطر، أو كانوا مسجونين في قضايا مخدرات وشغب، وطبيعي أنهم يتعاملون معنا بنفس الطريقة التي كانوا يتعاملون بها في السجن، فهم لا يتحدثون إلا بالسباب والضرب، وكل السائقين "بيتقو شرهم" ؛ خوفا على لقمة العيش. وفي السياق ذاته اعترضت المواطنة " إسراء .م " 32 عاما ،قائلة إن "بلطجية الكارتة " يشاهدهم الجميع وهم يدخنون بعض المخدرات، ويتحدثون إلى السائقين وأمامهم زجاجات البيرة، على مرأى الجميع بينما لا يجرؤ شخص واحد على محاسبتهم، على هذا السلوك غير الأخلاقي، كما أنهم يتشاجرون مع السائقين ويتبادلون السباب بأقذر الألفاظ دون مراعاة مشاعر الركاب، فكل ما ينطقون به يخدش الحياء، ويكفينا بأننا نركب سيارات غير آدمية ويتحكم فينا الجميع، ولذلك نطالب بتفعيل الرقابة على هؤلاء من أجل المواطن. وأشارت إلى أن المسئولين عليهم أن يهتموا بنا أكثر من ذلك، ولا يعقل أن كل "بلطجي تائب" يعمل في مكان يتعلق بحياة المواطن ويتحكم فيه كيفما شاء. كما أوضح رشاد محمد كمال، عضو الاتحاد المصري للنقابات المستقلة، وأحد أعضاء لجنة الإشراف على المواقف بالسويس، أن المبالغ التي يتم تحصيلها في "الكارتة" من المفترض أن تذهب لصناديق الخدمات في المحافظة، مشيرا إلى أنه مشروع قانوني ومعترف به؛ لأنه يقوم على تحصيل مبلغ معين مقابل خدمة تقدم للسائق والراكب، وهي عبارة عن إنشاء المواقف وتحسين الخدمات. وأكد "كمال" ل"البديل" أن ما يحدث في مواقف العشوائيات هو بلطجة؛ نظرا لغياب التنظيم المالي والإداري، لأن "الكارتة " تخضع لرقابة أكثر من جهة، وهما الرقابة الإدارية، ومباحث الأموال العامة، ومباحث المرور، والجهاز المركزي للمحاسبات، ومن يشكل لجنة للإشراف عليها هو المحافظ. لذلك لا نطلق على ما يتم في القاهرة "كارتة " ولكنها أصبحت " فردة وإتاوة "، لافتا إلى أن المجالس التي تشرف على المواقف في المحافظات كلها معتمدة وعليها رقابة مباشرة من قائد مرور المدينة، ويقوم المركزي للمحاسبات بمراجعة الأموال المحصلة. وأضاف أن المناطق التي تتبع نظام " الكارتة" العشوائي، لا توجد عليهم سلطة إلا من خلال وزارة الداخلية، عن طريق وضع التسعيرات وتحصيل قيمة معينة منهم، ويصعب القضاء على هذه الأزمة في الوقت الحالي، لأنها تستلزم عملية إحلال المواقف العشوائية بمواقف مُراقبة، وهذا يتطلب جهدا ومالا وإدارة وتنظيما، ولكن يجب البدء من الآن حتى لا تصبح مهنة، وكل من يجد في نفسه مواصفات الفتوة، يحضر " كرسي وترابيزة " ويحصل كارتة من السيارات. وكل من يتقاضى مبلغ معين – حتى لو كان موظفا – دون إعطاء"بون" للسائق فهو حرامي طبقا للقانون، ولا يجوز رفع قيمة "البون" إلا بعد الرجوع للمجلس المحلي.