طالبنا كثيراً بهيكلة كافة مؤسسات الدولة و تطهيرها من الفساد,على رأسها جهاز الشرطة الذي يعكس منظومة متكاملة من الفساد على مدى ثلاثة عقود أو أكثر. وطالعتنا وسائل الاعلام بأنه يجري بحث مشروع قانون بهيكلة الشرطة, وأن مجلس الشورى بصدد سن القانون دون انتظار تشكيل مجلس الشعب القادم. بدا الأمر شيئاً إيجابياً لاعتزام النية على ترتيب الأوضاع داخل جهاز الشرطة المهترئ ,لكن بقي السؤال لماذا العجلة في سن القانون؟ و لماذا لا ينتظر المشرع تشكيل مجلس الشعب القادم ؟ الاجابة و ضحت في البلاغ المقدم من رائد الشرطة فهمي بهجت للنائب العام ضد رئيس الجمهورية و الدكتور سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة والدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشورى يتهم فيه الجميع بالتخطيط لتفكيك جهاز الشرطة وتعريض الأمن القومي المصري للخطر.أخطر ما ذكره مقدم البلاغ هو إلغاء الجوازات والاستعانة بالمدنيين داخل الجهاز و تسليم قطاع المطافئ لشركات خاصة رغم أن ضباط وجنود المطافئ يتم تأهيلهم للقيام بهذه الأعمال الجسيمة عن طريق دورات تدريبية خارج مصر للارتفاع بمستوى الأداء في مواجهة كوارث الحريق. و الأكثر كارثية هو التخلص من إدارة (النشاط الصهيوني) ضمن الإجراء السابق و هي الإدارة المنوط بها بمتابعة الأنشطة الصهيونية, هذا التفكيك المدبر حدث في عهد اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية الأسبق حين تقدم خيرت الشاطر بكشوف لوزير الداخلية تحوي أسماء بالضباط الذين ثبت تعسفهم في التعامل مع المواطنين مطالباً بنقلهم من جهاز الشرطة. و قد لاقى الخبر حينها قدراً من الارتياح لدى الشارع المصري,لكن ما لا نعلمه في حينه هو ما أمر به الشاطر من تفكيك هذه الإدارة و نقل ضباطها رغم ابتعادهم عن ممارسة الأعمال الإجرامية تجاه المواطنين من قتل وتعذيب تطلب نقل المذنبين منهم خارج الجهاز, وقد امتثل العيسوي لأوامر الشاطر و تم التخلص من الإدارة بكوادرها الجيدة, مما يجعل مصر الآن مرتعاً لعبث أجهزة المخابرات الصهيونية دون أن يكون هناك حائط صد مباشر. و نحن لا ننكر على جهاز المخابرات العامة دوره في مواجهة هذه الأخطار لكن إدارة النشاط الصهيوني بما لها من دور هام ما كان ينبغي التفريط فيها بتمرير أسماء ضباطها ضمن كشوف المفسدين بأجهزة الشرطة لتنفيذ المخطط. نعلم أن لخيرت الشاطر الكلمة العليا في جماعته وأن خيوط اللعبة تتحرك بين يديه حسبما يرى مكتب الإرشاد لكن من يكون سياسياً كي يعطي أمراً مباشراً واجب النفاذ لوزير الداخلية دون أن يعترض ذلك الوزير أو يتقدم باستقالته؟! خيرت الشاطر هو من دعا أيضاً لاستفتاء شعبي للتصالح مع المخلوع و الأخوين مبارك. خيرت الشاطر هو من قام بفرز الأسماء قبل التشكيل الوزاري في حكومة قنديل فردا فردا و هو من وافق على توليته رئاسة الحكومة قبل إعلان الأسماء على الرأي العام.! هذا الكلام موثق باعترافات الدكتور محمد حبيب المستقيل من منصب النائب الأول لمرشد الإخوان المسلمين. ومع تفكيك إدارة النشاط الصهيوني تذكرت هتافات الإخوان المسلمين بعد خلع مبارك التي كانت تشعل النار بميدان التحرير (ع القدس رايحين شهداء بالملايين) و المطالبات بفتح باب الجهاد والسماح للشباب بالرحيل من أجل الانضمام لصفوف المقاومة الفلسطينية لتحرير الأرض العربية من دنس الصهاينة في أوقات اجتياح غزة من قبل العدو. اختفت نبرة الجهاد و تبدل قاموس الإخوان من الاستشهاد في نصرة الدين و تحرير فلسطين, إلى: عزيزي و صديقي الحميم فخامة الرئيس بيريز!. والتمني بدوام علاقات يشوبها الود و المحبة حتى وصل الأمر في مغازلة الكيان الصهيوني برثاء فج من قبل رئيس مصر العظيمة في وفاة رئيسة الرابطة اليهودية بمصر. و بعد أن كان الشعار بالروح بالدم نفديك يا فلسطين أصبحت مصر على يد الاخوان المسلمين هي الوسيط والضامن لأمن الكيان من تصويب صورايخ المقاومة في غزة فضلا عن كرمها المفرط في الموافقة على زرع أجهزة حساسة على حدودنا لمتابعة ما يجري على الأرض المصرية. و ما عدنا نسمع عن تفجيرات خط الغاز المصري المار بسيناء التي حدثت في ظل حكم المجلس العسكري حوالي 17 مرة هي نفس المدة التي قضاها المجلس على سدة الحكم (17 شهراً) أي بمعدل مرة كل شهر. اختفت كل أنواع التهديد والوعيد للعدو الصهيوني وتبدلت بضمانات تصب جميعها في صالح الصديق الحميم و حماية أمنه,مقابل الاستئثار بالسلطة و لو على حساب الوطنية والأمن المصري. إذن نعم لتفكيك إدارة النشاط الصهيوني، نعم لفتح الأنفاق وتهريب المواد المصرية المدعومة. نعم لقتل 16 شهيدا من ضباط و جنود الجيش في ظل صمت مخجل. نعم لخطف الضباط الثلاثة الذين لا نعلم مصيرهم حتى الان. نعم لبيع أراضي سيناء للمصريين و غيرهم حتى و لو كانوا صهاينة. نعم ونعم ونعم ........ إذا لم تستح فافعل ما شئت.