سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الضوء على تنامي ظاهرة السوق السوداء في مصر، قائلة: بعد عامين من سقوط الرئيس السابق "حسني مبارك"، هناك توسع سريع في السوق السوداء في مصر للحصول على الوقود والمواد الغذائية، إلى جانب ارتفاع الدولار الأمريكي مقابل الجنيه، وربما يكون هذا التفسير الملموس لسوء اقتصاد أكبر دولة عربية. وأضافت الصحيفة أنه على مدى عقود، ظلت معظم السلع الرئيسية مثل الوقود والدقيق ثابتة، وتخصص مصر قرابة ربع ميزانيتها في برنامج دعم وطني متضخم وغير فعال، لكن بعد عامين من الاضطرابات السياسية والحكم الضعيف، وتدمير صناعة السياحية واستنزاف الاستثمارات، فإن المال ينفد سريعا من الحكومة لدفع الفاتورة. ويقول اقتصاديون إن الحكومة في مواجهة انخفاض القوى الشرائية تشتري كمية أقل من القمح والسولار من الخارج، إلا أنهم يرون أنه من غير الواضح إذا ما كان هذا هو السبب الرئيسي في أزمة النقص أم أن اكتناز المصريين العاديين للسلع هو السبب في ظل مخاوفهم بشأن الاقتصاد غير المستقر. وواصلت الصحيفة التأكيد أن تراجع تقديم السلع المدعمة بشكل كبير وبكل الطرق، بالإضافة إلى تداعى نظام الدعم طويل المدى، ربما يدفع من يستطيعون تحمله إلى السوق السوداء. وأوضحت أن مصر في مفاوضات للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 4.8 مليار دولار، يقول المسئولون إن من شأنه تخفيف الضغط الاقتصادي على الحكومة وجذب الاستثمارات. وتناولت الصحيفة أزمة السولار قائلة: يقضى سائقوا التاكسي ساعات طويلة في القاهرة أمام محطات البنزين للحصول على الوقود المدعم، ونقلت عن "رأفت محمود" - أحد هؤلاء السائقين - قوله: "في بعض الأحيان يبيع مسئولوا المحطات نصف ما لديهم، ويأخذون النصف الآخر لبيعه في السوق السوداء، لكن الانتظار في الطابور يعنى أيضا خسارة أموال في اقتصاد يزداد ضعفا". ومن ثم فإن "محمود" يفعل ما يفعله كثير من المصريين، فيدفع زيادة تبلغ 22% لشراء السولار من السوق السوداء اتقاء الوقوف في الطوابير. يأتي ذلك في الوقت الذي يقلل فيه المسئولون من حجم السوق السوداء، وإن كانوا يقرون بأن سيطرتهم محدودة في بلد يعانى من تراجع الأمن وثقافة الفساد الموروثة من عهد مبارك. ونقلت "الواشنطن بوست" عن أميرة الحداد - أستاذ مساعد في الاقتصاد بجامعة القاهرة، قولها إنها "سحبت كل أموالها المصرية وتقوم بإنفاقها لأنها تعلم أن قيمتها الشهر المقبل ستنخفض إلى النصف"!! وأضافت: "أحاول التخلص مما لدي من جنيهات بقدر الإمكان، وأنا متأكدة أن أي شخص منطقي سيفعل ذلك، سيشترون الذهب، وسيبيعون العملات الأخرى". وأشارت إلى أنه في الشارع يبدو كما لو أن الجميع أصبحوا تجار دولار هواة، سواء مقاولو البناء أو باعة السجائر أو تجار الهواتف المحمولة أو حتى الموظفين في السفارات الأجنبية.