قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في مقال تحليلي لها، اليوم "الاثنين"،: إن التوسع السريع والمتنامي في السوق السوداء بالنسبة للوقود وللمواد الغذائية والسلع الأخرى وبالنسبة للدولار الأمريكي قد يكون التوضيح الأكثر واقعية على مدى سوء الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلد الأكثر أهمية في العالم العربي بعد عامين من سقوط الرئيس السابق "حسني مبارك". وأوضحت الصحيفة أن أسعار معظم السلع الأساسية مثل الوقود والدقيق ظلت ثابتة على مدى عقود من خلال خطة النظام في تدفق ما يقرب من ربع إجمالي الناتج المحلي سنويًا في نظام الدعم الوطني الذي كان متضخمًا وغير فعال، وهو الأمر الذي بدت أثاره السلبية بعد عامين من الاضطرابات السياسية وضعف الحكومات المتتالية في ظل تدهور صناعة السياحة واستنزاف الاستثمارات، مشيرة إلى أنه ما كان من جانب الحكومة الحالية سوى استغلال احتياطي البلاد من العملة الأجنبية للاستمرار على نفس النهج حتى تدشين خطة إصلاح اقتصادية جديدة وفعالة. ويقول الاقتصاديون المصريون إن الحكومة التي تواجه انخفاضا شديدا في القوة الشرائية تشتري كميات قليلة من القمح والوقود من الخارج، لكنه من غير الواضح، ما إذا كان هذا هو السبب الرئيسي وراء هذه الأزمة، أم أن اكتناز السوق السوداء المتنامية لكميات كبيرة من هذه السلع هو السبب وراء الأزمة التي يحرص بعض المصريين على بقاء الاقتصاد غير مستقر. وأوضحت الصحيفة أنه بطريقة أو بأخرى، فإن توفير السلع المدعومة سيكون أمرًا صعبًا، وهو الأمر الذي سيتسبب في كسر نظام الدعم الوطني وبالتالي دفع أولئك الذين يستطيعون تحمل النفقات إلى السوق السوداء. وفي ظل هذه الظروف، يقول سائقو القاهرة إنهم يقضون ما يقرب من أربع ساعات في طابور الانتظار بمحطات الوقود المدعوم، ولكن سرعان ما ينفذ الوقود بحلول الظهر، وفي بعض الأحيان تقوم المحطات ببيع نصف الكمية بالمبلغ المدعوم والنصف الآخر في السوق السوداء. من جانبهم، يحاول المسئولون التهوين من حجم السوق السوداء، ولكنهم يعترفون بأن لديهم سيطرة محدودة وفقيرة في بلد شابه تدني مستوى الأمن وانتشار ثقافة الفساد الموروثة من زمن المخلوع "حسني مبارك". وانتهت الصحيفة قائلة إن مصر منغمسة في سلسلة من المفاوضات للحصول على قرض صندوق النقد الدولي البالغ قيمته 4,8 مليار دولار والذي يقول الخبراء إنه من شأنه تخفيف بعض الضغوطات الاقتصادية وتعزيز ثقة المستثمر، ولكن هذه المحادثات تعثرت لعدة أشهر وسط أزمات سياسية متقلبة.