ما بين التعليم الفاشل وكثرة الطلبة الخريجين دون وعى لما درسوه والظروف الاقتصادية العسيرة التى تعيشها مصر، تتعدد أسباب البطالة، فمصير الشباب واحد، وهو "الجلوس على المقاهى"، فمهما كانت ظروف الشاب التى جعلته يدخل كلية لا يحبها، ومن ثم يتخرج فلا يجد شغلاً، إلا أنه فى النهاية يجد نفسه "عاطلاً"، ويحسب على الدولة ضمن نسبة البطالة التى شهدت ارتفاعًا كبيرًا فى الفترة الأخيرة، حيث أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء زيادة معدل البطالة إلى 12.7% عام 2012، مقابل 12% عام 2011، ونحو 9% عام 2010؛ ليصل عدد المتعطلين عن العمل إلى 3.425 مليونًا، مقابل 3.183 مليونًا في 2011، بزيادة 242 ألف عاطل عن العمل. لتصبح "البطالة" مشكلة تؤرق الدولة المصرية، لعل الشباب يستيقظون على أمل جديد يطمحون فيه لأن يكون أفضل من السابق، يجدون فيها وظيفة ترسم بضيائها طريقهم إلى باب الرزق. وفى هذا الشأن أوضح دكتور عبد الغفار حلمى أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة أن زيادة معدلات البطالة فى مصر ترجع إلى تراجع نسبة الاستثمار وتوقف الإنتاج فى الفترة التى عقبت الثورة وظهور العديد من المطالب الفئوية التى عطلت عجلة الإنتاج، فكان من الطبيعى أن تؤثر تلك الأحداث الاقتصادية على معدل البطالة فى مصر. وأضاف عبد الغفار أن ارتفاع معدل البطالة مثلما يؤثر على الدولة بالسلب، فإنه يعود أيضًا على الشباب بالسلب؛ لأن السيكولوجية السلبية لدى الشاب ترتفع مع تلك المعادلات المرتفعة، فيصبح الشباب غير قادرين على العمل والإنتاج فى محطات حياتهم المختلفة؛ لأنهم على ثقة كاملة بأنه بعد الجد والاجتهاد سيكون مصيرهم "أرقامًا" فى معدلات البطالة. وأشار إلى أن الحل يكمن فى يد الدولة والحكومة، ويأتى عن طريق شيئين أولهما فتح فرص عمل جديدة للشباب، وإقامة دروات تدريبية تشجعية للشباب على العمل والجد والكفاح، والتحفيز الحقيقى للشباب بإقامة المؤتمرات التى تحثهم على أهمية العمل ودوره فى رفع مستوى مصر. وفى السياق ذاته أكدت الدكتور هالة مصطفى الخبيرة فى علم الاجتماع أن البطالة ليست فقط مشكلة اقتصادية أو اجتماعية إنما هى مشكلة جيل بأكمله تعتبر من المشاكل النفسية والاجتماعية والأمنية والسياسية. وأضافت أن "البطالة تؤثر على الشباب بالسلب، فمن يعانى من الفقر والحاجة والحرمان، طبيعى أن يتأخر عن الزواج، ويعجز عن تحمل مسئولية أسرة، وبالتالى فإننا ننشئ شخصًا فاسدًا على جميع المستويات. وكل هذا لأننا لم نوفر له فرصة عمل جيدة". وأوضحت أن الحكومة لا بد أن تتخذ إجراءت من أجل خفض تلك النسبة التى ترتفع يومًا بعد يوم، خاصة فى ظل ارتفاع معدلات البلطجة فى الشارع المصرى، فالشاب العاطل تدريجيًّا يتحول إلى بلطجى، وهذا ما رأيناه فى الفترة الأخيرة، على حد قولها. ويرى الدكتور رشاد عبد اللطيف أستاذ تنظيم المجمتع بكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان أن البطالة ارتفعت نسبتها لأن المجمتع غير متفرغ لعمل خطط تنمية، وأصبح كل همه الاعتصامات والتظاهرات، وأدى ذلك إلى هروب أصحاب المشروعات إلى الخارج، وإغلاق حوالى 300 مصنع والكثير من القطاعات السياحية، وهذا كله بسبب غياب الأمن والأمان فى المجتمع. وأضاف أن الحل يكمن فى عودة الأمن والأمان إلى مصر وعدم تطبيق حد الواسطة فى التعيين وتوفير قروض للشباب لعمل المشروعات الصغيرة. فيما يؤكد شريف دولار الباحث الاقتصادى أن مشكلة البطالة وارتفاع نسبتها هي مشكلة أزلية قبل الثورة وبعدها؛ فهى كانت إحدى المشاكل الاقتصادية الكبيرة التى ثار الشباب من أجل إيجاد حل لها، والجميع ساندهم فى هذا المطلب. وأوضح أن هناك حوالى 3 مليون ونصف عاطل، وهو المسجل فقط، لكن الحقيقى أكبر من هذا القدر بكثير، مشيرًا إلى أن البرامج الحكومية فى فترات ما بعد الثورة لم تكن فاعلة بالقدر الكافى لتشغيل الشباب. وأضاف دولار أن على الحكومة أن تستغل طاقات الشباب عن طريق اللجوء إلى برامج لتشغيلهم فى القطاعات المفتوحة من رصف الطرق فى المدن واستغلال طاقتهم بدلاً من جلوسهم هكذا على المقاهى وغيرها. وأكد أن الدول التى بها معدلات بطالة عالية مثل مصر تلجأ حكومتها إلى تشغيل العاملين بالحد الأدنى للأجر، وهو ما يتسبب في رفع معدلات البطالة والسلبية لدى الشباب.