خرج ابن آدم م العدم.... قلت: ياه رجع ابن آدم للتراب.. قلت: آه تراب بيحيا... وحي بيصير تراب! الأصل هو الموت والا الحياة ؟!!!! مرغم عليك يا صبح.. مغصوب يا ليل لا دخلتها برجليا... ولا كان لي ميل شايليني شيل دخلت أنا في الحياة وبكره هاخرج منها.. شايليني شيل عجبي صاغ العبقري الراحل "صلاح جاهين" تلك الكلمات ليعبر عن قضايا قد تكون الأكثر تعقيدًا وفلسفة في الفكر الإنساني، ليتمكن عبر جسر عبقريته الشعرية، وسموه الإنساني، وأداوته التعبيرية المتعددة من صوغها شعرًا بسيطا جزلا يصل إلى المستويات الثقافية كافة. ارتبط "جاهين" بروح مصر وثورتها في يوليو 1952، وصاغ في أشعاره ما قد يجوز وصفه بأنه سيبقى التراث الغنائي الأكثر تأثيرًا، حيث صاغ العديد من الأغنيات المعبرة عن أحلام المصريين بنهضة وطنهم، وألهبت حسهم الوطني، مثل "صورة"، وغنائياته للزعيم الراحل جمال عبد الناصر. رحل "جاهين في الحادي والعشرين من أبريل عام 1986، بعد فترة صمت وعزلة وحزن، لأنه جابه حسرة وصدمة في الرؤية.. صدم روحه الشاعرة وحش الخديعة القابع في المساحة ما بين التمني أو المأمول، وما هو راكد على بركة السياسة القذرة.. فلم يجد من مصر التي حلم بها أي ملمح.. ماتت حبيبته التي غنى لها دون أن يحظى منها ولو بنظرة!... هذا هو "صلاح جاهين" الذي تحل ذكرى رحيله السابعة والعشرين يوم الثلاثاء المقبل. وفي هذه المناسبة، ينظم صالون الأوبرا الثقافي، بالمسرح الصغير، ليلة من الشعر والموسيقي، تخليدًا لذكرى أحد عباقرة مصر الذين عشوا لها أكثر مما عاشوا لأنفسهم، وعاشوا لكل أبناء مصر بمثل ما عاشوا لأبناء أجسادهم. يبدأ الصالون في السابعة من مساء الثلاثاء المقبل، ويديره الفنان التشكيلى أمين الصيرفى، ويحضره أبناء الشاعر الكبير: الشاعر بهاء جاهين، والناشطة سامية جاهين - عضو فرقة "إسكندريلا" الغنائية. يتحدث الأبناء عن الأب الراحل ومشواره الفني، كما يعرضان لبعض جوانب حياته الإنسانية وذكريتهم معه؛ وتشهد الاحتفالية غناء أشهر أعمال الراحل الإبداعية، ومنها "رباعيات صلاح جاهين" وأنشودته الملحمية الأسطورية "على اسم مصر"، حيث تقوم بالغناء فرقة "لمبة جاز" بقيادة عمر جاهين. جدير بالذكر أن الشاعر والفنان الراحل صلاح جاهين، من القلائل الذين امتازوا بتعدد المواهب والتميز في غالب ما مارس من فنون وأعمال، عمل رساما للكاريكاتير بجريدة الأهرام، وكتب السيناريو لعدد من الأفلام، منها "شفيقة ومتولي" الذي أنتجه بنفسه، وعمل بالتمثيل، حيث قدم أدوارا صغيرة بسيطة لكنها كانت منتقاة بحرفية ليعبر عن عشقه لصورة "ابن البلد"، ومنها الدور الذي قدمه في رائعة نجيب محفوظ "اللص والكلاب" حيث لعب دور الصديق الوفي للبطل، والذي أمده بالسلاح مرغما بدافع الوفاء لصداقته. ولد "جاهين" بحى شبرا فى 25 ديسمبر 1930، التحق بكلية الفنون الجميلة، ثم تركها والتحق بكلية الحقوق بناء على رغبة والده، لكنه لم يكمل دراسته، وتفرغ للعمل الصحفى والكاريكاتير والكتابة، استطاع ببساطة وسلاسة لغته فى الشعر أن يعبر عن مشاعر البسطاء وهموم الوطن، فلاقت أعماله نجاجا كبيرا، ومن أشهرها "الرباعيات" التى لحنها الفنان سيد مكاوى وغناها الفنان علي الحجار، "على اسم مصر"، "تراب دخان"، وأوبريت "الليلة الكبيرة"، وأشهر أعماله المطبوعة "أزجال صحفية"، كما صدر له ديوان "الأعمال الكاملة".