يمر اليوم 43 عاما على ذكرى مذبحة "بحر البقر" ، التى لم ينساها المصريون ،هذه المذبحة التى كتب سطورها دماء أطفال أبرياء لا ذنب لهم سوي كونهم مصريون، فلم يستطيع أحد أن يتوقع أن تكون مدرسة الأطفال هدفا لمرمى الطائرات الإسرائيلية. ولكنها فعلت، وجعلتهم جزء من حربها على مصر، في محاولة لإظهار قوتها، وإجبار مصر على القبول بمبادرة "روجرز"، وللضغط على مصر لإنهاء حرب الاستنزاف، التي وافق عليها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والتي طرحتها الولاياتالمتحدة لوقوف الفلسطينيين الفدائيين حملاتهم الموجهة ضد إسرئيل. ولنسترجع ذلك اليوم هو يوم الأربعاء 8 إبريل عام 1970، وبالتحديد في تمام الساعة التاسعة وعشرون دقيقة، المكان.. مدرسة بقرية بحر البقر بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية. الحدث يوم دراسي بدأ طبيعى مثل بقية الأيام الدراسية ، حيث الطابور وتحية العلم، ثم صعد التلاميذ الذي لا يتعد عددهم ال 150 إلى فصولهم الثلاث، ليتحول اليوم بعد ذلك إلى مأساة، ويستوي المبنى بالأرض بعد ضربه بخمس قنابل وصاروخ، مخلف ورائه مقتل أكثر من 30 طفلا، وإصابة العشرات. لم يكن ذلك جزء من مشهد سينمائي، إنما كانت وقائع مذبحة بحر البقر، التي نفذها الطيران الإسرائيلي، -وبالتحديد طائرات الفانتوم وذلك في أثناء حرب الاستنزاف. وفى هذا الشأن تجولت "البديل" بين عدد من اساتذة التاريخ والمتخصصين فى الإسرائيليات للحديث أكثر عن تلك المذبحة. فمن الناحية التاريخية ، أوضح الدكتور عبد السلام عمار أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة القاهرة ، أن فى عام 1970 قام الكيان الصهيونى بإنتهاك حرمة الأطفال ،الإبرياء فى مدرسة بحر البقر وهو أمر ليس جديد عليهم ، فهم دائما ما اعتادوا على ذلك، ففى مثل تلك اللحظات أقدمت طائرات إسرائيلية وقصفت عدة مبانى وليست بحر البقر فقط ، وكان من ضمن المبانى الذى تم قصفها هى مدرسة بحر البقر حيث قذفت ب 5 قنابل من نوع يسمى "بالم" لذهب عدد من الاطفال ضحيه لتلك الغارة الإسرائيلية . وأضاف "عمار" إن مذبحة بحر البقر كانت فى أسسها ضغط من السلطات الإسرائيليه على مصر للمواقفه على مبادرة "روجرز" التى قدمتها الولاياتالمتحدة لوقف الفدائين المتمركزين فى فلسطين المتواجدين فى غور الأدرن ولإنهاء حرب الإستنزاف ، فكان إعتقادهم إن فى حالة عمل ضغط بقتل هؤلاء الابرياء ستخضع مصر لمطالبهم . وأشار إلى أن بعد تلك المذبحة وافقت مصر على مبادرة روجرز لايقاف القتال لمدة ثلاث اشهر كما وافقت الأدرن ، فى الوقت الذى رفضت فيه منظمة التحرير الفلسطينية ، لانهم كانوا يعلمون غدر الإسرائيلين جيدا منذ 48. وأكد أن اليوم فى ذكرى المذبحة لا بد أن ندرك أن الوجع مازال مستمر ، فالظروف تتشابهه مع ما حدث فالاطفال القتلى فى مثل ذلك اليوم كانوا يتزايدون واليوم الشباب القتلى يتزايدون ، لكن المختلف إن هذا كان من العدو االإسرائيلى واليوم من حكام مصر . من جانبه قال الدكتور هانى محمد مصطفى المتخصص فى الشئون الإسرائيلية بمركز الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، إن إسرائيل كان هدفها من تلك الضربة ضرب مطار أو قاعدة عسكرية فى الدلتا ، حيث أن القيادة المصرية فى ذلك الوقت كانت تخفى القواعد والمطارات العسكرية فى المناطق الريفية بجوار القرى . وأضاف "مصطفى" إنها كانت من أبشع المذابح وربما يكون الهدف الإسرائيلى لم يكن وقتها من إستهداف الاطفال ولكنهم كان من إستهداف المطارات العسكرية ، ولكن جاءت بالخطأ وحدثت تلك المذبحة وراح ضحياتها العديد من الاطفال، لتكون البقعة السوداء الأكبر فى تاريخ الإسرائيليين. ومن جانبة أوضح الدكتور محمد الحفناوى مدير مركز البحوث فى الشئون التاريخية والفلسطنية بجامعة القاهرة ، إن بحر البقر من أبشع الجرائم التى ارتكبها الإسرائيليين فى حق الشعب المصرى، وهى مجزرة لن يغلفها التاريخ ، ،فتاريخ اليهود ملطخ بالدماء ولكن حينما يكون مستهدف لدماء أطفال بعينهم فهذا الذى لا يقبله أى إنسان . وأضاف "الحفناوى"إن القوات المصرية كانت تواصل هجماتها على قوات العدو الإسرائيلي في سيناء في رسالة واضحة إلى إسرائيل والعالم كله إن احتلال إسرائيل لسيناء لن يحقق لها الأمن وأنها ستدفع كل يوم ثمن ذلك الاحتلال البغيض ، فقررت القيادة اليهودية مهاجمة الأهداف المدنية في مصر لإجبار القيادة المصرية على قبول وقف إطلاق النار. واشار أن القصف الإسرائيلي جاء بعد أن تكبدت القوات الإسرائيلية خسائر كثيرة بالأرواح والمعدات في حرب الاستنزاف التي انتهجها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بعد نكسة 1967.