أكد العديد من خبراء المصرفيين أن قرار مؤسسة موديز العالمية بتخفيض التصنيف الائتماني للودائع بالعملة المحلية بخمسة بنوك مصرية لا يعني مطلقًا أن ودائع العملاء بهذه البنوك زاد معدل الخطر عليها، مشيرين إلى أن الأمر يرتب بالواقع الاقتصادي كليًّا، ومدي قدرة الدولة على دعم هذه البنوك في حالة الأزمات الاقتصادية. وأضاف المصرفيون أن البنك المركزي المصري يحفظ ودائع العملاء بالبنوك من خلال نسبة الاحتياطي التي يحتفظ بها من كل بنك لضمان ودائع العملاء بها. كانت مؤسسة "موديز" قد خفضت التصنيف الائتمانى للودائع بالعملة المحلية لخمسة بنوك مصرية، وهى البنك الأهلى المصرى وبنك مصر وبنك القاهرة والبنك التجارى الدولى وبنك الإسكندرية. تأتي هذه الخطوة في أعقاب خفض تصنيف مصر الائتمانى نتيجة عدم الاستقرار السياسى، وهو ما انعكس على 5 بنوك كبرى عاملة فى السوق المحلية المصرية. كما تأتي فى أعقاب قرار موديز خفض التصنيف الائتمانى لسندات الحكومة المصرية من B3 إلى CAA1. وأشارت موديز فى بيانها إلى أن هذه الخطوة تعكس بدرجات مختلفة تقلص قدرة الحكومة على مساندة البنوك واشتداد الصلة الائتمانية بين ميزانيات البنوك ومخاطر الائتمان السيادى، وأضاف البيان أن ذلك يعكس أيضًا خفض تقييم سقف الودائع بالعملة الأجنبية لمصر. وقالت بسنت فهمي الخبيرة المصرفية ومستشار بنك البركة الأسبق إن السبب الرئيسي لتخفيض التصنيف على الودائع المحلية لخمسة بنوك مصرية كبيرة هو قرار المؤسسة السابق في تخفيض التصنيف الائتماني لسندات الحكومية المصرية مع زيادة شراء البنوك ال 5 لتلك السندات، وهو ما زاد من معدلات المخاطرة من ارتفاع مشاركة البنوك في هذه السندات. وأشارت إلى أن عدم استقرار الوضع السياسي ساهم بشكل رئيسي في اتخاذ "موديز" لقرارها الأخير بخفض التصنيف على الودائع للبنوك المحلية، وعلى الجانب الآخر يتوقع أن تقوم المؤسسات العالمية للتصنيف الائتماني برفع التصنيف الائتماني للبنوك في حالة استقرار التصنيف الائتماني للبلاد، والتحسن في بيئة الأعمال بالبلاد، وعودة الروح والنشاط إلى الاقتصاد المصري. وأضافت أن تقرير وكالة التصنيف أشار إلى أن ضعف البيئة التشغيلية سيؤدي إلى زيادة الضغوط على البنوك وربحيتها ومستويات السيولة لديها، بالإضافة إلى ضعف قدرة السلطات المصرية على دعم البنوك المملوكة للحكومة، وأشارت إلى أن بيئة العمل في البلاد تخضع لتقلبات عالية؛ بسبب الظروف السياسية والاقتصادية غير المستقرة المستمرة وزيادة الاضطرابات، على الرغم من الانتقال إلى حكم مدني في يونيو 2012. وفي ذات السياق قال نبيل إبراهيم نائب مدير عام ببنك الإسنكدرية إن قرار موديز بخفض التصنيف على الودائع المحلية لأكبر 5 بنوك مصرية لا يعني أن هناك معدل مخاطرة حتى وإن كانت بسيطة على هذه الودائع، لكن الخفض هو نتاج طبيعي للتوترات السياسية التي تشهدها مصر وليس له علاقة بالملاءة المالية والقوة الاقتصادية لهذه البنوك. وأضاف أن أكبر دليل على قوة هذه البنوك الخمسة هو الأرباح السنوية التي حققتها هذه البنوك الخمس خلال آخر ميزانية لها، وهو ما يؤكد قوة هذه البنوك، بل وأنها تمثل عنصر الأمان للاقتصاد المصري وحائط الصد للدفاع عنه. وأكد أن التخفيض الائتماني للبنوك كان متوقعًا بعد تخفيض موديز الأخير لتصنيفها لمصر، وسيكون تأثيره على البنوك في تعاملاتها الخارجية فقط، موضحًا أن هذا التخفيض لا يعني فقدان الثقة في القطاع المصرفي المصري، وإنما في صعوبة حصول تلك البنوك على قروض خارجية. وقال إن عودة التصنيف الائتماني للبلاد يتمثل في الاستقرار السياسي والأمني؛ مما يؤدي إلى تحسن البيئة الاقتصادية للبلاد. في حين أكد أن هذا القرار يزيد من الأعباء والتكلفة في تعاملات البنوك المصرية مع البنوك الخارجية، وأضاف أنه في نهاية الأمر سيزيد القرار من أعباء وصعوبات الاقتصاد القومي إلى جانب زيادة تكلفة وأسعار السلع المستوردة من مستلزمات الإنتاج للآلات والمعدات وقطع غيار المصانع وصولاً للسلع المستوردة، والأهم أسعار السلع الأساسية، مشيرًا إلى أن معنى خفض تصنيف البنوك هو زيادة المخاطر؛ ومن ثم طلب البنوك والمؤسسات الخارجية مزيدًا من الشروط عند فتح الاعتمادات أو خطوط الائتمان للاستيراد. واتفق مع الرأي السابق أحمد الوكيل مسئول عمليات مصرفية ببنك القاهرة في أن تخفيض تصنيف البنوك المصرية الخمس يتعارض مع قوة ومتانة الهياكل المالية لها وكذلك مراكزها المالية كما أن جميع البنوك العامة بمصر تستوفي معايير كفاية رأس المال، مشيرًا إلى أن المشكلة الحقيقة التي تعلمها مؤسسات التصنيف العالمية تتمثل في الأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد؛ بسبب عدم التوافق بين القوى السياسية والتي تلقي بظلالها على الاقتصاد بجميع قطاعاته بما فيها القطاع المصرفي الذي تعترف المؤسسات الدولية بأنه الأقوى والذي جنب الاقتصاد المصري مزيدًا من التدهور. وقال إن تخفيض التصنيف الائتماني للبنوك سيؤثر على التعاملات الخارجية لتلك البنوك؛ مما يؤدي إلى زيادة تكاليف التمويل والاستيراد؛ لأن خطابات الضمانات والاعتمادات المستندية التي تصدرها ستصبح مكلفة، فالدول والبنوك الأجنبية في تلك الحالة ستحاول الحصول على ضمانات أكثر من البنوك المصرية.