فوجئت جماعة الإخوان المسلمين بفعاليات الحشد الغاضب الذى توجه إلى المقطم فى تصعيد وتحديد من هذا الحشد الغاضب بأن مشكلة الحكم فى مصر الآن باتت فى المقر العام لجماعة الإخوان المسلمين ومكتب إرشاده، كانت المفاجأه بالنسبة للجماعة فى التوقيت الذى أخذ شكل متسارع بعد إشتباكات محدودة بين بعض أنصارها ومجموعة من راسمى الجرافيتى تمت أمام المقر بالمقطم فما كان من القوى الثورية بالشارع إلا أن تعلن عن توجهها بفاعليات الجمعه التى تلى هذا اليوم لتنظيمها أمام المقر بالمقطم وهو بالمفهوم النفسى والعقائدى للجماعة يمثل لهم قدس الأقداس الذى ينظرون إليه صباح مساء على أنه التتويج لرحلة ومشوار كفاحهم الممتد حتى وصلوا به إلى الصرح المهيب والمعلن على تلال المقطم يطلون منه على الوطن من أعلى نقطة ومن أرفع وضع وصلوا إليه طوال مسيرتهم، فكان لتوجه تلك الفعاليات إلى هناك أن ضرب أعصاب الجماعة وهز ثباتها الإنفعالى بقوة رغم كل ما حاولوا إظهاره من إستهانة بالأمر فقد أظهرت قراءة أحداث هذه الجمعة وما قبلها من إستعدادات وما تم خلالها من تحركات ليؤكد هذا الإهتزاز العنيف الذى أصاب مكتب الإرشاد وجعله يتحرك فى كل الإتجاهات لمجابهة هذا الحدث. أول التحركات الإخوانية التقليدية كان بحشد أتباع المحافظات فى منظومة الحافلات والوجبات والأجر اليومى الذى يطلقون عليه إسم أكثر تهذيبا" (مصروف يد) و يتم هذا بالتنسيق ما بين محمود عزت (صقر مكتب الإرشاد ) أمين التنظيم و بين أفرع للجماعة بالمحافظات التى يقع الإختيار عليها وفق كل مهمة وبالتبادل بين المحافظات المختلفة وفى هذه المهمة التى نتحدث عنها وهى حماية المقر العام بالمقطم وقع الإختيار على محافظات المنيا وبنى سويف والجيزة وذهب بالفعل أبناء هذه المحافظات قبل الحدث بيوم ليكونوا تحت إمرة صف من كوادر القاهره والعاملين بالمقر العام وليرابضوا فى إنتظار ما ستسفر عنه الأحداث وفلسفة الجماعة فى مسألة أبناء المحافظات تتلخص فى إستقدام أشخاص من خارج سياق الحدث تماما" و غير خاضعين لمؤثراته أو حقائقه و لم يصل إليهم ما يتداول بشأنه فهم وفق طبيعة حياتهم أبناء مخلصين للجماعه لا يصل لمعظمهم سوى قشور تحمل رؤية مبتسرة للجماعه تتداولها بين أتباعها و فى سياق ما نحن أمامه كان المطروح هو التصدى لمجموعة من المخربين والشباب اللاهى فى أفضل توصيف لهم خارجين عن شرعية رئيسنا المنتخب و إبن الجماعة وهناك من حرضهم على مهاجمة وحرق قدس الأقداس المقر العام فتختلط المهمة ما بين التنظيمى والعقائدى والنخوة الطبقية لمقاومة هذا العبث من وجهة نظرهم، وعندما دارت المواجهة بين هؤلاء و جموع القوى الثورية التى توجهت إلى المقطم فى هذا اليوم والتى إنضم إليها فى سابقة متفردة أبناء أحياء "السيده عائشة الإمام الخليفه البساتين الأبجية" وجد أبناء الجماعة أنهم لا يواجهون شباب لاهى ولا مجموعة من المشوشين كما روجوا عنهم داخل الجماعة فإذ بالدائرة تدور على أعضاء الإخوان فى مشاهد مصورة بالكاميرات التى حاولوا محاصرتها قدر ما إستطاعوا و قد رصد جميع من تواجد بالمكان أنه لولا التواجد الشرطى الكثيف حول المقر و فى أنحائه و تمترس أفراد الجماعة من خلفه لكان اليوم قد شهد ما هو أفدح قسوة على الأعضاء الذين جيئ بهم من الدار إلى نار الغضب وحرق الحافلات والإحتجاز داخل أماكن عديدة تدخلت الشرطة فى كثير من أوقات اليوم لتصلح الكفه قبل إنهيار و تسليم أعضاء الجماعة بأسلحتهم إلى مالا يحمد عقباه، ما نحن مهتمين برصده فى هذا السياق هو ترسيخ الجماعه لمبدأ العداء الذى يصبغ عادة بالدم بين أفراد الشعب وبعضه دون إهتمام بخطورة هذه المسألة على كيان المجتمع الذى تشيع فيه مسألة الإحتراب وتخرج منه الدوافع السياسية فى سرعة الدقائق الأولى والإصابات الأولى ويتحول الأمر إلى مقتضى اللحظة وصراع المشهد فى حد ذاته وفق مبدأ الهزيمة و النصر وهذا ما دار فى المقطم أثناء حرب الشوارع التى تقزمت فيها الأهداف إلى إحصاء أعداد المصابين من كل طرف و مقدار الحرائق و كيفية ظهور اليوم فى وسائل الإعلام و يتعمق الجرح المجتمعى بنفس تسارع المشهد فى الوقت الذى كان من الممكن لقيادات الجماعة أن يكتفوا بحماية الشرطه للمقر و كان من الممكن أن تواجه المحتجين كما فعلت فى هذا اليوم و قد يكون الأمر فى ذلك منحصر فى أخف الأضرار و لكن الإهتزاز النفسى و أعصاب الجماعة المنفلتة أخذت الأمر إلى مناطق أبعد. فى سبيل الدفاع عن قدس الأقداس و تحت وقع الإضطراب العميق الذى ضرب بالفعل أركان القيادة فى مكتب الإرشاد دفعوا بالمشهد إلى مناطق أبعد بالفعل من خلال ثلاثة تحركات لافته دارت أولها فى أقصى نقطة شرقية حيث فوجئت مدينة العريش بمداهمة مجموعات مسلحة مكونة من ستة سيارات دفع رباعى ومجموعة من الموتوسيكلات الصحراوية التى ترفع الأعلام السوداء وتطلق النار بشكل عشوائى فى شوارع المدينه الرئيسية وفى وسط سوقها التجارى وتجبر أصحاب المحال التجارية على الإغلاق ومنهم من تم تحطيم محلاته فى شكل رمزى كرسالة لكل الأطراف الموجودة بالمدين فقد أعاد هذا الحدث سريعا" للأذهان أحداث " جمعة قندهار " التى كانت فعالياتها تدور فى القاهرة و فى نفس التوقيت المتزامن يتم الهجوم على العريش بواسطة نفس المجموعات ذات التسليح العالى التقنية والكثيف والأفراد الجاهزون لخوض معارك يصل مداها لشل حركة المدينة تماما" وهو ماتم بنفس الصورة فى هذا اليوم بطريقة رمزيه إعتبارا" من الساعة السابعة مساء و حتى التاسعة قبل خروجهم إلى الصحراء المتاخمة للعريش فى حالة إستعداد وتأهب لعمل فعلى فى حالة تفاقم الأوضاع فى القاهره، فظهر هذا الربط الفاضح بين هذه الجماعات وبين من يدير الأمر فى مكتب الإرشاد فالعريش لم تتعرض لهجوم من هذا النوع منذ تولى الرئيس محمد مرسى منصبه الرئاسى وجاء نزولهم هذه المرة ليثبت ماكان يتم المراوغة بشأنه طوال الشهور السابقة من أن الجماعات المسلحة التى تتبنى منهج تكفيرى وعنف صريح ضد المجتمع لها رابط ما يحركها من القاهرة، فهى دوما تظهر فى الأيام الفارقة بالنسبة لما يحدث فيها من تنازع سياسى ويكون بالطبع جماعة الإخوان طرفا" فيما يدور و قد وصلت رسالة العريش على صوت الطلقات المدوية فى شوارعها إلى كل من يهمه الأمر وكل من تابع ورصد دخولهم للمدينة دون إستهداف لمكان محدد أو القيام بعملية معينة والحرص على عدم الإصطدام بقوات الأمن الموجودة بمداخل ومخارج المدينة الهادئة وأيضا" عدم إحداث أى نوع من أنواع الإصابات لأى من المواطنين ليبقى الأمر جليا" عن وجهه الحقيقى الذى وضح فيه عمق إرتباطه بما يحدث فى القاهرة أعلى جبل المقطم. و دار التحرك الثانى الذى قامت به الجماعة الإسلامية ليل هذا اليوم و فى صباح اليوم التالى أمام بوابات وأسوار مدينة الإنتاج الإعلامى فى إعادة حصارها والتحرش بالعاملين فى قنواتها الفضائية وضيوفهم من خصوم جماعة الإخوان المسلمين وقاد ونسق هذا التحرك السيد عاصم عبد الماجد القيادى التاريخى للجماعة الإسلامية والعضو البارز الآن فى حزب البناء والتنمية وكان توجهه إلى مدينة الإنتاج الإعلامى كهدف موجع ومشتت للحملة الإعلامية الموجهة إلى جماعة الإخوان المسلمين وتغطيتها لأحداث المقطم وما يدور أسفل أسوار المقر العام، و إرتبك المشهد من منفذيه فى هذا المكان ما بين إحكام الحصار أو تنفيذه بشكل جزئى وكان مطلوبا" وقوع إعتداءات صريحة على بعض الشخصيات المعروفة وهو ما تم بالفعل لكن الإرتباك ظهر جليا" فى الدفع بقوات الشرطة للحماية وعدم الحماية فى آن واحد والإصرار على إطلاق صفة المتظاهرين السلميين لمن هم أمام المدينة كما جاء بنص بيان التكليف الصادر على لسان وزير الداخلية إلى القوات المكلفة بالحماية وعدم التعرض لمن هم بخارج الأسوار حتى لو مارسوا ما يفعلونه أمام الأعين الأمنية التى شاهدت الموقف من بدايته وتدخلت فى بعض تفاصيله بعد ضغوط زادت الأمر إرتباكا"، و مارس وزير الداخلية نفس المفهوم الإخوانى فى الدفع بقوات الشرطة إلى المكان دون السماح لهم بتنفيذ مهمتهم بالصوره المرضية ليحصد هو وسمعة الوزارة و معه القوات المشاركة من الخسائر التى كان عدم الظهور بالمكان أفضل كثيرا" مما تم ممارسته أمام البوابات المحاصرة والتهديد والإعتداء العلنى الذى يتم على مدار يومين متتاليين. و بقي التحرك الثالث من نصيب السيد حازم أبوإسماعيل والمهندس أبوالعلا ماضى فقد كلف الأول بإصدار وابل من التصريحات تستهدف الجيش فى تغريد عجيب ومريب تماما" خارج السياق عن تحذيره شديد اللهجة من نزول الجيش إلى الشارع أو التفكير بتدخل الجيش مرة أخرى فى الحياة السياسية وإستعداده الكامل هو وأتباعه لتقديم الشهداء والوقوف الحاسم أمام أى إجراء إنقلابى على الرئيس محمد مرسى، وبدا الأمر وكأنه لم يكن هناك داعى لإطلاق كل هذه التصريحات التى إندفعت لكل وسائل الإعلام ليثبت حازم أبوإسماعيل أن تحركه وحديثه يخرج من فم مكتب الإرشاد على لسانه العامر فلم يهتم أحد أن يسأل عن صفة أو سياق ما يوجهه إلى الجيش من تحذيرات فلم يدور لا على الأرض ولا فى الغرف المغلقه ما يشى بهذا الأمر بل أن قيادة المجلس العسكرى أمامها من الأزمات والمصاعب ما جعلها ومن إستمع إلى هذه الأحاديث يلقونها فى مكانها الطبيعى الذى لا تستحق غيره. وعلى نفس النسق جاء حديث أبو العلا ماضى عن جهاز المخابرات العامه أثناء إحتفال بساقية الصاوى على نفس صورة الضجيج الذى لا ينتج طحينا" و يعتذر عنه فور تداوله ويفسر بتفسيرات ساذجه لم يلتفت أيضا" إليها أحد فقط هى وضعت قائلها فى مكانه الصريح وكشفت دوره لمن إلتبس عليه الأمر من قبل. تلك كانت المحاور الرئيسية التى إستخدمها مكتب الإرشاد فى سياق دفع الهجوم عن قدس الأقداس المقر العام للإخوان المسلمين من قبل معارضيه و هو له أن يستخدم ماشاء له من محاور دفاعية قد تخدمه أو تضره و تلحق به ما سيسجل عليه دون شك.. لكننا فى المقابل لنا الحق فى التساؤل صراحة عن من الذى يدير للإخوان معركتهم ضد هذا الوطن؟؟.