«الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    بروتوكول تعاون بين نادي قضاه جنوب سيناء وجامعة القاهرة    النيابة العامة تُنظم برنامجًا تدريبيًا حول الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي    أخبار كفر الشيخ اليوم.. مبادرة الخير بدسوق تنظم حفلًا ترفيهيًا للطلاب الصم وضعاف السمع بمناسبة يوم التحدي    التنمية المحلية ل ستوديو إكسترا: توجيهات رئاسية بتحقيق العدالة التنموية في الصعيد    قوات الاحتلال تعزز انتشارها وسط مدينة طولكرم    ليفركوزن يثأر من دورتموند بهدف مازة ويتأهل لربع نهائى كأس ألمانيا    يوفنتوس يتخطى أودينيزى بثنائية ويتأهل إلى ربع نهائى كأس إيطاليا    بورنموث ضد إيفرتون.. جريليش يمنح التوفيز فوزًا ثمينًا في البريميرليج    القضاء الأمريكي يوجه تهمة القتل للمشتبه فيه بهجوم البيت الأبيض    وزير الإنتاج الحربي يلتقي نائبيّ رئيسيّ "تاليس" الفرنسية و"بونجسان" الكورية الجنوبية    برشلونة يهزم أتلتيكو مدريد ويبتعد بصدارة الدوري الإسباني    نشرة الرياضة ½ الليل| وفاة سبّاح صغير.. انفعال الحضري.. تعادل مصر والكويت.. أفشة الأفضل.. وفوز السيتي    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    مانشستر سيتي يهزم فولهام في مباراة مثيرة بتسعة أهداف بالدوري الإنجليزي    تقرير مبدئي: إهمال جسيم وغياب جهاز إنعاش القلب وراء وفاة السباح يوسف محمد    الخميس.. قرعة بطولة إفريقيا لسيدات السلة في مقر الأهلي    وزير الرياضة يستقبل رئيس الاتحاد الدولي للسلاح    إخلاء سبيل النائبة السابقة منى جاب الله بكفالة 30 ألف جنيه بعد دهس شاب بطريق صلاح سالم    إصابة 9 أشخاص في حادث تصادم بالفيوم    مصرع وإصابة 13 شخصًا في حريق مخزن ملابس بالمنصورة    إحالة أوراق المتهم بقتل زميله داخل ورشة لتصنيع الأثاث بأشمون للمفتى    هل سرعة 40 كم/ساعة مميتة؟ تحليل علمى فى ضوء حادثة الطفلة جنى    مقتل شخص أثناء محاولته فض مشاجرة بالعجمي في الإسكندرية    والد جنى ضحية مدرسة الشروق: ابنتي كانت من المتفوقين ونثق في القضاء    مصرع وإصابة 8 أشخاص باختناق فى حريق مخزن ملابس بسوق الخواجات في المنصورة    تحت شعار "متر × متر"، مكتبة الإسكندرية تفتح باب التقديم لمعرض أجندة 2026    في ملتقى الاقصر الدولي للتصوير بدورته ال18.. الفن جسر للتقارب بين مصر وسنغافورة    وزير الثقافة: دورة منفتحة على الشباب والتكنولوجيا في معرض الكتاب 57    مراوغات بصرية لمروان حامد.. حيلة ذكية أم مغامرة محفوفة بالمخاطر (الست)؟    زينة: علمت بنجاح ورد وشيكولاتة من السوشيال ميديا.. وأُصبت بشرخ خلال التصوير    أخبار مصر اليوم: إعلان مواعيد جولة الإعادة بالمرحلة الثانية بانتخابات النواب.. تفعيل خدمة الدفع الإلكتروني بالفيزا في المترو.. ورئيس الوزراء: لا تهاون مع البناء العشوائي في جزيرة الوراق    رئيس شئون البيئة ل الشروق: نسعى لاستقطاب أكبر حجم من التمويلات التنموية لدعم حماية السواحل وتحويل الموانئ إلى خضراء    رئيس شعبة الدواجن بالجيزة يحذر من الفراخ السردة: اعدموها فورا    رئيس بولندا يعارض فكرة توسك بدفع وارسو تعويضات لضحايا الحرب بدلا من ألمانيا    استمرار تعثر خطة الصين لبناء سفارة عملاقة في لندن    نقيب الإعلاميين يستعرض رؤية تحليلية ونقدية لرواية "السرشجي" بنقابة الصحفيين    فيروز تتصدر تريند مواقع التواصل الاجتماعي.. والسبب غريب    تراث وسط البلد رؤية جديدة.. ندوة في صالون برسباي الثقافي 7 ديسمبر الجاري    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    بنك التعمير والإسكان يوقع مذكرة تفاهم مع مدرسة فرانكفورت    «القومى للمرأة» ينظم الاجتماع التنسيقي لشركاء الدعم النفسي لبحث التعاون    أجواء حماسية والمنافسة تشتعل يين المرشحين في انتخابات النواب بقنا    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    القطاع الخاص يعرض تجربته في تحقيق الاستدامة البيئية والحياد الكربوني    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    استثمارات فى الطريق مصانع إنجليزية لإنتاج الأسمدة والفواكه المُبردة    نتائج المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب 2025 في كفر الشيخ    وصفات طبيعية للتخفيف من آلام المفاصل في الشتاء    الصحة: استراتيجية توطين اللقاحات تساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي    رمضان عبدالمعز: الإيمان يرفع القدر ويجلب النصر ويثبت العبد في الدنيا والآخرة    موعد صلاه العشاء..... مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    صحة الوادى الجديد تنفذ عدد من القوافل الطبية المجانية.. اعرف الأماكن    بالصور.. الوطنية للانتخابات: المرحلة الثانية من انتخابات النواب أجريت وسط متابعة دقيقة لكشف أي مخالفة    وزير الصحة يبحث مع وزير المالية انتظام سلاسل توريد الأدوية والمستلزمات الطبية    يلا شوووت.. هنا القنوات الناقلة المفتوحة تشكيل المغرب المتوقع أمام جزر القمر في كأس العرب 2025.. هجوم ناري يقوده حمد الله    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مثلث ماسبيرو.. مثلث الرعب.. الأهالى: لن نمشى من بيوتنا إلا ونحن جثث هامدة
نشر في البديل يوم 15 - 03 - 2013

على بعد خطوات من أفخم بنايات عاصمة أهل القاهرة، ومن وزارات سيادية كمبنى ماسبيرو ووزارة الخارجية، بالإضافة إلى أشهر الفنادق، يقبع أهالى منطقة مثلث ماسبيرو فى مشهد عبثى من الطراز الأول، لم يتمكن أشهر كتاب مسرح العبث كيونسكو وبندكت من رسم مثله على أوراقهم، إنها الصورة التي تملأها كل المتناقضات، ويتحمل مسئوليتها كل من سمحت له نفسه أن يجلس على كرسيه، غاضًّا بصره عمن يعيشون وسط الخرائب المهدمة، يذهب أطفالها إلى المدارس ويعودوا فلا يجدون مأوى.
"البديل" تسعى للاقتراب من هؤلاء ليس من باب الشفقة والعطف، لكن لدعم المواطن المصرى الذي تسحقه السياسيات الاقتصادية المتوحشة وتجبره على أن يهجر بيته وأرضه مقابل بضع جنيهات.
مثلث ماسبيرو مساحته 74 فدانًا، حيث يوجد خمسة مداخل من شارع الجلاء، وسبعة من شارع 26 يوليو، واثنين من عند مبنى وزارة الخارجية وماسبيرو.
انطلقت "البديل" من حارة محمد قاسم المتفرع من شارع الجلاء لتقابلك على حوائط الشارع وقبل دخوله رسوم جرافيتي: "لا لتهجير أهالى بولاق" - "نعم للإحلال والتجديد.. لا للتهجير"، تثير تلك الشعارات فضولك للتعرف أكثر على الأزمة، وعندما تدخل حارة قاسم ستصطدم بهول المنظر الذى تراه، تجد نفسك وكأنك فى إحدى مدن القنال بعد النكسة، بيوت مهدمة وأحجار متناثرة وبقايا شبابيك متدلية من أعلى وأكوام من القمامة وروائح التراب المبلل بالماء تفوح من كل أرجاء الحوارى الضيقة، وبقايا ملابس قديمة تحت الأنقاض، وكشكول لأحد التلاميذ لم يحالفه الحظ في إنقاذه، فهل استطاع هو إنقاذ نفسه؟
***صورة***
يقول محمود شعبان عضو اللجنة المفوضة للتحدث عن رابطة شباب وأهالى مثلث ماسبيرو: إن منطقة المثلث سميت بهذا الاسم لأن قطعة الأرض التى تقع عليها البيوت كالمثلث، وتبلغ مساحتها 74 فدانًا، ويقطن بها حوالى 4.260 أسرة وفقا لآخر حصر قامت به لجنة تابعة لمحافظة القاهرة أواخر 2012 حتى أوائل 2013، ويعود تاريخ المنطقة إلى أكثر من 150 عامًا ملك شركس باشا، وكان يقطنها خدم الباشا، وبمروز الزمن وبعد ثورة يوليو ظل الأهالى فى البيوت التى أصبحت وقفًا لهم، ومن ثم فلا يشارك الأهالى فى ملكيتها أحد.
وأضاف: فوجئنا بأن هناك شركات استثمارية تمتلك هذه الأراضى - قطرية وكويتية وسعودية، ونحن لا نثق بعقود هذه الشركات، فالمحافظة تعاقدت معهم دون وجه حق، فليس لها صفة بيع أراضٍ مملوكة لأهالى، وبدأت الأقاويل منذ 20 عامًا بأن الشركات المالكة للأرض سوف تستردها وتطرد الأهالى، ثم بدأت منظمات حقوقية منذ عام 2000 بتوعية الأهالى بحقوقهم، وإقناعهم بضرورة المطالبة بحقوقنا فى عدم تهجيرنا من الأرض، وبدأ كفاحنا مع د. عبد العظيم وزير محافظ القاهرة الأسبق، وأرسلت له خطابًا عام 2006 نطالب فيه بإحلال وتجديد المبانى وليس التهجير، ووعدنا بتنفيذ ذلك ولم يحدث شىء.
أما ذروة الأحداث فكانت فى 5/ 2008، عندما انهار أحد البيوت فى شارع محمد قاسم بسبب الأمطار وضعف حالة البيوت، خاصة بعد وقف تنكيس وإصلاح البيوت، مشيرا إلى أن هذا القرار يؤكد مدى تواطؤ المحافظة مع رجال الأعمال والأمن وأصحاب المصالح من النظام السابق ورغبتها فى طرد الأهالى من المنطقة.
وعقب انهيار هذا المنزل بدأ الحى حملة واسعة بنزول المهندسين وإصدار تقارير بأن هذه البيوت تشكل خطورة داهمة، وفى نفس الوقت صدر القانون رقم 119 لعام 2008 بمنع الطعون على قرارات هدم البيوت، وصدر القانون بدون لائحة تنفيذية وتم تنفيذه 2009، وأصبح لا يحق لأى مواطن الطعن على قرار الحى أو المحافظة، ومن ثم فكيف يصبح الحى خصمًا وحكمًا فى نفس الوقت، وكيف نقوم بالطعن على قرار لدى نفس المهندس الذى قام بكتابته؟
وأضاف شعبان: إن أهالى ماسبيرو لم ينظموا سوى ثلاث وقفات احتجاجية حتى الآن، بدأت فى 12/ 2011 مع سقوط أحد المنازل ووفاة أكثر من 8 أفراد، ثم وقفة 2012 بعد سقوط عدد آخر من البيوت، أما الوقفة الأخيرة قمنا فيها بإغلاق الطريق بعد تلك الزيارة التى قام بها د. أسامة كمال الأسبوع الماضى وتم الترويج بأنه سيمنح قطعة أرض "وابور التلج" التى تقع فى 22 شارع الجلاء، وتملكها شركة الإسكندرية للتبريد، إلى الباعة الجائلين وسائقى الميكروباص ليحل أزمتهم التى نشبت منذ 4 شهور.
ورغم سوداوية هذا المشهد إلا أنها أطلت علينا من شباك بالدور الأرضى بابتسامة تملأ وجهها - سهام رضا - لتقول إنها تعيش فى المثلث منذ 40 عامًا، تزوجت وأنجبت ولديها هنا، وتضيف: إن المشكلة بدأت بضراوة عندما فوجئنا قبل الثورة بشهر بقوة من الأمن المركزى تهدم البيوت بالقوة، وتجبر الأهالى على إخلاء المنازل دون سابق إنذار.
وأضافت سهام قائلة: نحن لا نريد هجر بيوتنا التى ولدنا بها مقابل تعويضات هزيلة نجد أنفسنا بعدها فى مدينة السلام أو النهضة، نريد مساكن بديلة، ويتم التعامل معنا كأهالى زينهم؛ حيث حصلوا على عمارات فى نفس أماكنهم القديمة بعد الإحلال والتجديد.
واستكمل مصطفى نصر منسق رابطة أهالى وشباب مثلث ماسبيرو: هناك تواطؤ من الحى وموظفيه والمهندسين، فلهم مصلحة كبيرة فى هدم البيوت، وكانوا يرفضون إعطائنا قرارات تنكيس أو ترميم بدءا من 1992، ومع كل منزل يسقط كان الحي يستفيد بأربعة شقق إضافية لأشخاص مجهولين يتم استخراج بطاقات وشهادات ميلاد لهم على حى بولاق ليستفيدوا بهذه الشقق، ويتم ذلك من خلال السماسرة المنتشرين بالمنطقة ورجال الحى.
وبالانتقال إلى "شركس الوسطانى" الأكثر حيوية وزحامًا، يحدثنا سامح أحمد عبد الله - 29 عامًا - يعمل بمحل لبيع المنظفات، قائلا: "طلعنا فى الدنيا لا نجد لنا مكانا سوى المثلث، ونحن نوافق على إحلال وتجديد للمبانى، لا أن يتم تهجيرنا من المنطقة التى نعيش فيها منذ أجيال، ونريد تنفيذ قرار عبد القوى خليفة ببناء 64 عمارة للأهالى، وسوف ننتظر وعد المحافظ بثلاثة شهور للتفاوض، ولن نرضى بديلا عن المثلث، فأنا غير موظف بالحكومة ودخلى يعتمد على هذا المحل الذى أعمل به وعلى زبائن منطقتي، فإذا تم طردنا كيف أبدأ مشروع فى مكان آخر، وهل ستوفر لى الدولة فرصة عمل بالإضافة للسكن الجديد؟
يقول سيد لابى عضو الرابطة وعدنا محافظ القاهرة الأسبق عبد القوى خليفة ببناء 64 عمارة، وتم الاتفاق وقتها على أن البناء سيتم على قطعة الأرض الواقعة فى 22 شارع الجلاء التابعة لشركة الإسكندرية للتبريد، وفوجئنا بمنح نفس الأرض للباعة الجائلين لإنشاء باكيات بها وموقفًا لسائقى الميكروباص.
وأضاف محمد الرحيم - جزار: المثلث يعتبر "صرة البلد" والدولة بتضحك علينا لصالح الشركات القطرية والكويتية، وإذا كانت الدولة مكسوفة من بيوتنا المتهدمة، فإما أن يقوموا بدورهم، أو يتركوا الأهالى يشتركون في ترميم بيوتهم، وسوف نبنيها على أحسن الطرز، لأننا مللنا من الوعود التى يلجأ إليها المسئولون دومًا، والبلدوذر الذي سيرسلونه للهدم سيسير على أجسادنا قبل منازلنا.
بينما قالت أم محمد - ربة منزل: "الحكومة بتموِّت فى أهالى المثلث بالبطىء، فهى تحرمنا من كل الخدمات حتى تجبرنا على الرحيل وترك بيوتنا، وهذا لن يحدث أبدًا، فهل يعقل أن هذه الحجرات المتهالكة التى ليس بها تكييف أو سخان أو أجهزة كهربائية تدفع فى الشهر 1700 جنية فاتورة كهرباء،كما أننا فوجئنا بإجبار السكان على تغيير عدادات المياه، ثم لاحظنا تغيير القيمة التى ندفعها فى الفواتير، حتى إنها تصل كل شهرين إلى 120 جنيهًا للبيت الواحد".
بينما تغيب خدمات أخرى، كالأنابيب وسيطرة مافيا التوزيع عليها وبيعها ب20 جنيهًا، وغياب الوحدات الصحية، ولا يوجد مخبز للعيش البلدى، ويضطر الأهالى للسير حوالى 3 كيلومترات لشارع بولاق الجديد ليحصلوا على الخبز.
وأثناء تجوالنا بأحد شوارع المثلث وجدنا بيتًا أثريًّا يقال إنه كان مستشفى أيام المماليك، ولكنه تحول إلى منزل باسم "محمد شاهين " على نفس اسم الشارع، وأثناء مقابلتنا مع أحد سكانه، قالت ماجدة على: إن جدها كان يقول إن هذا البيت كان مستشفى، وكان يضم 3 أداور، وكل دور يضم 12 حجرة، وكان يستقبل المصابين فى الحروب آنذاك، ولكن البيت تعرض لمشكلات كانت تحتاج إلى ترميم واهتمام من وزارة الآثار للحفاظ على هذه الطرز المعمارية القديمة التى تعتبر جزءًا من التاريخ.
نستعد يوميا لانهيار منزل على أولادنا
الدولة باعت الأرض للمستثمرين على حساب الأهالى
إحنا أصحاب قضية ولسنا بلطجية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.