المقاطعة ليست خياراً سياسياً فقط ولكنها موقفاً أخلاقياً...لماذا؟... لأن هذه الانتخابات هي استكمال لمسيرة الثورة التي خرجت للشعب المصري والتي نادت ومازالت بتحقيق قيم تتمثل في الكرامة الإنسانية والحرية والعدالة الاجتماعية، بالتالي كيف نترجم هذه القيم لقواعد لا تمت للقيم بصلة.. مثل قانون الانتخابات والعوار الموجود به والكفيل بحل مجلس الشعب القادم لعدم دستوريته، وتقسيم الدوائر الانتخابية المخطط حسب التوجهات وليس بناء على المعايير الدولية.. وكشوف انتخابية غير منقاة، مع عدم وجود رقابة محلية ودولية. كيف نقبل لأنفسنا تكرار نفس التجربة للمرة الثالثة بعد مجلس الشعب الأول والذي أسفر عن وصول غير الكفاءات له لمجرد انتمائها للتيار الإسلامي، ومجلس شورى جاء بنفس الطريقة والذي يجب أن نسعى جميعا إلى تعليق عضويته في الاتحاد البرلماني الدولي لأنه يفتقر لشروط العضوية فيه. المقاطعة.. لا يقصد بها مقاطعة الأحزاب التي ترفض خوض الانتخابات فقط، ولكن المقاطعة هي مقاطعة الشعب لصناديق الاقتراع وعدم الذهاب إلى اللجان الانتخابية، ليس لتوصيل رسالة مفادها رفض خطوات التطور الديمقراطي ولكن رفض الالتفاف على المسار الديمقراطي للأسباب المذكورة أعلاه...وأيضا رسالة عدم ثقة من الشعب المصري تجاه القائمين على العملية الانتخابية برمتها. من الملاحظ أن أعضاء الجبهة المنتشرين على القنوات الفضائية يتحدثون وكأنهم ممثلين للشعب المصري وأن الشعب سوف يستجيب لندائهم بالمقاطعة...وهذا ليس بالأمر الصحيح...فالجبهة لم تنل ثقة الشعب بعد...ولم ينصبها متحدثا رسميا باسمه...وبالتالي مطلوب منها دورا جادا هذه المرة وهي النزول للشارع وتوعية الناس في كل شبر على أرض هذا الوطن العظيم. المقاطعة ...بحاجة لتوعية الناس بأهميتها وجدواها... وهذا هو دور الأحزاب المقاطعة وجبهة الإنقاذ التي تريد محو موقفها المخزي من الاستفتاء...والتي يصعب تقبل أي محاولة منها للالتفاف على قرار مقاطعتها سواء بالمشاركة غير المعلنة أو بمستقلين. الصحيح أن هناك آراء ترى ضرورة خوض الانتخابات في ظل تراجع شعبية الإخوان في الشارع المصري.. وهنا أود طرح سؤال هل أثر تراجع شعبية الإخوان على نتيجة استفتاء الدستور الذي تم تزويره، والذي تم اجرائه رغم جرائم القتل والتعذيب التي ارتكبت في محيط قصر الاتحادية بعد الإعلان الدستوري المكمل المشئوم الذي تسبب في الانقسامات والاستقطابات الحالية في المجتمع. هذه فرصة كبيرة لنا جميعا لنثبت لأنفسنا وللعالم أننا قادرين على اتخاذ قرار موحد لفرض مطالبنا...المقاطعة رفض لالتفاف على قيم ومبادئ وأهداف الثورة...شعب مصر بكافة فئاته لم يعد الشعب الذي لا يعرف مصلحته وغير قادر على اتخاذ المواقف والقرارات والذي يجب عليه أن يترك تسيير الأمور للسلطة الناضجة والحكيمة. دعونا نواجه أنفسنا بالحقيقة، ماذا سيفعل البرلمان القادم حتى نسعى جاهدين لانتخابه؟ هل نرغب في مجلس شعب لا يختلف عن مجلس الشورى الحالي الذي لا يسمع فيه صوت القوى الوطنية الأخرى فيه وغير الممثل لكافة طوائف المجتمع سواء المرأة أو المسيحيين... ومن ثم تجاهل تام لمطالبهم...فضلا عن نظرة الدونية التي ينظر بها التيار الإسلامي لهما.Top of Form أيضا .. هل نحن مستعدون لطوابير الانتخابات التي يصل الوقوف فيها لساعات في اللجان المعروف أنها لن تعطي صوتها للمرشح الإسلامي؟ هل نحن مستعدون لقطع الكهرباء عن اللجان أثناء الفرز؟ هل نحن نرغب في أن نقر بأنفسنا أننا شعب يمكن الضحك عليه من قبل السلطة وأنه مسيرا وليس مخيرا؟ هل نقر بأننا شعب لا يبالي بمصالحه؟ هناك هجوم شرس تجاه الجبهة لمقاطعتها واتهامها بأنها خائفة من خوض الانتخابات لغياب الشعبية التي يمكن أن تمكنها من نسبة عالية من مقاعد البرلمان...طالما الأمر كذلك ...لماذا ملاحقتها إعلاميا للعدول عن قرارها بالمقاطعة...إذن أعطوا لها فرصة للنزول للشارع لتبني لها شعبية حقيقية...ولماذا دعوة الولاياتالمتحدة الجبهة بالمشاركة في الانتخابات؟ الحقيقة أن هذا الإصرار يرجع إلى رغبة السلطة في إعطاء الشرعية للانتخابات من خلال مشاركة كافة القوى السياسية فيها... وكثافة المشاركة والتصويت حتى تتمكن من التزوير والخروج بالنتيجة التي ترغب فيها. لماذا نحن نهرول إلى تلبية رغبات السلطة؟..ولماذا لا تبذل السلطة أدنى مجهود لتلبية مطالبنا الشرعية؟ هذا أكبر دليل بأن البرلمان القادم سيكون ممثلا لسلطة ولخططها غير المعلنة.. بصرف النظر عن باقي الشعب... كل هذه التصرفات من قبل السلطة جعلت غالبية الشعب يشعر بأن السلطة لا يعنيها الشعب ولكن يعنيها البقاء في السلطة...بدون رؤية. وهذا الأمر يدفعنا، للمطالبة بالدولة الموازية... علينا بتجهيز قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر الانتخابية وإجراء انتخابات فعلية لجميع الأحزاب في كافة ربوع مصر...علينا انتخاب البرلمان الموازي... لنثبت لأنفسنا بأننا قادرون على بناء كافة مؤسسات الدولة بطرق ديمقراطية وبضمانات الشفافية والنزاهة للعملية الانتخابية... لن نترك مصيرنا لمن يقارنون ثورة مصر بغيرها من الثورات التي كافحت سنوات وبذلت الكثير من الدماء للحصول على الحرية وإرساء الديمقراطية... لأن هؤلاء يتناسون أننا نعيش القرن الواحد والعشرين... وأن ما فعلته الأمم في سنوات كثيرة ...يمكننا الآن فعله في سنتين وأقل... من يرون أنهم على استعداد للانتظار عشرة سنوات وأكثر... حتى يستطيعوا تغيير الوضع القائم... سنقول لهم... نحن ماضووووووووووووووون في طريقنا. Top of Form Comment *