«الوطنية للانتخابات» تشيد بدور الإعلام والناخبات في تسهيل عملية التصويت    رئيس الوزراء يستعرض مع «المشاط» نتائج أعمال اللجنة الاستشارية للاقتصاد الرقمي    «المشاط» تؤكد أهمية مشروعات تحلية ومعالجة المياه في مصر    محافظ المنوفية: صرف مساعدات مالية وعينية لعدد من الحالات الإنسانية    عاجل| بنك مصر يخفض سعر الفائدة 1% على حسابي المعاشات وسوبر كاش    وزير المالية: توسيع القاعدة الاقتصادية والإنتاجية والضريبية هدف استراتيجي للدولة    عاجل| تعطيل العمل بكافة البنوك في مصر يوم الخميس الموافق الأول من يناير 2026    إكسترا نيوز: مساعدات تعبر رفح إلى غزة وسط أمطار غزيرة    الأونروا: سكان غزة يعيشون في خيام بالية مغمورة بالمياه    قطر تستعد لتنظيم دورة ودية لمنتخبات كأس العالم 2026.. هل يشارك الفراعنة؟    ولادة عسيرة للاستحقاقات الدستورية العراقية قبيل عقد أولى جلسات البرلمان الجديد    القوات الروسية تحرر 5 بلدات في مقاطعة زابوروجيه وجمهورية دونيتسك الشعبية    مدرب زامبيا: درسنا المغرب جيدًا والمواجهة لن تكون سهلة    أمم إفريقيا - مؤتمر بوميل: منتخب مصر يمتلك فريقين.. وعلينا التركيز على أنفسنا    الشباب والرياضة بالمنوفية: فتح باب القبول للانضمام إلى مشروع البطل الأولمبى    17 يناير.. المديريات التعليمية تنتهي من الاستعداد لامتحانات الشهادة الإعدادية    ضبط 1000 كجم دقيق و250 كجم ملح في حملة تموينية بالقليوبية    ضبط شخصين بسوهاج لتوزيعهما أموالاً على الناخبين لدفعهم للتصويت    حقيقة اختطاف أجنبي بالقاهرة.. الداخلية تكشف تفاصيل الواقعة    فن الحرب، يوسف الشريف ينشر أول صور من كواليس مسلسله الجديد    رمضان 2026| صراعات عائلية تهدد الإمبراطورية لماجد المصري في «أولاد الراعي»    رد ناري من عمر الفيشاوي على أزمة شقيقه مع المصورين في عزاء والدتهم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    الصحة: الشيخ زايد التخصصي يجري قساطر قلبية معقدة تتجاوز تكلفتها مليون جنيه على نفقة الدولة    مد غزة ب7400 طن مساعدات و42 ألف بطانية ضمن قافلة زاد العزة ال103    هل تستعد OpenAI لإدخال الإعلانات إلى شات جي بي تي؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 28-12-2025 في محافظة الأقصر    وزير الصناعة يزور مقر سلطة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي ويشهد توقيع عدد من الاتفاقيات    أمم أفريقيا 2025.. تشكيل بوركينا فاسو المتوقع أمام الجزائر    21 مواطنًا يحصلون على جنسيات أجنبية مع الاحتفاظ بالجنسية المصرية    العراق يتسلم 6 مروحيات "كاراكال" فرنسية لتعزيز الدفاع الجوي    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    8 أبطال بجنوب سيناء يصعدون للمشاركة في تصفيات أولمبياد المحافظات الحدودية بالوادي الجديد    يسبب سرطان المعدة والسمنة.. وزارة الصحة تحذر من الإفراط فى تناول الملح    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    اليوم.. جنازة المخرج داوود عبدالسيد من كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة    2026 .. عام الأسئلة الكبرى والأمنيات المشروعة    كيف ينتج تنظيم الإخوان ازدواجيته.. ثم يخفيها وينكرها؟    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    2025.. عام المشروعات الاستثنائية    حبس مها الصغير شهر بتهمة سرقة لوحات لفنانين أوروبيين وتغريمها 10 آلاف جنيه    كاسات الزبادي بالفواكه والمكسرات والعسل، فطار خفيف أو سناك مشبع    شريف الشربيني يشارك في اجتماع لجنة الإسكان بمجلس الشيوخ اليوم    إصابة شخصان إثر تصادم ميكروباص مع توك توك بقنا    لافروف: القوات الأوروبية في أوكرانيا أهداف مشروعة للجيش الروسي    عبد الفتاح عبد المنعم: الصحافة المصرية متضامنة بشكل كامل مع الشعب الفلسطينى    محمد معيط: العجز في الموازنة 1.5 تريليون جنيه.. وأنا مضطر علشان البلد تفضل ماشية استلف هذا المبلغ    نيللي كريم وداليا مصطفى تسيطران على جوجل: شائعات ونجاحات تُشعل الجدل    فيديو جراف| تسعة أفلام صنعت «فيلسوف السينما».. وداعًا «داود عبد السيد»    عضو بالأرصاد: توقعات بأمطار متوسطة على السواحل الشمالية الشرقية اليوم    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    هل فرط جمال عبد الناصر في السودان؟.. عبد الحليم قنديل يُجيب    كيف يؤثر التمر على الهضم والسكر ؟    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نبدأ مسيرتنا (6)
نشر في البديل يوم 14 - 02 - 2013

إذا أراد الإنسان العاقل أن يبني رؤيته الكونية حول الإنسان والعالم والمبدأ والمعاد، أو أراد أن يتبنى أي معايير أخلاقية أو نظرية اجتماعية أو رؤية سياسية معينة، فمن الطبيعي جدا أن يستند في اعتقاده أو رأيه إلى دليل منطقي واقعي معتبر،لا إلى أهوائه الشخصية أو استحساناته الذوقية، ولا إلى أعرافه وعاداته وتقاليده الاجتماعية النسبية المتغيرة كما يفعل أكثر الناس للأسف لأن الاستناد إلى مثل هذه الأمور الشخصية أو الذوقية أو النسبية المتغيرة، هو السبب الرئيس في انحرافنا الفكِري وضياع الحقيقة وابتعادنا عن الواقع الموضوعي، والعامل الأساسي في حصول الاختلافات الدينية والمذهبية، ووقوع النزاع والتناحر الأيديولوجي، الذي يهيئ الأرضية بدوره لإشعال الفتن والصراعات الاجتماعية والسياسية التي تهدد الأمن القومي والاجتماعي.
والغريب أن كل هؤلاء الذين ينحون هذا المنحى غير المنطقي يعتمدون على أدلة ومباني يعتبرونها مفروغة الصحة، بل غير قابلة للنقاش، مع كونها في الواقع غير واضحة ولا مُبيّنة بنحو منطقي، ويريدون أن يبنوا عليها كل آراءهم واعتقاداتهم، مع أن كلامنا معهم هو في المبنى والأساس، لا في البناء والأثاث، فيكونون كمن بنى قصرا على رمال أو بيتا على شاطئ البحر.
ومن أجل ذلك فقد نبّهنا في أول كلامنا على ضرورة تلمس الطريق من بدايته، والتأكيد على أهمية معرفة المنطلق الصحيح، والأساس الأول الذي سنبني عليه رؤيتنا الكونية النظرية وأيديولوجيتنا العملية؛ لكي نشيد صرح المعرفة على أساس متين وراسخ.
والآن نعود مرة أخرى لنسأل أنفسنا عن هذا الأساس المنطقي الذي ينبغي أن ننطلق منه، ونبني عليه، فنقول:
لو رجعنا إلى أنفسنا وتأملناها جيدا لوجدنا أننا نشعر بأن لنا ذاتا موجودة وحية نشير إليها بأنا ،هذه الذات لها أفعالاً وانفعالات متعددة، حيث تدرك الأشياء من حولها بأنحاء مختلفة، فتارة تحس بها، وتارة تتخيلها، وأخرى تتعقلها وتفكر فيها، وتارة تفرح بها وأخرى تحزن عليها، وهي تدرك وتشعر بكل ذلك بنحو يقيني بسيط ومباشر لا يساوره شك ولا شبهة.
وهي مع كل إدراكاتها وإحساساتها الوجدانية البسيطة، تدرك وتعقل شيئا آخر لا يقل يقينا عن إدراكاتها تلك،وهو أن وجود ذاتها وإدراكاتها لها، لا يجتمع مع عدم وجودها لها، حيث يستحيل أن تكون موجودة وغير موجودة، أو تدرك الأشياء ولا تدركها في نفس الوقت، أو تكون سعيدة وغير سعيدة معا، وهذه القضية التي يدركها العقل بذاته يسميها المناطقة والحكماء بامتناع اجتماع النقيضين، وهى أولى الأوائل وأبده البديهيات وأساس كل علم.
أما كونها أولى الأوائل وأبده البديهيات،فلعدم إمكان إنكارها أو تكذيبها، حيث إن إنكارها يستلزم إثباتها، وتكذيبها يستلزم تصديقها؛ لأن نفس الإنكار أو التكذيب لا يجتمع مع عدم الإنكار أو عدم التكذيب، حيث إن المنكر لها يقول إنني منكر ولا يمكن أن أكون غير منكر في نفس الوقت لاستلزام التناقض، وهذا هو نفس إثبات القضية التي أنكرها.
وأما كونها أساس العلم؛ فلأن الذي يعتقد بشيء لا يمكن في نفس الوقت أن يعتقد بنقيضه ،فالذي يعتقد بأن الأرض كروية مثلا لا يمكن أن يعتقد بأنها غير كروية، وإلا لانتفى اعتقاده من الأصل، وبالتالي لا يمكن أن يحصل لنا أي علم أو اعتقاد إلا بعد الاعتقاد والتسليم بهذه القضية الذاتية الصدق والممتنعة الكذب.
وهذا الأصل العلمي الأول هو الذي نكتشف من خلاله صدق بقية الأصول العقلية البديهية، ككون الكل أعظم من الجزء، وأن الشيء يمتنع سلبه عن ذاته، وأن الحوادث لها أسباب تخرجها من العدم إلى الوجود، وغيرها من الأصول والمبادئ العقلية البديهية، حيث يستلزم تكذيب هذه القضايا اجتماع النقيضين.
وهذه المبادئ البديهية هي التي يبتني عليها الدليل العقلي المنطقي المعتبر، والذي يسميه الحكماء بالدليل العقلي البرهاني، وهو الذي يؤمن لنا اليقين الصادق المطابق للواقع.
أما أنه يؤمن لنا اليقين؛ فلأنه ينطلق من قضايا بديهية واضحة في نفسها، وأما أنه يؤمن لنا الصدق؛ فلأنه يبتني على مبادئ بديهية ذاتية الصدق، بمعنى كون صدقها من ذاتها، لا كالتي يصدق بها عوام الناس لشهرتها بينهم مثلا أو لنقل الثقات عندهم لها، أو غير ذلك من الطرق غير المعتبرة عقليا، والتي تكون في معرض الخطأ والتضليل.
ومن هنا يتبين لنا أن هذه القضايا البديهية العقلية الموضوعية المشتركة بين جميع الناس،هي الأساس الأول الذي ينبغي على العاقل أن ينطلق منه ويبني عليه، وأن الدليل العقلي البرهاني المبتني على هذه القضايا البديهية هو الطريق اليقيني الآمن والوحيد الذي ينبغي أن نبني رؤيتنا الكونية على ضوئه، حيث يقودنا بجدارة إلى الاعتقاد اليقيني الصادق، بنحو علمي موضوعي، بعيدا عن الأهواء الشخصية والضغوط والتأثيرات الاجتماعية والمذهبية التي يخضع لها معظم الناس، وتجعلهم في معرض الانحراف الفكري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.