نشر موقع "اكتيفيست بوست" الأمريكي مقالاً أشار فيه إلى أن شعوب ليبيا وسوريا ومالي جميعها ضحية دعم الغرب والناتو للارهاب، مضيفاً أن أمريكا والكيان الصهيوني والسعودية وقطر هي على رأس الدول الداعمة للإرهاب من أجل الهيمنة على العالم. ولفت المقال الذي نشره الموقع بقلم الباحث "توني كارتلوتشي" إلى الدعم المباشر وغير المباشر الذي يقدمه الغرب والناتو للجماعات الإرهابية، موضحاً أن سلسلة الحروب في إفريقيا والشرق الأوسط بدأت بمخطط غربي من أجل تغيير ظروف المنطقة لصالح الدول الغربية. وأكد المقال أن شعوب ليبيا وسوريا وجمهورية مالي في الوقت الراهن ما هي إلا ضحية الدعم الذي يقدمه الناتو للارهاب وأطماع الغرب في إفريقيا والشرق الأوسط . وتابع في المقال أنه ، في حين يقوم حلف الناتو بدعم القاعدة ماليا ولوجستيا في جميع أنحاء العالم بدءاً من جمهورية مالي وحتى سوريا وفي نفس الوقت يحاربها ، نرى أن الاعلام الغربي أيضاً بدأ بنشر سلسلة من المقالات لدعم التدخل العسكري الفرنسي في جمهورية مالي. وتطرق إلى أن مجلة التايم في مقال لها تحت عنوان هل التدخل الفرنسي سيوقف المد الاسلامي ؟ استنتجت أن أفضل الخدع هي الخدع القديمة أي العودة إلى خدعة "الحرب ضد الإرهاب" وتضيف هذه المجلة بأن التدخل الفرنسي يهدف إلى الحد من سيطرة الإرهابيين على إفريقيا وأوروبا - حسب قولها. وأضاف الباحث نقلاً عن المجلة أن "الشارع الفرنسي يشعر بقلق من تحول جمهورية مالي إلى بلد إسلامي متطرف أكثر من أي بلد آخر ، لأن غالبية المسلمين يتحدثون الفرنسية ولديهم أقارب في هذا البلد" حسب تعبيرها. وتتابع المجلة أنها حصلت على معلومات من مصادر أمنية مفادها أنها رصدت مجموعة من العناصر "الجهادية" بدأت تغادر فرنسا باتجاه المناطق الشمالية في جمهورية مالي من أجل التدريب والحرب، ولكن الذي يثير قلق هذه المصادر الأمنية هو أن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي قد حدد فرنسا كهدف رئيسي باعتبارها ممثلة القوى الغربية في المنطقة. وأضاف : لكن ما لا تكشفه الصحيفة لقرائها هو أن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي له علاقة متينة مع "الجماعة الاسلامية في ليبيا" تلك المجموعة التي خاضت فرنسا الحرب بالوكالة عنها في ليبيا، ومن خلال دعمها بالسلاح والتدريب والقوات الخاصة وحتى المقاتلات الحربية ساعدتها في اسقاط الحكومة الليبية. بروس رايدل "عضو معهد"بروكينغز للابحاث العميل السابق لوكالة الاستخبارات الاميركية كتب في اغسطس عام 2011 أن "الجزائر هي البلد التالي الذي سيسقط " وتوقع في مقاله أن نجاح الغرب في ليبيا سيزيد من إقدام الجماعات المتطرفة ومنها تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي في الجزائر. وأعرب رايدل عن أمله بسقوط الحكومة الجزائرية في خضم عنف المتطرفين وتداعيات الغارات الجوية الفرنسية منوهاً في الوقت نفسه بنقطة أخرى هي " أن الجزائر أعربت عن قلقها الشديد حيال الاضطرابات في ليبيا لأنها قد تتحول إلى بؤرة للقاعدة وسائر الجماعات الجهادية المتطرفة". ويضيف المقال في جانب آخر منه أن ليبيا ابتُليت اليوم بهذا الوضع بفضل الناتو حيث أنها باتت بؤرة لتنظيم القاعدة الذي يحظى بتمويل غربي، وهذا يعني أن الأزمة التي يواجهها تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي في جمهورية مالي وتدخل فرنسا سيؤديان إلى إقحام الجزائر لا محالة. الصحفي الشهير "بيبي اسكوبار" وفي مقال تحت عنوان "كيف استطاعت القاعدة الحكم في طرابلس" نشر في صحيفة "آسيا تايمز" يكشف عن علاقة اقرب بين الجماعة المتشددة في ليبيا وتنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي حين يقول "في عام 2007 أعلن الرجل الثاني في تنظيم القاعدة آنذاك ايمن الظواهري عن انضمام الجماعة الاسلامية في ليبيا للقاعدة بالمغرب الاسلامي، ومنذ ذلك الحين تحولت هاتان الجماعتان الى مجموعة واحدة تحت قيادة بلحاج" ( عبد الحكيم بلحاج زعيم الجماعة الاسلامية في ليبيا بات زعيم هذه المجموعة المشتركة وما زال). لقد بذل بلحاج المدعوم دبلوماسيا وماليا وتسليحيا من قبل الناتو ما بوسعه لاسقاط حكم القذافي، والآن نرى أنه أقحم ليبيا في أزمة لا نهاية لها من النزاعات الاثنية والطائفية والتطهير العرقي. وهذا التدخل الغربي ادى الى ان تعترف بنغازي التي تحولت الى بؤرة الاضطرابات، لنفسها بشبه استقلال عن طرابلس وأن تتحول الى "امارة ارهابية". يشار الى أن بلحاج الذي اعترف صراحة خلال آخر تجمع له بتوجهه الى سوريا لتوفير السلاح والمال والمقاتلين لجماعة ما تسمى" الجيش السوري الحر "ما زال يحظى بدعم الناتو. وجاء ايضا في تقرير أكتيفيست بوست ان تدخل الناتو في ليبيا ادى الى إحياء الجماعة الاسلامية في ليبيا ( التي تعد من متحدي القاعدة واحدى الجماعات الارهابية المدرجة على قائمة الارهاب لدى وزارة الخارجية الاميركية) وهي اليوم بفضل دعم الناتو لديها الجنود والميزانية والسلاح ويمتد نفوذها من الغرب الى جمهورية مالي ومن الشرق الى سوريا. ويتابع التقرير أن "حكومة الاسلام العالمية" التي ما فتأ المحافظون الجدد في الغرب يخوفون اطفالهم منها ، بدات تتبلور من خلال المؤامرات الامريكية – السعودية ، الاسرائيلية والقطرية، ليس على اساس العقائد الاسلامية، لان المسلمين في الحقيقة هم الذين يدفعون الثمن الباهظ ( للحرب الحقيقية ضد الارهاب المدعوم غربيا). حتى إن شبكة "اي بي سي" الاخبارية وفي تقرير لها تحت عنوان "تنظيم القاعدة الارهابي: نحن نستفيد من الاسلحة الليبية تصرح بان " قياديا في القاعدة اشار الى امكانية ان يكون تنظيم القاعدة قد حصل على بعض الاسلحة التي ضاعت في خضم الاضطرابات الليبية. وكشف التقرير بان الكابوس الذي كان يقض مضاجع الزعماء الغربيين منذ زمن بعيد تحول إلى حقيقة، واعترف "مختار بلمختار" احد قادة القاعدة في المغرب الاسلامي بشمال افريقيا يوم الاربعاء الماضي في تصريحا لوكالة "اي ان آي" الموريتانية قائلا "اننا من المنتفعين من ثورات العالم العربي، وعلى سبيل المثال الاستفادة من الاسلحة الليبية لان هذه الاستفادة في مثل هذه الظروف أمر طبيعي". وليس من باب الصدفة انه مع الاقتراب من نهاية الحرب في ليبيا، بدأت اشتباكات جديدة ولكن بشمال مالي، بل ان الحادثة ايضا هي جزء من المخطط الرامي الى ايجاد تغييرات جيواستراتيجية بدات من ليبيا ، وستستمر من خلال الهجوم على الدول المستهدفة مثل ليبيا والجزائر وسوريا بواسطة الجماعات الارهابية المدعومة ماليا وعسكريا من قبل الناتو. وأخيرا ينبغي القول ان التدخل العسكري الفرنسي قد يؤدي الى طرد عناصر القاعدة في المغرب الاسلامي من شمال مالي ، ولكن المحطة الثانية وفقا لما تم التخطيط لها ستكون الجزائر، فالحكومة الجزائرية التي استطاعت تجنب الانهيار خلال المراحل الاولى من المشروع الامريكي او ما يسمى "الربيع العربي" عام 2011 مازالت محط اهتمام الغرب والدول الغربية تواصل مساعيها لتغيير المنطقة الجيوستراتيجية المتازمة التي تمتد من افريقيا وحتى ابواب بكين وموسكو، وذلك عبر الاستفادة من الجماعات الارهابية باعتبارها الذريعة لبدء الحرب اولا ومن ثم كمرتزقة اساسيين في هذه الحرب. Comment *