بوتين: محطة الضبعة ستولد 37 مليار كيلووات سنويًا وتبني صناعة نووية مصرية من الصفر    19 نوفمبر 2025.. الذهب يقفز 100 جنيه بأسواق الصاغة وعيار 21 يسجل 5485 جنيها    محافظ الجيزة يتفقد مشروعات تطوير الطرق بكرداسة و أوسيم و المنيرة الغربية    بروتوكول تعاون بين وزارة الاتصالات والأكاديمية العسكرية المصرية وصندوق تحيا مصر لتنفيذ مبادرة «الرواد الرقميون»    اسعار كرتونه البيض للمستهلك اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    إزالة تعديات وإسترداد أراضي أملاك دولة بمساحة 5 قيراط و12 سهما فى الأقصر    تطوير شامل لمنظومة الإطفاء بمطار القاهرة بالتعاون مع البيئة وسلطة الطيران    مجرد كلام.. حماس تعلق على تصريحات وزير إسرائيلي بشأن مسار لدولة فلسطينية    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    "السيسي وبوتين".. صداقة متينة وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر وروسيا    أول رد فعل من مصطفى محمد على تصريحات حسام حسن    الأندية المرشحة لجائزة الأفضل في العالم من جلوب سوكر 2025.. ممثل إفريقي وحيد    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    حقيقة عودة كهربا إلى الأهلي في يناير    الداخلية تحقق مع عنصر جنائي حاول غسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    الأرصاد تكشف موعد ذروة ارتفاعات درجات الحرارة وتحذر القاهرة تتجاوز 30 درجة    آدم بكرى بعد تكريمه من حسين فهمى: كل إنسان فلسطينى هو مصرى    حسام حبيب لتامر حسني بعد أزمته الصحية: ربنا يطمن كل حبايبك عليك    جامعة قناة السويس تحتفي بأبطالها المتوجين ببطولة كأس التميز للجمهورية    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    ارتفاع عدد مصابي انقلاب سيارة ميكروباص فى قنا إلى 18 شخصا بينهم أطفال    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    الإسماعيلي يكشف حقيقة طلبه فتح القيد الاستثنائي من فيفا    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    عاشور: يقود اجتماعًا موسعًا لتعزيز التوسع في أفرع الجامعات الأجنبية ودعم تدويل التعليم بمصر    بث مباشر.. بدء مراسم وضع هيكل الاحتواء لمفاعل الضبعة النووية    نورا ناجي عن تحويل روايتها بنات الباشا إلى فيلم: من أجمل أيام حياتي    هيئة الرعاية الصحية تُطلق عيادة متخصصة لأمراض الكُلى للأطفال بمركز 30 يونيو الدولي    ما هو فيروس ماربورج وكيف يمكن الوقاية منه؟    الصحة: 5 مستشفيات تحصل على الاعتماد الدولي في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    حزب الجبهة: متابعة الرئيس للانتخابات تعكس حرص الدولة على الشفافية    الزمالك يستقر على موعد سفر فريق الكرة لجنوب أفريقيا    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    كارثة طبيعية يُعيد اكتشاف كمال أبو رية بعد 40 عاما من مشواره الفني    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    مصرع 3 شباب في تصادم مروع بالشرقية    الصحة تغلق 11 مركزًا غير مرخص لعلاج الإدمان بحدائق الأهرام    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لصندوق حماية البيئة وتستعرض موازنة 2026 وخطط دعم المشروعات البيئية    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    7 آلاف سنة على الرصيف!    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد أحمد فرحات: الخوارج وتراجيديا التاريخ
نشر في البديل يوم 17 - 01 - 2013

الخوارج أو الشراة أو الحرورية أو المحكمة أو أهل العدل والتوحيد هي أسماء لأول حزب سياسي راديكالي في الإسلام نشأ بطريقة تراجيدية تتوفر فيها كل عناصر التراجيديا الأرسطية كانوا أشد جنود الإمام على عليه السلام إخلاصا وديانة وأكثرهم استبسالا في معركة صفين والتي كاد الإمام على فيها أن يستأصل شأفة الطغيان الأموي بلا رجعة ولكن كانت خدعة رفع المصاحف على الرماح والتي أشار بها عمرو بن العاص على معاوية وفطن إليها الإمام على من أول لحظة وقال قولته الخالدة ( حق أريد به باطل ) كفيلة بإحداث الانشقاق في معسكر الإمام على وبداية تراجيديا هذا الحزب والسقطة التراجيدية عند الخوارج تتمثل في أنهم كانوا أول المعارضين للإمام على في رفضه عليه السلام فكرة التحكيم لإدراكه أنها خدعة من قريحة ابن العاص ولما نزل الإمام على رأيهم وقبل التحكيم وأدرك الجميع صواب رأى الإمام في البداية وأن التحكيم كان مجرد خدعة لبث الفرقة في جيش الإمام، أراد الذين أجبروا الإمام على قبول التحكيم أن يرجعوا للقتال ولكن كان الوقت قد فات وحدث الانشقاق في جيش الإمام فكانت عودة أهل العراق إلى الكوفة عودة أليمة أشد إيلاما من عودة جيش مهزوم لان النصر الذي كلف من الدم ثمنا غاليا قد تبدد بأرخص الأثمان. وكانت شكوى أهل القتلى مثار حزن شديد في فؤاد الإمام علي بينما كانت سخرية (أنصار عثمان) صريحة جرحت نفسه: فاغتبط المنافقون واغتم المخلصون وانفصل عن علي اثنا عشر ألف رجل أبوا العودة معه إلى الكوفة وساروا إلى قرية حروراء تحت لواء التحكيم: لا حكم إلا الله! ومن هنا سموا باسم: (المحكمة). ولكن يطلق عليهم عادة اسم: (الحرورية) نسبة إلى القرية التي أقاموا فيها بعد انفصالهم عن جيش الإمام على أو بلفظ أعم: الخوارج لخروجهم على جيش الإمام أو كما سموا أنفسهم بالشراة أي اللذين اشتروا آخرتهم بدنياهم .
اعتبر الخوارج قبول التحكيم خطيئة دينية جرت على من قبلها الكفر وكان هذا المبدأ العقائدي الأول الذي وضعهم في تناقض مع كل الفرق الإسلامية فلا يبررون بالإيمان الأعمال المنافية لما يقتضيه نص الكتاب والسنة. إنما العبرة بالعمل وقالوا:
إن كل كبيرة كفر والله يعذب صاحب الكبيرة عذاباً دائماً، ودار مخالفيهم كفر كذلك فمن أقام في دار الكفر (أي في دولة غير دولة الخوارج) فهو كافر وعليه الخروج بل تجاوزوا ذلك فقالوا: إن من نظر نظرة صغيرة أو كذب كذبة صغيرة ثم أصر عليها فهو مشرك بينما قال المعتزلة: إن مرتكب الكبيرة فاسق أو في منزلة بين المنزلتين: الكفر والإيمان وبينما أرجأ المرجئة الحكم فيه وقالوا: إن الإيمان يحبط عقاب الفاسق وإن الله لا يعذب موحداً، والكفر هو الجهل بالله فقط وما عداه من كبائر أو صغائر ليس من الكفر في شئ.
نرى الخوارج وصفوا مرتكب الكبيرة بأنه كافر مخلد في النار. ولهذا عدوا مخالفيهم (مرتدين) وحكم المرتد عن الإسلام القتل ومن هنا جاءوا بمبدأ قاس غريب هو مبدأ (الاستعراض): أي الاغتيال الديني، إذ يستحلون قتل مخالفيهم من المسلمين.
رفض الخوارج نتائج التحكيم لأنه قبولاً لحكم الرجال في حين أن الحكم لله وحده وبين لهم ابن عباس خطأ مقولتهم في المحاورة الشهيرة التي دارت بينهما فقال رضي الله عنه: (أما قولكم: حكّم الرجال في دين الله، فإن الله تعالى يقول: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ))، إلى قوله: ((يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ)). وقال في المرأة وزوجها: ((وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا)). أنشدكم الله أحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم، وإصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب ثمنها ربع درهم، وفي بضع امرأة. وأن تعلموا أن الله لو شاء لحكم ولم يصير ذلك إلى الرجال.)
ثبتت الأغلبية على رأيها ورجع القليل منهم إلى معسكر الإمام ثانية.
ورغم أن بعض الخوارج كانوا ضد أي إمارة ( حكومة ) إلا أنهم قاموا بانتخاب أول أمير لهم وكان عبد الله بن وهب الراسبى والذي امتنع عنها في البداية وأخذ في عرضها على غيره ثم مالبث أن قبلها وقال ( والله لا أقبلها رغبة في الدنيا ولا ادعها فرقاً من الموت ) وكانت مبايعتهم له في شوال 37 هجرية وكان هذا التاريخ بداية لسلسلة من الحروب التي لم تنتهي على مدار التاريخ .
وكانت البداية حينما قابلوا عبدالله بن خباب بن الأرت فعرفهم بنفسه فسألوه عن أبي بكر وعمر، فأثنى خيراً، ثمّ سألوه عن عثمان في أوّل خلافته وآخرها.. فقال كان محقاً في أوّل خلافته وآخرها.. فسألوه عن علي قبل التحكيم وبعده... فقال: "هو أعلم باللّه وأشد توقياً على دينه" فقالوا: "إنك توالي الرجال على أسمائها" ثمّ ذبحوه وبقروا بطن امرأته وكانت حاملاً، ثمّ قتلوا ثلاث نسوة من قبيلة طي. فغضب الإمام علي وبعث إليهم رسولاً لينظر فيما بلغه فقتلوه.. فقال أصحاب عليّ كيف ندع هؤلاء ونأمن غائلتهم في أموالنا وعيالنا ونذهب للشام؟.. فبعث علي إليهم يقول: "ادفعوا إلينا قتلة إخواننا منكم فنكف عنكم حتى نلقى أهل الغرب (يعني أهل الشام) لعلّ اللّه يردكم في خير.." فقالوا: كلّنا قتلهم، وكلّنا مستحل دماءهم ودماءكم!. فقاتلهم الإمام على وكسرهم في النهروان ولم يبق من الخوارج إلا القليل جداً، ولم تكن المسألة في العدد وإنما كانت فى الفكرة التي غزت عقول الكثير وهذا ما أقره الإمام على بعد واقعة النهروان فقال لما ظن أصحابه أنهم قد قضوا عليهم حيث لم يبق من اثني عشر ألفا إلا بضع عشرات (" كَلا.. وَاللَّهِ إِنَّهُمْ نُطَفٌ فِي أَصْلابِ الرِّجَالِ وَ قَرَارَاتِ النِّسَاءِ كُلَّمَا نَجَمَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ...") وقد تحقق قوله بأسرع مما كان يتخيل أو يتخيلون، فقد جمع الخوارج قواتهم من جديد وبعد شهرين فقط قاتلوا جيش الإمام علي في الدسكرة، وكان ذلك في ربيع الثاني بقيادة أشرس بن عوف الشيباني، وهي المعركة التي منيوا فيها بالهزيمة والتي قاربت الإبادة .
إلا أن منطق الثورة الدائمة كان أقوي، فسرعان ما جمع الخوارج من جديد أشلائهم، وتحت قيادة الأخوين هلال ومجالد بن علقة خرجوا بعد شهر واحد في جمادى الأولى ضد جيش الإمام في ماسبذان، وهي المعركة التي انتهت بهزيمتهم، وفي نفس السنة قاتلوا في جرجراب على نهار دجلة بقيادة الأشهب بن بشر الجبلي، حيث انهزموا أيضاً. ورغم الهزائم المتلاحقة إلا أن جذوة الثورة الخارجية لم تخبو، ففي رمضان جمعوا حشودهم بقيادة أبو مريم التميمي وزحفوا نحو الكوفة حيث حاربوا جيش الإمام علي، فهزموا هناك وتفرق شملهم.
بعد هذه الهزائم والخسارات الفادحة التي بلغت عشرات الآلاف من رجالهم قام نفر منهم بالتخطيط لاغتيال الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمر بن العاص، وقرروا اغتيالهم في نفس الوقت. ومضت الخطة التي لم ينجح منها إلا الشق المتعلق باغتيال الإمام علي، فعمرو بن العاص لم يخرج في يومه ذاك للصلاة وتم اغتيال رجل آخر على شبهه، أما معاوية ابن أبي سفيان فقد جرح في الهجوم الخارجي عليه. وكانت المأساة في ان نجح أبو ملجم الثقفي في اغتيال الإمام علي بسيف مسموم، بينما فشل رفاقه في قتل قادة الأمويين الذين كانوا أعدائهم بحق، وفي هذا تكمن بعضا من مأساوية وتراجيدية التاريخ فقد قتلوا أعدل أعدائهم وأقربهم إلى نموذج الحاكم الذي أرادوه والذي حاربوا شهوراً تحت إمرته وصلوا أزماناً خلفه وبقى لهم النقيض الصارخ لأفكارهم ومبادئهم.
Comment *


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.