"ما أشبه اليوم بالبارحة" جملة تلخص حال المصريين في الخارج وخصوصا في غضون الأزمة التي تشهدها مصر مع دولة الإمارات الشقيقة؛ والتي تسبب فيها احتجاز أحد عشرا مصريا، بتهمة قيادة خلية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما دعا السلطات الإماراتية إلى إلقاء القبض عليهم، وإحالة شأنهم إلى القضاء ورفض تسليمهم، بعد التشاور مع الوفد الدبلوماسي المصري، وهو ما يذكرنا بأزمة المحامى أحمد الجيزاوي المحتجز في السعودية، وغيرها من الأزمات التي كان أقربها ترحيل 19 مصريًّا من الكويت بعد فشل الجهود الدبلوماسية لحل المشكلة. وفي هذا الشأن قال الدكتور أيمن السيد عبد الوهاب الخبير بمركز الأهرام الاستراتيجي أن العلاقة المصرية – الإماراتية فيها قدر كبير من التوتر؛ نتيجة وجود تصورات تتمتد لبعض الدول الخليجية بما يسمونه الدور الاخواني خارج نطاق الدولة المصرية؛ وهو ما ينذر بمزيد من الأزمات مع الدول الخليجية التي لا تريد للمد الإخواني أن يدخل أراضيها. وأشار عبد الوهاب إلى الهاجس من التنظيم الدولي للإخوان، ووصول التيار الإسلامي السياسي للحكم، مثلما حدث مع مصر وتونس، ولذلك تسعى الإمارات ونظيراتها من الدول الخليجية، إلى تحجيم دور الجماعة أو وجودها في المجتمع، مؤكدا على ضرورة التعامل مع الموقف بقدر من الجدية والمنطق، والعمل على طمأنة كل الدول العربية والخليجية؛ خصوصا وأن هناك إنتسابات من الجانب القطري يشير إلى إحتمالية تورطها في دعم مثل هذه التنظيمات. وأضاف عبد الوهاب، أن الأزمة الراهنة حتما ستنتهي بجهود دبلوماسية مضنية، وستحرص مصر على عدم قطع العلاقات مع هذه الدول الخليجية، ربما تنتظر ما تنتهي اليه التحقيقات أمام القضاء الإماراتي، ومن هذا المنطلق، علينا جميعا أن ندرك أن هذه القضية للتذكير فقط؛ فربما يكون القادم أخطر، لأن النظم العربية ترى في الإخوان تهديدا للنظم السياسية فى المنطقة، لذا ينبغي على جميع المؤسسات المصرية أن تتعامل مع الأزمة بقدر من الجدية والإهتمام والتفاعل. وفي السياق ذاته أكد الدكتور إبراهيم العناني أستاذ القانون الدولي، على أهمية تأجيل الحل القانوني حتى إستنفاذ كل الإجراءات الدبلوماسية، وضرورة العمل على مضاعفة الجهود والإتصالات والمشاورات بين الجانبين المصري والإمارتي، وحذر مما قد يؤدي إليه أي احتقان، ولذلك فلابد من تهدئة الأجواء، والإعلان عما يتم في القضية أولا بأول، وعرضه على الرأي العام؛ حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه. وشدد العناني على ضرورة بذل جهود دبلوماسية مضاعفة؛ لأن الناحية القانونية إذا لجأت لها مصر ، سوف تستغرق بضع سنين للوصول لحل لأزمة هؤلاء المصريين الذين احتجزت دولة الامارات خاصة وهم غير متهمين في قضايا جنائية، ربما تتخذ معهم الاجراءات القانونية وفقا للدولة الموجودين على أرضها، ثم يتم الإفراج عنهم. وأضاف العناني أن الجهود الدبلوماسية ستنهي الأزمة، وستشهد العلاقات بين البلدين بعض التوتر، ولكنها لن تنقطع بشكل نهائي، وهو أمر تحرص عليه السلطات الاماراتية والمصرية، لأن مصر مرت بعدت أزمات مشابهة في الفترة، ولن تقرر أن تنعزل عن باقي الدول العربية؛ فمصر والدول الخليجية تربطهم العديد من المصالح المشتركة. ومن جانبه قال الدكتور ياسر عبد العزيز، الخبير الإعلامي: إن الاعلام لن يلعب دورا مثل ازمة نظام مبارك مع الجزائر والسعودية، وعلى عكس السابق فإنه لن يساهم في مفاقمة تلك الازمة وهو بريء من اي تهمة لتأجيج التوتر الموجود بالفعل. وأكد عبد العزيز أن الأزمة الراهنة ليست من الازمات التي يمكن ان يطلق عليها وصف سحابة صيف او زوبعة في فنجان، ولكنها ازمة حقيقية وعميقة؛ سببها الاساسي ان الحكومة الاماراتية الحالية لا تعتقد انه يمكن بناء علاقات ايجابية مع نظيراتها المصرية التي يهيمن عليها الاخوان المسلمون. لافتا إلى أنه بالرغم ان تاريخ العلاقة بين الدولتين منذ ما قبل اعلان دولة الامارات عام 1971 يعد تاريخا مشرقا، حيث تعاونت الدولتان في كافة المجالات وعلى كافة الصعد إلا أن الأوضاع التي نشهدها تثبت دخولنا في نفق مظلم طويل، والإشكال يتعلق بمخاوف أساسية وعميقة لدى السلطات الاماراتية من التأثير الاخواني والمد الثوري من ناحية، وبالاستراتيجية الاخوانية التي تم بناؤها على اساس التحالف مع قطر من ناحية أخرى. وأضاف عبد العزيز أن إفتعال هذه الأزمة أو غيرها ما وهو إلا رد فعل على محاولات للتيار الإسلامي السياسي لاتخاذ نقاط ارتكاز جديدة في منطقة الخليج العربي، اي انهم يسعون لتعزيز تواجدهم في دول الخليج وعمل تغيرات سياسية فيها، وهو ما ترفضه دول الخليج. Comment *