رغم التفاني الذي أبداه أوباما في خدمة "إسرائيل" على مدى فترة رئاسته الأولى للولايات المتحدةالأمريكية، إلا أن مستوى الانسجام بين رئيس الوزراء "الإسرائيلي" نتنياهو والرئيس أوباما كان يوصف دائماً بأنه باهت، لقد حاول كلا الرجلين إبداء حالة من الود أمام الكاميرات في أغلب اللقاءات بينهما، إلا أن ذلك كله لم يتجاوز حدود البروتوكول. لم يستطع نتنياهو أن يتحرر من بغضه الشخصي لأوباما على كل ما قدمه لدولته اللقيطة من عون طوال الفترة السابقة، البعض يفسر ذلك بأن أوباما لم يكن متعاوناً مع "بيبي" في رغبته الجامحة في تسديد ضربات عسكرية موجعة لإيران التي تتسابق مع الزمن لتطوير برنامجها النووي، وأنه – أي أوباما- خذله في عدم تقديم أي ضمان لحماية ظهر "إسرائيل" في حال أقدمت إيران على رد العدوان المحتمل. لم يكن المعيار عند "بيبي" الجاحد هو كم قدمت إدارة أوباما له، بل لماذا لم يقدم له كل ما يريد، وهو هنا يذكرنا بعلاقة الطفل بوالده الذي قد يقف في وجه نزواته خوفاً على مصلحته، غير أن الطفل الذي لا يدرك مصلحته، لا يعبأ بما يقدمه له أبوه من رعاية بقدر ما يحمل من غضب على ما منعه أبوه عنه. في المقابل فإن أوباما المدرك تماماً "لسواد قلب" نتنياهو، لا يستطيع أن يتعامل معه على صعيد المناكفة ذات الأبعاد الشخصية، فالمصلحة العليا لأمريكا في رأي أوباما أكبر وأعمق من الثأر وتصفية الحسابات، وهذا ما ألمح إليه بشكل غير مباشر في أحد خطاباته الأخيرة. كما أن من يحكم أمريكا مؤسسة وليس شخصاً، ولكن هل يعني ذلك أن "بيبي" قد يفلت من العقاب؟! هناك حالة من التخوف لدى العديد من "الإسرائيليين" بأن تنعكس مواقف نتنياهو الصريحة المؤيدة لمرشح الرئاسة الجمهوري الخاسر ميت رومني في مواجهة أوباما بالسلب على مصالح "إسرائيل" التي تضمن رعايتها الولاياتالمتحدةالأمريكية، غير أن البعض الآخر يعتقد أن التزام الإدارات الأمريكية المتعاقبة تجاه "إسرائيل" سوف لن يتغير. غير أن المسكين "بيبي" لم يكن وحده الذي أيد ميت رومني في "إسرائيل" ف85 % من أصحاب حق الاقتراع من اليهود الأمريكان الذين يقطنون "إسرائيل" أيدوا ميت رومني بحسب نتائج استطلاع رأي أجري قبل عدة أيام في "إسرائيل". لكن الفاتورة بمجملها قد يحملها "بيبي المسكين"، نظراً لما يمكن أن يكون من حالة ارتداد عكسية لدى جمهور الناخبين في "إسرائيل" الذين قد يفضلون شخصاً آخر قد يحمل قبولاً عند أوباما، وبالتالي التخلص من نتنياهو الآن لصالح مصلحة "إسرائيل" الكبرى، وهذا يبدو وارداً تماماً لتجنب أي أذى قد يلحق بالعلاقة بين البلدين، خاصة في حالة الشعور بالخوف المتصاعد لدى "الإسرائيليين" من جوار عربي قلق يتربص بهم الدوائر. بالتأكيد لن يستطيع أوباما التخلي عن "إسرائيل" مهما كانت نتائج الانتخابات فيها، فهو مجبر على التعامل كما في السابق مع "نتنياهو البغيض" إن جاء إلى سدة الحكم في "إسرائيل"، غير أنه قد يكون أكثر ارتياحاً إن جاء إلى رأس الحكومة "الإسرائيلية" شخص آخر يدرك مصلحة "إسرائيل" وأمريكا على حد سواء. يبقى أن نقول بأن حوالي 70% من اليهود الذين يعيشون في الولاياتالمتحدة نفسها يؤيدون أوباما، وفقا لاستطلاعات الرأي التي تنشر هناك، وهذا يعني فيما يعني أن المراهنة العربية على "أبو حسين أوباما" هي مراهنة خاسرة، لأن هناك قواعد راسخة تحكم العلاقات ما بين الولاياتالمتحدة و"إسرائيل"، بغض النظر عن لون أو دين أو عرق الرئيس الأمريكي المنتخب. Comment *